تحليل

كيف يتصرف المستثمر وقت الأزمات؟

حاليًا مع التقلبات العالية للأسواق، نجد أن المستثمر يبتعد نوعًا ما عن زيادة حصصه في الشركات، وذلك بعد الخسائر الكبيرة التي حصلت في الربع الأخير من العام الماضي وخصوصًا على أسهم التكنولوجيا، والتي فقدت الكثير من قيمتها السوقية.

وحتى لو عادت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت، وقلصت من خسائرها، ولكن تبقى تراجعات الأسهم القيادية، أكبر من تراجعات المؤشرات، مثل: داو جونز الصناعي، وستاندرد آند بورز 500، وناسداك المركب أو ناسداك 100.

وبالنسبة إلى أسواق الأسهم، وكما هو معروف لا يمكن تحقيق ثروة إلا مع الاستثمار الطويل، مع الأخذ بالاعتبار المخاطر المحتسبة لهذا الاستثمار، وتمثل الانهيارات التي تحصل بين فترة وأُخرى، فرص شراء وهذه هي طريقة وارن بافيت، أهم مستثمر في العالم والذي تتفوق طريقته على مبدأ المضاربات.

يرى بافيت، أن أي هزّات قوية في السوق، هي فرصة له، بالنسبة لشراء أسهم القيمة، وحسب مقولته الشهيرة: “سواء كنا نتحدث عن الجوارب أو الأسهم، أحب شراء سلع ذات جودة عندما يكون هناك عروض وتخفيضات على الأسعار”.

وبالنسبة إلى اتخاذ قرارات الشراء الخاصة به، فيقول إنه يعتمد على قاعدة بسيطة وهي التالية: “كن خائفًا عندما يكون الآخرون جشعين، وكن جشعًا عندما يكون الآخرون خائفين”، ولكن تبقى أهم وأول وأشهر مقولة له في مجال الاستثمار، والتي يقول فيها: “هناك قاعدتان للاستثمار التزم بهما أغلب الوقت، وهما القاعدة الأولى: لا تخسر المال أبدًا، والقاعدة الثانية: لا تنسى القاعدة الأولى”.

يستمر الاحتياطي الفيدرالي في معركته لمحاربة معدلات التضخم العالية، التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية، وتبدو للوهلة الأولى تساؤلات كيف أن الفيدرالي أساء تقدير تداعيات ارتفاعات الأسعار، وهل يقف عاجزًا مع أسلحته التقليدية في وضع حد لهذه الظاهرة والتي تعتبر على رأس لائحة مهماته بشكل عام، ولكن أيضًا يجب الاعتراف أن العوامل الجيوسياسية الجديدة، وخصوصًا حرب أوكرانيا قللت من تأثير إجراءات جيروم باول.

يولي الاحتياطي الفيدرالي عناية خاصة للاقتصاد وللأسواق المالية، قبل اتخاذ أي خطوة، فمن جهة، هناك موضوع الركود، الذي سيضر بالشركات، وبالتالي تأتي أهميته قبل الأسواق لأن تعافي سوق الأسهم، أسهل وأسرع من تعافي الاقتصاد.

أما بالنسبة إلى الاستثمار بالعملات المشفّرة، والتي تلقت هزة عنيفة، ولا نتكلم هنا فقط عن انهيارات في أسعار هذه العملات، والتي ممكن أن تعود وتعوّض خسائرها من دون أي سبب، ولكن انهيار المنصات وإفلاس عدد مهم من كبار اللاعبين في هذه السوق، والأكثر من ذلك انهيار الثقة التي لا تعوّض بثمن، والتي كانت الضربة الموجعة التي تلقتها سوق العملات المشفّرة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من المستثمرين الصغار وتحديدًا من المراهقين، تلقوا صدمة مع انهيار سوق الكريبتو، والعديد منهم فقد الثقة التي كان يعوّل عليها في نظرته إلى المستقبل، مع بعض من العملات التي ذاع صيتها واشتهرت وسط الطلاب، ثم فقدت أكثر من %95 من قيمتها.

كل ما ذكر، لا يمنع قفزات سعرية تُسجلها سوق العملات المشفرة، لأنها ببساطة، إذا لم يكن سلوكها السعري كذلك، إذًا لا يكون اسمها العملات المشفّرة، تكون بالتأكيد شيئًا آخر.

أما بالنسبة للذهب، فمع كل حركة كبيرة يُسجلها هبوطًا أو صعودًا، فيجلب مزيدًا من الجمهور، وأيضًا شاهدنا إقبالا مهما من البنوك المركزية، التي قام بعضها بعمليات شراء لزيادة احتياطاتها، وعلى رأسها روسيا التي بدأت وقبل الحرب الأوكرانية بعملية التنويع والهروب من الدولار وسندات الخزانة الأمريكية، وبالتالي نجد الذهب دائمًا يلفت الدول التي تقوم بعمليات شراء بالأطنان وعلى مراحل، حتى لا تحدث أي لفتة إعلامية، وأيضًا لكي تكون عمليات الشراء ضمن منطقة معينة، تستطيع فيها شراء الكمية التي تريدها، فمثلاً إذا كانت دولة ما تريد شراء عدة أطنان من الذهب فتختار منطقة معينة ضمن نطاق الـ100 دولار مثلاً، ولا تختار سعرا واحدا، لكي يكون هناك مرونة في اختيار سعر الشراء مع الكميات المطلوبة.

مرّ الذهب بعدة موجات من الارتفاعات عبر التاريخ، وكان لكل موجة ظروفها الخاصة، اليوم نحن أمام تضخم يضرب العالم، وكما هو معروف أن التضخم المرتفع، هو أحد العوامل التي تدعم أسعار الذهب، والتي تفاعلت مع موجات التضخم، ولكن دائمًا كان هناك الدولار وهو نجم المرحلة دون منازع مع معدلات أسعار الفائدة، واقتصاد خارج من أهم أزمة صحية منذ 100 عام، وفقد الكثير من الإنتاج خلال فترة جائحة كورونا.

وبالتالي أصبح هناك خلل كبير في معادلة العرض والطلب من جهة المعروض، والذي إلى الآن لا يستطيع الاقتصاد العالمي، تعويض هذا النقص من خلال المصانع، والتي توقف عدد كبير منها عن العمل نهائيًا، ولا تستطيع هذه المصانع، أن تعود مجددًا مع هذه المستويات المرتفعة من معدلات الفائدة، ولذلك أخذت مسألة تعطل سلاسل التوريد وقتًا طويلاً لكي تعود الأمور إلى نصابها.

بالتأكيد أي تراجع للدولار في المستقبل سيكون مفيدًا للشركات والأسواق المالية وطبعًا لأسعار الذهب والتي هي تتأثر جدًا بأي حركة كبيرة للعملة الخضراء.