جاءت بداية العام الجديد مليئة بالأحداث الكبرى، التي أثّرت على مشهد الاقتصاد العالمي. البداية كانت بمتحور أو ميكرون في شهر يناير، ثم اضطرابات كازاخستان وجورجيا، وبيانات التضخم الأمريكية، ومن بعدها التوتر بين روسيا وأوكرانيا، وصولاً إلى دخول القوات الروسية الأراضي الأوكرانية.
شكلت كل هذه الأحداث مشهدًا اقتصاديًا مليئًا بالضبابية وعدم اليقين حاليًا مع عودة الحظر الصحي إلى المدن الرئيسية الصينية وإطالة النزاع الغربي الشرقي بين دول أوروبا من جهة وروسيا من جهة أخرى، غيرت محرّكات الاقتصاد الكلي العالمي وشمل كل القطاعات الاقتصادية.
لكن المتغير الأكبر في معادلة النمو الاقتصادي العالمي هو إسهامات الاقتصادات النامية والناشئة في النمو الاقتصادي العالمي خلال الألفية الجديدة (وتحديدًا بعد الأزمة المالية عام 2008م) والتي أصبحت تشكل ما يزيد عن %60 من النمو الإجمالي العالمي متجاوزة إسهامات الاقتصادات المتقدمة.
وأثبتت الأزمات الماضية القريبة مدى الترابط الكبير بين النمو الاقتصادي للدول والطلب على موارد الطاقة. فلا أدل من ذلك إلا الطلب المستمر على النفط والذي تجاوز مستويات ما قبل الجائحة وعند أسعار تفوق المائة دولار أمريكي للبرميل. لكن ذلك لا يُخفض من المخاطر المحيطة بقطاعات الطاقة خصوصًا أمام المعايير الاقتصادية الجديدة في نسب التضخم الحالية.
وخلاف ذلك فإن خطط التحول إلى موارد طاقة نظيفة خلقت تصورًا جديدًا بأهمية تقليص الدورة الاستثمارية للمشاريع البترولية من نفط وغاز وفحم حجري أيضًا. ومن هنا تكون مصفوفة المخاطر أكثر تعقيدًا. المشاريع البترولية الجديدة ستكون جنبًا إلى جنب مقارنة بالمشاريع الخضراء الجديدة مع فارق حاجة العالم الملحّة للنفط والغاز. أضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة فإن الاقتصادات الناشئة تتأثر بالتضخم بشكل مختلف عن الاقتصادات المتقدمة حيث تكون خسائر الاقتصادات الناشئة مضاعفة بتكلفة الموارد وانخفاض قيمة عملاتها المحلية التي عادة ما تستخدمه لشراء موارد الطاقة.
أعطت تحركات أسعار عوائد السندات الأمريكية إشارات قوية بتوجه الاقتصاد الأمريكي والعالمي إلى ركود اقتصادي خصوصًا مع ارتفاع عوائد السندات مع شبه ثبات سعري لأسعار الذهب. وفي حال دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود فإن موارد الطاقة ستكون مهمة جدًا لإنعاش الاقتصاد العالمي من جديد.
فتحريك قطاع الطاقة هذه المرة سيتطلب حلحلة واسعة للمخاطر المحيطة بقطاع الطاقة والمخاطر المرتبطة بالاقتصادات الناشئة التي تجد أن لها إسهامات كبيرة في النمو الاقتصادي ولكنها تتحمل تكاليف أعلى بكثير من الاقتصادات المتقدمة.