عيون المستثمرين العالميين، وأنظار أكبر صناديق الاستثمار المالي، محليّاً وإقليمياً وعالمياً، تتّجه الآن إلى الفنادق في السعودية، مستفيدة من الانتعاش المتواصل في السياحة، ومستندة إلى البنية التحتية الجاذبة للاستثمار بالسعودية.
في إطار رؤية 2030، جذب الازدهار الذي يشهده قطاع الفنادق السعودية أنظار المستثمرين، كما استقطبَ اهتمام الصناديق الاستثمارية المحلية والدولية، حيث يلاحظُ المراقبون والخبراء اتجاه بوصلة الاستثمار ـ على نحو واضح وملموس ـ إلى قطاع الفنادق السعودية، الذي جذب عيون المستثمرين، تُشجّعهُم إجراءات عدّة اتخذتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لتحسين وتطوير القطاع. «الاقتصاد» ترصد مستقبل قطاع الفنادق في السعودية خلال الفترة المقبلة.
43 شركة عالمية و7 علامات سعودية في منافسة على قطاع الفنادق بالسعودية
الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، هي التي مهّدَت إذن لدفع بوصلة الاستثمار نحو هذا الاتجاه، حركة تطوير نشطة شهدها قطاع الفندقة السعودية، في الفترة الأخيرة، الأمر الذي دفع بعدد من العلامات التجارية العالمية في قطاع الضيافة إلى توجيه استثماراتها صوب السعودية، للاستفادة من الفرص الواعدة في هذا القطاع الحيوي، وذلك بعد أن تم تنظيم القطاع وتصنيفه، والتزام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووضوحها مع المستثمرين، وهو ما حفز الشركات العالمية على توجيه جانب من استثماراتها صوب قطاع الفنادق في السعودية، وتفضيلها على عديد من دول الشرق الأوسط والعالم.
الأرقام تتكلم
من المرجَّح أن ترتفع أعداد الفنادق المرخصة في السعودية من 1798 فندقاً مطلع 2018 إلى 2100 فندق بحلول عام 2020، وذلك وفق تقديرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، التي ترجح أيضاً ارتفاع أعداد الوحدات السكنية المفروشة المرخصة من 5107 وحدات مطلع 2018 إلى 6003 وحدات سكنية في 2020، إضافة إلى ذلك تزايد حجم السعة الفندقية للشقق المفروشة من 94 ألفاً و990 شقة مطلع 2018، لتصل إلى 228.314 شقة في 2020، وهو ما يعكس الطفرة التي تشهدها السعودية في مجال المنشآت والمشاريع الفندقية، بالتزامن مع التطور الكبير الذي تشهده المدن الرئيسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض وكذلك جدة والدمام والخبر وتبوك والطائف، والنمو السنوي المتزايد للسياحة المحلية، حيث من المتوقع خلال عامي 2019 /2020م، أن يتم الانتهاء من إنشاء عدد كبير من المنشآت والمشاريع الفندقية مختلفة الفئات، بحجم استثمارات يصل لنحو 140 مليار ريال، تتميز جميعها بمستوى عال من جودة الخدمة، وغالبيتها يندرج تحت علامات فندقية رائدة عالمياً في قطاع الضيافة.
عين هيئة السياحة على 30 مليون زائر في 2030 وبرنامج للإقراض مع «المالية» بتمويل 100 مليون ريال
جاء التطور الأخير، كما يراه كثير من المراقبين والخبراء في السياحة، نتيجة ما شهده القطاع من جهد كبير قامت به الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ الذي لا يدخر جهداً لتحويل قطاع السياحة والتراث الوطني بشكل عام وقطاع الفندقة بشكل خاص إلى رافد اقتصادي مهم للسياحة في السعودية، في ظل اعتماد قطاعات السياحة والتراث الوطني، كأحد أهم العناصر الأساسية في رؤية 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020.
كما انتهت الهيئة من إعداد اللوائح والأنظمة والإجراءات الخاصة بالتأشيرة السياحية إلى السعودية، وذلك في إطار سعيها لاستقبال 30 مليون زائر سنوياً بحلول العام 2030. وتبنت الهيئة مؤخراً برنامج «الإقراض الفندقي والسياحي» بالتعاون مع وزارة المالية، وهو مبادرة مخصصة لدعم المشاريع الفندقية في المناطق الأقل نمواً، والتي لا يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، على غرار أبها والباحة والأحساء وغيرها، ويوفر البرنامج تمويلاً لا يقل عن 100 مليون ريال، لإنشاء الفنادق في هذه المناطق.
وقد أسهمت هذه الاستراتيجية الناجحة ـ التي طبقتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ـ في جذب اهتمام كبريات الشركات الفندقية العالمية، لبحث الفرص في السعودية، خاصة في المدن الرئيسة، بل واتجهت شركات بالفعل في الفترة الأخيرة إلى تدشين عديد من المشروعات أبرزها: فندق ريزيدنس هيلتون الرياض، وفندق كوبثورن مكة المكرمة في جبل عمر، وفندق سويس بيل هوتل العزيزية مكة المكرمة، وفندق ميلينيوم جدة، وفندق هيلتون جاردن إن الخبر.
