أمير الشرقية: الوقف رافد من روافد التنمية وركيزة من ركائز تطوير الاقتصاد
المؤسس أنشأ وقفاً مازال نفعه قائماً إلى اليوم
الخالدي: الوقف ثروة حقيقية علينا إعادة اكتشافها وصياغتها في إطار الرؤية
الخراشي: نتطلع لشراكات تسهم في الارتقاء بالقطاع وزيادة إسهاماته في الناتج المحلي
سياسات تنظيمية عالية تسهم في تطوير الأدوات الاستثمارية للأوقاف
الفايز: تحسن ملحوظ في الاستثمارات الوقفية لكنها تأثرت بجائحة الكورونا
شدد ملتقى الممارسات الوقفية 2020 الذي نظمته غرفة الشرقية بالشراكة الاستراتيجية مع الهيئة العامة للأوقاف، نهاية نوفمبر الماضي، عن بعد، تحت عنوان “العائد من الاستثمار على الأوقاف” على ضرورة تكوين احتياطيات للصرف واستثمارها بشكل سائل منخفض المخاطر، وعدم إدارة الاستثمارات بنفس طريقة إدارة الأصول العقارية، مؤكدا ضرورة وجود سياسة استثمارية واضحة للوقف.
كان أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز الرئيس الفخري للجنة الأوقاف، قد رعى الملتقى وسط حضور كبير من المسؤولين الحكوميين، ونُخبة من رجال الأعمال والأكاديميين المحليين والدوليين، وأصحاب الخبرات من المتخصصين والمهتمين بمجال الأوقاف.
كان أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز الرئيس الفخري للجنة الأوقاف، قد رعى الملتقى وسط حضور كبير من المسؤولين الحكوميين، ونُخبة من رجال الأعمال والأكاديميين المحليين والدوليين، وأصحاب الخبرات من المتخصصين والمهتمين بمجال الأوقاف.
وأكد الملتقى في توصياته التي ضمها بيانه الختامي، أن توزيع الاستثمارات بشكل احترافي يقود إلى تحقيق أهداف الوقف بشكل كبير، مشيرا إلى أهمية نشر التوعية بأهمية التحول للأساليب الحديثة في استثمار الأوقاف، من خلال الاستفادة من التجارب الناجحة محلياً وعالميا في الاستثمار وتطبيق المناسب منها، فضلاً عن ضرورة الحرص على تنويع المحافظ الاستثمارية الوقفية لتقليل المخاطر مع تحديد أهداف الاستثمار ومحدداته والاستعانة بالخبراء والمختصين، بما يحقق أفضل النتائج ويقلل من المخاطر على الأوقاف.
وأوصى الملتقى، بضرورة الأخذ بتطبيقات الحوكمة سواء في إدارة الوقف أو تمثيله في الاستثمار بما لا يعرقل نموه وربحيته والخروج من دائرة التحيز المعرفي عند متخذي القرارات الاستثمارية، مع الالتزام باستقرار الصرف وعدم تغيره، إضافة إلى عدم الارتباط بالنتائج السنوية لاحتساب الصرف والنظر لأبعد من ذلك، مع أخذ التضخم وآثاره بعين الاعتبار.
كما دعا الملتقى إلى استثمار احتياطيات الإحلال والتجديد وتقدير نموها المتوقع بشكل موثوق، مع أهمية تحري العدالة في المنفعة الصادرة من الوقف بين أجيال المستفيدين، وكذلك ترسيخ مبادئ وقيم وجوب العناية بنمو الوقف لا تعظيم العوائد، وتنمية أصله وليس تثبيت أو زيادة الصرف.
الملتقى شهد 5 جلسات إضافة إلى الجلسة الافتتاحية، وتركزت الحوارات فيها على العديد من التفاصيل الخاصة بشعيرة الوقف من الناحية الشرعية، ومن الناحية الاستثمارية، فضلا عن الإدارية، ضمانا لتحقيق الهدفين الشرعي والاستثماري، وبالتالي الناتج الإيجابي عن هذه الشعيرة التي أخذت بعدا كبيرا وواسعا في السوق المحلية، بإطلاق الهيئة العامة للأوقاف، التي تعنى بالتنظيم والإشراف والمتابعة.
