أسواق العملات المشفرة

تقلبات المشفرة إلى أين؟

يواجه السوق خطر حدوث قفزة مبالغ فيها مطلع عام2025م، إذا اقترب مؤشر “إس آند بي 500” من 6666 نقطة.

يمكن أن يصل البيتكوين بسهولة إلى 200 ألف دولار، ولكن لا توجد ضمانات أكيدة على مساره.

خيبة الأمل المحيطة بالسياسات المقترحة للعملات المشفرة، قد تدفع إلى تصحيح كبير في السوق.

 

تعيش العملات المشفرة، حالة من التجاذبات، بين الأزمات الاقتصادية التي تسحبها للوراء، والقرارات السياسية التي تدفعها للأمام، الأمر الذي خلق حالة من عدم اليقين، وتباين بين التوقعات المتفائلة، والتحذيرات المشككة.

وقد دفعت عودة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بالعملات المشفرة وخاصة البيتكوين، للقفز للأمام، قبل أن تعود لتنكمش قليلاً، غير أنه حتى مع انكماشها ماتزال في القمة، محققةً أرباحًا هائلة.

وتتضارب التوقعات حول مستقبل العملات المشفرة في عام 2025م، ولكن في أسواء التوقعات، ستكون أفضل مما هي كانت عليه في عام 2014م، وكانت الأحداث السياسية ألقت بظلالها على سوق العملات المشفرة، خلال الأشهر القليلة الماضية، وسط توقعات متباينة لمستقبلها خلال العام الجاري، خاصة مع دخول لاعبين جدد في السباق المشفر، أبرزها عملة (TRUMP)، التي حققت نجاحات كبيرة في الأسبوع الأول الذي تلي انتخاب الرئيس الأمريكي، وقفزات هائلة بلغت أكثر من %18,000، قبل أن تعود وتتراجع بشكل حاد أيضًا، قفزت العملة الجديدة من 6 سنتات لأكثر من 72.51 دولار في أعلى سقف لها وفقًا لمنصة “كوين ماركت كاب” لرصد أسعار العملات الرقمية.

وقد خلقت موجة الصعود القوية في الأسهم الأميركية والعملات المشفرة، فقاعة في هذه الأصول، قفزت بسببها نسبة السعر إلى القيمة الدفترية لمؤشر “إس آند بي 500” إلى 5.3 مرة في عام 2024م مقتربة من الذروة البالغة 5.5 مرة المسجلة في أوج فقاعة التكنولوجيا في مارس 2000م وفقًا لبيانات نشرتها “بلومبرج” الشهر الماضي.

قفزة مبالغ فيها

ويواجه السوق بنسبة مرتفعة خطر حدوث قفزة مبالغ فيها مطلع عام 2025م، إذا اقترب مؤشر “إس آند بي 500” من 6666 نقطة، أي بزيادة تقارب %10 عن المستويات الحالية، غير أنه في مطلع فبراير، تعرضت أسواق العملات الرقمية لهزة عنيفة، مما زاد من حدة التوتر، وانخفض سعر البيتكوين بنسبة %6 وسعر الإيثيريوم بنسبة %8 خلال أسبوع واحد فقط، ولكن في كل الحالات لاتزال تحقق سقفًا عالية.

ودفع ذلك القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية للانخفاض، وفقدان نحو 140 مليار دولار في أقل من 24 ساعة، وسقط البيتكوين دون مستوى 100 ألف دولار إلى 99.5 ألف دولار، كذلك هبطت الإيثريوم إلى 3103 دولارات للرمز، وشمل السقوط غالبية العملات حيث هبط ريبا %4.5 وسولانا بـ %7.12 ودوج كوين بـ %7.28، كذلك هبطت عملة (Trump) الصادرة حديثًا بأكثر من %11 إضافية، ليصل إجمالي خسائرها إلى %31.3.

ويحذر خبراء في الأسواق الرقمية، بأن ارتفاع المخاوف من اندلاع حرب تجارية بين الولايات المتحدة من جهة وأوروبا والصين من جهة أخرى، قد يؤدي إلى تفاقم التضخم وارتفاع الأسعار وزيادة حالات التسريح من العمل، بالإضافة إلى ذلك، بدأت كندا والمكسيك والصين في الرد على هذه الإجراءات، مما يعزز احتمالية نشوب حرب تجارية واسعة، وهو أمر سيضر بسوق العملات المشفرة، القلق في الأصل.

