ارتفع إنفاق السياح الوافدين والمحليين في المملكة عام 2023م من 116.9 مليار ريال عام 2021م إلى 255.6 مليار ريال.
سجلت إيرادات المملكة من السياحة الدولية بحسب تقرير “باروميتر” الصادر عن الأمم المتحدة للسياحة في شهر سبتمبر 2024م ارتفاعًا بنسبة %207، وكذلك ارتفاعًا بنسبة %73 في عدد السياح الدوليين، وشهدت مختلف الوجهات السياحية في المملكة ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد السياح الدوليين بلغ نحو 17.5 مليون سائح خلال أول 7 أشهر من عام 2024م.
وكانت المملكة قد حققت نموًا بنسبة %56 في أعداد السياح الدوليين خلال العام 2023م، مقارنة بعام 2019م، لتواصل ريادتها العالمية بصعودها 15 مركزًا في ترتيب دول العالم في إنفاق السيّاح الدوليين متصدرة حركة الصعود بالمراكز بين الدول الخمسين الأولى، محققةً المركز الـ 12 عالميًا، حيث وصل عدد السياح إلى 27.4 مليون سائح، كما سجل حساب السفر في ميزان المدفوعات فائضًا تاريخيًا بلغ 48 مليار ريال خلال عام 2023م، بزيادة سنوية قدرها %38.
ويُعد قطاع السياحة أحد القطاعات الرئيسة والمحورية، التي اعتمدت عليها رؤية 2030م، لتحقيق مستهدفاتها الرامية إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنويع الاقتصاد الوطني، بدلاً من الاعتماد على النفط، وبناء اقتصاد قوي ومستدام، يواكب التغيرات العالمية، ويرفع من مستويات معيشة المواطنين.
ولتحقيق ذلك، فإن رؤية 2030م، حثت على زيادة الترويج لجذب السياح الوافدين من الخارج، وتعزيز السياحة الداخلية، لتصبح أكثر تنوعًا وجذبًا للمواطنين والمقيمين، وتشجيع الاستثمار المحلي والدولي في قطاع السياحة، ودعم جهود إحياء مواقع التراث الثقافي والمعالم الأثرية، وكذلك إنشاء وتنفيذ عديد من المشروعات السياحية التنموية.
استدامة قطاع السياحة
وتُعدُّ استدامة قطاع السياحة جزءًا من الرؤية؛ إذ حرصت المملكة على السعي لتطوير السياحة بشكل يتفق مع المعايير البيئية، والتركيز على المشروعات، التي تحافظ على الطبيعة والبيئة، وعلى رأس تلك المشروعات، الحفاظ على المحميات الطبيعية.
وتطمح الاستراتيجية الوطنية للسياحة إلى اجتذاب أكثر من 150 مليون سائح محلي ووافد بحلول 2030م، وزيادة معدلات التوظيف من 650 ألف وظيفة عام 2019م إلى 1.6 مليون في 2030م ورفع إسهامات القطاع السياحي في الناتج المحلي من %3 إلى %10، هذا فضلاً عن تشجيع السياحة الدينية للوصول بعدد الحجاج والمعتمرين إلى 37 مليون شخص سنويًا.
وقد اجتذب قطاع السياحة في المملكة، خلال النصف الأول من عام 2024م، حوالي 60 مليون سائح أنفقوا خلالها 143 مليار ريال (نحو 38 مليار دولار)، وهو ما يرفع من إسهامات القطاع في إجمالي الناتج المحلي إلى %10، أما خلال عام 2023م، فوفقًا لما أعلنته وزارة السياحة، فقد بلغ إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين 109.3 مليون سائح أنفقوا حوالي 255.6 مليار ريال؛ منهم 81.9 مليون سائح محلي، أي ما يوازي %75 من إجمالي عدد السائحين، فيما بلغ عدد السياح الوافدين 27.4 مليون سائح أي ما يوازي %25 من إجمالي عدد السياح.
وقد ارتفع عدد السياح في عام 2015م من 64.4 مليون سائح منهم 18 مليون سائح وافد، إلى 94.9 مليون سائح عام 2022م، منهم 16.6 مليون سائح وافد، أما فيما يتعلق بتطور إنفاق السياح الوافدين والمحليين، فقد ارتفع من 116.9 مليار ريال عام 2021م إلى 255.6 مليار ريال عام 2023م.