المهنا: أدعو لتقديم أطروحات علمية وحقائب تدريبية تهتم بمقاصد الأوقاف
الاستثمار يجيزه الشرع لأنه طريق من طرق المحافظة على الوقف
القحطاني: الأوقاف منجز تشريعي يحقق التكافل الاجتماعي ويؤمن المصادر المالية لأعمال الخير
عرب: الحوكمة والإدارة والأصول المستثمرة والتوجه الاستراتيجي عناصر أساسية في العملية الاستثمارية
كيرشو: آفاق واعدة لاستثمارات عامة متوافقة مع الشريعة الإسلامية
سالواي: الأوقاف استثمارات اجتماعية ذات عائدات أكثر وتأثيرات أفضل
رافد تنموي
أمير الشرقية خلال إطلاقه فعاليات الملتقى عبر تقنية الاتصال المرئي، وصف “الوقف بأنه رافد من روافد التنمية، وركيزة من ركائز تطوير الاقتصاد، وتلبيةً حاجات المجتمع” منوها بمبادرة الملك المؤسس ـ يرحمه الله ـ بإنشاء وقف عين العزيزية، التي كانت لخدمة الحجاج والمعتمرين والعابرين، لتكون وقفاً متجاوزاً بنفعه وأثره إلى اليوم، مؤكدا بذلك أن اهتمام الحكومة بهذه الشعيرة جاء منذ وقت طويل، إلا أنه تأصل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي تكلل بإنشاء وإطلاق الهيئة العامة للأوقاف الذي يأتي “امتداداً لرعاية واهتمام الدولة بالوقف، ومعززةً لمسيرة الوقف في التنمية، وتأكيداً لدورها في بناء المجتمع، ومحفزةً للواقفين لبذل المزيد”.
وأشار سموه إلى أن ما شهده قطاع الأوقاف مؤخراً من قفزات نوعية، توجب على الجميع استثمار ذلك، والعمل برؤية شمولية للقطاع، والاستفادة من التجارب المحلية والعالمية، وذكر سموه أن دور الملتقى الذي نظمته غرفة الشرقية “مهم ومحوري، ليكون نافذةً تنير الطريق للقائمين على الأوقاف وشؤونها، وتسهم في تزويدهم بالمعرفة اللازمة لرفع كفاءة الاستثمار الذي يشرفون عليه”.
ثروة حقيقية
من جهته قال رئيس الغرفة عبدالحكيم بن حمد العمار الخالدي خلال الجلسة الافتتاحية، إن الوقف يُمثل “نوعًا من أنواع الترابط والتراحم الاجتماعي، وصلة لربط السلف بالخلف، ومظهرا من المظاهر الحيوية الاجتماعية، وتعبيرًا واقعيًا عن النزعة التكافلية التي أقرها الإسلام، كما يمثل ثروة حقيقية علينا أن نُعيد اكتشافها وإعادة صياغتها في إطار مستهدفات رؤية 2030م، مشيرا إلى وجود حراك واسع وعمل دؤوب من كافة الأطراف والجهات المعنية للارتقاء بقطاع الأوقاف، والوصول به إلى تنوع قنواته واستثماراته وإعادة توجيهها نحو الاحتياجات والأولويات التنموية ليكون قادرًا على إحداث الأثر المطلوب اقتصاديًا واجتماعيًا.
وذكر أن الغرفة تفاعلت مع التحوُّلات الكُبـرى، التي يشهدها قطاع الأوقاف، وعملت على تنويع مبادراتها وبرامجها التوعوية، وخطّت خطوات كبيرة نحو نشر الوعي بأهمية إنشاء وتطوير الأوقاف، وسعت جاهدةً إلى إبراز الجانب الاقتصادي للوقف ودوره في دعم استدامة النمو للمؤسسات، انطلاقًا من أن البائع والمستهلك يشكلان إطارًا مجتمعيًا واحدًا.
