لا نجاحَ لأيّ عمل، من دون رؤية، تعتمد على التخطيط، والنظام في الأداء، وفق استراتيجية مدروسة ببرنامج زمني تضع للأداء مراحلَه وتوقيتاته..
ويتفق خبراء الإدارة على أهمية «أجندة» التخطيط في أيّ عمل بشري، ما يمكن أن نُسمّيه بـ «أجندة العمل الديناميكي»، أيّ الأداء وفق خطوات مدروسة وخطط استراتيجية وضمن عملنا، وسيرنا على الطريق، سنجد أن مفهوم «الديناميكية» له مؤثرات وتأثيرات، قد تتغير بحسب الزمان والمكان، إلا أن المفهوم يبقى محافظاً على جوهره المطلق، باعتبار الديناميكية مفهوماً «لوجيستياً» ذا سمات مستقلة ومنفردة وخاصة بطبيعة التعاطي مع هذا المفهوم في التطبيق العملي، لا سيما أن الاختراعات تتسم بالديناميكية بصفة دائمة.
المشهد الاقتصادي الذي نراه ليس تنافسياً فحسب؛ بل إنه يتغير بلا انقطاع، فيما تتفاعل مؤثراتُه وتأثيراتُه مع هذه المتغيرات بصورة مستمرة ودورية لا تتوقف، الأمر الذي يتطلب قدراً كبيراً من المرونة في الاقتصاد المعاصر، والاقتصاد الناجح القوي على نحو خاص، حيث يكون اقتصاداً «ديناميكياً»، قادراً على التكيف مع المتغيّرات، ومع أيّ ظروف أو تقلّبات، كما يكون قادراً على إعادة هيكلة نفسه تلقائياً بصورة مستمرة، فأنماط التغيُّر تمتلك عديداً من الوجوه الحديثة القادرة على إحداث نمط غير مكرر، وعندما يصبح الاقتصاد قادراً على التغيير، سيكون مدهشاً بقدر حجم الاختراعات التي أحدثت ثورة تكنولوجية قادت العالم إلى الحداثة والمعرفة المتجددة.
الاقتصاد البنَّاء، يسير أيضاً وفق الديناميكية القادرة على إنتاج منظومة محددة قادرة على إحداث تحولات في الأيديولوجية والبرامج الفكرية الاقتصادية والتصورات المستقبلية، وربما يعزِّز ذلك مفاهيم ظهرت أخيراً نستطيع من خلالها تنشيط العمل الاستثماري المرتبط بالدينامكية المستقبلية، والتي يمكن أن نسميها بـ «التغيير التنظيمي»، على أن نأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية، وكل ما يحيط بالمجتمع من عوامل متغيرة.
فاقتصادنا المحلي ديناميكي متغيِّر ونشط، وأثبت عبر السنوات أنه قادر على التعامل مع المؤثرات بمرونة كبيرة، إذ إنه لا يتجاوز المشكلات فقط، بل كان قادراً ــ باستمرار ــ على التحوُّل الإيجابي بطرق متقدِّمة، وهذه ميزة تسجل للاقتصاد السعودي، من ناحية الإدارة والخبرة والقدرة على الاستيعاب لكل ما يحدث في العالم من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن التوازن الاقتصادي له تأثير مباشر وتأثير غير مباشر على الاستثمار، ويتطلب تحقيق التوازن توافر الديناميكية في الأداء الاقتصادي، وعلى مدى العقود الماضية، وحتى يومنا هذا كان لدينا حقائق مدعمة في مواجهة عديد من المتغيرات، وبحيث تحقق إحداث التغيير الجذري، وهذه ليست جرعة تفاؤل، وإنما واقع فعلي، لاسيما أن الامن والاستقرار في مقدِّمة المؤثرات التي يرتبط بها مستقبل الاقتصاد الوطني، ولدينا استقرار كافٍ من خلال مقاومة التأثيرات ــ كالبطالة على سبيل المثال وغيرها من التأثيرات ــ التي تعتري أي اقتصاد عالمي، إضافة إلى القدرة على جذب الاستثمارات واستقطابها بطريقة تتلاءم مع التوجهات العالمية والتوظيف المناسب للمدخرات والثروات الوطنية.
الديناميكية من أهم سمات النشطاء والمخترعين، وهي ضمن الخطوات التي نسير بها على الطريق دون عثرات، وإنما باستيعاب للأحداث وقدرة على التفاهم والحوار.