مع إعلان شركة بريتش بيتروليوم نتائجها للربع الثاني يوم الثلاثاء الثالث من أغسطس تكون جميع شركات الطاقة العالمية الكبرى استكملت إعلان نتائجها للنصف الأول من العام الجاري 2021 واتضحت الملامح العامة للفترة القادمة من أعمال صناعة الطاقة بشكل عام وشركات النفط الكبرى بشكل خاص. المريح بالنسبة لهذه الشركات الكبرى هو أنها تجاوزت بنسبة عالية أزمة الجائحة وتمكنت من إعادة هيكليتها بما يلائم الفترة الانتقالية الحالية والتخطيط لتحقيق أهدافها الاستراتيجية المستقبلية. إلا أن متاعب صناعة الطاقة والصناعة النفطية لم تنته بعد ولم تتضح معالم المتطلبات القانونية والمالية المتوقعة للشركات من خلال ما يدور في الحراك العالمي لما يسمى بتحولات الطاقة.
السمة البارزة في إعلان نتائج الشركات العالمية الكبرى والتي اتفقت عليها كل الشركات هي اجتذاب المستثمرين. معظم الشركات الكبرى وعدت بشراء أسهمها من المستثمرين بسعر مجزٍ رغبة في زرع الثقة لدى المستثمر. جميع الشركات قامت بتوزيع الأرباح لملاك الأسهم وبنسب أعلى من الأربع أرباع الماضية.
الإعلانات من شركات الطاقة جاءت مواكبة لفترة التعافي الاقتصادي لما بعد الجائحة بتأكيد عودة الشركات إلى التوسع في العمليات والاستثمارات.
الوسط الاستثماري بمن فيه من المستثمرين والصناديق والجهات الممولة تتذكر الوعود التي أطلقتها الشركات خلال الجائحة وخطط الابتعاد عن مصادر الطاقة الهيدروكربونية والاتجاه إلى مصادر ذات انبعاثات أقل. ما لا تستطيع الشركات ولا الوسط الاستثماري إنكاره هو أن النتائج المميزة التي حققتها الشركات والتعافي المرتبط بالأعمال لم تأتِ من خلال التحول في مصادر الطاقة بل من التحسن الكبير في أسعار النفط والزخم الكبير الذي حققته مجموعة أوبك+ من خلال ضبط التوازن بين العرض والطلب مع خفض المخزونات التجارية العالمية.
المداخيل المالية العالية للشركات خلال العام الجاري لم تتحقق من خلال الحصافة المالية أو الكفاءة التشغيلية أو الأداء العملي بل إن الشركات مدينة لمنظومة عمل أوبك+ بقيادة المملكة العربية السعودية بما تحقق من انتعاش لم يطل أسعار النفط وحدها بل بعث على انتعاش صناعة الطاقة ككل بما فيها الطاقة من المصادر الغير هيدروكربونية.
الفترة القادمة بالنسبة لشركات الطاقة ستركز كثيرًا على التموضع بشكل أكثر توازنًا بين اجتذاب الوسط الاستثماري وتحقيق الوعود المرتبطة بخطط التحول من جهة وبين التوسع في الأعمال التشغيلية الربحية ومحاولة التواجد بشكل أمثل في حقول نفطية عالية الكفاءة من جهة أخرى.
ليس أمام شركات الطاقة الكثير من البدائل عن الموارد الهيدروكربونية التي يتنامى الطلب عليها بشكل متصاعد لتحقيق نتائج اقتصادية أفضل لمعظم الاقتصادات العالمية المتقدمة والناشئة على حد سواء.
الدول المعتمدة على الامتيازات النفطية ستكون أيضًا تحت ظرف الحاجة إلى الموارد المالية وتحفيز الشركات الكبرى للعمل على تشغيل الموارد. أما ما يخص موارد الطاقة ذات الانبعاثات المحدودة فستكون تحت مجهر مختلف المعايير الاقتصادية وهو ما سيدفع بشكل أكبر لتبني المزيد منها حيث تخضع إلى مصفوفة اقتصادية ترتبط بالدعم الحكومي من الاقتصادات الكبرى أكثر من اعتمادها على قوى السوق وربحية السلع.