وكانت مكة المكرمة، أكثر الوجهات الجاذبة للسياح المحليين والوافدين، خلال عام 2023م؛ إذ استقبلت 38 مليون سائح، تليها الرياض، التي استقبلت 19.1 مليون سائح.
إيجاد مزيد من فرص العمل
وثمة تأثير كبير لنمو قطاع السياحة على عديد من القطاعات الأخرى وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، إذ تمثل السياحة حوالي %10 من الناتج الإجمالي المحلي العالمي، كما وصلت نسبة مساهمة السياحة، قبل جائحة كورونا، في الوظائف حول العالم إلى %10.
وفيما يتعلق بدور السياحة في دعم الاقتصاد الوطني، فإن هذا القطاع يسهم في خلق مزيد من فرص العمل الجديدة للمواطنين، سواء في الفنادق والمطاعم أو في الشركات السياحية ووكالات السفر أو حتى في وسائل النقل، فضلاً عن قطاع الجملة والتجزئة، والذي يستفيد أيضًا من الطلب على المنتجات والسلع، وخاصةً المحلية منها، مثل: الصناعات التقليدية والحرف اليدوية، ومن جهةً أخرى، فإن السياحة تسهم في زيادة الإيرادات الحكومية، من خلال الرسوم والضرائب السياحية.
وتظهر بيانات البنك المركزي المتعلقة بميزان المدفوعات، أن إيرادات السفر والسياحة وصلت في المملكة عام 2022م، إلى نحو 25.2 مليار دولار، وارتفعت عام 2023م إلى حوالي 36 مليار دولار، وذلك بعد أن تأثرت كثيرًا، خلال عامي (2020م و2021م) بأزمة كورونا، فيما بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع السياحة بالمملكة، حوالي 13 مليار ريال، خلال الربع الرابع لعام 2023م، وهو ما يمثل ارتفاعًا بأكثر من %16 مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه.
رفع إيرادات السياحة
ووفقًا لنائبة وزير السياحة، الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود، فإن المملكة تستهدف رفع إيرادات السياحة من حوالي 66 مليار دولار عام 2023م، إلى 85 مليار دولار عام 2024م، موضحةً أن مساهمة السياحة حاليًا في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ %4.5، ومن المستهدف أن تصل إلى %10 بحلول عام 2030م.
وفيما يتعلق بعدد الوظائف في القطاع السياحي بالمملكة، فقد ارتفع إلى 925 ألف وظيفة عام 2023م، وبلغت نسبة التوطين بالقطاع السياحي %26، أما بالنسبة لقطاع الضيافة، فقد بلغت نسبة التوطين فيه %38، كما وصلت النسبة نفسها في وكالات السفر إلى %36، ووصل عدد الملتحقين الجدد بقطاع السياحة إلى 380 ألفًا خلال عام 2023م، فيما بلغ متوسط الرواتب في القطاع حوالي 6.4 ألف ريال.
وقد سعت الدولة إلى تطوير الوجهات والمواقع السياحية وتفعيلها، ورفع جاهزية البنى الأساسية السياحية، مع ضخ استثمارات كبيرة في مشروعات البحر الأحمر ونيوم والدرعية، وتطوير شبكة النقل والمواصلات، بما يشمل الطرق والقطارات والحافلات وحتى السفن والطائرات.
ومن جانب آخر، فقد تم الإعلان عن إصدار تأشيرة سياحية في سبتمبر 2019م، تتيح لحاملها من مختلف دول العالم زيارة المملكة لمدة عام على شكل زيارات متعددة، بشرط ألا تزيد مدة الزيارة الواحدة على 90 يومًا.
الكوادر البشرية وتنمية القدرات
وفيما يتعلق برفع كفاءة الكوادر البشرية وتنمية القدرات البشرية السياحية، فقد استهدفت وزارة السياحة تدريب 500 ألف منذ 2019م، وشهد عام 2023م فقط تدريب حوالي 100 ألف عبر عدد من البرامج التدريبية، أبرزها برنامج (رواد السياحة 2)، كما حصل حوالي 1500 شاب وشابة على تدريبات في عدد من الجامعات والمعاهد الدولية وجهات التعليم والتدريب السياحي الرائدة في سويسرا وبريطانيا وإسبانيا.
