عندما صدر بيان ميزانية المملكة للربع الثاني من هذا العام قرأت التفاصيل والتعليقات لتحديث اطلاعي ومتابعتي للإيرادات غير النفطية الرقم الذهبي الأهم في الجانب الاقتصادي والمالي لرؤية 2030 فوجدته ولله الحمد محققا نموا بنسبة 6 في المائة مسجلا 252 مليار ريال قارنة مع النصف الأول من عام 2023.
الاطلاع على البيان والتبحر في الشبكة العنكبوتية اخذني لموقع وزارة المالية الذي لم ازره منذ فترة طويلة وهذا قصور ممن يكتب في الشأن الاقتصادي لأنه من اهم المواقع وادقها والاهم انه المعلومات الواردة فيه يتم تحديثها دوريا وهو امر تفتقده كثير من المواقع الاقتصادية الرسمية والخاصة.
لفتني البيان التمهيدي لميزانيتي المملكة للعامين 2023 و2024م، والذي تصدره الوزارة قبل نهاية العام المقصود بشهرين أو ثلاثة، لفتني لأنني كنت أقرأ فقط البيان الصحفي الذي يختصر البيان ولم يخطر ببالي الاطلاع عليه كاملًا، وهذا قصور آخر مني.
البيانان اللذان قرأتمها بالتفصيل يعكسان الإصلاحات الهيكلية والمالية الاستباقية التي اتخذتها المملكة لتعزيز قدرة اقتصادها على مواجهة التحديات والتطورات الاقتصادية، وتصدر الوزارة هذا البيان كأحد عناصر سياسة الحكومة في تطوير منهجية إعداد الميزانية العامة، ووضعها في إطار مالي واقتصادي شامل على المدى المتوسط، وتعزيز الشفافية والإفصاح المالي، والتخطيط المالي لعدة أعوام، وتهدف من خلال البيان إلى إطلاع المواطنين والمهتمين والمحللين على أهم التطورات الاقتصادية المحلية والدولية التي تؤثر على إعداد ميزانية العام المقبل، بالإضافة إلى أهم المؤشرات المالية والاقتصادية للعام المعني، وعلى المدى المتوسط.
المهم لرجال الأعمال وأصحاب المشاريع والمبادرات إضافة الى البيانات الأساسية للميزانية والاقتصاد السعودي هو أن هذا البيان يستعرض أهم البرامج والمبادرات المخطط تنفيذها خلال العام المالي المقبل والمدى المتوسط في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030، وهو يراجع بعض الاستراتيجيات القطاعية خاصة في القطاعات الواعدة، ويخبرك بما تم في العام الذي أنت فيه، والمتوقع أن يتم في العام الذي يليه، وعلى المدى المتوسط.
إنه ببساطة أحد المؤشرات التي تدلك على مكامن الفرص، ومناطق التركيز الحكومي ضمن الرؤية، وشخصيًا وبعد الاطلاع عليهما سيكون قرار استثماري في شركة مساهمة ما جديدة على السوق هو مدى ارتباطها بالقطاعات الواعدة ومناطق التركيز المستقبلية للحكومة أو لصندوق الاستثمارات العامة أو لصندوق التنمية الوطني.
الشاهد لدي أن من يقرأ يكسب، وقد يعتقد بعض الكُتَّاب، وبعض رجال الأعمال في أكثر من مجال أنهم أقل الناس حاجة إلى القراءة ومطالعة الكتب أو التقارير المفصلة، خاصة الحكومية منها، ربما لأننا أمضينا ردحًا طويلًا من الزمن لا نجد في البيانات والتقارير والكتيبات الحكومية معلومات محدثة، وأخرى تساعدك على توقع المستقبل، ولكن هذا تغير كثيرًا في السنوات القليلة الماضية لأن هناك سباقًا على البيانات الدقيقة، ورغبة واضحة في مواكبة الأحداث واطلاع العموم على كل شيء.
وبعيدًا عن تقارير أو قراءات متخصصة تفيد رجال الأعمال وقائدي المنظمات الربحية الكبيرة والصغيرة، فالقراءة بشكل عام مهمة لهم بقدر ما هي مهمة لباقي فئات المجتمع، إن لم يكن أكثر، فرجال الأعمال هم في أمس الحاجة إلى القراءة من أجل المحافظة على مواقعهم، لأن الحفاظ على موقعك أو رفعه في المستقبل يحتاج اليوم إلى الإلمام ليس فقط بالاقتصاد والإدارة والتجارة، ولكن أيضًا الاطلاع على المتغيرات الثقافية والاجتماعية والبيئية؛ لأنها إن طال الزمن أو قصر ستؤثر على أعمالك، ستؤثر إيجابًا إن كنت تقرأ بتمعن، وربما سلبًا إن كنت لا تفعل.