اقتصاد المملكة في عام 2024م، نمو متسارع خارج مظلة النفط وحزمة استثمارات أجنبية تؤكد الثقة العالمية بالرؤية.
تحسينات ملموسة في جودة الحياة وتمكين الفرد تجسّد التزام الرؤية بتعزيز رفاه المواطن واستثمار الطاقات الوطنية.
نمو اقتصادي متسارع مدفوع بتنويع القطاعات وتوسيع دور القطاع الخاص وتعزيز جاذبية الاستثمار.
في عامٍ لا يشبه ما سبقه، وضمن مسيرة تحوُّل تُسابق الزمن، كشفت المملكة عن تقرير أداء رؤية 2030 لعام 2024م، الذي حمل بين سطوره أكثر من مجرد أرقام، بل حكاية وطن يكتب مستقبله بيده، فلم يكن اللافت في التقرير فقط حجم الإنجازات المتحققة، بل الوتيرة المتسارعة، والمنهجية المتكاملة التي استطاعت بها المملكة أن تتجاوز مستهدفات كان يُفترض الوصول إليها في عام 2030م قبل موعدها بسنوات.
فمن قفزات في الناتج المحلي غير النفطي، إلى تحولات جذرية في جودة الحياة، مرورًا بتمكين المواطن وتموضع المملكة عالميًا، إذ يُعيد هذا التقرير تشكيل الصورة الذهنية عن وطن لم يعد فقط يتهيأ للمستقبل، بل صار هو المستقبل نفسه.
ففي السطور التالية، نأخذكم في قراءة تحليلية شاملة لهذا التقرير المفصلي، لنرصد كيف تحوّلت الرؤية من خريطة طريق إلى واقع نابض بالحياة… وكيف باتت الإنجازات تتحدث بلغة الثقة والطموح المفتوح على آفاق لا حدود لها.
تقدم غير مسبوق نحو أهدافها الاستراتيجية
فمع دخولها العام التاسع منذ انطلاقتها، تواصل رؤية المملكة 2030م إحراز تقدم غير مسبوق نحو أهدافها الاستراتيجية؛ حيث أُعلن مؤخرًا تقرير الرؤية لعام 2024م، مؤكدًا اقتراب المملكة أكثر من أي وقت مضى من تحقيق التحول الوطني المنشود.
ويكشف التقرير ملامح مرحلة جديدة من الازدهار الاقتصادي، والتنوع في مصادر الدخل، ضمن مجتمع حيوي ينمو بثقة، ووطنٍ لا سقف لطموحه، ولقد استندت الرؤية، منذ لحظتها الأولى، إلى مكامن قوة المملكة باعتبارها قلب العالمين العربي والإسلامي، وقوة اقتصادية واستثمارية مؤثرة، ومركزًا استراتيجيًا يربط القارات ويشكّل محورًا لوجستيًا وتجاريًا عالميًا.
وبحكمة القيادة، تحوّلت هذه الركائز إلى محرّك تنموي قوي، يقود المملكة نحو مستقبل واعد، حيث تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن بقيم راسخة، وتفتح أبوابها لفرص استثمارية وعملية، وتترسّخ كمركز عالمي للفرص والازدهار.
التنمية المستدامة المنشودة للأجيال
وفي مستهل التقرير، قال خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز: “نحمد الله على ما تحقق لبلادنا من إنجازات خلال أقل من عقد من الزمن، جعلت منها نموذجًا عالميًا في التحولات على كافة المستويات، وإننا إذ نعتز بما قدمه أبناء الوطن الذين سخّروا جهودهم للمضي به نحو التقدم والازدهار، سنواصل معًا مسيرة البناء لتحقيق المزيد من التنمية المستدامة المنشودة للأجيال”.