الحقيل: لتحقيق أهداف الوقف ينبغي توزيع الاستثمارات بشكل احترافي
الصغير: الأساليب الحديثة في إدارة المشروعات الوقفية تقتضي النظارة المهنية في العمليات الاستثمارية
أبانمي: التنويع بين أشكال الاستثمار مهم وضروري لكن بدون إفراط
المفدى: الاستعانة بالخبراء والمتخصصين أبرز عوامل نجاح صفقات الشراء والاستثمار
العيسى: تنويع المحفظة الاستثمارية للأوقاف يسهم في زيادة العوائد وتقليل المخاطر
القطاع الوقفي والتنمية
محافظ الهيئة العامة للأوقاف عماد بن صالح الخراشي، أوضح في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية أن القطاع الوقفي محرك رئيسي في عجلة التنمية في البلاد، وله إسهامات فعالة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، معربًا عن أمله في شراكة مع مختلف القطاعات لتعزيز هذا الدور وإيجاد حزمة من الممكنات والمحفزات التي تسهم في الارتقاء بالقطاع الوقفي والنهوض به وزيادة إسهاماته في الناتج المحلي، موضحا أن الهيئة “تعمل على بناء منظومة مالية متكاملة مدعومة بسياسات تنظيمية ستسهم في تطوير الأدوات الاستثمارية والمالية للأوقاف بالشكل الذي يتواءم مع الاحتياجات التنموية، وفتح مجالات فرص جديدة تحاكي أفضل الممارسات العالمية والإقليمية والمحلية، وتوجيه مصارف الأوقاف إلى برامج نوعية، مما سيكون لها أكبر الأثر في ترسيخ القيمة الاقتصادية والاجتماعية للوقف بمفهوم حديث يتوافق مع تطلعات قيادتنا الحكيمة، ومع التوجهات الاستراتيجية لرؤية 2020” وسيشمل ذلك طرح صيغ ومنتجات استثمارية متنوعة مثل الصكوك الوقفية، والسندات ذات الأثر الاجتماعي، والمحافظ الاستثمارية الوقفية وأدوات الدين، وغيرها لتحقيق الاستدامة المالية للقطاع غير الربحي وتنويع مصادر الدخل لديه”، موضحا أن الهيئة تعمل أيضًا لعقد مجموعة من الشراكات واتفاقيات التعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة بهذا المجال للوصول لقطاع فاعل ومؤثر، متوقعا أن تثمر هذه الجهود عن تحوّل استراتيجي في مسيرة القطاع الوقفي.
منجز لتحقيق التكافل
من جهته اعتبر رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة عايض بن فرحان القحطاني أن الأوقاف أحد المنجزات التشريعية، التي تُحقق التكافل الاجتماعي، وتُؤمن المصادر المالية لأعمال الخير، ومن ثمّ فهي أحد معالم الحضارة الإسلامية، كونها تجمع بين التنظيم الدنيوي، والحرص على استمرار الثواب في الآخرة، مشيرا إلى أن ما أولاه خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين ـ رعاهم الله ـ من رعاية واهتمام للقطاع الوقفي، أسهم في تطويره وَتنميته وتعزيز دوره في مسيرة البلاد التنموية. وقال إن “قطاعاتنا جميعها وفي طليعتها القطاع الوقفي، تقف في مقدمة نهضتنا الكُبرى، بما يقدمه من عوائد ضخمة لهذه النهضة، ليس على المستوى الاقتصادي فحسب، بل وعلى المستوى الحضاري أيضًا، بإسهامه في إضافة صروح وقفية متنوعة وداعمة لمستهدفاتنا التنموية”.
الأوقاف .. المقصد والشرعية
وفي الجلسة الأولى التي ترأسها وأدارها عضو مجلس الإدارة نائب رئيس لجنة الأوقاف حمد بن حمود الحماد، وحملت عنوان “مقاصد الاستثمار” تحدث أمين عام لجنة الأوقاف بالغرفة الشيخ سعد بن محمد المهنا فأوصى بأهمية تقديم أطروحات علمية حول مقاصد الاستثمار في الأوقاف وأُخرى حول مقاصد المصارف في الأوقاف، فضلاً عن ضرورة إعداد حقائب تدريبية تهتم بمقاصد الأوقاف، والتأكيد على تعليم الناس فقه الأوقاف ومقاصدها وخاصة للنظار والمستثمرين، لافتًا إلى أن الأوقاف قربة وعبادة لله تعالى فلا تنفك قيد أنملة عن ذلك.
