رغم كل ما قد يبدو من نقص في الأموال والأنفس، بسبب ما أثاره وباء «كورونا» من خوف وحزن عم معظم أصقاع الدنيا، إلا أن لكل شيء وجهه المشرق، نتلمسه ونراه، مثلما نتلمس ونرى وطأة الوجه المظلم، وهكذا فإن «كورونا» الذي ألزمنا وألزم الناس البقاء في البيوت، قد أسهم دون أن نشعر في تقليص الكثير من المصاريف التي كنا ندفعها ويدفعها الجميع في أشياء استهلاكية خارج نطاق الضرورة.
يحدثني كثير من الأصدقاء عبر الهاتف خلال فترة الحظر التي «خلتنا في البيوت» عن كثير من الوفر والترشيد المالي الذي كان ـ قبل جائحة كورونا ـ يذهب كثير من دخله الشهري في شراء الأبناء لأنواع القهوة في طقس صار من المظاهر الشبابية السعودية، يضاف لذلك التوقف عن ارتياد المطاعم والأسواق المركزية، وما يجلبه هذا الاعتياد من شراء ما لا يلزم من الملابس والأجهزة الإلكترونية والإكسسوارات، وما إلى ذلك من السلع الاستهلاكية.
ليس هذا فحسب بل إن قلة التجول قد قللت حتماً في مصاريف وقود السيارات، ناهيك عما نتج عن ذلك كله من تقليل في نسب التلوث الضوئي والسمعي، وما أفرزه كل ذلك من صفاء ونقاء بيئي واضح في كرتنا الأرضية.
صحيح أن فاتورة الإنفاق الحكومي قد زادت لمواجهة الجائحة، مع نقص واضح في الإيرادات وتهتك ملموس في البنى الاقتصادية، التي شملت كل دول العالم، لكن عموم المصيبة وتساوي الخسارة بين الجميع فيه عدالة، بحيث لا تعطي ميزة لدولة بعينها عن بقية دول العالم، فالجميع متأثر من هذا الوباء، وسيبقى الرهان في التميز للدول التي أحسنت إدارة أمورها الاقتصادية والاجتماعية وموازنتها، لكي يمكنها لاحقاً رسم التوجهات وسد الثغرات، التي سببتها الأزمة بمجرد انقشاع الوباء.