ومن جهته، أكد ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، خلال كلمته في التقرير، أن المملكة تمضي بثقة نحو تحقيق أهداف الرؤية، مشيدًا بجهود أبناء وبنات الوطن الذين تجاوزوا التحديات وحققوا المستهدفات، بل وتخطوها في بعض المجالات، وقال: “ونحن في عامنا التاسع من رؤية المملكة 2030م، نفخر بما حققه أبناء وبنات الوطن من إنجازات، لقد أثبتوا أن التحديات لا تقف أمام طموحاتهم، فحققنا المستهدفات، وتجاوزنا بعضها، وسنواصل المسير بثبات نحو أهدافنا لعام 2030م، ونجدد العزم لمضاعفة الجهود، وتسريع وتيرة التنفيذ، لنستثمر كل الفرص ونعزز مكانة المملكة كدولة رائدة على المستوى العالمي”.
تحقيق 93% من الأهداف المحددة
وقد سجل تقرير أداء الرؤية لعام 2024م، القفزات النوعية التي حققتها المملكة في مختلف المجالات، حيث أظهرت النتائج تحقيق %93 من الأهداف المحددة، لافتًا إلى أن نسبة المبادرات المكتملة أو على المسار الصحيح بلغت %85، وأن إجمالي عدد المبادرات بلغ 1502 مبادرة، منها 674 مبادرة مكتملة منذ انطلاقة الرؤية، و596 مبادرة على المسار الصحيح.
وكشف التقرير عن أن الناتج المحلي غير النفطي شهد نموًا بنسبة %3.9، بينما استقطبت المملكة استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 77.6 مليار ريال، وتقدَّمت المملكة إلى المركز الـ 16 في مؤشر التنافسية العالمي، واحتفظت بصدارتها على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الاستثمار الجريء بنسبة %40، كما تجاوز مؤشر توليد الفرص الاستثمارية مستهدف عام 2024م محققًا أكثر من 1800 فرصة استثمارية.
148% نسبة الإيرادات السياحية الدولية
وعلى الصعيد السياحي، أظهر التقرير مدى التقدم الذي أحرزته المملكة في القطاع السياحي، مشيرًا إلى تجاوز عدد السياح حاجز 100 مليون زائر، وتسجيل 8 مواقع في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وارتفع عدد المتطوعين إلى 1.2 مليون، متخطين مستهدف عام 2030م البالغ مليون متطوع، كما بلغت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل %33.5، متجاوزة المستهدف البالغ %30، وأُدرجت المدينة المنورة ضمن أفضل 100 وجهة سياحية عالميًا لعام 2024م، ونالت العُلا أول وجهة في الشرق الأوسط معتمدة في المنظمة الدولية للوجهات السياحية “ديستينيشنز إنترناشيونال”، وتوسعت المملكة بمنح تأشيرة زيارة المملكة إلكترونيًا لتصل إلى 66 دولة، وبلغت نسبة الإنجاز في مشاريع القدية %81 في متنزه “أكواربيا”، و%87 في متنزه “SIX FLAGS”.
وارتفعت الإيرادات السياحية الدولية مقارنة بعام 2019م إلى %148، وبلغ عدد زوار الفعاليات الترفيهية 76.9 مليونًا، وتصدرت المملكة دول مجموعة العشرين في نمو عدد السياح الدوليين، هذا وسجلت المملكة أعلى رقم تاريخي بوصول أعداد المعتمرين إلى 16.92 مليون معتمر، متخطية بذلك مستهدف العام البالغ 11.3 مليون معتمر، ووصلت تغطية خدمات الرعاية الصحية إلى %96.4 من التجمعات السكانية، مقتربة من مستهدف عام 2030م البالغ %99.5.
تضاعف إجمالي الأصول المدارة للصندوق
وعن صندوق الاستثمارات العام، أظهر التقرير تضاعف إجمالي الأصول المدارة للصندوق بأكثر من ثلاث مرات منذ انطلاق الرؤية لتصل إلى 3.53 ترليونات ريال، ليتجاوز مستهدف عام 2024م بأصول قيمتها 3.3 تريليون ريال، وأشار إلى أن نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي بلغت %47، ومتجاوزة مستهدف عام 2024م، كما تجاوزت نسبة توطين الصناعات العسكرية مستهدفها المرحلي، لتصل إلى %19.35 بعد أن كانت %7.7 في عام 2021م.