وأكد المهنا وجود أكثر من دليل على مشروعية الاستثمار في الأوقاف، أبرزها سيرة الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه وسلم ـ والخلفاء الراشدين إذ كانوا يستثمرون أموال الصدقة، وكذلك القياس على مشروعية الاستثمار في أموال اليتامى حيـث اتفق الفقهاء على جواز استثمارها من قبل الولي فيما يعـود على اليتامى بالمصلحة، وقالوا بوجوب استثمارها عمـلاً بالنصوص التي تحث على الاتجار بأموال اليتامى حتى تنمو ولا تأكلهـا الصدقة، وبالقياس على ذلك يجوز استثمار أموال الوقف فيما يعود بالمصلحة على الموقوف عليهم.
العائد من الاستثمار الوقفي
الجلسة الثانية أدارها الرئيس التنفيذي لمجموعة الضويان المهندس أنس الضويان، وحملت عنوان “التحولات الاستراتيجية الناجحة وأثرها على العائد على الاستثمار”، وتحدث فيها الرئيس التنفيذي لشركة “أوقاف” للاستثمار المهندس هيثم بن محمد الفايز فأوضح أن الهيئة تقوم بدورين رئيسيين الأول: التنظيمي والتشريعي، الذي يعنى بتنظيم القطاع الوقفي في المملكة وحفظ الأوقاف والإشراف عليها، والثاني: التشغيلي والإداري، الذي يعنى بتنمية وإدارة الأوقاف وتطويرها وصرف إيراداتها بما يحقق شروط الواقفين والمنفعة، موضحا أن شركة أوقاف مملوكة للهيئة والذراع الاستثماري لها، وتأسست في ديسمبر 2018م بهدف رئيسي هو تنمية الأوقاف ورفع كفاءة الاستثمار واستدامة العوائد، مشيرًا إلى أن الشركة تقوم بثلاثة أدوار رئيسية هي: تشغيل الأوقاف، والاستثمارات العقارية وتطوير الأوقاف، والاستثمارات المالية من خلال إدارة المحافظ والصناديق.
ولفت الفايز إلى أن مؤشر قطاع الأوقاف شهد انخفاضًا حادًا في الربع الأول من العام 2020م، مبينًا أن مجال الاستثمارات الوقفية تحسن بشكل ملحوظ في مستوى الأداء والكفاءة خلال السنوات الماضية وقبل حدوث جائحة كورونا، نتج عنه ارتفاع كبير في المؤشر بلغت %20.2 في العام 2019م، موضحا أن التباطؤ في النشاط الاقتصادي المترتب على كورونا قاد إلى انخفاض بنسبة %20.24 مع بداية العام 2020م كما انخفض مؤشر الأداء المستهدف أداء المحافظ المكونة من %60 أسهم و%40 سندات بنسبة %12.9، لافتًا إلى أن الارتفاع الذي شهدته أسعار الذهب بنسبة %17 جعله في مقدمة الخيارات الاستثمارية الحالية، تليها أدوات الدخل الثابت المحلية بعائد %3.33.
واستعرض الفايز مبادرات الهيئة والشركة في تخفيف الأضرار المترتبة على كورونا، حيث دشنت الهيئة الصندوق المجتمعي للتخفيف من آثار الوباء بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وصندوق الوقف الصحي وغيرها من جمعيات وجهات مانحة وشركات برأسمال 500 مليون ريال، كما قدمت الشركة في مبادرة لتخفيف الضرر الناتج عن الجائحة، حزمة من المبادرات متخذة بعين الاعتبار الضرر الاقتصادي الواقع على العقارات السكنية والتجارية في منطقتي مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وأية منطقة أخرى تعتمد على النشاط التجاري لمواسم الحج والعمرة، كما تمت مراجعة الأجرة السنوية للعقارات الواقعة في مناطق أخرى في المملكة.
