واردات القطاع الخاص الممولة عبر المصارف التجارية صعدت %13.4
نمو رخص الشركات خلال 5 أعوام بواقع %46 بإجمالي 114 ألف منشأة
تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة تصعد %23.8 خلال الربع الأول
صندوق النقد يؤكد استجابة اقتصاد السعودية للإصلاحات الهيكلية
سجلت واقعة الاعتداء الأثيم الشهر الماضي على معامل البترول في منطقتي بقيق وخريص التابعتين لعملاق النفط «أرامكو السعودية»، تجربة إيجابية للسعوديين خاضوا خلالها ردع الإرهاب والصمود أمام العدوان مؤكدين القدرة على التعامل مع أصعب الظروف حتى وإن كانت تختص بحرائق في منابع النفط. أيام قلائل وعادت مياه الاستقرار لمجاريها ونجح السعوديون في إخماد الاعتداء وكشف المعتدي أمام العالم وفضح مدى تهديده لأمن الطاقة أمام المجتمع الدولي. وبرغم هذا، عاشت السعودية يومها الوطني بنكهة منجزات الاقتصاد التي تتعاقب وتثبت على أرض الواقع يوما بعد يوم. نرصد في هذا التقرير أبرز ملامح المنجزات الاقتصادية المحققة والمتوقعة.
المملكة بمعيار دولي
حققت المملكة وفقا لتصنيفات دولية مراتب متقدمة على مستوى الاستثمار الأجنبي والتنافسية حيث تبوأت السعودية مراتب إيجابية متعددة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وفقا لتقارير دولية صدرت مؤخرا تؤكد على قوة زخم الإصلاحات في ظل رؤية المملكة 2030 مع الحرص على تنويع الاقتصاد والحفاظ على استدامة أوضاع المالية العامة.
وفي هذا السياق، حققت المملكة نهاية يوليو الماضي أكبر تقدّم بين الدول الأكثر تنافسية في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2019، الصادر من مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بمدينة لوزان السويسرية، حيث جاءت المملكة في المرتبة 26 متقدمة 13 مرتبة عن العام الماضي، كما احتلّت المرتبة السابعة من بين مجموعة دول العشرين G20 متفوقة على اقتصادات متقدمة في العالم مثل كوريا الجنوبية واليابان وفرنسا وإندونيسيا والهند وروسيا والمكسيك وتركيا وجنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين.
ووفق تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية هناك أربعة محاور رئيسية لقياس تنافسية (63) دولة على مستوى العالم، حيث تحسّن ترتيب المملكة في (3) محاور هي محور الكفاءة الحكومية من المرتبة 30 إلى المرتبة 18، ومحور كفاءة الأعمال من المرتبة 45 إلى المرتبة 25، ومحور البنية التحتية من المرتبة 44 إلى المرتبة 38.
وعلى صعيد تقدم آخر، رحبت وزارة المالية بإشادة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بشأن التقدم المحرز في تنفيذ البرامج الإصلاحية ضمن رؤية 2030 وانعكاساتها الإيجابية على الوضع الاقتصادي للمملكة، مشيرا إلى آفاق النمو الإيجابية في ظل استمرار المملكة بتطبيق الإصلاحات، حيث يتوقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة %1.9 هذا العام مدفوعاً بالتحسن في معدل نمو القطاع غير النفطي والمتوقع نموه بنسبة %2.3 مقارنة بنسبة %1.1 في العام السابق.
التصنيف الائتماني
واحتفل الوطن باقتصاد متين ائتمانياً، إذ أعلنت مؤسسات ائتمان عالمية عن نظرة مستقبلية، كان من بينها ما أفصحت عنه وكالة فيتش في شهر أبريل الماضي بأن التصنيف الائتماني للمملكة بلغ (+A) مع نظرة مستقبلية مستقرة مشيرة إلى القوة المالية التي تتمتع بها المملكة بما في ذلك الاحتياطيات الأجنبية، ونسبة الدين العام المنخفضة، بالإضافة إلى الأصول الحكومية الضخمة بالإضافة إلى أن المملكة لا تزال تمتلك أحد أكبر الأصول السيادية للدول المصنفة لدى الوكالة.
