من تراث الصحراء والبادية، إلى تراث الحضارات والثقافات، التي تبرز هوية محافظة النعيرية، والتي تعتبر ملتقى ثلاث طرق رئيسية، طريق الدمام ـ الحدود الشمالية الأردن ـ سوريا، والنعيرية ـ الرياض ـ دول مجلس التعاون، والنعيرية ـ الخفجي ـ الكويت، وهي موقع تجاري مهم، خاصة تجارة بيع المواشي، وكثرة الأسواق الشعبية لبيع مستلزمات التراث الشعبي.
ومن الأهمية التجارية والبداوة الراسخة، نستشعر أهمية المكان والزمان في تلك المحافظة، وعطفا على ما تمر به المملكة من مراحل وخطوات مفصلية في تطوير التراث وتنمية السياحة، مازالت مدينة الصقور تنتظر حصتها لترتقي بمشاريع تراثها، حيث أبناء وبنات المنطقة، يسابقون الزمن لإبراز منتجاتهم، فيما يسعى كبار السن بجميع إمكاناتهم للحفاظ على تراثهم الأصيل، ليبقى الماضي خالدا، والحاضر شاهدا، والمستقبل رمزا متجددا، لاسيما أن المنطقة غنية بمنتجاتها التراثية ذات الأصول الحضارية، ومشاريع الأسر متنوعة، والأفكار لا تنتهي والطاقات ثرية، إلا أن العديد منهم يبحث عن إمكانات التسويق والابتكار لتصبح النعيرية المدينة التراثية الخالدة.
السياحة لها دلالات ومؤشرات، وبداياتها ترتبط بفكر أبنائها، وتشبثهم بتراثهم، والعمل على ديمومته، بيد أن العديد من المقومات تعد مسببات للنجاح، عبر تهيئة البيئة والبحث عن سبل المعرفة التراثية التي تضمن الاستثمار التراثي المرتبط بالتسويق الابتكاري الحديث، فالمهرجانات التي تقام والفعاليات المرتبطة في محافظة النعيرية، مازالت تبحث عن الطرق المؤدية للتعريف بما تملكه المنطقة من مقتنيات وحضارة لا تنتهي، فالأصالة يتوارثها الأجيال، إلا أن المظلات الرسمية هي القادرة على تقديم كل ما يدعم التراث الحضاري، لبث قنوات السياحة في المنطقة، والعمل على تنشيطها، فالسائح يبحث دوما عن مقتنيات وقطع تراثية متميزة متفردة، فالتميز يأتي عبر التسويق وطرق العرض والتغليف، لتصبح تلك المقتنيات شعارات تحمل تاريخ المنطقة، وتكشف ماضيها، لاسيما أن الأصالة والمعاصرة وجهات مهمة للبوح عما يحمله أهل المنطقة من حضارة متوارثة. فالسياحة تتخذ وجهات متنوعة، ومحافظة النعيرية تمتلك نسيجا تراثيا يحيك العديد من الصور والخرائط المتنوعة الجاذبة للسائح، لقدرتها على تعزيز التنمية المعرفية الإثرائية، التي تحيط بالمنطقة.
العديد من الخطط التنموية والاستراتيجية قادرة على إحداث متغيرات ليصبح التسويق السياحي وسيلة جاذبة لزوار ومرتادين المنطقة، علما أن كنوز من الحضارة القديمة والأصالة تتربع في محافظة النعيرية، التي تعتبر منطقة صحراوية، تقع بين الجبال وتمتد إلى منطقة عرعر، وكانت مورد مياه للبدو الرحل في ذلك الجزء من المنطقة الشرقية إلى منتصف القرن العشرين، وتميزها الطّبيعية الصّحراوية فهي تحتضن الكثير من الجمال، ولذلك هي موطن سباقات الهجن المقامة في السّعودية، حيث تم إنشاء ميدان الملك فهد لسباقات الهجن، نتيجة الاهتمام الملحوظ بالجمال من قبل سكان البادية، والنّعيرية أيضاً تكتسح المرتبة الأولى في فصل الرّبيع، حيث يبدأ الزوار بالتّوافد والتّجمهر لحضور أكبر مهرجانات الرّبيع، وهو مهرجان المخيم الرّبيعي الذي يقام سنوياً بها.
وأيضاً من أبرز مظاهر الاهتمام بالحياة البريّة تعتبر النعيرية الوجهة الأساسية للقيام بالرّحلات البرية ورحلات الصّيد من قبل هواة البراري والصّيادين، فهي بيئة كبيرة تحتضن أنواعاً مختلفة من الطّيور وأهمها الصّقور، وبناء على ذلك هي حلقة وصل وركيزة أساسية لإنعاش المقتنيات التراثية والتركيز على المشاريع الاستثمارية وإن كانت “بسيطة”، حيث تحمل العديد من الدلائل والرموز، لاسيما إذا حظيت باهتمام وتنظيم وإشراف بهدف الحفاظ على الاستدامة في السياحة الجاذبة.