أسواق البقالات

طفرة البقالات!

تتوقع الأبحاث والدراسات بأن ينمو سوق البقالات والتجزئة في المملكة ليصل حجمه إلى 661 مليار ريال حتى عام 2028م.

بلغ عدد منافذ البيع من صنف البقالات بمختلف أحجامها 40.926 متجرًا بمساحة إجمالية تقدر بنحو 6.87 مليون متر مربع.

يسهم قطاع التجزئة والذي يضم قطاع البقالة بنحو %23 من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة.

 

على غرار معظم دول العالم، بات قطاع البقالة في المملكة، من أكبر القطاعات الاستهلاكية في العالم، وفيما تجاوز سوق البقالة العالمي نحو 11 تريليون دولار أمريكي، مع توقعات بنمو سنوي مركب يتراوح بين %5-3 في السنوات القادمة، شهد قطاع البقالة السعودي نشاطا متزايدا بسوق تبلغ قيمتها نحو 232.5 مليار ريال، مع معدل نمو سنوي مركب متوقع يبلغ ما بين (4،2 و%6) خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وقد منح الحراك الاقتصادي في المملكة، قطاع البقالات على وجه الخصوص والتجزئة بشكل عام، نظرة مستقبلية إيجابية تدعمها الإحصاءات والأرقام الرسمية، والتي تؤكد أن قطاع التجزئة حظي بأداء قوي خلال الربع الثالث من عام 2024م، مسجلاً نموًا بنسبة %5.8، ليكون الأسرع نموًا بين القطاعات الاقتصادية.

ويُقدر حجم سوق تجارة البقالة والتجزئة ومعها المطاعم بنحو 282.816 مليار ريال، وهو ما يمثل حوالي %10.95 من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد، وتتوقع الدراسات أن ينمو سوق البقالة والتجزئة في المملكة بمعدل سنوي مركب يصل لمستويات %6 حتى عام 2028م، ليصل حجمه إلى 661 مليار ريال.

ويأتي النمو مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها، التوسع في التجارة الإلكترونية التي تشكل حاليا %13 من السوق، مع معدل نمو سنوي مركب يصل إلى %14، فيما تستحوذ البقالة تحديدًا على %34 من الإنفاق.

دائرة قادة التجزئة

في فبراير 2025م، أكد خبراء شاركوا في منتدى دائرة قادة التجزئة العالمي، الذي أقيم في الرياض، أن قطاع التجزئة يواصل تسجيل نمو إيجابي رغم التحديات، مدفوعًا بزيادة الإنفاق، وتحول سلوك المستهلك نحو القيمة والتجربة، وصعود التجارة الإلكترونية، إلى جانب نشاط متزايد في صفقات الاندماج والاستحواذ، وقدَّر الخبراء حينها نمو القطاع بما يتراوح بين 4 إلى %6 سنويًا، كما توقعوا أن يستمر النمو في عام 2025م بمعدلات مماثلة، مدعومًا بالتوسع في البيع بالطرق الإلكترونية.

وخلال العقد الأخير، باتت تجارة البقالة بجميع سلعها من أكثر القطاعات التجارية المربحة والتي تشهد نموًا متزايدًا، وتحتل تجارة التجزئة من داخل المتاجر من صنف البقالة المرتبة الثانية في المملكة بعد متاجر التجزئة المتخصصة من حيث عدد منافذ البيع وقيمة المبيعات من إجمالي متاجر التجزئة؛ حيث بلغ بحسب أرقام عام 2024م، عدد منافذ البيع من صنف البقالات بمختلف أحجامها 40.926 متجرًا بمساحة إجمالية تقدر بنحو 6.87 مليون متر مربع، وتشمل هذه البقالات محلات البقالة التقليدية، ومحلات البقالة الحديثة، وتشكل محلات البقالة التقليدية، وهى المتاجر الصغيرة التي توجد في أغلب أحياء مدن البلاد حوالي %85.4 من الإجمالي بينما لا تشكل مبيعاتها %53.4 من إجمالي مبيعات البقالات، أما محلات البقالة الحديثة وهي محلات أكبر مساحة وفيها تنوع أكثر في السلع والتي تتضمن المتاجر المتخصصة، والهايبر ماركت، والسوبر ماركت، والمتاجر الموجودة في محطات الوقود، والتي تمثل ما نسبته %14.6 من إجمالي متاجر البقالات ولكنها تحقق %46.6 من إجمالي مبيعات البقالات.

