الحوكمة لا تُعيق الابتكار، بل توفر له الإطار التنظيمي والرقابي الذي يمكَّنه من تحقيق أهدافه بكفاءة واستدامة.
الجمع بين الرقمنة والحوكمة ليس فقط محركًا للتطوير التقني، بل عامل حاسم لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، إنتاجية محسّنة، وسمعة مؤسسية قوية تستند إلى الشفافية، الكفاءة، والثقة المتبادلة مع أصحاب المصلحة.
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبحت الشركات أمام تحديات متزايدة تتطلب العمل على تبني استراتيجيات متكاملة تعزز من قدرتها على البقاء والاستدامة، وتضمن لها التميز والتنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، ومن بين هذه الاستراتيجيات تبرز (الحوكمة والرقمنة) كركيزتين أساسيتين لا غنى عنهما لتحقيق أهداف الاستدامة بكافة أبعادها.
وغالبًا ما ينظر البعض إلى تطبيقات الحوكمة على أنها عبء يبطئ من حركة التطوير، بينما في الواقع، تُشكل الحوكمة ركيزة أساسية لنجاح التحول الرقمي، إذ أن التكامل بين الرقمنة والحوكمة ليس فقط ضروريًا، بل هو أمر حتمي لضمان الشفافية، وتعزيز الثقة، وتسريع الأداء المؤسسي، فالحوكمة لا تُعيق الابتكار، بل توفر له الإطار التنظيمي والرقابي الذي يمكَّنه من تحقيق أهدافه بكفاءة واستدامة، والدمج بين الحوكمة والرقمنة يمثل نقطة التقاء حيوية تسهم في تعزيز قدرة الشركات على التكيف والامتثال وتحقيق النمو المسؤول، ومن خلال التكامل تستطيع المؤسسات ليس فقط الالتزام بمبادئ الاستدامة بل تحويلها إلى قيمة مضافة تعزز من قدرتها التنافسية وتضمن استمراريتها على المدى الطويل.
حتمية الترابط بين التقنية والحوكمة
وبالتزامن مع الانتشار الواسع للتقنية ظهر حتمية الترابط بين التقنية والحوكمة والأعمال؛ إذ تحتاج الأعمال للتقنية والحوكمة معًا كون التقنية تقيس بدورها مدى توافر الحوكمة وتطبيقاتها للأنظمة والقرارات الهادفة إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف الشركات، وهي تعني تطبيق نظام يعمل على حوكمة العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء واتخاذ القرارات، كما تشمل مقومات تقوية الشركة على المدى البعيد.
ويعتبر التحول الرقمي إطارًا مهما لنجاح الأعمال يعيد تشكيل الطريقة التي تسير وفقًا لها الشركات بإعادة صياغتها للخبرات وإضافة التحسينات وتتغير الأولويات باستخدام تحليلات متنوعة للبيانات وتغذية راجعة من مؤشرات الأداء، وبذلك بات التحول الرقمي يحتل أهمية قصوى في ظل ما يشهده العالم من تغير جذري أدي ذلك إلى تغيير أدوات العمل وأصبح لزامًا على الشركات التمحور نحو الانتقال إلى العمل باستخدام أدوات التحول الرقمي والعمل من أجل فهم المستقبل والتعامل مع المعطيات الحديثة في ظل المنافسة الحادة.
وتعني الحوكمة وضع قواعد وممارسات لضمان الإدارة السليمة من خلال توزيع الأدوار وتحقيق الشفافية والمساءلة، ومن فوائد الحوكمة، بناء الثقة مع المستثمرين وأصحاب المصلحة، وتقليل المخاطر المالية والإدارية، وتحسين الأداء المالي والتشغيلي، والالتزام بالقوانين والمعايير الأخلاقية، فيما تعني الرقمنة استخدام التكنولوجيا لتحسين العمليات، مثل: الأتمتة وتحسين كفاءة العمل، تحليل البيانات لاتخاذ قرارات أفضل، التواصل مع العملاء رقميًا، حماية البيانات وتعزيز الأمن السيبراني.
مراقبة الأداء بفاعلية باستخدام أدوات رقمية
وعندما تدمج الحوكمة بالرقمنة، تستطيع الشركات مراقبة الأداء بفاعلية باستخدام أدوات رقمية، إصدار تقارير شفافة عن الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمة (ESG) التحول إلى نموذج عمل مستدام ومرن، التعامل مع الأزمات اعتمادًا على البيانات والتحليلات.
فقد كشفت دراسة أجريت على شركات صينية مُدرجة بين عامَي 2006م و2022م أن الرقمنة تُحسِّن تقييمات ESG من خلال تقليل القيود المالية والفجوة المعلوماتية وتعزيز الابتكار التكنولوجي، كما تؤكد أبحاث أخرى أن الشركات التي تعتمد التحول الرقمي ضمن هيكل الحوكمة تزيد كفاءة الاستثمار وتحسّن الأداء البيئي والاجتماعي والحكومي، لا سيما في المراحل الناضجة من النمو.
