وصل عدد مستخدمي جي بي تي (Chat Gpt) في قرابة الشهرين 100 مليون مستخدم مما يجعله التطبيق الأسرع نموًا في التاريخ
بلا تحضير مسبق اقترب “الروبوت” من اجتياز جميع أجزاء اختبار الممارسات الطبية من دون أي تدريب متخصص، من خلال إظهار مستوى عالٍ من التوافق في إجاباته
ماكينزي: الذكاء الاصطناعي يملك القدرة على زيادة %1.2 إلى الناتج المحلي العالمي سنويًا
طفل أمريكي لم يتعد عقدًا ونصفًا من العمر، اكتشف والداه مبكرًا إصابته بمرض التوحد، وشرعا في تقديم العلاج له، الذي كان بالنسبة لهم مكلفًا للغاية، ما بين تكاليف المواعيد الطبية والعلاج والتنقل إلى المشفى لمتابعة حالة ابنهم الصغير، ومع عدم قدرتهم على استكمال متطلبات العلاج لافتقارهم الموارد المالية اللازمة، دخل الأبوان في نزاع قانوني مع الحكومة المحلية لرفع أعباء العلاج من على كاهلهم، فجاء النطق بالحكم على لسان القاضي خوان مانويل باديلا بعد استشارته لـ “روبوت” الدردشة (جي بي تي “Chat Gpt”)، الذي بتّ بأحقية إعفاء القاصر المصاب بالتوحد من دفع رسوم العلاج مقدمًا لذلك كل الأسانيد والحجج القانونية الداعمة لإعفاء أهل الطفل من التكاليف العلاجية.
قدرات خارقة
وكان قد أثار “روبوت” الدردشة (جي بي تي “Chat Gpt”)، الذي أنتجته الشركة الأمريكية الناشئة أوبن إيه آي (Open AI) في مدينة سان فرانسيسكو ويأتي إيلون ماسك كأحد مؤسسيها حديث العالم كلّه لقدرته الخارقة على إدراك العديد من المجالات، ومدى منافعه الاقتصادية على القطاعات وسوق العمل، وقد كشف تقرير حديث عن أن شركة “مايكروسوفت” استثمرت في الشركة المنتجة للتطبيق ما يقارب من مليار دولار في عام 2019م، واليوم تتطلع الشركة ـ إلى جانب شركات المشاريع الأخرى ـ لاستثمار 10 مليارات دولار في هذا الشأن. مما سيرفع هذا الاستثمار من تقييم الشركة إلى 29 مليار دولار، ويتيح لـ “مايكروسوفت” تحقيق أملها في الحصول على %75 من الأرباح، حسب التقرير.
وبشكل عام يملك الذكاء الاصطناعي قدرة على زيادة %1.2 إلى الناتج المحلي العالمي سنويًا، وفق تقرير لمؤسسة ماكينزي، وقد نما عدد المنظمات والشركات التي باتت تطبق الذكاء الاصطناعي بنسبة %270 في السنوات الأربع الماضية، وتشتد المنافسة بين شركات التكنولوجيا حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إذ ذكرت تقارير أن شركة خدمات الإنترنت والتكنولوجيا الأميركية (غوغل) تطوّر أداة جديدة باسم “أبرينتايس بارد” وهي تشبه روبوت (جي بي تي “Chat Gpt”)، لكن شركة “غوغل” تختبر أيضًا إمكانية استخدام صيغة سؤال وجواب في محرّك البحث.
100 مليون مستخدم
بعد إطلاقه في شهر نوفمبر العام الماضي زاد عدد مستخدمي “الروبوت” حتى بلغ في يناير 2023م إلى 100 مليون مستخدم مما يجعله التطبيق الأسرع نموًا في التاريخ بحسب دراسة أجرتها يو بي إس (UBS) ونشرتها وكالة رويترز، إذ يستطيع هذا “الروبوت” أن يُنتج نصوصًا أشبه بالنصوص التي يتداولها البشر، من خلال خوارزميات تقوم بتحليل أعداد مهولة من البيانات والمعلومات، فهو يعمل بصورة تشبه العقل البشري، ويعطي نصوصًا بناءً على طلب بسيط من الباحث، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويقوم بالإجابة عن أسئلة المستخدمين من خلال التحاور معهم بشكل مفصل ودقيق، بل ويمتلك ذاكرة قوية، فقد زوّدته الشركة المنتجة بكميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر العامة، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر.
مليار شخص حول العالم
وقد يستفيد العديد من الأفراد والطلاب وأصحاب الوظائف من هذا “الروبوت”، وذلك في الوظائف الاستشارية ووظائف تقديم صياغات للسياسات والاستراتيجيات الحكومية وخدمات العملاء من خلال التواصل معهم وحل مشكلاتهم، والبرمجة بكل أنواعها، والتصميم وكتابة السيناريوهات والأبحاث والتقارير والتحليلات المالية والطبية وأعمال السكرتارية وغيرها العديد من الوظائف الإبداعية، مما يقود إلى إمكانية استحواذه على وظائف يعمل بها نحو مليار شخص حول العالم بحسب تقديرات مجلة “فوربس”، وبالتالي إلغاء نحو 375 مليون وظيفة، في حين يرى آخرون عدم قدرة “الروبوت” أو الذكاء الصناعي بشكل عام على استبدال الوظائف الإبداعية لأن الإبداع البشري لا يمكن استبداله مهما تقدم الذكاء الصناعي، الذي يمكن أن يستحوذ على أعمال أصحاب المهارات المنخفضة في التصميم، لكنه لن يتجاوز هذا المستوى، وسيبقى المستوى الأعلى تحت سيطرة المصممين والكتاب المحترفين، ومن الممكن استغلاله فقط لمساعدتهم ببعض المهام.
