أسواق دوري روشن

الميركاتو الصيفي.. تنتظره صفقــات كُبرى

يبدو أننا على موعد مع انتقالات ستكون تاريخية أيضًا لاسيما أمام التغيرات الكُبرى التي يشهدها القطاع الرياضي.

الأندية تحتاج مزيدًا من الوقت لاستغلال ما لديها من إمكانات للتسويق بشكل جديد.

ستة أندية جديدة ربما دائرة التخصيص بعد الأندية السبعة التي تم الإعلان عنها الموسم الماضي.

 

أُسدل الستار على دوري روشن موسم (2023م- 2024م) بصفقات عالمية، أُنفق فيها ما يقارب الـ 900 مليون دولار، كثاني أكثر دوريات العالم بعد الدوري الإنجليزي الممتاز إنفاقًا على الصفقات.

ويترقب عُشاق كرة القدم فترة الانتقالات الصيفية المُقبلة لموسم (2024م إلى 2025م)، التي من المقرر أن تفتح أبوابها يوم18 يوليو 2024م حتى أول سبتمبر 2024م، كآخر موعد لتسجيل الصفقات.

ويعتقد البعض أن ما قامت به أندية دوري روشن السعودي بانتقالات تاريخية خلال فترة الانتقالات الصيفية 2023م، لن يتكرر وإنه قصير الأجل، ولكن يبدو أننا على موعد مع انتقالات ستكون تاريخية أيضًا لاسيما أمام التغيرات الكُبرى التي يشهدها القطاع الرياضي في المملكة..

فلا صوت يعلو الآن على سوق الانتقالات الصيفية 2024م، في دوري روشن السعودي؛ إلا تحركات الأندية نحو إبرام عديد من الصفقات القوية، حيث تتردد أنباء قوية عن احتمالية ارتباط كثير من نجوم الصف الأول في أوروبا بالتعاقد مع أندية سعودية، كمحمد صلاح، وكيفين دي بروين، نجما ليفربول وسيتي، لاسيما وأن عقودهما تنتهي في يونيو 2025م، وريتشارليسون لاعب توتنهام، وسترلينغ الذي يمكن إدراجه في قائمة اللاعبين القابلين للانتقال من قبل تشيلسي، وأيضًا تم إغراء كاسيميرو بالفعل في يناير 2024م من قبل صديقه كريستيانو، وغيرهم الكثير من لاعبي الصفوف الأولى..

أندية جديدة إلى التخصيص

وكان نائب رئيس رابطة دوري المحترفين السعودي، سعد اللذيذ، كشف خلال حديثه في قمة أعمال كرة القدم التي نظمتها صحيفة “فايننشال تايمز”، عن أنه من المقرر أن يتم خصخصة مجموعة أخرى من الأندية قبل نهاية مايو المقبل، مما قد يجلب أموالًا جديدة للفرق التي لم تكن نشطة بسوق الانتقالات الماضي، وقال إن “استثمارنا طويل الأجل، ولسنا في هذا الوضع لمدة موسم واحد، وأضاف “نشعر بالسعادة لما قمنا بإنجازه، لأننا متقدمون قليلاً عن الجدول الزمني، ومن خلال عمليات شراء اللاعبين الصيف الماضي، وهذا ما سنستمر عليه الأسواق القادمة”..

وتستعد المملكة للمرحلة الثانية من تخصيص الأندية، التي من المتوقع أن تدخل من خلالها من أربعة إلى ستة أندية جديدة، دائرة التخصيص، بعد الأندية السبعة التي تم الإعلان عنها الموسم الماضي، وهي أندية الهلال والاتحاد والنصر والأهلي، التي ذهبت ملكيتها لصندوق الاستثمارات، والقادسية، الذي استحوذت عليه شركة أرامكو السعودية، والعلا الذي ذهبت ملكيته لشركة العلا، ونادي الصقور الذي امتلكته شركة نيوم، وحولت اسمه لنادي نيوم الرياضي، والمرحلة الجديدة ستكون أكبر من الصيفية الماضية، فمع تعزيز الأندية الجديدة، ستنال الأندية الأولى نصيبًا وافرًا من الدعم هي الأُخرى..

