رأي

ستة “سلندر” وثلاثة ”غيار”!

تُعد السيولة الفاعلة في السوق المالي بمكانة المحرك اللازم لتنشيط أسعار مكوناته (أسهم، مشتقات، سلع) والمحفز على جاذبيته عطفًا على حالة ظروفه الهيكلية والاقتصادية، والمقصود بالسيولة الفاعلة في سوق الأسهم هو معدل السيولة المتداولة به يوميًا (بيع وشراء) وليس المقصود بها تلك السيولة المالية المتأتية من زيادة حجم أصول السوق (توسعته أفقيًا) عن طريق إدراج شركات جديدة إليه.

من المهم إدراك أن لكل سوق مالي مثل: (سوق الأسهم) مواصفات يجب أن تتناغم مع بعضها بعضًا، وإلا فقد ذلك السوق حيويته وتطلع الآخرين للمشاركة به بصفة مستمرة، وإحدى تلك الصفات هي وجوب توافر سيولة فاعلة في السوق تتناسب وحجم أصوله في كل مرحلة، مثل هذه السيولة المتواترة والمتناسبة مع حركة موجاته السعرية (ليست متذبذبة بحدة أو منقطعة لفترات) تعتبر عامل اتزان للسوق ومعززة لحالة العرض والطلب اعتمادًا على الأداء المالي لشركاته أو جاذبية أسهمها للمضاربة العامة.

لا يستقيم في الهندسة الميكانيكية “كقدرة عزم دوران مجز” أن تمتلك ماكينة سيارة بعدد (6) أسطوانات (سلندر) وأكثر وناقل للحركة (جير) بعدد (3) غيارات فقط، فالمخرجات وقتها لن تكون سليمة وستحد من القدرة الحقيقية لماكينة السيارة بسبب القصور في فاعلية ناقل الحركة ومحدوديته، وبالتالي تأثيره على سرعة السيارة وأريحيتها في كل مرحلة من الطريق!.

لو أسقطنا المثال السابق (كمثال تشبيهي)، واعتبرنا السيارة تمثل السوق المالي وسعة الماكينة هي حجمه (أصوله وعدد شركاته)، وناقل الحركة هو حجم السيولة الفاعلة لفهمنا أهمية الأخيرة ودورها الفاعل بتحقيق الاتزان والحيوية المطلوبة في السوق.

وقفات:

  • من آثار نقص السيولة الفاعلة وتذبذبها في أي سوق مالي (كالأسهم) موازنة بحجمه، هو زيادة مدة جني الأرباح والتصحيح في حركته السعرية عن المعتاد واحتياجه لمدة طويلة للنهوض مجددًا، فضلاً عن التفاوت الملحوظ في توزع السيولة داخل قطاعات وأسهم السوق (سوق كفاءات وقدرات تحليلية).
  • مهمة توفير السيولة الفاعلة للسوق المالي هو تحدٍ، لكنه في الوقت نفسه ليس بالمعضلة التي يصعب تجاوزها، فطالما كانت هناك إرادة مسبقة بتوسيعه أفقيًا (أي السوق) فالحلول من المفترض لن تعجز عن مده عموديًا لدرجة التوازن فيما بينهم!
  • من صفات أغلب متداولي أسواق المال عدم السؤال عن طبيعة ومصادر وأسباب زيادة السيولة الفاعلة في السوق في موجاته السعرية الصاعدة، إلا أن الحال يختلف في موجات التصحيح السعري للسوق.