ووفقا لفيتش فإن الإصلاحات الهيكلية في إطار برامج «رؤية المملكة 2030» يمكن أن تعزز النمو على المدى المتوسط، مشيدة بالإصلاحات المالية التي قد تدعم تسارع نمو الناتج المحلي غير النفطي إلى %2.5 في 2019 – 2020.
من ناحية أخرى، حدثت وكالة «موديز» رؤيتها الائتمانية للمملكة والصادر في مايو من العام الحالي إلى A1 بنظرة مستقبلية مستقرة، لافتة إلى أن المخاطر على التصنيف الائتماني متوازنة بشكل عام إذ وفقا لتعبيرها يمكن مع مرور الوقت لبرامج الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك خطط برنامج التوازن المالي، أن تعكس التطورات الإيجابية على القدرة التنافسية وفرص العمل في القطاع الخاص مع توجه الحكومة إلى تحقيق التوازن المالي بحلول عام 2023.
مؤشرات اقتصاد المملكة
وابتهج الوطن بمؤشرات مالية مميزة، ونستشهد بما أورده وزير المالية محمد الجدعان الشهر الماضي في كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر اليوروموني 2019 الذي عقد في العاصمة الرياض، حيث أشار إلى نمو الناتج غير النفطي من %2.9 إلى %3 هذا العام، موضحا أن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغت في الربع الأول من العام 2019 نحو %1.7، مقارنة بنسبة %1.4 في الربع الأول من العام الماضي.
وأكد الجدعان زيادة الإنفاق الحكومي الداعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال العام الماضي حيث بلغت نسبة الارتفاع خلال النصف الأول من العام الجاري نحو %6.3، موضحا استمرار الارتفاع في الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من العام بنسبة %14.4 نتيجة تحسن النشاط الاقتصادي واستمرار تنفيذ الإصلاحات والمبادرات الرامية لتنمية الإيرادات وتنويع مصادرها.
وحول النتائج المالية خلال النصف الأول للعام المالي الحالي، أوضح الجدعان أن عجز الميزانية بلغ نحو 5.7 مليار ريال (1.5 مليار دولار)، مقارنة بعجز بلغ 41.7 مليار ريال (11.1 مليار دولار)، في الفترة المماثلة من العام السابق.
ووفقا للجدعان، شهدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ارتفاعا بنسبة %23.8، في الربع الأول من العام الجاري، مع زيادة الفرص الاستثمارية المتاحة أمام القطاع الخاص، موضحا أنه بلغ إجمالي التسهيلات الائتمانية المقدمة للشركات الصغيرة والمتوسطة من قبل البنوك وشركات التمويل في النصف الأول من العام 2019 نحو 113 مليار ريال، بزيادة قدرها %11.6 مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق.
وبحسب الجدعان، تحسن الأداء المصرفي ليبلغ إجمالي الموجودات بالمصارف التجارية خلال الربع الثاني من العام الجاري، 2.4 ترليون ريال محققة ارتفاعا بنسبة %3 بما يعادل 69.1 مليار ريال مقابل ارتفاع نسبته %0.04 في الربع المماثل من العام السابق.
ارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة %14.4
تحسن الأداء المصرفي %3 بموجودات قوامها 2.4 تريليون ريال حتى الربع الثاني
تدفقات مالية أجنبية قوامها 76 مليار ريال مع انضمام سوق الأسهم للمؤشرات العالمية
السوق المالية
يبين وزير المالية أن إدراج السوق السعودية بالمؤشرات الدولية الرئيسية «فوتسي راسل» و«إس آند بي داو جونز» ساهم في جلب تدفقات مالية أجنبية بما يصل إلى 76 مليار ريال، وبالتالي توسيع قاعدة المستثمرين في السوق المالية وتحسين مستويات السيولة فيها.
وأكد الجدعان على ازدياد الثقة بالجهود الكبيرة التي تقوم بها المنظومة المالية في المملكة بإجراء المزيد من الإصلاحات في السوق المالية، وتنفيذ تشريعات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المؤسسات الحكومية والقطاعات ذات الصلة؛ وهو ما توج مؤخرا بانضمام المملكة إلى مجموعة العمل المالي شضمن 37 دولة في العالم، وهي أول دولة عربية تحقق هذه العضوية.