ولا يبدو أن الصورة العامة ليست بالقتامة التي توحي بها الأرقام، فالحافز الذي ينتظره المتعاملون لشراء العملات المشفرة هو إعلان ترامب عن اعتماد احتياطي من البيتكوين إلى جانب إقرار إعفاءات ضريبية، وإلى أن يتحقق ذلك ستستمر عمليات البيع حتى بالنسبة للأسهم والسندات.

البيتكوين الرابح الأكبر

وبعيدًا عن التجاذبات السياسية، شهدت سوق العملات المشفرة، بقيادة “البيتكوين”، مرحلة نضج وتحول خلال عام 2024م، ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم في عام 2025م، مدفوعًا بتطورات تنظيمية منتظرة واهتمام متزايد من الحكومات والمؤسسات.

وعلى الرغم من الأصوات المحذرة، والقلق الذي يسود الاقتصاد العالمي، إلا أن العملات المشفرة، وتحديدًا البيتكوين تعيش وضعًا ملائمًا، حتى الأرقام المتراجعة نسبيًا، لاتزال تجني الأرباح، مستفيدة من المكاسب الكبيرة التي حققتها في العام الماضي.

عبدالله فاضل

وثمَة توقعات بأن تشهد عمله البيتكوين تحديدًا ارتفاعًا كبيرًا، بعد أدرج 11 صندوقًا لتداولها خلال العام، كان من أهمها “بلاك روك” و”Grayscale” و”Fidelity” وهو ما جذب استثمارات مؤسساتية ضخمة.

وفي أبريل من العام، جاء تنصيف بيتكوين والذي يحدث كل 4 سنوات، وهو ما يعني تراجع مكافآت تعدين العملة إلى النصف، ما أدى إلى تراجع المعروض، غير أنه في منتصف يوليو لعب الرئيس الأمريكي ترامب دورًا بارزًا في تعزيز ودعم سعر عملة بيتكوين عبر تبني فكرة بناء احتياطي استراتيجي للعملة، ودعم شركات العملات المشفرة والاستغناء عن رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، “غاري غينسر” المناهض لهذا القطاع.

فقد عززت عودة ترامب إلى البيت الأبيض المشاعر الداعمة للعملات المشفرة، مع توقع عديد من المسؤولين التنفيذيين والمحللين في الصناعة أن يعزز بيئة تنظيمية أكثر ملاءمةً للأصول الرقمية، وحاليًا يدعم 13 شخصًا تم تعيينهم في الحكومة الأمريكية الجديدة العملات المشفرة الأمر الذي أسهم في القفز بسعر عملة بيتكوين من مستويات 68 ألف دولار لتتجاوز 108 آلاف دولار في أقل من شهر.

وكانت شركات كبرى مثل “بلاك روك” وغيرها من المؤسسات المالية، قد بادرت إلى إطلاق صناديق استثمار متداولة تتيح للمستثمرين تداول العملات الرقمية عبر حسابات الوساطة التقليدية، ما فتح الباب أمام شريحة أوسع من المستثمرين لدخول السوق، بفضل ذلك، انتقلت العملات الرقمية، التي لطالما تبنت أيديولوجية معادية للحكومات والمؤسسات، لتصبح جزءًا من النظام القائم بحد ذاته.

جيمس باترفيل

التوقعات تظل إيجابية

وفي ديسمبر 2024م، حطمت البيتكوين حاجز 100 ألف دولار وهو ما كان متوقعًا، متجاوزه مستواها التاريخي السابق عام 2021م الذي اقترب من 70 ألف دولار، بعد أن أعطت لجنة الأوراق المالية والبورصات الضوء الأخضر لأول صناديق تداول البيتكوين المتداولة في البورصة في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من الارتفاعات الكبيرة لعملة بيتكوين في 2024م التي وصلت تقريبًا إلى %120، إلا أن أغلب التوقعات لاتجاه سعرها في 2025م تبقى إيجابية؛ إذ تتوقع ستاندرد تشارتر ارتفاعها إلى 200 ألف دولار بنهاية العام الجاري، أما بنك الاستثمار VanEck فيتوقع ارتفاع سعر بيتكوين إلى مستويات 180 ألف دولار مع بداية العام قبل أن تتراجع منها، وصندوق Fundstrat فيتوقع وصول سعر عملة بيتكوين في 2025م إلى 250 ألف دولار.

