يتفاءل العالم بنمو محتمل للاقتصاد العالمي بعد تطوير لقاح كوفيد 19 المستجد، وذلك بعد أن لحق بالاقتصاد العالمي تراجع كبير في إجمالي الناتج العالمي، وارتفاع مستوى البطالة وعجز كبير في الميزانيات الحكومية، وإحباط نفسي بين سكان العالم. تكلفة كوفيد 19 تقدر بتريليونات الدولارات في الدول الصناعية المتقدمة والنامية والأقل نمواً. ومن السابق لأوانه تقدير التكلفة الإجمالية للفيروس على مستوى الاقتصاد العالمي، كذلك يصعب تقدير المدة الزمنية لانقضاء الجائحة ومدى فاعلية اللقاح وتغطيته لجميع سكان الكرة الأرضية، لأن دولاً كثيرة لا تستطيع الحصول عليه في ظل تكلفته المرتفعة والميزانيات المتواضعة لكثير منها.
ما يزال فيروس كورونا مهيمناً على الساحة الاقتصادية العالمية بما يسببه من بطالة وتكلفة على القطاع الصحي وغيره من القطاعات الصناعية والتجارية في الكثير من الدول، حيث تراجعت نشاطات الشركات في قطاعات عديدة بما فيها قطاع شركات الطاقة. أفلست شركات كثيرة وسرحت موظفيها بسبب الجائحة، كذلك تراجعت أسعار النفط نتيجة انخفاض الطلب عليه لارتباطه بقطاعات أخرى تأثرت بالجائحة مثل قطاع السياحة والسفر وقطاع الطيران. تتصف سنة 2020 بانكماش اقتصادي عالمي قاس لا نستثني منه دولة، وقد واجه الاقتصاد العالمي أصعب انكماش في تاريخه في هذه السنة. سيكون للقاح كوفيد 19 أثر إيجابي قوي في تعافي الاقتصاد العالمي من الفيروس وما ينتج عنه من تبعات اقتصادية على المستوى العالمي.
ومن الصعوبة بمكان أن نحدد بدقة موعداً محدداً لتخطي هذه الجائحة التي ساهمت في انكماش الاقتصاد العالمي بدرجة لم يسبق لها مثيل، خاصة أن دول العالم أصبحت أكثر ارتباطاً ببعضها، مما يتسبب في علاقة عنقودية تزيد شدتها في الدول المتقدمة التي تمتلك اقتصادات إنتاجية كبيرة على مستوى العالم مثل الولايات المتحدة وألمانيا وكذلك الصين. وصرح متخصصون في صندوق النقد الدولي في شهر يوليو الماضي أنهم يتوقعون انكماش الناتج العالمي بحوالي %4.9، مقارنة بما سبق توقعه بحوالي %3 في شهر أبريل الماضي، عندما استخدم البيانات المتاحة في وقت كانت الإغلاقات واسعة النطاق للأنشطة الاقتصادية وفي بدايتها، وسيكون التعافي المتوقع في 2021 أضعف مما هو متوقع سابقاً، حيث من المتوقع أن يبلغ النمو العالمي %5.4 في 2020، وليس %5.8 كما في تقديرات أبريل، لكن الصندوق نبه إلى أن تفشياَ مستجداً للفيروس في 2021 قد يقلص النمو إلى ما يزيد بقليل على %0.5.
مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا المستجد تبشر بخروج العالم من الانكماش الاقتصادي تدريجياً منذ بداية الربع الأول من 2021م، لكنه لن يعود إلى حالة ما قبل الجائحة قبل نهاية 2022. ومن هذه المؤشرات توفر لقاح الفيروس الذي ظهرت نتائجه بنهاية 2020م. كما أن الاقتصاد الصيني سيقود النمو الاقتصادي العالمي، حيث يشكل نموه ثلث نمو الاقتصاد العالمي، وسيبلغ حوالي 8 في المائة بنهاية 2021م. وتتوقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية نمو الاقتصاد العالمي بنسبة %4.2 في 2021م و%3.7 في 2022م، وذلك بمساعدة اللقاح الذي بدأت شركة فايزر وموديرنا وغيرهما تنتجه وتبيعه لحكومات العالم.
أما مورجان ستانلي فقد كان توقعه أن نمو الاقتصاد العالمي بنسبة أعلى من توقع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بحيث تصل إلى %6.4 في 2021م، والذي تتقدمه اقتصادات الأسواق الناشئة تليها في ذلك الولايات المتحدث ثم الاتحاد الأوروبي. وهذا النمو بطيء وتدريجي حتى نهاية 2022م، ويعد مؤشر المستهلك في الولايات المتحدة أحد المؤشرات التي تبشر بنمو تدريجي ربما بطيء للاقتصاد الأمريكي الذي يعتبر أكبر الاقتصادات في العالم، فقد صعد مؤشر المستهلك منذ مايو 2020م إلى مستوى ما قبل جائحة فيروس كورونا.
الخلاصة، لا نتوقع نمواً عالياً وسريعاً للاقتصاد العالمي في 2021م لأن مكافحة وعلاج الجائحة يحتاج لوقت أطول مما يتوقعه الكثيرون للتغلب عليها.