وضمن نطاق الحديث عن الاستثمار الوقفي قدم أليكس كيرشو، شريك في ستانهوب كابيتال أليكس ورقة بعنوان “كيف يمكنني استثمار وقفي لأقصى عائد؟”، تحدث فيها عن الأساليب التي يمكن أن يتبعها المستثمر الراغب في التوافق مع الشريعة الإسلامية، ومنها ما يمكن تسميته بـ “الشريعة البسيطة”، وهي استثمار فقط في الصناديق والاستثمارات الأُخرى المعتمدة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من قبل مزوديها، ومنها أيضا “الشريعة المبسطة” مع الإعفاءات، وهي الاستثمار في الصناديق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية باستثناء الدخل الثابت، وهناك “الشريعة المنظمة” وهي الاستثمار وفق هيكل شرعي في الصناديق التقليدية، وأخيرًا “الشريعة الهجين”، وهي عبارة عن منهج شرعي بسيط لفئات الأصول التي يمكن الوصول إليها بسهولة مثل الأسهم العامة والأسهم الخاصة والعقارات.
الآفاق التنموية
الجلسة الثالثة، أدارها عضو لجنة الأوقاف بالغرفة تركي الراجحي، وجاءت بعنوان “الأفاق التنموية للعائد على الاستثمار” وقدم فيها العضو المنتدب في MKS لجمع التبرعات والإدارة، المحاضر الزائر في كلية إدارة الأعمال سابقًا، مدير سابق للتمويل الاجتماعي والاستثمار الاجتماعي مارك سالواي، ورقة بعنوان “الاستثمار الاجتماعي في المجتمعات وكيف يمكن أن تستفيد الأوقاف؟” ذكر فيها أن الاستثمارات الاجتماعية تحقق عوائد أكثر وتأثيرات أفضل، وهذا ما ينطبق على الأوقاف كونها عبارة عن صناديق ذات أهداف اجتماعية مختلفة تمكّن من نمو رأس المال والبنية التحتية بسرعة وتمكن الأمناء من الحصول على المعلومات، مؤكدًا أهمية منظمات الاستثمار الاجتماعي، نظرًا لما تتمتع به من وجود استراتيجية تعتمد تطوير الاستدامة المالية، وتركز على التأثير والتوسع والنمو والاستثمار في التكنولوجيا وتتمتع بقدر كبير من الاستقلالية والمرونة في تدفقات الدخل، فضلاً عما تتضمنه من محددات كالتركيز على بناء البنية التحتية والابتكار وجمع التبرعات وتطوير الأصول وتطوير بيئتها المادية وتطوير نشاط أو خدمة جديدة.
من جهته استعرض الرئيس التنفيذي لمجموعة السليمانية للاستثمارات المهندس محمد بن طلال عرب العناصر الأساسية في العملية الاستثمارية ومنها الحوكمة والإدارة، والأصول المستثمرة، والتوجه الاستراتيجي.
وتحدث عن تجربة عملية بارزة هي تجربة إدارة أوقاف جامعة ييل، التي تولى إدارتها عام 1989م ديفيد سوينسين بعد خبرة ست سنوات في الوول ستريت كمدير أصول، وكان حجم المحفظة في ذلك الوقت حوالي مليار دولار، واستطاع تطويرها خلال 3 عقود بتغير تشكيل المحفظة بالكامل حيث ارتفع حجم المحفظة إلى 31.2 مليار دولار، من خلال عدة إجراءات منها التحول من استراتيجية خاملة إلى استراتيجية نشطة، وزيادة التركيز في الأنشطة المؤسسية والتخفيف من الأنشطة التقليدية المباشرة، وبناء هيكلية محترفة للإدارة، إضافة إلى بناء استراتيجية استثمارية متماسكة.