خالد الناصر

وتبدو فرص أندية الشباب والاتفاق والوحدة والتعاون والفتح والفيحاء، أكبر فيما توقَّع خبراء أن تدخل شركات عملاقة مثل stc وسابك، وعدد من البنوك المحلية في سباق محموم للاستحواذ عليها، وسط ترقب دعمها بأكثر من مليار دولار، خلال فترة الانتقالات الصيفية هذه، التي ستشهد حراكًا أوسع من ذلك الذي شهدته في الصيف الماضي، وكانت مدار حديث واهتمام العالم..

فخلال الصيف الماضي، راجعت البرنامج ملفات أكثر من 200 لاعب، وفق آليه محددة لكل ناد، بدأت بتخصيص الميزانية واستكشاف المواهب العالمية ورسم خارطة الفرق ودعم التفاوض مع اللاعبين المستهدفين والمراجعة القانونية للعقود والرعاية والاهتمام باللاعبين الجدد.

الاستفادة من دروس الموسم الماضي

ويؤكد المتخصص في التسويق الرياضي، خالد الربيعان، أن طريقة التعاقدات ستكون مختلفة، بعد الاستفادة من دروس الموسم الماضي، وسيكون التركيز على الأسماء الكبيرة، لجذب الاهتمام أكثر للدوري السعودي، بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية، ويتوقع أن تستمر التعاقدات في الصيف الجاري بالقوة نفسها، خاصة للاعبين تحت الـ21 عامًا، والمواهب الأوروبية، وأشار إلى أن الأندية السعودية ستقدم لهم عقودًا بأكثر من 40 مليون ريال، وهي عقود لا يمكن أن يصلو لها إلا بعد أربع أو خمس سنوات في أوروبا، (فأنديتنا ستقدمها لهم الآن، وسيكون لهم دور كبير في نشر الدوري السعودي عالميًا، وسيكون لهم صدى كبير)..

خالد الربيعان

ويقول الربيعان، إن عدا الأندية الجديدة التي ستتم خصخصتها، ودخول شركات كبيرة جديدة في ملكية الأندية، سيكون لدينا تعاقدات كبيرة، حتى في مستوى أندية الدرجة الأولى في نيوم والعلا، مؤكدًا أن ثمَّة أسماء كبيرة قادمة للدوري السعودي..

ويتوقع عضو مجلس إدارة رابطة دوري الدرجة الأولى، خالد الناصر، أن ترتفع قيمة الدوري السعودي للضعف في الموسم الجاري، ويقول إن قيمة الدوري السعودي ارتفعت بشكل كبير، بفضل هذه التعاقدات، وإن ثمَّة توقعات بارتفاع أكثر من اتساع دائرة التخصيص، ولكن الأندية تحتاج لمزيد من الوقت لاستغلال ما لديها من إمكانات للتسويق بشكل جديد؛ إذ تحتاج الأندية لمزيد من الضخ المالي، لأن أي استثمار يحتاج مزيدًا من الإنفاق، قبل أن يكون قادرًا على تحقيق النجاح المطلوب. البوصلة ستكون موجهة لأندية جديدة تدخل نادي الخصخصة، وبلا شك ستكون إضافة كبيرة للدوري السعودي، ونقلته العالمية التي بدأت الصيف الماضي..

سعد اللذيذ

نقلة كبيرة في انتظاره

ويؤكد مستشار التسويق الرياضي، الدكتور محمد حطحوط، على أن الدوري السعودي سوف يشهد نقلة كبيرة في هذا الموسم، وذلك من خلال مزيد من التعاقدات الجديدة، متوقعًا مكاسب مادية غير مباشرة من خلال جلب مزيد من المتابعين للدوري السعودي، وتسليط الأضواء العالمية على الدوري السعودي، إلى جانب الدعايات، ولفت إلى أن النظرة الشمولية لاستقطاب النجوم في دوري روشن أثبتت أهمية الترويج غير المباشر والقوة الناعمة والتأثير العالمي، ويتابع بقوله، إن المملكة تحصد اليوم التأثير غير المباشر لنجوم الكرة العالميين في الدوري، سواء من خلال تغطية الصحافة العالمية واهتمامها بالدوري السعودي، أو بث وسائل الإعلام مباريات الدوري إلى 130 دولة، إلى جانب تقدم عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين الأجانب لطلب تصاريح رسمية لتغطية مجريات الدوري السعودي وأحداثه، وأضاف أن اليوم يزخر موقع البحث جوجل بتغطيات الدوري السعودي وبعدة لغات عالمية، وهذه الأخبار والتغطيات تُقدر قيمتها السوقية بمئات الملايين، فالمملكة استفادت من تواجد النجوم في الدوري بظهور عالمي غير مدفوع وإعلانات ترويجية غير مباشرة للأحداث، فضلاً عن تفاعل الجماهير العالمية مع الدوري السعودي من خلال شراء أقمصة النجوم ومشاهدة الدوري في مختلف الأماكن العالمية، وما تقدمه الوسائل العالمية من دعاية بيضاء للمملكة..

