توقعات بأن يصل الإنفاق العالمي على الروبوتات إلى 242 مليار دولار في 2023م

ازدهار سوق الروبوتات في العالم ليصل حجمه إلى 90 مليار يورو بحلول 2030م

شركات الروبوتات تمكنت في 2018م من بيع 422 ألف روبوت في العالم كله

توقعات بأن يصل حجم سوق الروبوتات في الصين إلى 17.4 مليار دولار خلال العام الجاري

لتخفيض تكلفة الإنتاج ثمة اتجاه للدفع نحو استخدام الروبوتات في الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة

يمكن إلغاء ما يصل إلى 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025م، في مقابل خلق 97 مليون وظيفة جديدة خلال المدة نفسها

 

منذ قرابة العامين، احتفى مستشفى سانت بطرسبورج بروسيا بالدور الذي قام به الروبوت “الطبيب” أو “الجراح” في مساندة الأطباء على إنقاذ حياة ثلاثة مرضى كانوا يعانون من أورام سرطانية في أماكن دقيقة بأجسامهم، ومع بداية العام الجاري استطاع روبوت ذكي ذاتي الحركة يحمل اسم “STAR”، ابتكره علماء في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية أن يُجري أول جراحة بالمنظار دون أي تدخل بشري؛ إذ نفّذ الروبوت المطوّر العمل الجراحي على أمعاء حيوان الخنزير، ما اعتبره الخبراء خطوة مهمة في مجال استثمار الروبوتات للقيام بعمليات جراحية مؤتمتة بالكامل على البشر.

سوق عمودي

وبجانب المجال الطبي، ثمة توسع أكبر للروبوتات في مجال الصناعة التي تعد أبرز سوق عمودي للروبوتات، نتيجة لتواجد الروبوتات الصناعية التقليدية، ثم اختراع الروبوتات المساعدة المختصة بأعمال الصيانة، فضلا عن الروبوتات التي يرتديها العمال لتقليص مشقة العمل.

كما ارتفع مستوى تواجد الروبوتات في مجالات أخرى مثل التجارة والأمن والضيافة والفندقة، فأغلب الشركات الكُبرى على مستوى العالم ـ مثل “أمازون وتسلا” ـ أصبحت تستخدم الروبوتات في مجال تخزين وتغليف وتوزيع منتجاتها، وأخذت تثير تدرجيًا العديد من الأسئلة حول جدواها الاقتصادية والاجتماعية.

الزراعة الذكية

ومنذ النصف الأول من عام 2019م أبدى قطاع الزراعة اهتماما كثيرًا بالروبوتات، وهو ما ينبأ بأن تحتل الزراعة الذكية مساحة كُبرى في السوق العالمية بحلول عام 2030م ويعتمد هذا التوسع في الأساس على الروبوتات سواء في حلب الأبقار أو في خدمة الأبقار بشكل عام، وانطلاقًا من عام 2025م ستكون هناك أنواع أُخرى من الروبوتات المختصة في مختلف مجالات الزراعة ومراقبة صحة الحيوانات والنباتات.

الذكاء الاصطناعي

ويبدو أنه وخلال السنوات الأخيرة تطوّرت صناعة الروبوتات بشكل سريع، ويرجع ذلك أساسًا إلى تطور الذكاء الاصطناعي، الذي جعل من الروبوتات الخدمية أكثر “ذكاءً” لاسيما في مجال الخدمة المنزلية مثل رعاية كبار السن، كما تطوّرت أيضًا روبوتات إعادة التأهيل والروبوتات المرافقة بشكل سريع، وتواكب صناعة الروبوتات (في الصين بشكل أساسي) المستوى الدولي المتقدم في تطبيق تقنية التعرف على الكلام والتعرف على الصور.

تخصصات المستقبل

وكانت كلمة روبوت، قد ظهرت لأول مرة عام 1920م في مسرحية للكاتب التشيكي كارل تشابيك، التي حملت عنوان “رجال روسوم الآلية العالمية”، وترمز في اللغة التشيكية إلى العمل الشاق. والآن يعمل المخترعون على ابتكار أنواع مختلفة ومطوّرة من الروبوت لأداء المهام المختلفة والتفاعل مع البشر.