اجتياز الاختبارات
ومن الأمور التي أثارت ضجة الصحف العالمية حول هذا “الروبوت” هو اجتيازه لامتحان الترخيص الأمريكي لممارسة الطب، الذي يعتبر واحدًا من أصعب الاختبارات المهنية، إذ لا يطرح أسئلة مباشرة بإجابات يمكن العثور عليها بسهولة على الإنترنت، كونه يختبر الامتحان العلوم الأساسية، والمعرفة الطبية، وإدارة الحالة، ويقيِّم كذلك الممارس الطبي من حيث التفكير الإكلينيكي، والأخلاقيات، والتفكير النقدي، ومهارات حل المشاكل، وغالبًا ما يقضي هؤلاء الأطباء مئات الساعات التحضيرية استعدادًا للاختبار، وعادةً ما تمنحهم كليات الطب وقتًا إضافيًا للتحضير، ورغم ذلك وبلا تحضير مسبق اقترب “الروبوت” من اجتياز جميع أجزاء الامتحان من دون أي تدريب متخصص، من خلال إظهار مستوى عالٍ من التوافق في إجاباته.
وفي المجال الطبي أيضًا حقق “روبوت” الدردشة إنجازًا طبيًا مثيرًا للاهتمام يتمثل في قدرته على اكتشاف المراحل المبكرة من مرض “الزهايمر”، بحسب نيويورك بوست، التي نشرت دراسة أعدها باحثون من كلية الهندسة الطبية الحيوية والعلوم والأنظمة الصحية بجامعة دريكسيل في فيلادلفيا، وجدوا أن إعادة تجهيز “روبوتات” المحادثة ذات الذكاء الاصطناعي طبيًا، يمكّن الأطباء من اكتشاف المراحل المبكرة من مرض “الزهايمر”.
وكذلك في إحدى كليات الحقوق الأميركية، استطاع ربوت “جي بي تي” بعدما كتب نصوصًا عن موضوعات عدة كالقانون الدستوري والضرائب، اجتاز الاختبار، ولكن بتقدير (سي+)؛ إذ اتقن كتابة القواعد القانونية الأساسية وأبدع في التنظيم والكتابة، ولكنه وجد صعوبة في تحديد المشكلات عند طرح سؤال مفتوح عليه، وهي من المهارات الأساسية التي تعتمد في إظهارها على الذكاء البشري دون غيره.
مخاوف الخبراء
وقد أبدى العديد من الخبراء مخاوفهم من أن تحل “روبوتات” الذكاء الاصطناعي محل الذكاء البشري، فمثلًا؛ يمكن أن يكتب “روبوت” المحادثة مقالاً حول أي موضوع بكفاءة في غضون ثوانٍ، وإنه يسهل على الطلاب الغش، وهو ما دعا إدارة التعليم في مدينة نيويورك إلى منع الطلاب والمعلمين من الوصول إلى التطبيق على أجهزة الدولة أو شبكات الإنترنت، مؤكدة على أنه يؤثر سلبًا على تعلم الطلاب، وأيضًا معهد الدراسات السياسية بباريس، الذي حظر استخدامه، لاحتمالية نشره المعلومات الخاطئة، لأنه غير متصل بالإنترنت، وبالتالي قد يخطئ في المعلومات التي ينشرها، رغم أن “الروبوت” يردّد على مستخدميه بألا تؤخذ ردوده على أنها حقيقية بطلبه من المستخدم التحقق من معلوماته التي يقدّمها، فضلاً عن أنه قد يُسهل الحصول على معلومات حول السرقة الأدبية والاحتيال وسرقة المنازل، وآليات إنتاج المواد المتفجرة، وذلك رغم أن الشركة المطوّرة تقول بأن “الروبوت” مدرب لرفض الإجابة عن أسئلة من هذا القبيل؛ مع أن بعض المستخدمين تمكنوا من اختراق سياسة الحماية الخاصة بالتطبيق باستخدام تقنيات هندسية متنوعة ونجحوا في تجاوز قيود الحماية للنيل بإجابة منه حول كيفية صنع زجاجة مولوتوف أو قنبلة نووية، بل نجحوا بدفعه لتوليد نصوص بأسلوب متشدّد حول عدد من القضايا وتأييده الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع المفوّض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي تيري بريتون، إلى القول بأن ثمة قواعد جديدة اقترحت للذكاء الاصطناعي تهدف إلى معالجة المخاوف المتعلقة بمخاطر استخدام تطبيق الدردشة “Chat Gpt” وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.