وقال عرب إن محفظة الجامعة كانت عبارة عن عدّة موجودات في أصول مختلفة وتدار بأسلوب تقليدي، من خلال التعاقد غير الموثق مع المستأجرين وفريق صيانة خامل ضعيف التدريب، إضافة إلى محفظة أسهم محلية تدار بشكل داخلي دون استراتيجية واضحة مع ضعف في الكفاءة، ونقد كبير نسبياً في المحفظة دون استفادة واضحة ومتأثرا بعوامل التضخم، حيث تمت إعادة تشكيل المحفظة باستبدال العقار بوحدات في صناديق عقارية متداولة “ريت”، والاتفاق مع شركة مالية لإدارة محفظة الأسهم بأسلوب احترافي، والتعرض لصناديق المرابحة بنسبة %60 من النقد.
آفاق الحوكمة
الجلسة الرابعة أدارها عضو لجنة الأوقاف بالغرفة المهندس موسى الموسى، وجاءت بعنوان “الحوكمة في الاستثمار”، وتحدث خلالها كل من رئيس شركة ربط المعارف الدكتور زياد بن عثمان الحقيل، والرئيس التنفيذي السابق لشركة أوقاف سليمان الراجحي القابضة مستشار التخطيط الاستراتيجي والتطوير التنظيمي الدكتور عماد الصغير.
وقد أوضح الصغير في ورقته التي حملت عنوان “تنمية عوائد استثمارات الأوقاف تحديات وآمال” أن ثمة معايير أساسية للاستثمار الوقفي منها ثبات الملكية الوقفية، والأمان النسبي، وتحقيق عائد مستحق، والمرونة في تغيير مجال الاستثمار وصيغه، والتوازن بين العائد الاجتماعي والعائد الاقتصادي، والتوازن بين مصالح أجيال المستفيدين، وترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
وأضاف الصغير أنه رغم المزايا المذكورة، لكن لابد من تطبيق إجراءات عملية لحوكمة استثمارات الأوقاف، من قبيل اعتماد الأساليب الحديثة في إدارة المشروعات الوقفية، وهذا يقتضي النظارة المهنية والجماعية، والشفافية والتدقيق المالي والشرعي في العمليات الاستثمارية، مشددًا على أهمية وجود ميثاق للعائلة الواقفة لضبط علاقتها بالوقف، والاستعانة بأشخاص أكفاء ومتخصصين في إدارة جوانب الاستثمار كمعيار أساسي للتعيين قبل أي اعتبار آخر مع ضرورة تبني توجهات وتطلعات الوقف.
إلى ذلك دعا د. الحقيل، خلال ورقته التي جاءت بعنوان “مدخل لحساب موازنات الإنفاق في الأوقاف” إلى الالتزام باستقرار الصرف وعدم تغيره بأكثر من %20، وتكوين احتياطيات للصرف واستثمارها بشكل سائل منخفض المخاطر، وعدم الارتباط بالنتائج السنوية لاحتساب الصرف والنظر لأبعد من ذلك، وأخذ التضخم بالاعتبار.
وأوضح الحقيل أن كثيرًا من الأوقاف متفقة على أن الإنفاق يتم عن طريق خصم نسبة من قيمة الأصول، نظرًا لوجود أصول متعددة منها الأصول السائلة، وذلك لتجنب التضخم في الأصول على حساب الصرف، فيتم وضع نسبة مستهدفة للصرف من مقدار النمو في أصول الوقف، كما أن غالبية قنوات الإنفاق تعتمد بشكل رئيسي أو كامل على ما يردها من الأوقاف، وهذه الإيرادات تتعرض للتذبذب في الغالب، مما يعرض الشركة للتعثر والسلبيات، خاصة أن غالبية الأوقاف وربما جميعها لا تستخدم التسهيلات لدعم الإنفاق، لذا يحسن مساواة معدل الإنفاق السنوي وأن يحسب بناء على نفقات 3 سنوات ماضية، و استثماره بشكل سائل صكوك ، ودائع، ومرابحات، ويصرف منه لدعم الإنفاق بحيث لا ينقص الإنفاق عن السنة الماضية بأكثر من نسبة محددة %20 مثلا لتجنب إرباك قنوات الصرف.
