رأي

الفيدرالي في أزمة توقيت قراراته

مع إعلان جيروم بأول بأن الوقت قد حان لخفض نسب الفوائد، وبالتالي نهاية فترة التشديد الكمي تكون البنوك المركزية الكُبرى قد اختارت مرحلة جديدة من التعامل مع الاقتصاد.

التساؤل الأكثر تداولاً حاليًا في شتى الممارسات الاقتصادية والمالية، هو: “هل انتهت الحرب على التضخم؟”.

الإجابة هنا تتطلب التدقيق في معايير التضخم وكيفية قياسه، وبالتالي فإن أسعار السلع الأساسية بما في ذلك الغذاء والدواء والخدمات الأساسية هي عند مستويات مرتفعة وقياسية، بل حتى أسعار الطاقة ومشتقاتها هي عند مستويات مرتفعة أيضًا.

أما أسعار المساكن سواء بيعًا أو إجارًا فهي أيضًا عند مستويات تاريخية في كل الولايات الأمريكية، وكذلك بيانات الوظائف الأمريكية فهي غير دقيقة ولا تنمو بشكل يعكس حراك اقتصادي ملفت نحو النمو.

إذًا كيف انتهت الحرب على التضخم؟ فعليًا لقد أعلن الفيدرالي نهاية التشديد رغبة في الحفاظ على الأسواق وعدم تدهور الثقة بها وأيضًا حفاظًا على القطاعات البنكية والمالية.

وكما ذكرنا في مقالات سابقة فإن المحرك الرئيسي للفيدرالي كان أسواق المال والأعمال، وليس الاقتصاد الكلي أو الاقتصاد القطاعي.

الضغوطات السياسية وحمى الانتخابات الأمريكية لم تُسعف الفيدرالي في قراراته، حيث لا يود الفيدرالي أن يكون خصمًا لأي جهة انتخابية، ولكنه بذلك اتجه إلى رغبة الأسواق والتي قد تكون أصعب على المدى الطويل، إلا أنها غير محدودة بفترة زمنية كالانتخابات.

والمتمعن في أسواق المال والأعمال يُلاحظ أنها عند مستويات مرتفعة تاريخيًا، ومع ذلك فإن الفيدرالي يكبح موجة ارتفاع نسب الفوائد استرضاءً للأسواق.

لم يسبق في تاريخ الفيدرالي أن خفض نسب الفوائد عندما تكون الأسواق مرتفعة، ولكنه هذه المرة يسعى إلى تعزيز مكاسب الأسواق حفاظًا على دورة السيولة في أروقة الأسواق ومنع لجوء المستثمرين وصناديق الاستثمار الكبرى إلى الادخار عند نسب فوائد مرتفعة وبالتالي التكسب من الخزانة في حين أن الخزانة تستدين بوتيرة عالية جدًا قفزت بالدين العام الأمريكي فوق مستوى الخمسة وثلاثون تريليون دولار أمريكي ونسبة دين عام إلى الناتج المحلي عند %125.

في الفترة القادمة قد تشهد نتائج الشركات في أسواق المال والأعمال أخبارًا جيدة من ناحية انخفاض تكلفة الاستدانة والحصول على القروض، إلا أن ذلك لن يشفع للشركات بالاستمرار على المدى الطويل في ظل انخفاض أعداد الوظائف واستمرار التكلفة على المستهلك.

كما تأخر الفيدرالي كثيرًا في الحد من التضخم برفع نسب الفوائد، يبدو الفيدرالي أيضًا في ورطة جديدة مع توقيت خفض نسب الفوائد وسيدخل الاقتصاد الأمريكي بفترة استعادة التوازن حتى يعود الفيدرالي إلى قراءة البيانات الاقتصادية بعيدًا عن مؤثرات السياسة والأسواق.