نسبة تملك المساكن تتجاوز المستهدفات
وفي مجال جودة الحياة، كشف التقرير أن نسبة تملك المساكن ارتفعت إلى %65.4، وذلك مقارنة بـ %47 في عام 2016م، ومتجاوزة مستهدف عام 2025م، وتجاوز عدد المتطوعين 1.2 مليون شخص، وعلى صعيد التحول الرقمي، قفزت المملكة 25 مرتبة في مؤشر الحكومة الإلكترونية، في حين استقبلت أكثر من 16.9 مليون معتمر من خارج المملكة. كما حققت المملكة المرتبة الثامنة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، بينما ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 78.8 عامًا.
114 مليار ريال مساهمة القطاع الزراعي
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي، أشار التقرير إلى أن مساهمة القطاع بلغت في الناتج المحلي الإجمالي 114 مليار ريال، وأُعيد تأهيل أكثر من 118 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، وأُعيد توطين أكثر من 7800 حيوان مهدد بالانقراض، ودشنت أول حافلة وسيارة أجرة تعملان بالهيدروجين، وشُغّلت 4 مشاريع إضافية للطاقة المتجددة، ووصلت تكلفة إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة معدلات تُعد من الأقل عالميًا، وأُنشئت أول محطة تحلية في العالم تعمل بالطاقة الشمسية.
الحفاظ على تصنيفات ائتمانية إيجابية
وعلى مستوى مجموعة العشرين، تقدَّمت المملكة إلى المرتبة 11، في وقت تمكن فيه %33.7 من مستفيدي برامج الدعم القادرين على العمل، مقارنة بـ %1 فقط في 2017م، هذا التقدم ترافق مع الحفاظ على تصنيفات ائتمانية إيجابية من أبرز الوكالات العالمية، كصندوق النقد الدولي الذي توقع أن تصل نسبة النمو إلى %3 عام 2025م وإلى %3.7 عام 2026م، فيما توقع البنك الدولي أن تسجل المملكة نموًا بواقع %3.4 عام 2025م و%5.4 عام 2026م، كما ألمح التقرير إلى تصنيفات الاقتصاد الوطني التي أكدت غالبيتها على الاستقرار والنظرة المستقبلية مثل: وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، وكالة “فيش”، وأيضًا وكالة “ستاندرد آند بورز”.
انخفاض تاريخي في معدل البطالة
أما بالنسبة لمعدل البطالة، فقد كشف التقرير أن المملكة سجلت انخفاضًا تاريخيًا في معدل البطالة محققة مستهدف الرؤية البالغ %7، وقفزت 32 مرتبة في مؤشر المشاركة الإلكترونية منذ عام 2016م، لتصل للمرتبة السابعة عالميًا، متخطية مستهدفها لعام 2030م، بالوصول إلى المراتب العشر الأولى، كما قفزت 30 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية مقارنة بخط الأساس، لتصل إلى المرتبة السادسة عالميًا، مقتربة من مستهدف عام 2030م، المتمثل في الوصول للخمس المراتب الأولى، فيما تجاوز عدد المقار الإقليمية للشركات العالمية في المملكة مستهدفه لعام 2030م، بوصوله إلى أكثر من 571 شركة.
4 جامعات ضمن أفضل 500 جامعة عالميًا
وقد صُنفت 4 جامعات سعودية ضمن أفضل 500 جامعة في العالم، وجاءت جامعة الملك سعود في المرتبة الـ 90 عالميًا، ما يجعلها أول جامعة سعودية تدخل ضمن أفضل 100 جامعة عالمية، وحصد الطلبة السعوديون 114 ميدالية وجائزة كبرى في أكبر مسابقتين عالميتين في مجالات العلوم والهندسة والاختراع، وهما “آيسف 2024م” و”آيتكس 2024م” تمكّن أكثر من437 ألف مواطن ومواطنة من الالتحاق بسوق العمل في القطاع الخاص خلال عام 2024م، وذلك عبر برامج ومبادرات صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، وبلغ عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص حتى نهاية عام 2024م نحو 2.4 مليون مواطن ومواطنة.
