تأتي المملكة في طليعة دول العالم المعنية بالمحافظة على التوازن البيئي، والتنوُّع البيولوجي، والحريصة على حماية عناصر البيئة ومكوناتها الطبيعية من الانقراض أو الاندثار أو الإهمال أو الضياع أو الإهدار. الاعتراف الدولي بالدور السعودي في هذا المجال عبّرَت عنه كبرياتُ الهيئات والمؤسّسات الدولية، خاصة التابعة للأمم المتحدة، والتي أشادت بما تبذله المملكة من جهود كبيرة للمحافظة على البيئة والعناصر التي تمنحها تنوّعها وثراءها وغناها، وتحميها من المتغيرات والتحوُّلات المرتبطة بالحضارة المعاصرة، والتي تكادُ تُهدّد الكائنات البرية والبحرية وكثيراً من أنواع الطيور.
التنوُّع البيولوجي والبيئي في المحميات الملكية يضعها في مقدِّمة مصادر الجذب السياحي للمملكة
الاهتمام الذي يعطيه وليّ العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ هذه القضيّة يُشكِّل زخماً كبيراً لأداء المملكة، ليس في حماية البيئة فحسب، بل على صعيد تعزيز الاستثمار في السياحة السعودية، وفتح أبواب جديدة للاستثمار، في إطار «رؤية 2030»، ما يقدَّمُ للاستثمار فرصاً واسعة، خاصة لروَّاد الأعمال من المستثمرين السعوديين.
وهي ـ كما يُجمعُ الخُبراء ـ تفتح آفاقاً واسعة وحقيقية، بالفعل، للاستثمار، وتفتح أبواباً جديدة أمام قادة وروَّاد الأعمال في قطاع السياحة البيئية، ولاغتنام الفرص التي أثمر عنها القرار الملكي بإنشاء مجلس للمحميات الملكية، برئاسة سمو ولي العهد، والاستفادة من انعكاساته الإيجابية على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المملكة، لا سيما أن المحميات الطبيعية تمثل كنزاً فريداً على أرض المملكة، يندر وجوده في كثير من المناطق في العالم.
«الاقتصاد» ترصد مستقبل المحميات الطبيعية الملكية، وتأثيرها على الاستثمارات ـ حجمها ونوعها واتجاهاتها ـ في قطاع السياحة خلال الفترة المقبلة.
المحميات السعودية غنيّة بعشرات الأنواع من الحيوانات النادرة والطيور المقيمة والمهاجرة والنباتات البرِّية
وبحسب الخبراء في هذا المجال، فقد تمكنت دول عدّة في العالم من استثمار محمياتها الطبيعية، عن طريق الترويج السياحي، وإضافة منتج فريد لقائمة مزاراتها السياحية، وذلك عبر تسويق تلك المنتجات بصور دعائية مختلفة، واستغلال التكنولوجيا في تحقيق ذلك. وتخطو المملكة خطوات جادة في هذا الاتجاه ـ في ظل رعاية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد سمو الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهما الله ـ بالمحافظة على البيئة الطبيعية والنباتية والحياة الفطرية وتكاثرها وإنمائها. وقد أسهم ذلك في استحواذ المملكة على مكانة إقليمية وعالمية بارزة، في مجال الحفاظ على الحياة الفطرية واستدامتها، خصوصاً مع اهتمام المملكة بالجانبين السياحي والثقافي، اللذين يشكلان محورين رئيسين في «رؤية 2030».
وتتميز المحميات الطبيعية الملكية بتنوُّعها البيولوجي الغني والفريد، ما يؤهلها لأن تكون مصدر جذب للسياحة البيئية خلال الفترة المقبلة، إذ يوجد على أرضها عشرات الأنواع من الحيوانات النادرة، والطيور المقيمة والمهاجرة، وكذلك النباتات والأزهار البرية. كما أن المملكة تُعد من البلدان التي اهتمت منذ وقت طويل بمسألة البيئة وحمايتها، وانضمت إلى عشرات الاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات الخاصة بهذا الشأن. وحققت في السنوات الماضية سلسلة من النجاحات بشهادة المؤسسات والهيئات الدولية في مجال الحفاظ على البيئة والمحميات الطبيعية. ويتوّج كل هذا بإنشاء مجلس المحميات الملكية، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو ما يسهم في تسليط الضوء عالمياً على المحميات الطبيعية في السعودية، نظراً للمكانة الدولية الكبيرة التي يحظى بها سمو ولى العهد، وعزمه الذي لا يلين ورؤيته الثاقبة بشأن ضرورة تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني والاهتمام بالسياحة البيئية والثقافية والتراثية والعلاجية في المملكة، إلى جانب السياحة الدينية، كمصدر مهم للدخل، ووضعها على خريطة السياحة العالمية، خصوصاً في ظل حراك البناء الاقتصادي الهائل، الذي تشهده البلاد في كافة القطاعات، وهو ما يجعل من المحميات الطبيعية الملكية في المملكة محط أنظار الجميع، سائحين ومستثمرين داخل وخارج المملكة خلال الفترة المقبلة. وتتميز المحميات الملكية الست بتنوُّع فريد في مكوناتها البيئية. ويأتي في مقدِّمتها:
محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز
يتولى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز منصب رئيس مجلس إدارة المحمية التي تكونت من ثلاث محميات بمسمياتها السابقة «الخنفة، والطبيق، وحرة الحرة» والمناطق الواقعة بينها والمجاورة لها في شمال المملكة. ومن أهم الأشجار فيها الطّرفا والأثل والإرطي والعوسج. ومن الحيوانات الوعل وظبي الرّيم وظبي الإدمي والذّئب العربي، والثّعلب الأحمر، والثعلب الرّملي، والضّبع المخطّط، والأرنب البرّي. ومن الطيور الحبارى والعقاب الذّهبي والكروان وأنواع من الطّيور المستوطنة والمهاجرة مثل الحبارى والكروان.
