أسواق البنوك الرقمية

البنوك الرقمية.. المستقبل يبدأ من هنا!

رفعت البنوك الرقمية الجديدة عدد البنوك المرخصة في السعودية لـ 35 بنكًا.

البنوك الرقمية ستحفز البنوك التقليدية لتطوير تعاملاتها الرقمية.

 

في عام 2015م ظهر أول بنك رقمي على مستوى العالم، وهو بنك (Monzo) البريطاني، كأول مصرف ذكي دون فروع تقليدية، ولديه اليوم أكثر من 800 ألف عميل، وتوالت بعده البنوك الرقمية في عديد من دول العالم، ليوافق البنك المركزي السعودي (ساما)، على بدء مزاولة بنك (D360) عملياته المصرفية، الذي أعلن عن انضمام أكثر من 600 ألف عميل منذ إطلاق أعماله بنهاية ديسمبر 2024م.

وقد تسارعت الخطوات نحو رقمنه القطاع المصرفي بعد أقل من أسبوعين من الموافقة على طلب (D360)، حصل بنك رقمي تابع لمجموعة الاتصالات السعودية (STC) على الضوء الأخضر هو الآخر من البنك المركزي لبدء مزاولة عملياته المصرفية، برأسمال يبلغ 2.5 مليار ريال، ليلحق الأثنان بالبنك السعودي الرقمي، برأسمال يبلغ 1.5 مليار ريال.

وتستهدف البنوك الرقمية في المملكة، مع دخولها حيز العمل رسميًا، زيادة الشمول المالي، ورفع تنافسية القطاع المصرفي، بما يخدم العملاء في القطاع البنكي، فضلاً عن مواكبة آخر التطورات في القطاع المالي والتقني، وتحقيق أهداف برنامج رؤية القطاع المالي ورؤية 2030م.

وبشكل أساسي، تركز البنوك الرقمية على قطاع الأفراد كخطوة أولى، عبر خدمات سريعة ومرنة تخدم جميع أفراد المجتمع وتقدم عديدًا من الخدمات المصرفية لعملائها عبر منصات وتطبيقات إلكترونية، دون أن يكون لها فروع على أرض الواقع، وهي تسعى إلى تعزيز الابتكار المالي في المملكة، وتحسين تجربة العملاء تزامنًا مع التطورات التكنولوجية المتسارعة خاصة في قطاع الخدمات المالية والمصرفية.

أكثر الحلول المالية والمصرفية تطورًا

ومع دخول البنوك الرقمية في السوق، ارتفع عدد البنوك المرخصة في السعودية لـ 35 بنكًا، يشكل عدد البنوك المحلية منها نحو 11 بنكًا، كما يقدر عدد البنوك الأجنبية بنحو 21 بنكًا، أضافة إلى أن هناك نحو 19 شركة تقنية مالية سعودية تتيح بدورها خدمات عدة، كخدمات المدفوعات، والتمويل الاستهلاكي المصغر، ووساطة التأمين الإلكتروني.

وتعد البنوك الرقمية، واحدة من أكثر الحلول المالية والمصرفية تطورًا وحداثة مقارنة بالحلول التقليدية، فالذهاب إلى المقر التابع للنطاق السكني والحصول على رقم للانتظار لحين لقاء الموظف المسؤول عن خدمة العملاء وطلب الخدمة التي يرغب بها العميل صار من الماضي، أو هكذا يأملون، كما لم يعد فتح حساب بنكي أو القيام بأي من المعاملات المالية يتطلب التغيب ليوم أو أكثر من العمل لإتمام هذا الإجراء، يكفي فقط أن تكون متصلًا بالإنترنت ولديك جهاز حاسوب أو هاتف ذكي للحصول على خدماتك المصرفية الفورية عبر البنوك الرقمية.

وتتيح البنوك الرقمية جميع الخدمات المصرفية التقليدية المتوفرة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون الحاجة إلى التوجه لفرع البنك، وتعد أبرز تلك الخدمات فتح حساب مصرفي رقمي، وإدارة القروض، والحصول على كشف حساب بنكي، ومراقبة سجلات المعاملات، ودفع الفواتير، وفحص وإدارة حساب التوفير، وتحويل الأموال، والسحوبات النقدية، كما تمتاز بتوفير التكاليف، وسهولة الاستخدام، والتخصيص بشكل أكبر، وتقديم الخدمات المميزة.

