في غمرة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا.. تعيش السعودية هذه الأوقات ذكرى إستثنائية تتمثل في مرور 5 أعوام على إنطلاقة المشروع “الحلم” المتمثل في رؤية 2030 .
ذلك الحلم الصعب ، طوعته عزائم الرجال قيادة وشعباً رغم كل التحديات ، إذ لا يخفى على حصيف أن برامج التحول المفصلية التي تشهدها المجتمعات لا تمر هكذا ببساطة ودون عثرات .. بل إنها تواجه أشرس القوى الممانعة والمقاومة للتغيير ، وقد تشد تلك القوى عضدها بقوى مصلحية نافذة وتحشد لها المنصات والهفوات لتشكل عصباً رافضاً ومانعاً .
المفاجأة المذهلة للعالم أجمع وليس لنا كسعوديين .. أن مشروع النهضة الجديد “الرؤية” التي شهد العام 2016 إنطلاقتها استطاع أن يحصد قبولاً شعبياً بل وإحتضاناً ودعما قل أن نجد نظيراً له في مكان آخر من هذا العالم رغم ما يحمله من تحديات، هذا الدعم الشعبي لم يأت من فراغ بل من قناعة حقيقية بالحاجة إلى الإصلاح والتطوير ومن ثقة مطلقة بالقيادة السياسية وحرصها على العبور ببلادنا إلى بر الأمان في ظل ظروف وتحديات جسام تمر بها المنطقة والعالم .
لكن دعونا نحاول الإجابة على السؤال الأكثر أهمية : ماذا لو لم يكن هناك وجود لرؤية 2030 واستمر الحال على ما هو عليه سابقاً !!
لكان الحال الآن أسوأ بكثير مما كان عليه قبل إنطلاق الرؤية ، حين أتمت وزارة المالية آنذاك أول إستدانة مالية من نوعها منذ نحو 20 عاماً من بنوك أجنبية لتغطية عجز الموازنة ، ولكان توفير الدولة لرواتب موظفيها البالغ كلفتها نصف تريليون ريال سنوياً شبه مستحيلاً في ظل الإعتماد شبه الكامل على مورد النفط التي تهاوت أسعاره العام الماضي إلى مستوى 18 دولاراً ، ولكانت معدلات البطالة أعلى بكثير مما كانت عليه ، ولكانت قدرة المملكة على مواجهة كلفة جائحة كورونا محل شك ، ولكانت عجلة الفساد مستمرة في الدوران بلا رادع ، ولكانت القدرة على تشغيل وإدارة وصيانة المنشآت الحكومية والبنى التحتية في ادنى معدلاتها .
ما حدث بإختصار هو خطة إنقاذية تاريخية لتنويع اقتصاد المملكة الذي يعتمد على النفط كمورد شبه وحيد من خلال توطين وجذب الإستثمارات ، وتحقيق التوازن بين الميزانية وخصخصة الأصول الحكومية ،ورفع الدعم بشكل منظم وتوجيهه للفئات المستحقة وإقرار رسوم وضرائب على بعض الخدمات الحكومية والإستمرار في إقامة وتمويل المشروعات الإستراتيجية وتنمية أعمال المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ودعم رواد الأعمال التي تعد من أهم محركات النمو الاقتصادي والتي من شأنها كذلك تنويع الاقتصاد وفتح مجالات جديدة للاستثمار والتوظيف ورفع كفاءة الاجهزة الحكومية .
لو لم تكن رؤية 2030 .. كان ليكون الأسوأ ..!