محمية الأمير محمد بن سلمان
يتألف مجلس إدارتها برئاسة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وتمتد مساحة المحمية الملكية في المنطقة الواقعة بين مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر والعلا، وتتميز بوجود أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات والطيور النادرة على أرضها.
محمية الملك عبدالعزيز
يتولى مجلس إدارتها الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، وتتكوَّن من منطقتي «التنهات والخفس» والمناطق المجاورة لهما، وتقع بمنطقة الرياض، وتنتشر في «التنهات» أشجار الطلح والسدر، كما تتميز بتنوع الزهور الشتوية والربيعية. بينما «الخفس» تتميز بقصر أشجارها وانبساطها.
محمية الإمام تركي بن عبدالله
يتولى صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز منصب رئيس مجلس إدارتها، وتقع شمال شرق منطقة الرّياض، وتتميز بوجود طائر الحبارى، وكذلك وجود أكثر من 50 نوعاً من النباتات أهمها أشجار الطلح والسدر والشجيرات الأخرى، مثل العوسج والعرفج والرمث. وتصلح المحمية لبرامج إعادة توطين الحبارى وحفظ الأصول الوراثية الحية وتجارب إدارة المراعي الطبيعية، وكذلك عديد من أنشطة السياحة البيئية.
محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز
يرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله ابن بندر بن عبدالعزيز، وتقع المحمية في المنطقة الغربيّة على بعد حوالي 180 كيلومتراً شمال شرق مدينة الطّائف وتتميز المحمية بوجود مجموعات متفرّقة من أشجار السّمر والسّرح والمرو إضافة إلى نباتات الرّمث والعوسج والثّمام. ومن الحيوانات: الذئب العربي والثعلب الرّملي والقطّ الرّملي، ومن الطّيور: النّسر الأصلع والنّسر الأسمر والرّخمة المصريّة وكذلك عدة أنواع من الزّواحف.
محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد
يرأس مجلس إدارتها الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وتقع على بُعد 100 كيلومتر شمال شرق مدينة الرياض وتتميَّز بمساحاتها الخضراء الممتدة على مسافات كبيرة، وتوجد بها ممرات مائية، وتصب بها عدة سيول أهمها شعيب الطوقي، وتمر عبرها مياه أودية عديدة مثل خويش، وثيلان، والثمامة، كما تتميَّز بوجود حيوانات الرّيم العربي، والغزلان، والخيول العربية الأصيلة وكذلك طيور الحبارى والنّعام، ومن النّباتات الّسدر، والأرطى، والطلح، والعشر، والعوسج، والشّيح، والقيصوم، والحوذان.
وإلى جانب المحميات الملكية، يتواجد في المملكة عدد من المحميات الطبيعية المتنوِّعة التي تخضع لإدارة الهيئة السعودية للحياة الفطرية. ومن أبرز تلك المحميات:
محمية الوعول
تبلغ مساحتها 1840.9 كيلو متر مربّع، وتم إعلانها محمية طبيعية عام 1408هـ. وتقع في المنطقة الوسطى جنوب الحريق وغرب حوطة بني تميم، وتبعد عن الرّياض 180 كيلومتراً، وتكثر أشجار الطّلح والسّمر والسّلم والسّدر والغضى بصورة خاصّة في أودية المحمية. ومن الحيوانات الثّعالب، ومن الطّيور الحجل الرّملي.
جزر أم القماري
تم إعلانها محمية طبيعية عام 1408هـ وتقع جنوب غرب مدينة القنفذة على البحر الأحمر بمساحة 4.03 كيلو متر مربّع. وتوجد بها طيور القماري والعقاب النّساري ومالك الحزين والبلشون الأبيض والقمري المطوّق الإفريقي ومن النباتات الأراك والسّواد والصّبار والثندة والرغل.
