لطالما كانت أسعار الذهب وأسعار النفط محط أنظار المتداولين والمستثمرين بشكل مستمر، وبالتالي العلاقة بين السعرين أكيد مهمة، فنسبة سعر الذهب إلى سعر النفط الأمريكي تختصر هذه العلاقة وخصوصًا أن طريقة حسابها بسيطة جدًا.
وسأتناول هذه العلاقة وماذا تعني للمتداول والمحطات التاريخية لها؛ إذًا نستعرض هنا علاقة مهمة وهي بين أسعار النفط وأسعار الذهب: بداية ارتفاع أسعار النفط يلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع في معدلات التضخم، مما يؤدي إلى مزيد من الطلب على الذهب وبالتالي ارتفاع في الأسعار، وهنا نرى الترابط القوي بين أعضاء المثلث المهم: الذهب، النفط، التضخم، وخصوصًا عندما يحصل ارتفاع في أسعار النفط.
فنسبة الذهب إلى النفط تخبرنا كم هو عدد براميل النفط (نتكلم هنا عن نفط غرب تكساس)، تستطيع شراء أونصة واحدة من الذهب، وفي نظرة تاريخية على هذه النسبة، نرى أن هذه المعدل التاريخي الذهبي لها كان عند حوالي 16 وعلى مدى فترة طويلة من 25 عامًا، أي أن أونصة واحدة من الذهب تشتري 16 برميل خام نفط غرب تكساس كمعدل طوال هذه الفترة، وبالتالي كان إذا ارتفعت هذه النسبة يكون هناك عدة سيناريوهات واحتمالات عديدة منها مثلاً تراجع في أسعار النفط أكثر من التراجع في أسعار الذهب، أو قد يكون حصل ارتفاع في أسعار الذهب أكثر من الارتفاع في أسعار النفط، أو أيضًا ارتفاع في أسعار الذهب وتراجع في أسعار النفط وما إلى ذلك.
وفي السنوات الأخيرة تغير الوضع بقوة خصوصًا مع الأحداث الدراماتيكية التي حصلت في أسعار النفط في فترة كورونا، حيث ذهبت الأسعار إلى السالب 37 بعد الانهيار التاريخي الذي حصل وسط ذهول المتداولين عندما شاهدوا ذلك لأول مرة في التاريخ.
طبعًا ليكون هناك بعض من الموضوعية في استعمال هذه النسبة يجب أيضًا عدم التركيز على الأسعار الاستثنائية التي حصلت في أسعار النفط إن كان وقت انهيارها إلى سالب 37 أو أيضًا عندما انفجرت الأسعار صعودًا إلى 127 دولارًا بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا، والحظر على الصادرات الروسية، وبما أن روسيا بين أكبر ثلاث دول منتجة ومصدرة في العالم، كان من الطبيعي أن نشهد هذه القفزة الاستعراضية، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه عند حصول توترات عسكرية أو حرب يكون فيها أحد الأطراف من الدول المنتجة للنفط، بالتأكيد سيكون هناك تأثير قوي على الأقل لفترة قصيرة على الأسعار.
وبالنسبة إلى أسعار الذهب ووصوله إلى هذه المستويات العالية مدعومًا بمعدلات التضخم العالية التي انفجرت في الولايات المتحدة وأوروبا وأتى ذلك أيضًا مع أسعار نفط معقولة مقارنة بقفزة أسعار الذهب والتي شكلت سلاسل التوريد عاملاً مهمًا في ارتفاع معدلات التضخم بالإضافة إلى تهافت البنوك المركزية على زيادة احتياطاتها.
وهنا أود أن أضيف أنه لو أسعار النفط كانت استقرت فترة طويلة فوق مستويات 100 دولار كان سيؤدي ذلك إلى ارتفاعات أكثر في أسعار الذهب، وهنا أيضًا يجب أن ننتبه إلى أن الدولار القوي لعب دورًا مهمًا في عدم ذهاب الذهب بعيدًا جدًا في الفترة السابقة، والآن من العلاقة بين النفط والذهب سأنتقل إلى العلاقة بين الذهب والفضة.
وما هي العلاقة بين حركة أسعار الذهب والفضة؟، نتعرف على هذه العلاقة من خلال قراءة نسبة الذهب إلى الفضة والتي تشير إلى الكمية اللازمة من أونصات الفضة لشراء أونصة واحدة من الذهب، ولكي نفهم أكثر نأخذ مثالاً على ذلك: سعر أونصة الذهب: 2650 دولارًا وسعر أونصة الفضة: 34، وفي عملية حسابية بسيطة نجد أن النسبة هي: 2650 مقسومةً على 34 وتعادل 78 مما يعني أن الأونصة الواحدة من الذهب تشتري 78 أونصة من الفضة.
بعد كل ذلك، السؤال هنا: كيف نستفيد من هذه العلاقة؟، كمعدل تاريخي في القرن 21 كانت النسبة تتراوح بين 50 و70 أونصة فضة للأونصة الواحدة من الذهب، ولكن أثناء فترة جائحة كورونا سجلت مستوى قياسيًا عند 125 يعني أونصة الذهب تشتري أكثر من 100 أونصة فضة.
ومن بين المستويات المتدنية لهذه النسبة كانت في عام 2011م، عندما سجلت مستويات دون 35، هذه النسبة تعطينا بعض الإشارات للخروج مثلاً من الفضة والدخول في الذهب أو بالعكس، فعندما ترتفع النسبة بقوة تصبح أسعار الفضة رخيصة مقارنة بالذهب، وبالتالي للعودة إلى المعدلات التاريخية أنت بحاجة إلى عدة سيناريوهات، مثلاً يحصل تراجع في أسعار الذهب وصعود في الفضة أو سيناريو آخر مثلاً ترتفع أسعار الفضة بقوة مقابل ارتفاعات محدودة للذهب، وهناك أيضًا سيناريو التراجعات، وذلك عندما تتعرض أسعار المعدن الأصفر لتراجعات حادة مقابل هبوط خفيف لأسعار الفضة، وبذلك نرى أن النسبة تتراجع بقوة وتعود وتقترب من المعدلات التاريخية.
ويلجأ المستثمرون أحيانًا إلى استعمال هذه النسبة عندما يريدون التحوط بشأن صفقاتهم من الذهب، فمثلاً يقومون بشراء الفضة إذا أصبحت أرخص مقابل الذهب أو بيع الفضة مقابل شراء الذهب.
وفي الختام يبقى الذهب له جمهوره الكبير من المستثمرين، وأيضًا النفط من أهم السلع والأكثر متابعة في الأسواق.