التنظيمات الحكومية

وبحسب توقعات وزارة البلديات والإسكان، يسهم قطاع التجزئة والذي يضم قطاع البقالة بنحو %23 من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة، ويرجع الخبير الاقتصادي، عبدالله البراك، التطور في القطاع، للتنظيمات الحكومية التي بدأت في عام 2016م لتنظيم أسواق البقالة، معتبرًا أنها كانت جيدة جدًا، ونظَّمت عمل القطاع، ويضيف بقوله إن الزيادة الحالية لها أمران، الأول: زيادة النمو السكاني وخاصة الوافدين، ومن المعروف أنه مع زيادة النمو السكاني يزداد الطلب على المواد الغذائية ومواد البيع، وخاصة محلات البقالة، لأن هذا القطاع مرتبط بالنمو السكاني والقوة الشرائية، والثاني: ما يتعلق بتطبيقات التوصيل التي أسهمت بشكل كبير في نمو الطلب، فكثير من شركات التوصيل باتت توصل طلبات البقالة من أي مكان، وهذا ساعد في نمو هذا القطاع بشكل كبير، حتى المحلات الكبيرة والهايبر تقوم بهذا الدور وتعتمد على التوصيل، فالتنافسية باتت كبيرة في هذا القطاع مع أن هوامش الربحية محدودة، وليست عالية ولكنها تعتمد على كثرة الطلب وسرعة دائرة المال، وتوفر الكاش بشكل أسرع مما يسهم في زيادة النمو، وهذا يضاعف من قوة السوق.

مفترق طرق

ومثل كثير من قطاعات البيع والتجزئة، يواجه قطاع البقالة بعض التحديات، وهو يقف في مفترق طرق، بين الاستمرار بوتيرته المتسارعة، أو الجمود، وربما التراجع لاحقًا، كشف تقرير حديث صادر عن “أوليفر وايمان”، شركة الاستشارات الإدارية العالمية وإحدى شركات “مارش ماكلينان” ورمزها في بورصة نيويورك (MMC)، أن متاجر البقالة في المملكة على مفترق طرق بالتزامن مع اشتداد المنافسة في السوق والتغير في سلوك المستهلكين ما يؤدي إلى إعادة رسم ملامح القطاع.

ويتسم سوق التجزئة للبِقالة في المملكة بحجمه الكبير ونموه المستمر؛ إذ بلغ حجمه في عام 2023م، نحو 232.5 مليار ريال، مع معدل نمو سنوي مركب متوقع يبلغ %4.2 خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وفيما لا تزال إمكانات النمو من خلال التوسع كبيرة في السوق، يشير التقرير إلى ضرورة بدء باعة التجزئة بتطبيق استراتيجيات فعّالة لتميّز العروض من الآن استعدادًا للمستقبل عند اشتداد المنافسة على الحصص السوقية.

وعلى الرغم من التطور الذي يشهده قطاع التجزئة، إلا أنه بحاجة إلى إدراك حقيقة صعوبة التنافس على استقطاب العملاء، واغتنام حصة من المحفظة التي ظهرت في الأسواق، وضرورة تكييف استراتيجياته من أجل تحقيق النجاح والازدهار في هذه البيئة شديدة التنافسية.

وبحسب الدراسات التي قامت بها أوليفر وايمان، فأن القيمة هي المحرك الأساسي للمستهلك، من خلال البحث عن نماذج الخصومات أو التي تركز على القيمة، أضافة لذلك فإن التركيبة السكانية الشابة والمتنوعة والملمّة بالتكنولوجيا في المملكة توفر فرصًا سانحة لباعة التجزئة المبتكرين من أجل تلبية احتياجات العملاء بطريقة أكثر استهدافًا، وتتراوح هذه الفرص بدءًا من تكيف المتاجر بشكل أفضل مع أنماط الطلب المحلية، مرورًا بالعروض الترويجية المخصصة، وصولاً إلى الحلول والتقنيات المعززة بالذكاء الاصطناعي.

وتدعم الرؤى والأفكار التي تم جمعها في استطلاع العملاء هذا الأمر، إذ أشار %63 ممن شملهم الاستطلاع في المملكة عن اهتمامهم بالعروض الترويجية المخصصة، فيما أشار %60 إلى اهتمامهم بالصفقات التي يمكن إتمامها بسرعة، وتعد هذه الأرقام أعلى من تلك المسجلة في الأسواق الغربية.