نجاحات كبيرة للمملكة في الحفاظ على البيئة والمحميات بشهادة المؤسسات والهيئات الدولية
محمية جزر فرسان
تبعد حوالي 42 كيلومتراً عن ساحل مدينة جازان في القسم الجنوبي الشّرقي للبحر الأحمر، وتبلغ مساحتها 5408 كيلو مترات مربّعة. وقد تم إعلانها محمية طبيعية عام 1409هـ. ومن أهم أنواع الأشجار فيها السمر والبلسم والسّدر والأراك إلى جانب أشجار الشورة والقندل. ويميز المحميّة وجود ظبي الإدمي الفرساني المتوطّن في بعض جزر فرسان، إضافة إلى النّمس أبيض الذّنب وعدد من القوارض. أما الطّيور فيوجد العقاب النّساري والبجع الرّمادي والنّورس القاتم ومالك الحزين وصقر الغروب وأنواع من القماري.
محمية جبل شدا الأعلى
تم إعلانها محمية طبيعية عام 1422هـ، وتقع في الجنوب الغربي من منطقة الباحة شمال غرب محافظة المخواة على مسافة 20 كيلو متراً، وتبلغ مساحتها 68.62 كيلو متر مربع. ومن أهم أشجار المحمية العرعر والعتم «الزيتون البري»، إضافة إلى عديد من الشجيرات والأعشاب والحشائش. أما الحيوانات الموجودة فيها فأهمها النمر العربي والضبع المخطط والذئب العربي والثعالب والوشق.
محميّات طبيعية غنية بالتنوُّع البيئي ومكوناتها النادرة عالمياً منها الأثل والإرطي والعوسج والوعل وظبي الرّيم والذّئب العربي والثّعلب الأحمر والضّبع والحباري والعقاب الذّهبي والكروان
محميّة الجبيل للأحياء البحرية
تقع شمال مدينة الجبيل الصّناعيّة على امتداد الشاطئ الغربيّ للخليج العربي من جزيرة أبو على جنوباً حتى رأس الزّور شمالاً بمساحة 2000 كيلو متر مربّع، إضافة إلى خمس جزر مرجانيّة، وتمتد حدودها من جزيرة أبو علي إلى رأس الزور متضمنة دوحة الدفي ودوحة المسلمية. ويوجد بها الثّعلب الأحمر وابن آوى وأنواع من الدريجة والنّوارس وطيور الخرشنة والبط والبلشونات والغاق السّوقطري.
محميّة جرف ريدة
تقع جنوبي غرب المملكة ضمن جبال السّروات، وتبعد حوالي 20 كيلو متراً شمال غرب مدينة أبها، وتبلغ مساحتها 9.33 كيلومتر مربع تقريباً. وقد تم إعلانها محمية طبيعية عام 1409هـ. وتوجد بها غابات العرعر وأشجار العتم «الزيتون البري» والطلح وعدة أنواع من الصبار. ومن الحيوانات قرد السعدان «البابون» والذئب العربي والثعالب والضبع المخطط والنمس أبيض الذنب والوشق والوبر. ومن الطّيور الدّراج العربي أحمر السّاق ونقار الخشب العربي والعقعق العسيري.
محميّة مجامع الهضب
تحتوي على مجموعات كبيرة من أشجار السمر والطلح والسدر والسرح والبان، وتبلغ مساحة المحمية 2256.4 كيلو متر مربّع. وتقع على بعد حوالي 80 كيلو متراً شرق مدينة رنية، وتم إعلانها محمية طبيعية عام 1412هـ.
محميّة عروق بني معارض
من أكثر النباتات شيوعاً فيها الغضى والأثموم وأشجار الطلح والبان والحرمل والطّرف والعشر. ومن الحيوانات الذّئب والقطّ الرّملي والثعلب الرّملي والضبع المخطط والوبر والأرنب البري، ومن الطّيور الحبارى والقطا والحجل والصّرد الرّمادي والرّخمة المصريّة. وتقع محميّة عروق بني معارض على الحافة الجنوبية الغربيّة للرّبع الخالي، وتبلغ مساحتها 12787 كيلو متراً مربّعاً. وتم إعلانها محمية طبيعية عام 1413هـ.
السياحة والثقافة محوران رئيسان في «رؤية 2030»
محمية نفود العريق
تم إعلانها محمية طبيعية عام 1415هـ، وتقع في المنطقة الوسطى جنوب غرب مدينة القصيم، وتبلغ مساحتها 2036.1 كيلو متر مربع، وتتميز بيئاتها بالسهول الرملية الحصوية وبعض الجبال الجرانيتية والبازلتية، وبغطاء نباتي جيد يشجع على إعادة توطين بعض الطيور خاصة الحبارى.
محمية سجا وأم الرمث
تبلغ مساحتها 6528.2 كيلو متر مربع وتقع شمال غرب محمية محازة الصيد، وقد تم إعلانها محمية طبيعية عام 1415هـ. وتتباين بيئات المحمية بين التلال المنخفضة قليلة التموج، والسهول الحصوية المكشوفة، والأودية التي تسودها نباتات الثمام وأشجار الطلح والسمر ونباتات الحنظل والحرمل.