مفتاح

هكذا عاد التوازن لأسواق العقار!

خلال الفترات الأخيرة شهد القطاع العقاري سلسلة من التحولات الجذرية، استهدفت تحقيق التوازن والاستدامة في السوق العقارية، وذلك في سياق يتسق مع مستهدفات رؤية 2030 بتعزيز جودة الحياة وتيسير تملك المساكن للمواطنين.
وقد كان للقرارات الأخيرة كالتعديلات على نظام رسوم الأراضي البيضاء، وتوسيع نطاق الإفصاح والشفافية، وتنظيم العرض العقاري، وبيع الأراضي بأسعار ميسرة عبر منصة التوازن العقاري، والأحكام النظامية الخاصة بضبط العلاقة الإيجارية، أثر مباشر في إعادة تشكيل المشهد العقاري، والتي لا تعكس فقط استجابة حكومية لتحديات السوق، بل تُشير إلى تحول هيكلي “واعٍ” يستهدف رفع كفاءة القطاع، والحد من الممارسات الاحتكارية التي طالما ساهمت في تضخم الأسعار وتعطيل حركة التطوير العمراني.
فإن أحد أبرز التحديات التي واجهت السوق قديمًا كان الاختلال بين العرض والطلب، خاصة في المدن الكبرى مثل: الرياض وجدة، فبينما ارتفع الطلب نتيجة النمو السكاني والتحول الحضري، ظل العرض مقيدًا بسبب الاحتكار العقاري أو ضعف التطوير في بعض المناطق، وهنا جاءت القرارات الأخيرة لتكسر هذا الجمود، وتحفّز على تطوير الأراضي غير المستغلة، مما يسهم في ضخ المزيد من الوحدات السكنية والتجارية.
من جانب آخر، أتاحت وزارة الشؤون البلدية والإسكان أدوات تمويلية وتشريعية جديدة، أبرزها برامج الشراكة مع القطاع الخاص ومنصات التمويل العقاري، مما سهل على المواطنين تملك المساكن بأسعار أكثر عدلاً.
ومع استمرار هذه الإصلاحات، بدأنا نلمس مؤشرات أولية على تراجع نسب التضخم العقاري، واستقرار نسبي في الأسعار، ولكن يبقى التحدي الأكبر في ضمان استمرارية هذا التوازن دون الإضرار بالمطورين أو المشترين، وهو ما يتطلب مرونة في السياسات، ومتابعة دقيقة لمتغيرات السوق.
في النهاية، يبدو أن السوق العقاري يسير بخطى ثابتة نحو التوازن والنضج، ويشهد عملية إعادة هيكلة شاملة، تقوم على أسس قانونية وتنظيمية واقتصادية أكثر رسوخًا، بهدف بناء سوق عقاري متوازن ومستدام، قادر على تلبية طموحات التنمية السكنية والاقتصادية في آنٍ واحد، ولكن نجاح هذه الرحلة مرهون بالتكامل بين التشريعات، والشفافية، وتوسيع قاعدة التملك.