العلامات تتسابق
ومن المرجح أن يتم افتتاح فندق تايم إكسبريس في الرياض في عام 2019 ليكون أول ظهور لعلامة إكسبريس التجارية في السعودية. كما تعتزم مجموعة فنادق هيلتون زيادة حجم استثماراتها في السعودية بمشاريع في الخبر والجبيل وتبوك إلى جانب الرياض، وأيضاً مجموعة فنادق كمبينسكي العالمية، وكذلك مجموعة ستاروود العالمية للفنادق والمنتجعات في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، والتي تدير حالياً 10 منشآت فندقية في السعودية، وأعلنت مؤخراً أن الوقت بات مناسباً لتوسيع حجم استثماراتها في أنحاء السعودية.
ويشهد قطاع الفنادق في السعودية تنامي الاستثمارات الإماراتية، وهناك مشروعات جاري الاتفاق عليها في منطقة العلا، التي تقع في الجزء الشمالي الغربي من المدينة المنورة، كما تعتزم عدَّة شركات وطنية سعودية توسيع حجم استثماراتها في قطاع الفنادق، لتلبية الطلب المتزايد الذي تشهده السعودية، من أبرزها شركة الطيار للسفر القابضة التي أبرمت اتفاقية مع شركة البلاد المالية، لتأسيس صندوق استثماري عقاري خاص لتطوير الفنادق ذات الفئة المتوسطة. وتدير الصندوق شركة البلاد المالية، وتسهم فيه مجموعة الطيار بـ 6 عقارات مملوكة لها في مدينة الرياض وجدة، كمساهمة عينية لغرض تطوير فنادق ذات الفئة المتوسطة. وتوقعت الطيار ـ برئاسة محمد بن صالح حسن الخليل رئيس مجلس الإدارة، والعضو المنتدب عبدالله ناصر آل داوود ـ أن يتم تشغيل الفنادق بالعلامات التجارية «كواليتي»، و«كمفورت» التابعة لشركة «الاختيار الدولي» الرائدة في مجال الفنادق للفئة المتوسطة. وتقدَّر القيمة السوقية لمجموعة الطيار للسفر حالياً بنحو 4.5 مليار ريال، ويصل رأس مالها إلى 2.09 مليار ريال، وإجمالي الأصول 8.5 مليار ريال.
توقُّعات بارتفاع عدد الفنادق في السعودية من 1798 فندقاً في 2018 إلى 2100 فندق في 2020
كما تسعى مجموعة عبدالمحسن الحكير للسياحة والتنمية، إلى تسريع وتيرة تنفيذ خططها وافتتاح عدد من المتنزهات والوجهات الترفيهية الجديدة خلال عام 2019. وسبق لمجموعة عبدالمحسن الحكير في يونيو 2018 افتتاح فندق راديسون بلو الكورنيش جدة، وهو الفندق الثامن في مدينة جدة، والخامس والثلاثون على مستوى السعودية، ويتكون من 150 غرفة وعدد 4 قاعات اجتماعات وقاعة احتفالات ومطعم ومقهى وعدد 2 نادي صحي رجالي، ونسائي. وأكدت الحكير أن هذا المشروع هو من ثمار اتفاقية الشراكة الموقَّعة مع شركة فنادق راديسون المالكة لعلامة «راديسون بلو وبارك إن». وتقدَّر القيمة السوقية لمجموعة الحكير بنحو 930 مليون ريال ورأس المال 550 مليون ريال، ويشغل مساعد بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الحكير منصب رئيس مجلس الإدارة، بينما يشغل عمر سامي قاسم سمارة منصب الرئيس التنفيذي.
كذلك أطلقت شركة «دور» للضيافة مؤخراً استراتيجية جديدة بهدف تسريع النمو من خلال التركيز على تطوير الفنادق المتوسطة من فئة 3 و4 نجوم في كل من الجبيل وينبع والهفوف، إضافة لفندق في تبوك تعمل الشركة على توسيعه. وتقدر القيمة السوقية لشركة دور للضيافة بملياري ريال، ورأس المال بمليار ريال، وإجمالي الأصول 2.7 مليار ريال، ويشغل عبدالله بن محمد العيسى منصب رئيس مجلس الإدارة، بينما يشغل بدر بن حمود البدر منصب الرئيس التنفيذي.
تعزيزاً للجاذبية
ويسهم صندوق الاستثمارات العامة بدور كبير في تعزيز جاذبية قطاع الفنادق، من خلال تطوير مشاريع سياحية ضخمة، في مقدِّمتها مشروع نيوم شمالي السعودية، ومشروع العلا، وغيرها من مشروعات تزيد من أعداد المنشآت الفندقية في السعودية.
كما يعزِّز إنشاء كليات للسياحة والفندقة فرص ازدهار القطاع الفندقي، من خلال تأهيل الشباب السعودي للعمل في هذا القطاع الحيوي، وهو ما يوفر عمالة وطنية متخصصة تستفيد من جهودها الشركات الأجنبية التي تستثمر في القطاع دون الحاجة لجلب عمالة وافدة.
وتقدَّر أعداد الشركات الفندقية العالمية العاملة في السوق السعودية بحوالي 43 شركة إلى جانب 7 علامات فندقية سعودية، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. ولا تقتصر جاذبية السعودية للسياحة العالمية على المنتجات السياحية الفريدة والمتميزة التي تقدِّمها، سواء في مجال السياحة الدينية والثقافية أو سياحة الأعمال والمؤتمرات، بل تمتد أيضاً إلى ما تتمتع به السعودية من أمن وأمان واستقرار سياسي وازدهار اقتصادي، وتوفير المناخ الجاذب للمستثمرين ورجال الأعمال من كل أنحاء العالم، ما يعزز من قدرة القطاع الفندقي على مواصلة النمو والحفاظ على معدلات إشغال مرتفعة على مدار العام.