رفع مستوى كفاءة القطاع المالي

وكانت (سما) قد حددت ثلاثة شروط رئيسة لتقديم طلب ترخيص بنك رقمي في البلاد، على المتقدمين تقديم خطة التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، وخطة التقييم الداخلي لكفاية السيولة مع طلب الترخيص للبنك.

وبناءً على الخطة المقدمة ستقوم بإجراء تقييم لمدى كفاية رأس المال لمقدم الطلب، وفقًا لكل حالة على حدة، استنادًا إلى حجم العمليات وطبيعتها ودرجة تعقيدها، حسب ما هو مقترح في خطة العمل، وخطة التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، وخطة التقييم الداخلي لكفاية السيولة.

طلعت حافظ

ويهدف البنك المركزي من موافقته على تقديم البنوك الرقية لخدماتها لتطوير وتحسين ورفع مستوى كفاءة القطاع المالي في السعودية، وليكون القطاع المالي السعودي من أوائل القطاعات المواكبة للتطورات والمستجدات التي تتلاءم مع مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي، إضافة لدعم نمو القطاع الخاص، وإتاحة الفرص أمام شركات جديدة لتقديم خدمات مالية، وأن تكون السعودية واحدة من أكبر المراكز المالية في العالم، إضافةً إلى تحقيق نمو نوعي في مجال الخدمات المالية لمواكبة التطور المتواصل في الأعمال والخدمات في السعودية.

ويتشكل دعم تطوير قطاع التقنية المالية في المملكة من خلال وضع استراتيجية للقطاع تضم عددًا من المبادرات التي تهتم بمجال التقنية، وذلك لتطوير قطاع التقنية المالية، والتي تسهم في دعم تنمية الاقتصاد الوطني، إضافةً إلى تنوع مصادر الدخل.

يزيد آل الشيخ

تتميز عن التقليدية بانخفاض التكاليف

وقال رئيس اللجنة المالية بغرفة الشرقية، زيد اليعيش، إن البنوك الرقمية تتميز عن التقليدية بالرشاقة وانخفاض التكاليف، لكونها رقمية بلا فروع، تعتمد بشكل كامل على الرقمية، ورغم أن الآن ثمة بنوك تقليدية تعتمد على التقنية في فتح الحسابات، ولكن البنوك الرقمية الخالصة تمتلك ميزة أنها تعتمد على شريحة الأفراد، وعلى خفض التكاليف بشكل كبير، وعملية فتح الحسابات لديهم أسرع.

وأضاف بأن المستهلك التقليدي، قد لا يشعر بالفرق بشكل ملموس، ولكن سيشعر أن تكاليف العمليات وإصدار البطاقات سيكون أقل، وكذلك عروض الكاش باك ستكون أكبر، لأن هذه البنوك ليس لديها مصاريف كثيرة، وبالتالي رسومها ستكون أقل، مؤكدًا بصعوبة تحول كافة البنوك السعودية لمثل هذا النوع من البنوك، كونها بنت قاعدة كبيرة من العملاء حاليًا، وخاصة في قطاعات الأعمال، ولا تعتمد على الأفراد، وهي لديها خيارين، إما أن تتحول للتقنية، ولكن ليس بشكل كامل، لأن قدرتها أكبر، ولديها خدمات أكبر بكثير من البنوك الرقمية، مثل: خدمات الخزينة، وتحويل المبالغ الكبيرة للخارج بأسعار تفضيلية، أضافة لسندات الدين، وحتى القروض الشخصية، التي لم تعتمدها البنوك الرقمية بعد، وقال إن الأهم البنوك التقليدية تمتلك حسابات الشركات الكبيرة والمتوسطة، وحتى الصغيرة، وهؤلاء يحتاجون للبنوك التقليدية لتحويل رواتب موظفيهم وتقديم خدمات تسهيلات ائتمانية لهم، والضمانات البنكية، وإصدار أجهزة نقاط بيع، هذه الأمور لاتزال غير متوفرة في البنوك الرقمية، لافتًا إلى أن الموضوع كبير جدًا ويحتاج لوقت أطول لتقديم مثل هذه الخدمات للوصول للبنوك التقليدية، وحتى إن وصلت، هل تستطيع أن تستقطب عملاء البنوك التقليدية، هذا لن يكون سهلاً، ويحتاج لوقت كثير.