أكبر مستشفى افتراضي في العالم
كما أشار التقرير إلى وصول نسبة تغطية خدمات الرعاية الصحية إلى %96.4 من التجمعات السكانية، مقتربة من مستهدف عام 2030م البالغ %99.5، ودخول مستشفى صحة الافتراضي لموسوعة غينيس كأكبر مستشفى افتراضي في العالم، وأُدرجت 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى في العالم، وحقق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث المركز الأول عالميًا في استخدام التقنية الطبية، واُعتمدت 16 مدينة سعودية مدنًا صحية؛ لتصبح المملكة أعلى دولة في المنطقة من حيث عدد المدن الصحية المعتمدة عالميًا، وارتفعت نسبة جاهزية المناطق الصحية في المملكة لمواجهة المخاطر الصحية إلى %92.
ارتفع عدد الأندية الرياضية التي تتنوع ألعابها
هذا وارتفع عدد الأندية الرياضية التي تتنوع ألعابها إلى 128 ناديًا، وارتفع عدد الاتحادات الرياضية إلى 97 اتحادًا، بنسبة نمو تزيد على %200، ووصلت نسبة السعوديات الممارسات للرياضة أسبوعيًا إلى %46، كما ارتفعت نسبة ممارسي النشاط البدني لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا من البالغين إلى %58.5 متجاوزة مستهدف عام 2024م، وارتفعت من الأطفال والمراهقين الذين يمارسون النشاط البدني لمدة 60 دقيقة يوميًا إلى %18.7، وارتفع متوسط عمر الإنسان إلى 78.8 عامًا، مقتربًا من مستهدف عام 2030 البالغ 80 عامًا.
المركز الـ 16 عالميًا في مؤشر المسؤولية الاجتماعية
وعلى صعيد المسؤولية الاجتماعية، تقدمت المملكة إلى المركز الـ 16 عالميًا في مؤشر المسؤولية الاجتماعية الصادر عن “IMD”، وتصدرت دول مجموعة العشرين في مؤشر الأمان، وفازت باستضافة النسخة الأكبر من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2034؛ لتكون أول دولة في التاريخ تستضيف هذا الحدث بمفردها (بنظامه الجديد)، وابتكرت المملكة بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية واستضافت نسختها الأولى.
إنجازات تُجسد حرص القيادة على صناعة مستقبل واعد
وفي هذا السياق، رفع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، التهنئة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بمناسبة ما تحقق من منجزات نوعية في رؤية 2030م والتي نعيش عامها التاسع، مؤكدًا سموه أن هذه الإنجازات تُجسد حرص القيادة الرشيدة على صناعة مستقبل تنموي واعد، يعزز مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا.
وأشار سموه إلى أن ما تحقق من نسب إنجاز متقدمة في المؤشرات والمبادرات يعكس عمق التخطيط ووضوح الرؤية، حيث تجاوزت نسبة المؤشرات التي حققت مستهدفاتها أو قاربتها %93، فيما اكتملت أكثر من 1502 مبادرة من أصل 2674، مما يعكس تسارع الخطى نحو مستهدفات عام 2030م.
ونوّه سموه بما تحقق على صعيد الاقتصاد الوطني، من مضاعفة أصول صندوق الاستثمارات العامة، وارتفاع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، والنمو المتسارع في التوظيف وريادة الأعمال، إلى جانب دخول الجامعات السعودية ضمن مصاف الجامعات العالمية المرموقة.
النجاحات المتحققة تمثل مصدر فخر لكل مواطن
وفي جانب التنمية المجتمعية، أشار سمو أمير المنطقة الشرقية إلى ما تشهده المملكة من تحسّن شامل في جودة الحياة، وتطور في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وتمكين الشباب والمرأة، بما يواكب طموحات المواطنين ويعكس الاهتمام المتزايد ببناء مجتمع حيوي ينعم بالاستقرار والرفاه، كما أشاد سموه بتقدم المملكة في مؤشرات التحول الرقمي، وتصدرها المركز الأول عالميًا في مؤشر عدد مستخدمي الإنترنت، والمرتبة الثانية عالميًا في مؤشر تطوير وتطبيق التقنية، إضافة إلى استضافة المملكة للفعاليات الدولية الكبرى، من بينها كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وفوزها باستضافة النسخة الأكبر من كأس العالم لكرة القدم 2034م، وأكد سموه أن النجاحات المتحققة تمثل مصدر فخر لكل مواطن، ودافعًا لمواصلة المسيرة بكل عزيمة وثبات، في ظل قيادة حكيمة جعلت الإنسان محور التنمية وركيزتها الأساسية، تحقيقًا لأهداف رؤية 2030م الطموحة.
