في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، انعقدت فعاليات القمة السنوية لمجموعة تكتل “بريكس” بمدينة “قازان” عاصمة جمهورية “تترستان” في روسيا، وسط تطلعات لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول التكتل، الذي تعد مجموع دوله الخمس الأساسية وهي: (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، الأسرع نموًا اقتصاديًا في العالم؛ إذ تبلغ قيمة اقتصاداتهم مجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي %28 من الاقتصاد العالمي، ويمثلون مزيجًا من الاقتصادات الكبيرة والصغيرة.
وثمة تقديرات بأن يسيطر هذا المزيج الاقتصادي المتنوع مع اتساعه المستقبلي على أكثر من %40 من الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل، وهو ما يؤشر بالمزيد من الفرص التجارية والاستثمارية النوعية، فضلاً عن خلق أسواق متنوعة، ما يجعل التكتل قناة مهمة في تعزيز التعاون والقدرة على إحقاق التوازن في العالم لاسيما في ظل التحولات العالمية الجارية.
ويعكس حضور المملكة في القمة وحرصها على التواجد ضمن دول التكتل، ثلاثة أمور هامة لعل أولها: هو مدى الإدراك لأهمية هذا التكتل ومردوداته الاقتصادية العالمية بوجه عام وعلى البلاد بوجه خاص لاسيما في ظل ما تستهدفه رؤيتنا من تنويع اقتصادي مستدام وتنمية اقتصادية شاملة، تنتهج في تحقيقها تعزيز التعاون الاقتصادي والمعرفي مع مختلف البلدان.
وثانيها: حالة الواقع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد بما يمثله من حسابات اقتصادية بحتة والاستفادة القصوى من المكانة الاستراتيجية التي تتمتع بها المملكة كأكبر اقتصاد في المنطقة والعالم، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي، الذي يمكِّنها من أن تكون جسرًا بين أسواق آسيا وأوروبا وأفريقيا، مما يدعم دور البريكس في تحقيق توازن أكبر في النظام الاقتصادي العالمي.
وثالثها: أن حضورها في ظل ضخامة حجم التبادل التجاري بين المملكة ودول التكتل مجتمعة، الذي تجاوز 196 مليار دولار عام 2023م؛ وهو ما يعادل %37 من إجمالي التجارة الخارجية للمملكة، يعبر عن إمكانية مضاعفة العلاقات التجارية بينهما.
وثمة تقديرات بأن يشهد حجم التبادل التجاري مزيدًا من النمو وفرصًا لزيادة الصادرات إلى هذه الاقتصادات سريعة النمو، ما يعزز من استراتيجية تنويع الإيرادات التي تتبعها الدولة في إطار رؤية 2030م، خاصة مع تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون بين المملكة والدول الأعضاء الأخرى في المجموعة.