أكد رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد بن عبدالله القويز، أهمية الطرح والإدراج في السوق، حيث أصبح هاجسا للكثير من الشركات سواء من ناحية الحصول على التمويل أو ضمان استدامة الكيانات التجارية التي تعد المرتكز الرئيسي للاقتصاد الوطني.
وشجع القويز خلال اللقاء الذي نظمته غرفة الشرقية عن بعد مؤخرا، وأداره رئيس مجلس إدارة الغرفة عبدالحكيم بن حمد العمار الخالدي، الشركات على الاهتمام بتطبيق إجراءات الحوكمة، مشيرا إلى أن ذلك يرفع من معدلات استمرارية أعمالها والتوسع في استثماراتها، لافتا إلى دراسة تؤكد أن الشركات التي تلتزم بمعايير عالية للحوكمة تحصل على %30 من تقييم المستثمرين ونظرتهم الإيجابية لها، عن الشركات التي لا تلتزم بنفس المستوى من المعايير.
وقال إن الإدراج في السوق المالية له فوائد ومنافع عدة، أبرزها التمويل، حيث أن السوق المالية تعتبر في نهاية المطاف قناة تمويل للمشاريع المنتجة التي يكتب لها الرواج وأيضا تتميز بطموح عال لتمويل مشاريعها المستقبلية ونموها بشكل مستدام، مبينا أن التمويل يكون إما بزيادة رؤوس أموالها أو عبر تخارج المساهمين فيها ليستثمروا في مشاريع أخرى تخدم الاقتصاد الوطني.
وأضاف القويز أن الشركة بعد إدراجها في السوق المالية وتحويل حصص الملكية فيها إلى أوراق مالية متداولة، تمكن الملاك الذين لا يرغبون في البيع من الحصول على التمويل بصفة شخصية مقابل حصصهم في الملكية، أكثر مما كانوا سيستطيعون عندما كانت شركاتهم تعد شركات خاصة، أضف إلى ذلك ميزة التسويق والتغطية، حيث أن جزءا من إجراءات الطرح والإدراج في السوق المالية، هو العمل على توسيع نطاق المعرفة بالشركة وبسماتها التجارية، الأمر الذي يرغب الأشخاص والمؤسسات والحكومات بالتعامل معها، وهذا ما شهدناه خلال الفترة الأخيرة عندما لاحظنا أن عددا لافتا من الشركات المتوسطة والصغيرة تخوض تجربة الطرح والإدراج في السوق المالية، وبدأنا نلاحظ أثر عملية الطرح والإدراج على أعمال الشركة وعلى ارتياح العملاء للتعامل معها، لأنه أصبح عميلا ومساهما في الوقت نفسه.
وأوضح القويز الحوافز التي تحصل عليها والتي تعطي الشركات المدرجة ميزة تنافسية عن الشركات الأخرى، سواء كانت في نظام المشتريات للدولة أو صندوق التنمية الصناعي وكذلك كثير من الجهات الحكومية الأخرى، إضافة إلى ميزة استقطاب الكوادر المؤهلة والكفاءات الذين تزيد رغبتهم في العمل لدى الشركة، خصوصا عندما تصبح شركة مدرجة ولديها قوائم مالية معلنة، وافصاح وحوكمة وفصل بين الملكية والإدارة، مما يعطي من يعمل في الشركة اطمئنانا كونه يعمل في بيئة عمل احترافية وما يضيف عنصر الإيجابية لهذه الكوادر، هو أن الشركة المدرجة لديها القدرة على مكافأتهم عبر برامج تملك الأسهم.
وبين القويز أنه بمجرد طرح الشركة وإدراجها في السوق المالية، تتحول حصص الملكية فيها إلى أسهم، التي تعتبر أوراقا مالية، وتصبح سلاحا للشركة أو عملة تستخدمها في عمليات الاستحواذ أو عملية الاندماج، وبالتالي تصبح وسيلة للشركة تمكنها من توسع نشاطها وتعظم من حصتها السوقية، إضافة إلى استدامة الشركة وضمان استمراريتها، حيث أن العديد من الشركات الناجحة تتغير وتقف أمام تحديات بسبب خلافات بين الشركاء أو مغادرة فريق تنفيذي أو تخارج مالك، فوجودها كشركة مساهمة يمكن من استدامة الكيان بغض النظر عن ملاكه أو أعضاء مجلس الإدارة أو الفريق التنفيذي.