ويعتبر مجال الروبوتات واحدًا من أهم تخصصات المستقبل، إنه فرع من العلوم يشهد تطوّرًا ونموًا لا مثيل لهما، ويتوقّع أن يكون من أكثر التخصصات المطلوبة في سوق العمل مستقبلاً حيث إنّه علم واسع لا يقتصر على بناء الروبوتات وحسب.

أنظمة فيزيائية

وبشكل عام تأخذ الروبوتات العديد من الأشكال المختلفة، ولكن يمكن وصفها على أنها أنظمة فيزيائية قادرة على تنفيذ مجموعة من المهام المعقدة في بيئتها، ومن أمثلتها روبوتات التصنيع الذكية وأسراب طائرات التوصيل بدون طيار، أو الروبوتات الجراحية.

وتُستخدم الروبوتات البشرية لخدمة العملاء، والالتقاء والترحيب، وأبحاث التعلم والتطوير واستكشاف الفضاء، والمساعدة الشخصية وتقديم الرعاية، والتعليم والترفيه، والبحث والإنقاذ، والتصنيع والصيانة، والعلاقات العامة، والرعاية الصحية، وغير ذلك الكثير.

الإنفاق العالمي

وتشير التوقعات بأن يصل الإنفاق العالمي على الروبوتات إلى 242 مليار دولار في العام المقبل، وثمة اتجاه للدفع نحو استخدام الروبوتات في الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة وذلك من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج، وأن يتضاعف حجم السوق العالمية للروبوتات إلى ثلاثة أضعاف حجمها الحالي، حيث يتوقع أن ترتفع قيمتها من 98 مليار دولار في عام 2018م إلى أكثر من 275 مليار دولار بحلول عام 2025م.

سوق واعد

كما توقع المركز البحثي الأوروبي “أيد دايت ديجي وورلد” المتخصص في الاقتصاد الرقمي، ازدهار سوق الروبوتات في العالم ليصل حجمه إلى 90 مليار يورو بحلول 2030م، وذكر خلال دراسة أعدّها خصيصًا لهذا الغرض بأن سوق الروبوتات واعد، كونها أصبحت تجسّد المسار المستقبلي للإنسانية، ويعد ظهورها أحد أساسيات العالم الرقمي، والنمو الحالي للسوق يعد غير مسبوق خاصة في بعض القطاعات الاستراتيجية.

422 ألف روبوت

وأشار تقرير اقتصادي للجمعية الفيدرالية الدولية للروبوتات، إلى أن شركات الروبوتات تمكنت في 2018م من بيع 422 ألف روبوت في العالم كله، بزيادة تصل نسبتها إلى %6 مقارنة بعام 2017م، ومن حيث الحجم تتصدر المصانع الصينية العالم من حيث الطلب فيما تعد اليابان أكثر دول العالم تجهيزًا بالروبوتات.

معدلات النمو

وكانت معدلات نمو سوق الروبوتات العالمي، قد زاد بصورة كبيرة، والذي وصلت قيمته إلى نحو الـ 18.8 مليار دولار في عام 2018م، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 59.9 مليار دولار بحلول عام 2026م، بمعدل نمو سنوي يصل إلى %15.7 خلال الفترة المتوقعة.

وفي الصين التي تصنف بأنها أكبر سوق تطبيقات للروبوتات في العالم، توقع تقرير صادر عن مؤتمر الروبوتات العالمي لعام 2022م أن يصل حجم سوق الروبوتات في الصين إلى 17.4 مليار دولار خلال العام الجاري، بمعدل نمو سنوي يبلغ %22 في خمس سنوات، وتقدر الإحصاءات الدولية المبنية على معدلات الاستخدام الحالي للروبوتات نمو الصناعة بمعدل سنوي مركب يبلغ %16 خلال الفترة من (2018م إلى 2025م) مع نمو سنوي يصل إلى %17 عام 2022م.