بداية المرحلة الثانية من برنامج الاستدامة المالية
ومن جانبه أشار معالي وزير المالية، محمد الجدعان، إلى أن الاقتصاد الوطني شهد نموًا ملحوظًا بنسبة %65 منذ إطلاق رؤية 2030م، وأكد أن المملكة بدأت المرحلة الثانية من برنامج الاستدامة المالية، الذي لا يقتصر على تحقيق التوازن المالي، بل يهدف إلى تحقيق ميزانية مستدامة تعزز استقرار الاقتصاد الوطني. كما أضاف أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها أسهمت في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية، مما دفع مسيرة التنوع الاقتصادي والاستقرار المالي. ولفت إلى أن الحكومة تواصل التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 والتوجهات الوطنية، مع استمرارها في عمليات التمويل المحلي والدولي لتغطية العجز المتوقع في ميزانية عام 2024م، وسداد الدين المستحق على المدى المتوسط.
المملكة أصبحت أكثر التزامًا وعزيمة في تنفيذ رؤية2030م
من جانبه، أكد معالي وزير الاستثمار، المهندس خالد الفالح، أن المملكة أصبحت أكثر التزامًا وعزيمة في تنفيذ رؤية 2030م بعد مرور ثمانية أعوام على إطلاقها. وأشار إلى أن المملكة قد حققت %87 من أهداف الرؤية رغم التحديات الكبيرة، خصوصًا لدولة مثل السعودية التي كانت تعتمد على النفط لعقود. وأضاف أن المملكة بصدد تحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق، بفضل جهود تنويع الاقتصاد، الذي أسهم في نمو القطاعات غير النفطية، مما سمح بتوسيع دور القطاع الخاص وزيادة قدرة الاقتصاد على توليد مزيد من الوظائف وفرص الاستثمار.
وأكد أيضًا معالي وزير الاقتصاد والتخطيط، الأستاذ فيصل بن فاضل الإبراهيم، أن رؤية 2030م، تتوافق بشدة مع أهداف التنمية المستدامة، وأشار إلى أن المملكة أصبحت قوة استثمارية دولية، وتلعب دورًا مهمًا في حشد الموارد لتحقيق النمو المستدام، وأضاف أن الرؤية تعد موضوعًا حاضرًا بقوة في أبرز الملتقيات والمحافل الدولية، حيث تتطلع الكثير من الدول إلى فهم واستلهام تجربة المملكة.
التقرير يترجم مسيرة 9 أعوام من التطوير المستمر
وقال وزير التجارة، الدكتور ماجد القصبي، إن التقرير السنوي لرؤية 2030م لعام 2024م يترجم مسيرة 9 أعوام من التطوير المستمر لمستقبل مشرق ومكانة ريادية عالمية بسواعد مُخلصة لأبناء وبنات الوطن، وأشار إلى أن رؤية المملكة 2030م ترسم مسارًا يُعزز التكامل بين الثقافة والابتكار، بما يواكب التغيرات العالمية المتسارعة، وتفتح آفاقًا أوسع للمواطنين والمقيمين والزوار من مختلف أنحاء العالم، وقد صُممت لتنفذ على ثلاث مراحل رئيسة، تمتد كل مرحلة منها لخمسة أعوام، وتُبنى على نجاحات المرحلة السابقة، بدأت المرحلة الأولى بإرساء أسس التحول من خلال إصلاحات هيكلية واقتصادية ومالية واجتماعية شاملة، بينما ركزت المرحلة الثانية على دفع عجلة الإنجاز وتعظيم الفائدة من القطاعات ذات الأولوية، ومن المنتظر أن تُسهم المرحلة الثالثة في تعزيز استدامة التحول واستثمار فرص النمو الجديدة.