واقترح الحقيل آلية معينة لاحتساب الإنفاق تعتمد على المعلومات التاريخية، قيمة الأصول والنمو فيها، الإيراد ونموه، الأرباح ونموها، طبيعة الأصول ومخاطرها، تقدير احتياجات الإحلال والتجديد، التضخم في السابق والتضخم المتوقع … إلخ، وبناء على هذه المعطيات يتم وضع مبلغ مستهدف ـ قيمة وليس نسبة ـ للإنفاق
المحافظ العقارية
الجلسة الخامسة، أدارها عضو لجنة الأوقاف بالغرفة عبدالسلام الجبر، وجاءت بعنوان “نصائح استثمارية” وتحدث فيها عبدالرحمن العيسى مهتم باستثمار الأوقاف، حول الأفكار والممارسات في الاستثمار الوقفي، حيث قال إن الوقف كان في السابق يتشكل من محفظة عقارية فقط تتنوع أصولها العقارية في عدة مدن في المملكة، وحتى تدخل في أصول استثمارية جديدة تم العمل على تنويع محفظة الاستثمار في الوقف، يتم من خلالها تنويع المخاطر وزيادة العوائد وتوفير السيولة بشكل أفضل للوقف، كما تم الدخول في استثمارات جديدة في 4 أصول استثمارية مختلفة هي الأسهم، والملكية الخاصة، وصناديق المرابحة، والاستثمار الجريء، مشيرا إلى أن الممارسات في الاستثمار الوقفي كانت على شكل عقارات فقط، أما الآن فأصبحت متنوعة.
من جانبه قال المستشار المالي والاستثماري أيمن بن عبدالعزيز أبانمي، إن العديد من الدراسات أثبتت أهمية التنوع في الاستثمار بما فيها الاستثمار الوقفي مشيرا إلى دراسة إدوين إلتون ومارتن جيبرر في كتاب بعنوان “نظرية المحفظة الحديثة وتحليل الاستثمار” حيث أوضح أن أية زيادة في الأسهم بعد 20 سهما لن تؤدي إلى تقليل مخاطر المحفظة سوى %0.8 فقط، وهذا يعني أن الميزة الرئيسية للتنويع تتآكل وتكاد تنخفض عند نقطة معينة. أما المستثمر البريطاني بنيامين جراهام في كتابه “المستثمر الذكي” فيرى أن الشكل الأمثل للتنويع هو أن المحفظة تشمل ما يتراوح بين 10 إلى 30 سهما مختلفا، كما أن هناك دراسة استقصائية أجريت في العام 2011، أظهرت أن الصناديق المستثمرة فيما يراوح بين 30 و50 سهما مختلفة تحقق أداء أفضل من الصناديق المستثمرة في 700 سهم مختلف.
ويرى أبانمي أنه لا يوجد مسار استثماري أفضل من غيره كما لا يوجد حجم أمثل، لكن التنويع مهم وضروري بدون إفراط بين أشكال الاستثمار الأربعة الأصول والأسهم وحصص الشركات والسيولة.
وتحدث المحاسب القانوني المقيّم المعتمد للمنشآت عزام بن عمر المفدى عن “أسباب تعثر الاستثمارات الوقفية” وحددها في عشرة أسباب، مؤكدا أهمية التوافق بين ممثلي الوقف وممثلي الاستثمار، ووضوح الصلاحيات بين الطرفين.
وأشار المفدى إلى أن أبرز أسباب التعثر هو إتمام صفقات الشراء أو الاستثمار بدون الاستعانة بالخبراء والمتخصصين، منوها بأهمية تعيين خبراء ذوي كفاءة عملية ومهنية لتولي استثمارات الأوقاف، إما بالتوظيف أو بالاستعانة ببيوت الخبرة، مشددا على ضرورة “وجود سياسة استثمارية واضحة للوقف”، من حيث شكل الاستثمار وحجمه ونشاطه وأهدافه، وعدم تعارض سياسات الوقف مع سياسات الاستثمار في أي شيء، وفي حال انعدام هذه السياسة فالتعثر قادم.