لقيت أنباء إعادة تقييم مراجعة الرسوم، خاصة تلك المفروضة على العمالة، أصداء واسعة، إذ كشف وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي قبيل أسابيع عن وجود دراسة شاملة لجميع الرسوم ينتظر الإفصاح عنها قريبا.
ولا شك أن هذه التطورات تثير تفاؤلا كبيرا لدى شرائح واسعة من القطاع الخاص، الذي ربما بدأ يتلمس بعض التداعيات التي تفرز آثارا على عملية الإنتاج الكلية والانعكاس على مستوى أسعار الخدمات والسلع في المملكة.
ومع أننا مع توجهات الدولة في إعادة الهيكلة، وتوسيع مواردها وخلق التوازن المالي، إلا أن الدولة دائما ما تقوم بمراجعات دائمة ومستمرة، وتعيد التدقيق والتحليل للنتائج والمآلات التي ترسمها في سياساتها وقراراتها. لذا فإننا نتطلع إلى أن نرى توصيات الدراسة الخاصة بفرض رسوم على العمالة، أيا كانت نتائجها، وكيف تنعكس بشكل إيجابي على القطاعات والأنشطة التجارية والصناعية بما ينفع الصالح العام لاقتصادنا الوطني.
وتأكيدا لعناية الدولة بالمراجعة الدائمة للقرارات، نجد أن التصريحات الواردة عن المسئولين الماليين تؤكد عدم وجود رسوم جديدة هذا العام، بل ذهبت القيادة لأبعد من ذلك، حينما شدد مجلس الوزراء نهاية العام الماضي على ضرورة إرفاق كافة الجهات الحكومية، عند رفع أي مقترح لفرض رسوم أو مقابل مالي أو تعديل القائم منها بالزيادة، أو أي اقتراح يكون من شأنه إيجاد أعباء مالية إضافية لما هو قائم، دراسة تبين الآثار الاقتصادية والاجتماعية.
وفي خضم هذه التصحيحات في متن ممارسات الإصلاح الاقتصادي، تتجه الدولة لعلاقة جديدة مع القطاع الخاص، إذ يبدو أن العام الجديد بداية رحلة التضامن والتعاضد بين القطاعين الحكومي والخاص من خلال التشاركية الدائمة.
والشواهد عديدة في ذلك، إذ يتضح أن المملكة على مشارف إتمام مشروع التأسيس الحكومي على صعيد هياكل الكيانات والبرامج والمراكز التنفيذية، التي تتسق وتوجهات الوصول لمستهدفات رؤية 2030 كما رأينا، عبر إنشاء العديد من الأجهزة والهيئات الجديدة وجميعها تتميز بالتواكب مع مستجدات التطور الاقتصادي وتتواءم مع طبيعة التحولات المنتظرة.
إضافة إلى ذلك وصول الكثير من قطاعات الدولة، إلى مراحل متقدمة من المستهدفات المرتبطة بمشروع الرؤية، وذلك عبر تنفيذ آليات التشريع القانوني، وتهيئة البيئة الملائمة، وتوفير الوسائل والتقانات المطلوبة. كما أن نجاح الدولة في توفير موارد مالية معتبرة من خلال التدفقات النقدية المتأتية من العوائد المالية غير النفطية، يشكل صمام أمان جديد لخزانة الدولة. ولتكتمل منظومة العمل بالتحول الاقتصادي من “الرعاية الأبوية” إلى “الاقتصاد الذاتي”، يأتي دور القطاع الخاص، ليكون فرس رهان المرحلة المقبلة التي أعلنت فيها الدولة وعبر أكثر من منبرـ كان آخرها إعلان الموازنة، من أن التوجه سيكون عبر رفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهو الذي يقوده القطاع الخاص. ونتيجة لذلك، فإن ملفات كرسوم العمالة لن تسمح الدولة أن تكون معرقلا لانطلاقة القطاع الخاص لقيادة دفة عربة الاقتصاد.