خالد الربيعان

التوسع المستمر

ويؤكد المحلل الاقتصادي، ناصر القرعاوي، على أن التطور الحالي في السوق، سيعود بالنفع على المستهلك بدرجة أولى، ويقول إنه لا يمكن وصف الأمر بالتغيير السلبي أو الإيجابي، بل هو تطور ذوق ومستوى وعي المستهلك، فالسوبرماركت الأكبر توفر بدائل وفرص أكثر، وتخفيضات أكثر، هذا أمر طبيعي، بينما بقالات الأحياء كانت مسيطرة في السابق، لمحدودية الدخل، الآن هناك تجارب أكبر وأوسع، مع تطور المدن والقرى ومعها الوعي الاستهلاكي والفهم العام للسلع، ولفت إلى أن السوق يملك مؤشرًا إيجابيًا للتوسع، لأن المواطن لديه أكثر من بديل، وبالتالي خيارات أوسع ومع ارتفاع عدد السكان بات هناك حاجة أكبر لأسواق أوسع، وتابع بقوله إن ما يحدث حركة تجارية جيدة، وفرة المعروض جعلت السوق مغري للتوسع، لم يعد الأمر محدودًا ببقالات الأحياء، هناك توسع حتى في المنتجات وتنوعها، لهذا العروض باتت كثيرة جدًا، والتنافس بين الموزعين أكبر، خاصة في المواسم، وهذا خلق فرصًا جديدة، والمجتمع السعودي تطور كثيرًا في هذا الجانب، وبالتالي المستفيد من هذا التوسع هو المستهلك وليس التاجر فقط..

وبحسب القرعاوي، هناك حركة توسع كبيرة في مجال البقالات، وهي مرشحة للتوسع أكثر، فلا يمكن القول إننا قريبون من الاكتفاء من محلات البقالة، خاصة مع توسع الأحياء السكنية، فهي تحتاج أيضًا لمحلات بقالة، المدن تتطور وتتوسع، وبالتالي هي تحتاج لأعداد أكبر من محلات البقالة، لا يمكن لهذا القطاع أن يتوقف عن التوسع، هي ظاهرة صحية وإيجابية، ناهيك عن أن المنتج المحلي بات ينافس المستورد في الجودة، وحتى المستورد توسع وبات أكثر تنوعًا.

ناصر القرعاوي

تنافس محموم

وكانت وزارة التجارة، قد أصدرت في العام الماضي نحو 11067 سجلاً تجاريًا في نشاط التموينات والبقالات، ليصل إجمالي السجلات إلى 38084 سجلاً، وأمام الأرقام المتزايدة لمحلات البقالة الجديدة، تم إعداد لائحة شاملة بهدف تنظيم القطاع في السعودية ورفع جودته عن طريق تحسين الخدمة المقدمة للعملاء بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030، وتأكيد معايير الصحة والسلامة في حفظ وعرض ونقل وتخزين المواد الغذائية، وتطوير المظهر الخارجي والداخلي للبقالات والتموينات والأسواق المركزية، كان من أهم خطوات البرنامج إلزام أصحاب التموينات والبقالات بتوفير وسائل الدفع الإلكتروني، الذي بدأ تطبيقه في مايو 2020م.

ويؤكد خبير التسويق، خالد الربيعان، على أن بقاء قطاع البقالات الصغيرة له فائدة للمستهلك، ويقول إنه ليس من صالح الاقتصاد أن تلاشي البقالات الصغيرة، بل في التوازن بين بقالات الأحياء والبقالات الكبيرة، لأن تلاشي بقالات الأحياء يعني تلاشي صغار التجار وهذا ليس جيدًا بشكل عام، وليس في صالح الاقتصاد دائمًا خاصة مع التأثير على الطبقة المتوسطة لصالح الشركات الكبيرة، وأضاف بقوله إنه بشكل عام، هناك توجه استهلاكي نحو المحلات الكبيرة، ولكن الآن حتى البقالات الصغيرة صارت تقدم عروضًا وتخفيضات كبيرة، وكل هذا في صالح المستهلك وفي صالح سكان الحي، الكل راض عن تلك العروض التي توفر المنتجات بسعر أرخص، لافتًا إلى أنه من الأفضل خلق التوازن بين بقالات الأحياء والكبيرة، لأن تنوع الاقتصاد يصب في نهاية المطاف في صالح دعم الناتج المحلي.