مقبل الجديع

من جانبه يؤكد المستشار في الإدارة والتسويق والخبير في التسويق الرياضي، مقبل بن جديع، أن الاستثمار الرياضي جاذب ومغرٍ، ولكن لكي يحقق النجاح المطلوب، ولا بد من تصحيح كثير من المفاهيم الحالية، ويقول: إن مسار تسويق الأندية حقق نجاحًا جيدًا في مرحلته الأولى، ولكن لكي يكون النجاح أكبر نحتاج لوضوح الآليات فهي عنصر أساسي لإقدام الشركات الوطنية الكبرى على الاستثمار في الأندية الرياضية كمرحلة انتقالية، بعدها يتم تخصيصها بشكل كامل عبر طرح الأسهم في سوق السوق المالية أو غيرها من الآليات الأخرى للتخصيص..

محمد حطحوط

مدارك الاستثمار الرياضي

ويتفق خالد الناصر، مع بن جديع، في أهمية تغيير المفاهيم، وتوسيع مدارك الاستثمار الرياضي، مضيفًا أن الضخ المالي وحدة لا يكفي، فالأندية تحتاج لتطوير مهارتها في التسويق، لتكون متواكبة أكثر مع الوضع، فبعض الأندية التي لم تستفد من قيمة لاعبيها في تسويق نفسها بالشكل الأفضل عالميًا؛ كونها ركزت على المباريات وتركت التسويق، وشدد الناصر على عدم إلقاء اللوم فقط على إدارات التسويق في الأندية فقط، بقوله: إن كثيرًا من الشركات الكبيرة لم تواكب النقلة الرياضية الكبيرة، وهناك عدم اهتمام بالاستثمار في الرياضة، واستيعاب حجم النجوم العالميين في الدوري السعودي، وما زالت تعتمد على طرق تسويق بدائية، تدفع الملايين على تسويق صغير في سناب شات، وتترك فرصة أكبر بالقيمة نفسها في التسويق عبر الأندية والمباريات، فهي لم تستوعب بعد حجم التطور الحاصل في الدوري السعودي، والمستوى الذي وصل له عالميا، وتفضِّل أن تضخ مبالغ ضخمة على إعلانات لا مردود لها على مشاهير السناب شات، بدلاً من رعاية الأندية بالمبلغ نفسه طوال موسم واحد..

وفي السياق نفسه، يقول الربيعان إن الأندية لم تستفد تسويقيًا بشكل كبير من الأسماء التي تعاقدات معها، خاصة في تسويق قمصانها، وعلامتها التجارية..

فالأندية لم تعمل على تطوير هذا الجانب بالصورة المطلوبة، ومازال التقليد يأخذ حيِّزًا كبيرًا من أرباحها، ويتابع بقوله إن الأندية بدأت في التعاقد مع خبراء أوروبيين لتسويق علاماتها التجارية، وتحاول تسويق الأندية خارج السعودية وآسيا، فهم أكثر فهمًا لبيئة الدوري الأوروبي وتسويقه، إضافة لتنظيم الأندية أداريًا، نحن نتحدث عن الأندية ككل، وليس فقط فرق كرة القدم، ويشدد على أن الأندية الجديدة تحتاج لاستراتيجية مختلفة في تسويقها، فمثلاً جماهيرية نادي الهلال تحقق لهم أكثر من 300 مليون ريال سنويًا من المبيعات، مضيفًا أن ناديي الشباب والاتفاق لن يستطيعا تحقيق ذلك، فهناك جزئيات صغيرة لها دور كبير في تحقيق الهدف، ولذلك فهي تحتاج لشركات كبيرة جدًا من أجل ضخ مئات الملايين فيها، لتكون قادرة على مواجهة الأندية الكبيرة الأُخرى، فنحن نأمل أن نصل سريعًا لمرحلة يصبح فيها كل ناد قادر على تمويل نفسه بنفسه، وليس ضخ مئات الملايين سنويًا من المالك، وتحقيق مبدأ اللعب المالي النظيف.