تمكين القيادة الحكيمة لقطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات
وأكد معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، المهندس عبدالله بن عامر السواحه، أن تسجيل المملكة الأولى في مؤشر عدد مستخدمي الإنترنت، والثاني عالميًا في مؤشر التحول الرقمي في الشركات، وكذلك المركز الثاني عالميًا في مؤشر تطوير وتطبيق التقنية، وأن النتائج التي حققتها كذلك منظومة الاقتصاد الرقمي والفضاء والابتكار منذ ميزانية العام 2023م تشهد على تمكين القيادة الحكيمة لقطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات والفضاء والبحث والتطوير والابتكار، وتعزيز قدراتها لبناء حاضر المملكة المترابط ومستقبلها المبتكر، وأشار إلى جملة من المنجزات على مستوى منظومة الاقتصاد الرقمي والفضاء والابتكار، في مقدمتها إرسال أول رائدة فضاء سعودية وعربية مسلمة إلى محطة الفضاء الدولية ووصول أول رائد فضاء سعودي إلى المحطة، ونجاح تنفيذ 14 تجربة علمية على متن أكبر منصة بحثية في الفضاء.
التقرير يعكس مدى التحول الإيجابي النوعي الذي تشهده المملكة
ومن جهته، أشاد رئيس غرفة الشرقية، بدر بن سليمان الرزيزاء، بما حققته رؤية المملكة 2030م، من إنجازات نوعية خلال عام 2024م، مؤكدًا أن ما ورد في التقرير السنوي للرؤية من تحقيق %93 من المؤشرات المستهدفة، يعكس مدى التحول الإيجابي النوعي الذي تشهده المملكة في المجالات الاقتصادية والتنموية.
وأوضح أن ارتفاع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى %47، يُعد دليلاً على نجاح السياسات الاقتصادية التي أرستها الرؤية، والتي هدفت إلى تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره كمحرك رئيس للنمو المستدام، وأضاف أن الرؤية ببرامجها ومبادراتها لعبت دورًا محوريًا في تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني للاستثمارات المحلية والدولية، من خلال تحسين البيئة التنظيمية، وتطوير البنية التحتية، وتقديم حوافز استراتيجية للمستثمرين، مما أسهم في زيادة تدفقات رؤوس الأموال وتوسيع قاعدة المشاريع التنموية.
وأشار إلى ما شهدته المنطقة الشرقية من طفرة استثمارية خلال عام 2024م شملت قطاعات حيوية مثل: الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والصناعات التحويلية، والسياحة، وقال “إن مشاريع مثل: تطوير مدينة “سبارك”، وتوسعة ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، إضافة إلى المبادرات النوعية في قطاع السياحة الساحلية بمحافظة الخبر، عكست الدور المحوري للمنطقة الشرقية في دعم مستهدفات الرؤية.
تنفيذ الإصلاحات بفاعلية وكفاءة
ويشكل تقرير إنجازات رؤية 2030م، لعام 2024م انعكاسًا دقيقًا للمسار الطموح الذي اتخذته المملكة على مدى السنوات الماضية. فرغم التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، أظهرت المملكة قدرة استثنائية على تجاوز العقبات وتحقيق تقدم ملحوظ في مختلف القطاعات التنموية.
ومن خلال استعراض أبرز المؤشرات، يتضح أن المملكة قد حققت %93 من أهدافها المحددة لعام 2024م، ما يعكس القدرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية بفعالية وكفاءة. وقد برز ذلك في تحقيق نمو قدره %3.9 في الناتج المحلي غير النفطي، وهو مؤشر على نجاح السياسات المتبعة في تنويع الاقتصاد وتقليل اعتماده على النفط. كما تجسد النمو المستمر للقطاعات غير النفطية في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث وصلت الاستثمارات المباشرة إلى 77.6 مليار ريال، وهو ما يعد مؤشرًا قويًا على ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي.