وتُظهِر البيانات أن %72 من المديرين التنفيذين يرون أن التكنولوجيا حسّنت الشفافية التنظيمية، وشهدت الشركات التي استثمرت في الأدوات الرقمية ارتفاعًا بنسبة %24 في قيمة المساهمين، وتوفّرت تقنيات مثل بلوك تشين لتخفيض تكاليف الامتثال بنسبة تصل إلى %46.
وعلى مستوى النماذج التطبيقية، نجحت شركة Siemens في تحقيق زيادة إنتاجية بنسبة %10 سنويًا عبر دمج إنترنت الأشياء وإطار حوكمة شفاف في إنتاجها الصناعي، كما ارتفعت الإيرادات بنسبة %23 للشركات التي تعتمد تحليلات متقدمة والذكاء الصناعي ضمن استراتيجياتها، مدعومة بحوكمة واضحة تحافظ على التوازن بين الابتكار والمخاطر.
يبيّن ذلك، أن الجمع بين الرقمنة والحوكمة ليس فقط محركًا للتطوير التقني، بل عامل حاسم لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، إنتاجية محسّنة، وسمعة مؤسسية قوية تستند إلى الشفافية، الكفاءة، والثقة المتبادلة مع أصحاب المصلحة.
استغلال كل إيجابيات التحول الرقمي
ويجعل هدف الاستدامة في الأعمال واستمرارية الشركات العائلية عبر الأجيال، الشركات تتجه إلى وضع خطط طويلة الأمد وهو ما يتطلب الاستعانة بالتطور التكنولوجي السريع والمتلاحق واستخدام أدوات التحول الرقمي في عمليات الحوكمة، باستغلال كل إيجابيات التحول الرقمي كالتسريع والقدرة على تبسيط المعاملات التجارية، وكذلك خفض التكلفة واستمرارية الشركات في المنافسة من خلال الوصول إلى أكبر قدر من العملاء، لذلك فإن مخرجات نظم المعلومات المحاسبية وكما هو متعارف عليه تكمن في التقارير المالية التي تقدم للجهات الخارجية كما تستخدم داخليًا من أجل اتخاذ القرارات والتي يجب أن تكون ذات جودة عالية من خلال صدقها وشفافيتها وشرعية محتواها، وبالتالي فإن التكنولوجيا وتحديدًا التحول الرقمي في المؤسسات أثر بشكل واضح على النظام المالي والمحاسبي مما أدى الى وجوب استخدام أدوات التحول الرقمي وبروز المفاهيم الخاصة به التي توضح آليات التعامل مع النظام المحاسبي في ظل بيئة تكنولوجية.
وأمام إيجابيات التحول الرقمي تأتي الحوكمة كأساس متين، يساعد الشركات على التقدم بثبات في مواجهة تعدد الوجهات وتضارب المصالح، فهو كمصطلح فرضته حالة التطور التقني الحاصلة ويحد بدوره من انهيار الشركات كشركة الطاقة الأمريكية “إنرون” التي يُرجع الغالبية انهيارها بداية الألفية إلى غياب تطبيقات الحوكمة، فالحوكمة تشكل منهجًا واضحًا يحكم العلاقة بين أصحاب المصالح المختلفة، ويضبط إيقاعها وآلياتها للتأكد من أن الشركة تعمل على تحقيق أهدافها واستراتيجياتها طويلة الأمد، وتمنع الحوكمة ما يقوم به بعض أصحاب النفوذ.
دعوة لإعادة تقييم الخطط والتصورات
وبذلك، فإن على قادة الشركات في ظل بيئة تتميز بالتطور التكنولوجي السريع والمخاطرة وعدم الاستقرار أن يعيدوا تقييم خططهم وتصوراتهم للمستقبل المستهدف الذي تكون فيه تكنولوجيات المعلومات والحوكمة أداة رئيسة تمكنهم من مواجهة التحديات الحديثة التي تواجههم، وأصبحت الشركات ملزمة بضمان حوكمة جيدة لهياكلها وذلك بالتأكيد على الالتزام بالسياسات والإجراءات الرقابية لتحقيق مستويات أداء أفضل، حيث إن الرقابة عملية مهمة في حوكمة المؤسسات تستخدم من خلالها إدارة الشركات عديداً من الأدوات للحفاظ على استمراريتها، مما يفرض على الشركات العائلية السعي وفي الوقت الذي ينصب فيه التركيز على العمليات اليومية، فإننا نعرف أنه من الصعب غالبًا الشركات العائلية بصورة شمولية. إيجاد الوقت الكافي للتوقف والتفكير بشكل نقدي واستراتيجي بشركات إدارة الأموال العائلية أو وهنا يأتي دور الأداة التشخيصية الخاصة بشركة بي دبليو سي. فقد تم تصميمها من أجل وضمان مواكبة الشركات العائلية للتغييرات المستقبلية بغض النظر عن طبيعتها. الشركات العائلية، إذ يمكننا تقييم مدى التعرض للمخاطر وتحديد الفرص لتحسين العمليات.