وحول موضوع التخوف من الإدراج أشار القويز إلى أنه في الفترة الأخيرة ارتفعت وتيرة التواصل مع المشاركين في السوق، بهدف إيصال الكثير من التغيرات والتحديثات التي تم العمل عليها خلال الفترة الماضية، وفهم عناصر القلق لدى الشركات وملاكها من عملية الطرح والإدراج، وخلال مرحلة التواصل وجدنا عددا من المفاهيم المغلوطة، ومنها أن عملية الطرح والإدراج تبدأ وتنتهي بهيئة السوق المالية، والحقيقة أن الهيئة يكمن دورها في الحلقة الأخيرة في عملية طويلة تختص بتجهيز الشركة وإعدادها وتجهيز متطلباتها، وبعد ذلك تأتي مرحلة هيئة السوق المالية، وبعدها مرحلة الطرح والإدراج، إضافة إلى مفهوم آخر يندرج تحت عنصر التخوف وهو رواج أحاديث عن أن الهيئة تطلب أن تكون الشركة من الشركات التي تحقق أرباحا في أعمالها قبل الطرح، وهذا غير صحيح، حيث أنه من ضمن المتطلبات للإدراج توفير القوائم المالية للشركة خلال 3 سنوات ولا تطلب أن تكون شركة رابحة. ومن المفاهيم الخاطئة كذلك أن البعض يشعر بأن خطة الطرح والإدراج لا رجعة فيها، والحقيقة أن جزءا من منظومة السوق المالية وتنظيماتها، هو إيجاد خط رجعة للشركة التي ترغب في إنهاء إدراجها مشيرا إلى آلية معروفة تتعلق بإلغاء اختياري للإدراج، ومع ذلك لا توجد شركة طبقته حتى الآن، إضافة إلى ذلك قد يتداول البعض أن بعض الشركات غير مرحب بها في الطرح والإدراج، وهذه معلومة غير صحيحة حيث أن تنظيمات الهيئة والسوق المالية لا تفرق بين حجم ولا قطاع، بل إن جميع الشركات مرحب بها، والفرق قد يختلف في جاذبية الشركة ورغبة المستثمرين في الاستثمار فيها، وأخيرا راجت معلومة غير صحيحة حول أن مطلب الحد الأدنى من الطرح وهو %30 مطلب لا رجعة فيه، والحقيقة أنه بالنظر إلى العامين السابقين فقط، نرى أن السوق منحت استثناءات للعديد من الشركات بتحقيق نسبة أقل، خصوصا الشركات ذات حجم الأعمال الكبير، لأن الهيئة مع هذه الشركات تستطيع أن تطمئن بأنه حتى لو تم طرح الشركة بنسبة أقل إلا أنها سوف تحافظ على قدر عال من السيولة وهذا ما نصبو إليه.
وعن لجوء الكثير من الشركات للتمويل من البنوك وليس السوق المالية عند الحاجة للتمويل، قال القويز إن البنوك تعد قناة التمويل الرئيسية، لكن بعض الشركات تصل إلى حدود مع البنوك، إما بأنها تريد فرصة أكبر أو أن التمويل لا يكفيها أو لا يناسبها، أو بسبب التركيز على مخاطر بعض المشاريع أو مجالات التوسع التي لا تتواءم مع فكرة التمويل البنكي المبني على ضمان وأصل ثابت، حيث أن التمويل البنكي تمويل معلوم وأجله معلوم ونسبته معلومة وإن كانت تكاليفه منخفضة، ولكن عادة ما يزيد معدل المخاطر لدى بعض الشركات والتي تأخذها البنوك بالحسبان عند التفكير في منح القروض، خصوصا في الظروف التي تكون فيها تقلبات عالية مثل ما يواجهه العالم الآن من آثار جائحة كورونا، وفي تلك الحالات تلجأ الشركات إلى الطرح الذي يعتبر مصدرا مستداما للتمويل، ورافدا إضافيا للتمويل، لافتا إلى رافد ثالث بدأ يظهر وهو التمويل عبر إصدارات الدين سواء كانت سندات أو صكوكا أو غيرها، حيث أصبحت قناة تمويلية عبر السوق المالية تجاري المتاحة عبر البنوك.
وأوضح القويز خلال اللقاء أن ميزة الإدراج المباشر يكون للشركات التي تحقق في الأساس كل متطلبات الطرح قبل عملية الطرح مشيرا إلى أن السعودية تعتبر أول دولة في الخليج تطبق هذه الفكرة.