تحديد المنهج الذي سيقود الوصول للغاية أو كما يُسميه مؤلف كتاب إدارة الأولويات، ستيفن كوفي، بـ “البوصلة”، هو ما يوفر ذهابًا آمنًا للوجهات المستهدفة، لاسيما عندما يأتي المنهج المحدد ضمن رؤية بعيدة المدى، تتحرك أيضًا على المدى القصير بسياسات ذات مرونة أعلى وأنماط متعددة، تُعيد ترتيب أولوياتها لتتماشى مع الاحتياجات والمتطلبات والمستجدات المرحلية، وتستخدم استراتيجيتها في حشد ما لديها من إمكانات لبلوغ الهدف الذي تتحرك نحوه.
ومنذ انطلاقها اختارت رؤية 2030م منهج المراجعة والتقييم، بما يتميز به هذا المنهج من مرونة وقدرة على التعاطي مع التغيرات العالمية، ومن ثم إعادة ترتيب الأولويات بما يضمن إكمال مسيرتها وبرامجها في خلق بيئة محفزة للنمو المستدام.
وفي ظل بيئة عالمية متخمة بالأحداث والأزمات المتتالية، بدءًا من جائحة كورونا، ووصولاً إلى الحروب في أوكرانيا وقطاع غزة، ومشاكل مثل: التضخم وتعطل سلاسل التوريد والإمداد، كان مُلاحظًا على الرؤية والقائمين على توجيه بوصلتها مدى القدرة على التصدي والتعامل الإيجابي مع هذه الأزمات العالمية، وهو ما يرجع في جزء كبير منه إلى المنهج المرن الذي اتبعته الرؤية منذ انطلاقتها الأولى، وأسفر بخلاف عديد من دول العالم ثباتًا، بل وتقدمًا واضحًا في كافة القطاعات، ونجاحًا ملموسًا تخطت نسبته الـ %81 في مؤشرات أداء كافة برامج الرؤية الرئيسية.
فإن إعادة ترتيب الأولويات وتأجيل الإطار الزمني لبعض المشروعات، والتسريع بمشروعات أُخرى، بجانب أنه يخلق بيئة اقتصادية ذات أداء عالٍ تتصف بالشفافية والوضوح، يُحفز – بلا شك- من النمو الاقتصادي، الذي تسارعت وتيرته منذ عام 2021م رغم ما يواجه الاقتصاد العالمي من مشكلات، ليصنفه صندوق النقد في تقريره لعام 2023م، باعتباره الأسرع نموًا بين اقتصادات مجموعة العشرين.