خلال 60 عامًا مضت، كان قطاع الفضاء حكرًا على الحكومات فقط، وفي السنوات الأخيرة بدأ القطاع الخاص في كثير من دول العالم يقتطع حصته من هذه الكعكة غير المتناهية الحجم، ويبدو أن مقبل الأيام ستكون للقطاع الخاص أكثر مع التركيز على الجانب التجاري في قطاع الفضاء.
اليوم يُقدر حجم سوق الفضاء بـ 630 مليار ريال، منها 400 مليون دولار في المملكة العربية السعودية، والمتوقع أن يصل السوق إلى 2 تريليون دولار عام 2035م بمعدل نمو سنوي يبلغ %9، وذلك كما أفاد معالي الدكتور محمد التميمي محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية والرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية في لقاء مع كتاب الرأي.
وبالعودة إلى تقارير متخصصة وجدت أن هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، قد أصدرت تقرير “الفرص الاستثمارية في سوق الفضاء في المملكة”، والذي يستعرض رحلة المملكة في مجال الفضاء منذ عام 1976م، وفرص وتحديات نمو سوق الفضاء الذي يتوقع أن يشهد نموًا متسارعًا، كما كشف التقرير عن حجم سوق الفضاء في المملكة في عام 2022م والذي بلغ 400 مليون دولار.
التقرير سلط الضوء على أبرز الفرص الاستثمارية في سوق الفضاء بالمملكة والمتمثلة في تصنيع الأقمار الصناعية، وخدمات الإطلاق، وتطوير قطاع المحطات الأرضية في المملكة للارتقاء بمستوى البنية التحتية المستقبلية لتصبح المملكة مركزًا رائدًا على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى فرص الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، ورصد الأرض من خلال بناء أنظمة محلية متكاملة وقادرة على المنافسة عالميًا وتطوير البنية التحتية للأقمار الصناعية متعددة المستشعرات، إلى جانب فرصتي علوم الفضاء والاستكشاف، ومجالات الفضاء الناشئة.
تقرير آخر لشركة سبيس كابيتال “Space Capital” الأمريكية للتمويل المغامر يقول: إن الاستثمارات في قطاع الفضاء انتعشت خلال عام 2023م بقوة، لتتخطى مستويات عام 2022م بفارق كبير وتقترب من المستوى القياسي المسجل في عام 2021م.
وشكَّل الاستثمار في البنية التحتية الفضائية %70 من إجمالي الاستثمارات لعام 2023م، محققًا ثاني أعلى مستوى له، وسجلت شركات البنية التحتية الفضائية 2.6 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة خلال الربع الرابع، ليصل إجمالي الاستثمار في القطاع إلى 12.5 مليار دولار لعام 2023م، وهذا أعلى بكثير من مستوى 9.3 مليار دولار الذي جمعته الشركات في العام الماضي، لكنه لا يزال أقل من 15.3 مليار دولار الذي جمعته الشركات خلال عام 2021م.
ويبدو لي وللكثيرين ممن يقرأون الأحداث والأرقام أن الاقتصاد القادم هو اقتصاد الفضاء، حيث ثبت بالتجربة أنه المحرك الأول للابتكار، وإذا كان البشر قد أطلقوا خلال الستين عامًا الماضية 12 ألف قمر صناعي فالأبحاث والتقارير تقول إنه من المتوقع أن يتم إطلاق 36 ألف قمر صناعي خلال السنوات الست القادمة فقط.
المعلومة المهمة وربما الجديدة هي أن %80 من إيرادات قطاع الفضاء تأتي من البيانات التي ترسلها الأقمار الصناعية، والأهم أن إطلاق الأقمار الصناعية التي يتم احتساب تكلفتها بسعر الكيلو جرام الواحد من شركات الإطلاق العالمية المتخصصة ستنخفض تكلفته عامًا بعد عام مع تقدم التقنية وصغر حجم الأقمار والتنافس الكبير الحاصل اليوم.
قبل نهاية هذا العام 2024م ستطلق استراتيجية الفضاء السعودية وأحسب أنها ستحمل عديدًا من الفرص والتشريعات التي ستسهل الاستثمار في الفضاء، السوق المفتوح الذي لا حجم له، فاستعدوا جيدًا لنقل المنافسة من الأرض إلى الفضاء.