زيد اليعيش

المنافسة في القطاع المصرفي

ومن جانبه أكد أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية والمتحدث باسم البنوك السعودية (سابقًا)، طلعت حافظ، أن خطوة الترخيص لبنكين من الثلاث البنوك الرقمية في المملكة لممارسة أعمالها المصرفية، يأتي انسجامًا مع أهداف(ساما) الرامية إلى دعم استقرار القطاع المالي وتعزيز الثقة به، ودعم النمو الاقتصادي، والمنافسة في القطاع المصرفي، بما يعكس قوة ومتانة وجاذبية القطاع المصرفي بشكل خاص، والاقتصاد السعودي بشكل عام، وقال إن التوسع في التعاملات الرقمية، سوف يساعد على تعزيز مفهوم وتطبيقات “الشمول المالي”، الذي يهدف لتمكين الأفراد والشركات من الوصول إلى منتجات وخدمات مالية مفيدة وبأسعار معقولة تلبي احتياجاتهم على نحو مسؤول ومستدام.

وقال حافظ إن ترخيص البنك المركزي لثلاثة بنوك رقمية في المملكة، والسماح لبنكين منهما لمزاولة الأعمال المصرفية، سيعزز من التعاملات الرقمية بالقطاع المصرفي بشكل خاص والقطاع المالي بشكل عام، وسيكون محفزًا أيضًا للبنوك التقليدية بتطوير تعاملاتها الرقمية، وبالذات وأنه وفقًا للإحصائية الأخيرة الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء، فإن %63 من المواطنين السعوديين هم دون 30 عامًا، و%35 من غير السعوديين وهم دون 30 عامًا، والذين هم بطبيعة الحال يفضلون التعاملات المصرفية الرقمية عن التعاملات المصرفية التقليدية.

وشدد على أهمية الموازنة بين وجود بنوك رقمية وأخرى تقليدية، مشيرًا إلى أن هناك فئة من العملاء لا تزال تفضل التعامل مع البنوك التقليدية من خلال شبكة الفروع، إضافة إلى أن البنوك التقليدية قد تكون أقرب للتعرف ولتلمس احتياجات العملاء مقارنة بالبنوك الرقمية، من خلال شبكة الفروع التي تُمكنها من التواصل مع العملاء بشكل مباشر والتفاعل الشخصي معهم، مما يتيح لها بناء علاقة أعمق مع العملاء مقارنة بالبنوك الرقمية التي مؤسسة بشكل أساسي في تقديمها لخدماتها على التكنولوجيا، إضافة إلى أن عدم توفر شبكة للإنترنت أو انقطاعها المفاجئ، قد يؤثر سلبًا على قدرة البنوك الرقمية ولو بشكلٍ مؤقت في تقديمها خدماتها لعملائها.

 

تحسين الجودة وتجربة المستخدم

فيما كشف مدير عام الرقابة على البنوك في البنك المركزي السعودي (ساما)، يزيد آل الشيخ، أن البنوك الرقمية المرخصة ستقدم المنتجات والخدمات للعملاء من خلال تحسين الجودة وتجربة المستخدم لنماذج الأعمال ودعم الابتكار فيها وتقليل التكاليف، ما يسهم بشكل مباشر في تحفيز المنافسة مع البنوك المحلية وشركات التقنية المالية، وأوضح أن الفرق بين شركات التقنية المالية والبنوك الرقمية هو أن شركات التقنية المالية ترتكز بشكل أساس على الابتكار في استخدام التقنية لنشاط محدد، وتقديم منتج أو خدمة مالية معينة لشريحة المستفيدين المستهدفة، من خلال المنصات الرقمية أو التطبيقات الذكية، أما البنوك الرقمية فمفهومها أوسع وأشمل في تقديم منتجات وخدمات مصرفية متكاملة مثل قبول الودائع والتمويل وغيرها من الخدمات المصرفية وخدمة العملاء وذلك من خلال القنوات الرقمية حصريًا، إضافة إلى اختلاف شكل الكيان القانوني والمتطلبات الرقابية والاشرافية.