أول شيء يلفت تسمية مجموعة العشرين، أنها تتألف من 19 دولة وليس 20، إضافة طبعا إلى الاتحاد الأوروبي. المجموعة هي بمثابة تعاون بين الدول المتقدمة تاريخيا، مع الدول الناشئة والتي شهدت صعودا اقتصاديا صاروخيا وتحولات كبيرة في كافة المجالات.
لذلك من الطبيعي أن تجد ضمنها مجموعة دول “بريكس” والتي تتألف من البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا، وهي الأحرف الأولى من هذه الدول. باختصار مجموعة العشرين هي الدول الصناعية مع البريكس والناشئة، والملاحظ أيضا أن كل قارة ممثلة بدولة على الأقل.
وهنا نشير إلى أنه رغم شهرة وأهمية مجموعة السبع G7 إلا أنها لا تضم الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
عند ذكر مجموعة العشرين دائما ما نسمع عن: ماذا تمثل المجموعة بالنسبة لعدد السكان أو المساحة أو مكانتها كقوة اقتصادية. سكانيا ومع وجود الصين والهند ضمن المجموعة أعتقد أنه ليس هناك كلام بعد الآن، فالصين والهند تجمعان حوالي 3 مليارات نسمة، وبالتالي مجرد وجود هاتين الدولتين معا يكفي ذلك بتغطية هذه النقطة، أما دول المجموعة كاملة فتشكل ثلثي سكان العالم.
ننتقل الآن إلى المساحة، ومع وجود دول مثل روسيا، كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، واستراليا، في المجموعة فإنها تشكل 60 من مساحة اليابسة. نذهب الآن إلى التأثير الاقتصادي الذي يبدو قويا بشكل واضح من حيث الأرقام، حيث تشكل مجموعة العشرين %85 من الناتج المحلي الإجمالي عالميا، ويعد رقما كبيرا مقارنة مع بقية دول العالم التي تكتفي بـ 15 فقط. والأرقام تبقى كبيرة بالنسبة للاستثمارات فهي عند %75، وبالنسبة للتجارة الدولية تشكل أيضا رقما مميزا عند %80.
اجتماعات مجموعة العشرين لا تقتصر فقط على القادة السياسيين، بل تمتد أيضا إلى وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، من هنا تأتي أهمية الاجتماعات التي تكثفت في السنوات الأخيرة، خصوصا مع الأزمة المالية العالمية والصدمات الكبيرة التي واجهت الاقتصاد العالمي، وتناولت مناقشات حول الاستقرار الاقتصادي وتأمين النمو وحماية الاقتصاد العالمي من الأزمات المالية، إضافة إلى المخاطر التي تواجه التجارة الدولية وتنظيم الأسواق المالية.
وبنظرة سريعة على اقتصادات دول المجموعة، نرى تبايناً كبيراً بين الدول من حيث الحجم، فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تغرد مع ناتج محلي إجمالي يفوق الـ 20 تريليون دولار، وتأتي الصين ثانية مع أكثر من 13 تريليون دولار، والوحيدة التي تخطت حاجز الـ 10
تريليون دولار، خصوصا مع القفزات القوية التي سجلتها في مجال النمو خلال الثلاثين سنة الماضية، مقابل حالة من الجمود الكبير في الاقتصاد الياباني الذي كان يتربع على لقب ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الأمريكي.
ولكن أين هو الآن الاقتصاد الياباني من اقتصاد الصين؟ الياباني عند حوالي 5 تريليون دولار بعدما فقدت الشركات اليابانية حقبتها الذهبية، وبالتالي تأثر الاقتصاد وخسر حصة كبيرة من سوق الصادرات لمصلحة الصين بشكل رئيسي ولدول أخرى بشكل أقل مثل كوريا الجنوبية.
طبعا عندما تسجل دولة نموا مستمرا بأكثر من %8 سنويا وعلى مدى عشرات السنين، وفي المقابل دولة أخرى تقف مكانها وتسجل معدلات نمو قريبة من الصفر، من الطبيعي أن يصبح حجم الاقتصاد الصيني تقريبا 3 مرات الاقتصاد الياباني، الذي يحتل حاليا ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ويتنافس بقوة مع ألمانيا التي وصل حجم اقتصادها إلى ما فوق 4 تريليون دولار، لكن المنافسة الأكبر على الإطلاق هي الصراع على المركز الخامس عالميا بين بريطانيا وفرنسا والهند، بسبب الفارق البسيط إذ يفصل بينها بضعة مليارات صعودا وهبوطا، وخصوصا مع التطورات الكبيرة بالنسبة لموضوع ما بعد “بريكست” الذي سنرى كيف سيؤثر على اقتصاد بريطانيا في المرحلة المقبلة، وفي المقابل أيضا الهند تتعرض لبعض من التراجع في معدلات النمو القوية التي سجلتها في السنوات الأخيرة، وهناك أيضا فرنسا التي سنرى كيف ستتعامل مع “بريكست” وهل ستستفيد في المقابل من خروج بريطانيا. تبقى أرقام الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول متقاربة وإلى الآن مازالت هذه الدول أرقامها دون 3 تريليونات دولار.
في المركز الثامن تأتي إيطاليا مع حجم اقتصاد أكبر من 2 تريليون دولار، ولكن أيضا ما تزال من أكثر الدول عالميا من حيث حجم الدين إلى الناتج الإجمالي. البرازيل وكندا يتقارب حجم الاقتصاد في البلدين ويفصل بينهما فقط بضعة مليارات، تأتي بعد ذلك روسيا وكوريا الجنوبية اللتان تتعادلان عند 1.63 تريليون دولار، لكن التحديات تبقى أكثر بالنسبة لروسيا سواء بسبب أسعار النفط أو العقوبات الغربية على اقتصادها. استراليا في المركز 13 عالميا مع 1.42 تريليون دولار، والتي فقد اقتصادها الزخم في الفترة الأخيرة بعدما شهد تألقا ملحوظا خلال الأزمة العالمية وكان مصدر إعجاب للمراقبين.
المكسيك تأتي بعدها ثم إندونيسيا التي هي آخر دولة في المجموعة تسجل تريليون دولار، وبعدها تأتي السعودية مع دورها الريادي وتأثيرها على الاقتصاد العالمي والنشاط الاقتصادي والتي تسلمت رئاسة مجموعة العشرين وتستعد لاستضافة القمة المقبلة. وفي المركزين الأخيرين تأتي تركيا والأرجنتين.