في حين يؤكد الخبير في أسواق العملات المشفرة، المهندس “عبدالله فاضل”، على أن التوقعات تظل إيجابية، أنه لا يمكن التنبؤ بالسعر الذي قد يصل إليه البيتكوين في عام 2025م، مشيرًا إلى هذه العملة عودتنا أنه خلال السنة والنصف التي تلي التنصيف تكون هناك ارتفاعات، مدفوعة بعملية العرض والطلب، لأن التنصيف يقلل من المكافآت المعطاة للمعدنين، وهذا يؤثر على العرض، وأضاف أنه سيكون هناك ارتفاع ولكن لا يمكن الجزم أن تصل لـ200 ألف دولار، في فترة التنصيف السابقة، كانت التوقعات أن يصل لـ70 ألف دولار، ولكنه توقف عند 69 ألف ولم يصل للرقم المتوقع، قائلاً: صحيح أن وجود الصناديق ستعطي فرصة أسهل للدخول والخروج، وضخ الأموال، ويؤثر على السوق بشكل مباشر، ولكن هذه الصناديق قد تؤثر على السوق أيضًا، ولكن بشكل عام، النظرة المستقبلية متفائلة.

عملة متقلبة للغاية

ومن جانبه يرى رئيس قسم الأبحاث في شركة “كوين شيرز” لإدارة الأصول التي تركز على العملات المشفرة، “جيمس باترفيل”، باحتمالية أن تصل أسعار عملة البيتكوين إلى 150 ألف دولار العام الجاري، وقال إنه في الأمد البعيد لن يكون من المستحيل توقع أن تبلغ قيمة البيتكوين حوالي %25 من حصة سوق الذهب، وهو ما يعادل سعر 250 ألف دولار، ولكنه قد لا يحدث في العام الحالي، وفي الوقت نفسه أشار “باترفيل” إلى أنه قد يصل البيتكوين في نطاق 80 ألف دولار، موضحًا أنه سيكون نتيجة لعدم تحقق سياسات ترامب الداعمة للعملات المشفرة النجاح المتوقع لها، وقال إنه في هذه الحالة فإن خيبة الأمل المحيطة بسياسات ترامب المقترحة للعملات المشفرة والشكوك حولها، قد تدفع إلى تصحيح كبير في السوق.

فيما يقول المحلل المالي، المتخصص في الأسواق العالمية، “علي الجعفري”، إنه من المستحيل توقع ماذا يمكن أن يحدث خلال العامين المقبلين، وأضاف بأن البيتكوين عملة متقلبة للغاية، مع إمكانية حدوث تصحيحات تتراوح بين 70 و%80 من أعلى مستوياتها على الإطلاق، ولكن الانخفاضات في عام 2025م ستكون أقل وضوحًا، ولكن في الوقت نفسه من المتوقع أن تخفف القاعدة المتنامية للمشترين البيتكوين والدعم المؤسسي القوي من التصحيحات الشديدة، على الأرجح ستكون أقل من المعتاد، مشددًا على أن التفاؤل هو الخطوة الأكثر قبولاً وفق المعطيات الحالية، معتقدًا أن سعر البيتكوين يمكن أن يصل بسهولة إلى 200 ألف دولار، ولكن لا توجد علامات على انخفاض التقلبات.

علي الجعفري

وأشار الجعفري إلى أن  التحولات السياسية والاقتصادية ذات أهميه قاطعه ومؤثرة في حركه السيولة المالية لجميع الأسواق المالية بما فيها العملات المشفرة خصوصًا بعد أن أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بفتح صناديق استثمارية مرتبطة البيتكوين والايثيروم وبعملات أخرى بالإضافة لوجود عدد كبير من الشركات المالية في السوق الأمريكية تعتمد سيولتها الكاملة على احتياطات العملات، مستدركًا بقوله: “بشكل عام لا تُعد البيانات الأمريكية الأوروبية مؤثره بشكل قاطع على العملات باستثناء أخبار الفائدة والتضخم علاوة على الحروب وقد يتفق البيتكوين والذهب والمؤشرات الأساسية الأمريكية بالمسار بينهما لحد كبير.