يستعدّ المستشار الاقتصادي للرئيس “دونالد ترامب”، “كيفن هاسيت” لتبوّؤ كرسي رئاسة الفيدرالي الأمريكي مع نهاية فترة الرئيس الحالي “جيروم بأول” في شهر مايو المقبل.
المهمة التي أُسندت إلى “كيفن” ترتكز على هدفين أساسين، هما خفض نسب الفوائد وتحفيز الوظائف. وقد تبدو هذه المهمة بسيطة في عنوانها، إلا أن مضامينها تجرّ كثيرًا من التداعيات الاقتصادية والمؤسساتية؛ حيث يتطلّب ذلك إجماع المجلس الفيدرالي الأمريكي المكون من أربعة عشر مقعدًا، على إقرار نسب فوائد متدنية في ظل أرقام تضخم لا تزال ضمن نطاقات مرتفعة.
التساؤل المهم في هذا السياق هو: هل تخلّت أروقة الاقتصاد عن أهداف كبح التضخم وتحقيق ما كان يُسمّى بالهبوط الناعم؟
ترتبط ثلاثة قطاعات مهمة بقرار خفض الفوائد، وهي قطاع التأمين، وقطاع البنوك، وقطاع العقار. وفي كل من هذه القطاعات هيكلية مالية بمتطلبات مختلفة؛ فعلى سبيل المثال، لن يكون من الممكن خفض نسب الرهن العقاري بسبب الالتزامات المالية طويلة الأجل وجدولة دفعات تمتد لسنوات متعددة.
وعلى النقيض، فإن القطاع البنكي يرغب في إعطاء مزيد من القروض قصيرة الأجل بنسب إقراض متدنية لتحفيز الدورة الاقتصادية، وبالتالي انتعاش القطاعات البنكية.
بدوره يرتكز قطاع التأمين على مداخيل مبنية على تحصيل عوائد سندات الخزانة والأصول الثابتة لتمويل المخاطر وبالتالي فإن أي تغيّر في نسب الفائدة كفيل بتغيرّات هيكلية في مصفوفة المداخيل.
ويتّضح جليًا أن السياسة المالية الأمريكية تخلّت تمامًا عن فكرة خفض الديون، وبالتالي فهي تلجأ إلى خفض تكلفة الاقتراض بهدف تحفيز الاقتصاد، وتحريك عجلة الصناعة، والخدمات، وخلق وظائف أكثر، وبالتالي ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، حتى وإن كان ذلك في سوق استهلاكي يشهد أسعار سلع متضخمة وأسعار عقارات مرتفعة أيضًا.
صحيح أن التضخم تراجع نسبيًا في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن السلع والعقارات لا تزال باهظة الثمن قياسًا بالحركة الاقتصادية وتراجع قيمة الدولار الأمريكي.
كل هذه المعطيات تُشير إلى أن صانع القرار في السياسات المالية والنقدية الأمريكية أصبح يبحث عن تهدئة السوق المحلية بغض النظر عن تبعات ذلك في أسواق التجارة العالمية، التي أصبحت رهينة قرارات التعرفة الأمريكية.
وتتطلّب هذه المجازفة الاقتصادية أن تكون المنتجات الأمريكية حاضرة وبقوة تنافسية عالية في الأسواق العالمية، وهو ما يُشكّل تحديًا جديدًا للصناعات الأمريكية، التي اقتصرت مؤخرًا على منتجات التكنولوجيا، والتسليح، والغاز الطبيعي الأمريكي.