من ناحية أخرى، كشفت هيئة السوق المالية عن توجه نحو فتح سوق المملكة المالي بعد صدور موافقة مجلس الوزراء على التعديلات المتعلقة بنظام السوق المالية، حيث أشار رئيس هيئة السوق المالية محمد بن عبد الله القويز إلى أن الهيئة تعتزم ترخيص كيانات أخرى لتقديم أنشطة البورصات وشركات الإيداع و المقاصة، لافتا إلى تهيئة الأجواء القانونية والتشريعية للسماح بتأسيس بورصات أخرى في البلاد بخلاف المنصة الرئيسة الحالية التي تمتلكها الحكومة «تداول»، كما يشمل تطورات إمكانية إنشاء منصات للمقاصة المالية.
وأوضح القويز أن التحديثات ركزت على حماية المستثمر من خلال آليات صناديق التعويض وتحويل الأموال إلى المتضررين من المتلاعبين، بالإضافة إلى تعزيز استقلالية أعضاء اللجان القضائية ليكون التعيين بأمر ملكي وبالتالي اكتساب صفة الاستقلالية الكاملة عن الهيئة.
الوضع التجاري
ومر اليوم الوطني للمملكة ومؤشرات الحركة التجارية وبيئة الشركات والاستثمار الداخلي إيجابية، وهنا يوضح وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي أن المملكة حققت نموا في نشاط الترخيص للمؤسسات التجارية بنسبة %60 خلال 4 أعوام، حيث ارتفع العدد الإجمالي من 650 ألفاً في 2015 إلى مليون رخصة في 2019.
وقال القصبي في تصريحات له الشهر الماضي أن رؤية 2030 خلقت قطاعات جديدة للاستثمار ومنحت المستثمرين فرصة في دخول مجالات جديدة، كالترفيه والسياحة والرياضة والخدمات اللوجستية وغيرها، مشيرا إلى أن إجمالي رخص الاستثمار الأجنبي في عام 2015 بلغ 259 رخصة، غير أنه ارتفع في العام 2019 إلى 792 رخصة. وأضاف وزير التجارة والاستثمار أن إجمالي الشركات ذات المسؤولية المحدودة في 2015 كانت 78.4 ألف رخصة في حين وصلت إلى 114.4 ألف شركة عام 2019 بنسبة نمو بلغت %46.
مؤشرات النقد
ومن منجز اقتصاد العام 2019، يلفت محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد الخليفي إلى ارتفاع معدل الإنفاق الاستهلاكي النهائي الخاص بنحو %4.75 خلال الربع الأول من عام 2019، فيما سجل الإنفاق الاستثماري صعودا بنسبة %3.65، بينما سجلت نقاط البيع ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة %18.7 حتى يوليو الماضي.
ووفقا لتصريحات الخليفي في مؤتمر للتعليق على التقرير السنوي الخامس والخمسين لمؤسسة النقد العربي السعودي، فقد سجلت واردات القطاع الخاص الممولة عن طريق المصارف التجارية والممثلة بالاعتمادات المستندية الجديدة المفتوحة خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2019 ارتفاعا بنسبة %13.2 لتبلغ نحو 68 مليار ريال مقابل ذات الفترة من العام السابق.
وبالنسبة لأحدث التطورات النقدية، ذكر الخليفي أن عرض النقود بتعريفه الواسع (ن3) لشهر يوليو المنصرم سجل ارتفاعًا سنويًا نسبته %3.9 مقارنة بالشهر المقابل من العام السابق، ليبلغ نحو 1,872 تريليون ريال عازيا ذلك إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، بالإضافة إلى التدفقات الناتجة عن انضمام المملكة إلى أبرز المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة.
وفي ذات السياق، أفصح الخليفي عن ارتفاع حجم الإقراض للقطاع الخاص خلال الربع الثاني من عام 2019 بنسبة %3.4، موضحا أن الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد سجلت ارتفاعا بنسبة %2.3 لتبلغ 507 مليارات دولار بنهاية شهر أغسطس الماضي، فيما حقق ميزان المدفوعات فائضا في النصف الأول من عام 2019 بنحو 113.8 مليار ريال، ويعود ذلك إلى تحقيق فائض في حساب السلع والخدمات.