اختتمت مؤخرًا أعمال مجموعة “بريكس” في مدينة قازان في جمهورية تترستان الروسية، حيث أصدرت المجموعة في ختام اجتماعاتها بيان قازان والمتضمن 134 فقرة.
البيان جاء بمثابة شرح موسع لحالة الاقتصاد العالمي وحالة الضمور الواضحة في المؤسسات الدولية على أصعدة متعددة بدءًا بالأمم المتحدة، ومجلس الأمن، مرورًا بمنظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومؤتمر الأطراف، وعديد من المؤسسات الدولية ذات المهمات الاقتصادية المختلفة.
المتمعن لبيان قازان والشفافية العالية في محتواه يدرك أن المجموعة تنتقل فعليًا من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التوسع، هذا التوسع ليس مبنيًا على قوى استعمارية تخلق محيط تأثير يخدم مصالحها وأجنداتها السياسية، بل هو توسع تقوده رغبة الدول والشعوب في تنمية مجتمعاتها بعيدًا عن قيود النظام المالي العالمي الحالي، والتفكك ما بين الاقتصادات النامية والناشئة والمبتدئة.
مطلع العام الحالي انضمت كل من الإمارات العربية المتحدة ومصر وأثيوبيا وإيران إلى مجموعة “البريكس” وكل دولة لها مصالحها التي تخص اقتصادها، وبذلك تكون “بريكس” توسعت إلى تسعة أعضاء، كما أعلنت مجموعة “بريكس” إنشاء مجموعة الشركاء، وتضم ما يقارب الـ 13 دولة في حين توجد أكثر من 30 دولة تقدمت بطلب انضمام للمجموعة على رأسهم صربيا التي أبدت استعدادها للتخلي عن متابعة العضوية في الاتحاد الأوروبي رغبة في انضمامها إلى بريكس.
الدوافع التي تحث الدول إلى الرغبة في الانضمام إلى “بريكس” تختلف بحسب كل دولة واقتصادها، فهناك من الدول من يقع تحت طائلة العقوبات في النظام المالي العالمي، وهو ما يجعلها تبحث عن قارب نجاة، إلا أن هناك دول أخرى وجدت نفسها رهينة أجندات سياسية ومناهج أيديولوجية لا تناسب مجتمعاتها وبيئتها.
هناك أيضًا دول ضاقت ذرعًا بتوقيع اتفاقيات تنمية وتطوير فلم تنل من التطوير سوى هدر في مواردها البشرية وثرواتها، كما أبدت بعض الدول رغبتها في الانضمام سعيًا إلى خلق مناطق تجارة حرة في أراضيها تقوم بإنعاش الحالة الاقتصادية المتراجعة، ولعل دول أفريقيا ترغب في الانضمام إلى “بريكس” تحوطًا من اتفاقيات دولية جاءت تحت عنوان المساعدات ثم سرعان ما تحولت إلى مديونيات باهظة جعلت من المجتمعات رهينة في أيدي اجندات خارجية.
الكثير من الدول الراغبة في الانضمام إلى بريكس ترى في المجموعة منصة تقارب مع الصين التي تنشئ مشروع الحزام والطريق وترى أيضًا في المجموعة روسيا عملاق الطاقة العالمية، وبذلك فإن هذه المنصة توفر أدوات النمو الاقتصادي والمشروع الاقتصادي الأكبر على المستوى العالمي الحزام والطريق.
العالم الاقتصادي المرتهن إلى النظام المالي الحالي وعملة الخزانة الدولية يتأهب إلى أخذ خطوات جديدة في عالم متعدد القطبية تقود فيه دول “بريكس” النمو العالمي القادم ولعقود قادمة بينما تتراجع أدوات النظام المالي العالمي الحالي في صنع نمو اقتصاد عالمي شامل قادر على خلق فرص تصنيعية وخدماتية وموارد ترفع من قدرته التنموية.