إنجازات لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط
وتُعد هذه الإنجازات جزءًا من مشروع متكامل يعكس رؤية المملكة الطموحة، التي لا تقتصر أهدافها على تعزيز الجانب الاقتصادي فحسب، بل تتسع لتشمل مجالات التحول الرقمي، تمكين الأفراد، وتحسين جودة الحياة. وقد تجسدت هذه الجهود في زيادة نسبة تملك المساكن لتصل إلى %65.4، بالإضافة إلى تحقيق المملكة تقدمًا ملحوظًا في تصنيفات الحكومة الإلكترونية، فضلاً عن تعزيز مكانتها في مجال السياحة والتراث العالمي. تمثل هذه النتائج شهادة على الدور الحيوي الذي تلعبه السياسات الحكومية في تحسين نوعية الحياة للمواطنين، كما تعكس التزام القيادة الرشيدة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من جهة أخرى، يُعد التحسن الملحوظ في متوسط العمر المتوقع، الذي وصل إلى 78.8 عامًا، مؤشراً آخر على نجاح المملكة في تحسين النظام الصحي وتوفير بيئة اجتماعية تدعم رفاهية المواطنين. وفي هذا السياق، يتجاوز التقرير مجرد رصد النتائج ليُسلّط الضوء على الآليات التي أُتبعت لتحقيق هذه الإنجازات، مستعرضًا كيفية التنسيق الفعّال بين الحكومة والقطاع الخاص، مما أسهم في تقوية الاقتصاد الوطني وفتح أبواب فرص العمل للمواطنين.
إضافة إلى ذلك، يعكس التقرير الجهود المستمرة لضمان استدامة الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ سياسات مالية حكيمة، مثل التوسع في الإنفاق الاستراتيجي وضمان استدامة المالية العامة، ما يعزز من قدرة المملكة على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.
الاستراتيجيات الوطنية أدوات أساسية لتنفيذ الرؤية
ومن الجدير بالذكر أن برامج تحقيق رؤية 2030م التي أُطلقت في مرحلتها الأولى قد نجحت في تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية وتسريع وتيرة الإنجاز، مما ساعد في تجاوز بعض الأهداف الطموحة. كما أسهمت هذه البرامج في بناء القدرات المؤسسية وتوفير الأدوات اللازمة لتحقيق نمو مستدام، وشهدت تطورات مستمرة لمواكبة التغيرات الاقتصادية. فقد تم دمج وإغلاق بعض البرامج، بينما تم استكمال خطة برنامج الاستدامة المالية، ليصل عدد البرامج حاليًا إلى 10.
وتُعدُّ الاستراتيجيات الوطنية القطاعية والمناطقية أدوات أساسية لتنفيذ الرؤية، حيث أسهمت في تحقيق النمو المستدام وتوجيه التحول الاقتصادي على المدى الطويل. فمنذ إطلاق الرؤية، كان التركيز على تطوير القطاعات وتنمية المناطق عبر إصلاحات هيكلية وتحسين بيئة الأعمال. ومع مرور الوقت، برزت الحاجة إلى تطوير استراتيجيات متخصصة في قطاعات محددة، مما عزز عملية التحول الشامل وأسهم في تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية في كافة مناطق المملكة.
واليوم، تشهد المملكة تحولاً غير مسبوق في قطاعات متعددة مثل السياحة، الطاقة المتجددة، والتعدين. ومع استمرار إطلاق استراتيجيات جديدة، ستتمكن المملكة من مواكبة الفرص المستقبلية وتحقيق مزيد من النمو المستدام، لتصبح مركزًا حيويًا للفرص وطموحات الأفراد.
ومع اقتراب نهاية المرحلة الثانية من الرؤية (2021م – 2025م)، يتجلى التقدم الملحوظ في مختلف القطاعات، خاصة في مجالات السياحة والطاقة المتجددة. تواصل المملكة تعزيز تنويع اقتصادها وزيادة رأس مال صندوق الاستثمارات العامة، مما يعزز قدرتها على تحقيق العوائد الاقتصادية والاجتماعية القصوى. كما يستمر الاقتصاد السعودي في تعزيز مكانته كأحد أبرز الاقتصادات العالمية من حيث الاستقرار والنمو، مدفوعًا بجهود مستمرة لتنويع الاقتصاد. وقد أسهمت هذه الجهود في نمو القطاعات غير النفطية، مما عزز دور القطاع الخاص وزاد من قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة وفرص استثمار. وقد شهدت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ارتفاعًا قياسيًا، مما يعكس التوقعات المتفائلة بشأن نمو الاقتصاد السعودي في المستقبل.