رأي

للصبر آخر!

التباس مفاهيم المعايير المتضادة على الإنسان واعتبارها نتاجًا واحدًا، غالبًا ما تكون محصلته سلبية، ولتبسيط الأمور وإزالة حالة “الغبش” التي يقع فيها البعض (جهات وأفراد) نتيجة لعملية الخلط تلك والنتائج السلبية المترتبة عليها. ويمكن تسليط الضوء على حقل “الاقتصاد والتجارة” حينما لا يتم التفريق مهنيًا بين عامل “الصبر البنّاء” و”إضاعة الوقت” في مشاريعها!
يُعرف الصبر في أحد جوانبه بأنه الثبات على الحق أو الطريق الذي به خير حتى لو تأخر النجاح (نجاح يضاهي مدة الصبر) على ألا يكون ذلك مرتبطًا بالتمسك بالوهم والأمل الزائف، بل بمجابهة المصاعب والعمل الدؤوب لا بالركود والانتظار السلبي.
ولا يمكن للصبر أن تكون نتائجه إيجابية اقتصاديًا إلا بعد دراسة، كفئة ومحدثة دائمًا لمفاصل العمل، والتي تأخذ بعين الاعتبار مسبقًا أي متغيرات أو معاضل قد تحدث لاحقًا تؤثر على تقدمه ونجاحه.
أما مسألة التمسك بأمر واضح الفشل دون مراجعة أو تقييم، فهنا سيتحول مبدأ الصبر إلى تبرير للاستمرار في طريق لا يؤدي إلى نتيجة، وهو ما يوصف بـإضاعة الوقت (جهد ومال وضياع فرص تنموية)!
تقع بعض الدول والشركات في “المفهوم الخاطئ للصبر” في بعض مشاريعها وأعمالها، على أنه استراتيجية قد تؤتي ثمارها لاحقًا رغم أن مؤشرات النجاح المستقبلية ضئيلة جدا! أما أسباب الولوج إلى هذا المستنقع فمتعددة، بعضها يعود إلى نقص الكفاءة (إداريا – أطر العمل) أو إلى ضعف الدراسات الأساسية والنظرة الاستشرافية لتلك المشاريع أو إلى عدم إعادة التقييم والتطوير في كل مرحلة موازاة بما يستجد من ظروف تتعلق بتلك المشاريع، وأحيانًا يلعب عامل الفساد الإداري دوره باستمرارية الفشل.
والأمر (بصورة أو أخرى) ينطبق على الأفراد في مشاريعهم التجارية أو تعاملهم مع أسواق المال، فحينما يتم الاستمرار في مشاريع خاسرة دون تعديل أو تعلم بدعوى “الصبر” فإن النتائج ستكون وخيمة! وأيضًا حينما يتم التعامل مع أسواق الأسهم دون فهم مسبق (اقتصادي – مالي – فني) فنتيجته الخسارة إما بالمال أو الوقت أو بكليهما!

وقفات:
• “متعلق بالسهم” مصطلح شائع بين المضاربين، ويعني أن السعر السوقي للسهم منخفض عن سعر الشراء، وقد مضى وقت طويل (أشهر أو سنوات) دون العودة إلى سعر الشراء، هنا قد يُستجلب خطأ مفهوم الصبر كمبرر نفسي لتقبل الخســارة دون النظر إلى وجاهة أسباب “التعليقة”!

• مقالات سابقة بعنوان: (هيئة السوق وشركة تداول وحجم السيولة!) و (أبجديات النجاح في سوق الأسهم!) و (ساحة الحرب!) و (ستة سلندر وثلاثة غيار). حري بأي متداول الاطلاع عليها.