استيراد الروبوتات

ففي عام 2017م كانت الصين أكبر سوق للروبوتات الصناعية في العالم، وشهدت زيادة في مشترياتها من الروبوتات بنسبة %58 على أساس سنوي، لكن الصين لا تزال تعتمد على استيراد الروبوتات من الخارج، إذ استوردت ما يقرب من %75 من الروبوتات من الخارج، وكان نائب وزير وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، “شين قوبين”، قد أعلن بأن حجم صناعة الروبوتات في الصين وحدها تجاوز الـ 100 مليار يوان في عام 2020م.

وتحاول الصين الالتحاق السريع بعالم الروبوتات من خلال تطوير تلك الصناعة، من خلال العمل المكثف على أبحاث الذكاء الاصطناعي، ويحتمل أن تظل الصين المشتري الرئيس للروبوتات خلال الأعوام المقبلة.

التطور السريع

ويرجع التطور السريع لهذه السوق إلى التحول المستمر من منظومة التشغيل اليدوي والتي أصبحت أقل كفاءة سواء من حيث بطء الإنجاز أو من حيث مستوى الإنتاجية إلى منظومة التشغيل الآلي التي تسببت في زيادة الطلب على الروبوتات الصناعية.

ما يزيد من تخوفات أصحاب الوظائف من فقدان وظائفهم واستبدالهم بالروبوتات؛ إذ يشير تقرير أكسفورد الاقتصادي أن ما يقارب الـ 20 مليون وظيفة في قطاع الصناعات حول العالم سيتم إنجازها بواسطة الروبوتات وهو ما يعني فقدان 20 مليون شخص لوظائفهم في عام2030م.

الآلة والإنسان

فمع تصاعد التطور التكنولوجي والتقني يتراجع بالفعل دور الإنسان في عالم اليوم وبسرعة ملفتة، وهو ما أشار إليه تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2020م بأن الآلة ستتفوق على الإنسان في عام 2025م حيث ستصل نسبة تشغيل الآلة %52 مقابل %48 نسبة تشغيل الإنسان، وثمة تقارير عدة ترى أن تصاعد استخدام الروبوتات في القطاعات الصناعية سيؤدي إلى إلغاء %50 من وظائف البشر في هذه القطاعات، ويتوقع المنتدى نفسه أن يتم استبدال العمال البشر بالروبوتات بشكل أسرع بكثير يفوق الوتيرة الحالية؛ إذ يمكن إلغاء ما يصل إلى 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025م، في حين توقع المنتدى بأن الأتمتة أيضًا ستخلق وظائف أكثر مما تلغيها، حيث يتوقع أن تكون هنالك حاجة إلى 97 مليون وظيفة جديدة خلال المدة نفسها.

الاستفادة من الإيجابيات

وبالرغم من إمكانية استحواذ الروبوتات على الكثير من وظائف البشر الذي أصبح أمرًا واقعًا، فإن ثمة من لا ينظر إلى الأمر بتشاؤم وإنما يرى أن التكنولوجيا بجانب أنها ألغت العديد من الوظائف القائمة فإنها فتحت المجال للعديد من الوظائف الجديدة، وبالتالي فمن الأفضل الاستفادة من الإيجابيات التي أوجدها الذكاء الاصطناعي، والبحث ـ في الوقت نفسه ـ عن بدائل مناسبة للعمالة التي يمكن أن يتم إحلال الآلة محلها، وذلك بأن يتم تدريبها على التخصصات والمهن الجديدة التي يحتاجها سوق العمل.

أما بالنسبة للأجيال المستقبلية فعليها الانتباه واتباع أدوات التنبؤ بالمستقبل وتعلم تصميم برامج تعليمية مسايرة للعصر، بشكل يضمن استحداث تخصصات جديدة مواكبة لسوق العمل وللتطور التكنولوجي والتخلــي تدريجيًــا عن بعض التخصصــات التي ستستحوذ عليها الروبوتات بدلاً من الإنسان.