وبشكل متوازي مع تلك الجهود، أقرت المملكة منظومة التحسينات والتطوير للبيئة التنظيمية والتشريعية لقطاع السياحة، بما يسهم في تنمية السياحة الوطنية وجذب الاستثمارات لهذا القطاع، واستحدثت منظومة إدارية كبيرة، كان من بينها تدشين وإنشاء وتفعيل عدد من الجهات، وعلى رأسها، وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة وصندوق التنمية السياحي ومجلس التنمية السياحي ومجالس التنمية السياحية في المناطق، فضلاً عن إنشاء مركز الاستدامة العالمي لقطاع السياحة.
وبرغم الجهود الكبيرة لتسريع نمو قطاع السياحة السعودي، إلا أن قطاع السياحة، شأنه في ذلك، مثل كافة القطاعات الاقتصادية حول العالم، تواجهه بعض التحديات الداخلية والخارجية، فعلى الصعيد الداخلي، هناك التحديات اللوجستية، مثل مدى توفر الفنادق ومستوى جودتها، وتوافر المطاعم ووسائل النقل.
ومع أن هناك جهود مبذولة لتطوير البنية التحتية السياحية في المملكة، إلا أن هناك ضرورة للاستثمار بكثافة في تطوير البنية التحتية السياحية، وخاصةً في المناطق الدينية والتراثية، بما في ذلك بناء الفنادق وتحديث المطارات والموانئ.
تحديات القطاع السياحي
وهناك تحديات أيضًا، تتعلق بعدم توافر الأيدي العاملة والكوادر البشرية، خاصة في قطاعي النقل الجوي والضيافة، وهما من القطاعات الأساسية الداعمة والشريكة لقطاع السياحة، ويرتبط بذلك إتقان اللغات الأجنبية، إذ إن عدم إتقان تلك اللغات في المنشآت السياحية يؤدي إلى صعوبة التواصل الفعال مع السائحين، وهو ما ينعكس على مستوى الخدمات المقدمة.
وتعد التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، خلال فصل الصيف، تحديًا من نوع آخر، قد يؤثر على الرحلات والزيارات إلى عديد من المناطق السياحية، كما أن التغيرات البيئية قد تؤثر على التنوع البيولوجي في المحميات والبيئة الطبيعية وعلى السياحة البيئية. الأمر الذي يتطلب تبني استراتيجيات للتكيف مع تلك التغيرات المناخية.
أما فيما يتعلق بالتحديات الخارجية، فتتمثل في التطورات الجيوسياسية في المنطقة، خاصةً أنه من المعروف، أن قطاع السياحة من القطاعات بالغة الحساسية تجاه أي توترات حول العالم أو في إقليم ما، وفي هذا الإطار يشير وزير السياحة، أحمد ابن عقيل الخطيب؛ في تصريح له في أبريل 2024م، أن العام المذكور يشهد عديدًا من التحديات لسوق السياحة العالمية من أهمها المخاطر الجيوسياسية، وإن كانت بعيدة عن تلك المخاطر، وكذلك الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة وتوقع تأخير تخفيضها من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نتيجة ارتفاع التضخم، وهو ما قد يؤثر على قطاع السياحة والسفر عالميًا.
كذلك، فإن التنافس الدولي في مجال صناعة السياحة، يُشكل تحديًا بارزًا في الإقليم، خاصةً مع تطور صناعة السياحة في دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، ومنها الإمارات وقطر وعمان، فضلاً عن مصر وتونس وتركيا.
وهناك عديد بالفعل من الإجراءات الحكومية، التي تم اتخاذها بهدف تعزيز السياحة، ومن المهم الاستمرار في تذليل الصعوبات التي تواجهها، ومن ذلك الاستمرار في تسهيل وتبسيط إجراءات الحصول على التأشيرات السياحية.
ومن المهم أيضًا الاستمرار في توفير الكوادر البشرية المدربة وتأهيلهم من خلال برامج تدريبية وتطويرية، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل وتحسين التجربة السياحية بالمملكة وتوفير المعلومات، من خلال تقديم عديد من الخدمات الإلكترونية وإنشاء مزيد من تطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بإرشاد السياح وتسهيل إجراءات السفر والإقامة وحجز الفنادق وتنظيم الرحلات.