رأي

بيان ميزانية 2026م ومستقبل الصناعة

طورت وزارة المالية بيانات الميزانية العامة للدولة لتستعرض بدقة الإيرادات والنفقات حسب التصنيف الاقتصادي، والقطاعات، ومستويات العجز أو الفائض، والدين العام، وأبرز التطورات المالية والاقتصادية للعامين المنصرم والقادم، والآفاق المستقبلية للاقتصاد على المدى المتوسط، وأهم الممكنات الاقتصادية والمشاريع للعام الذي انتهى، والمستهدفات للعام الذي سيليه، وفي هذه الحالة نتحدث عن مستهدفات العام 2026م.

في بيان ميزانية المملكة للعام 2026م، جاء في المقدمة أنه “منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، شهد الاقتصاد السعودي تحولاً هيكليًا واسع النطاق، مدفوعًا بجهود حكومة المملكة المستمرة في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية الشاملة، والإنفاق الاستراتيجي الموجّه نحو الأولويات الوطنية لرؤية السعودية 2030، وكفاءة الإنفاق، واستدامة المالية العامة، وتنويع وتوسيع القاعدة الاقتصادية”.

ارتكز على هدف تنويع وتوسيع القاعدة الاقتصادية من بوابة الصناعة؛ حيث جاء أحد مستهدفات وزارة الصناعة والثروة المعدنية للعام 2026م، الواردة في بيان الميزانية “دعم المبتكرين ورواد الأعمال، وإنشاء مراكز بحثية، وتحويل الأفكار والبحوث إلى منتجات صناعية مبتكرة، عبر توفير بيئة محفزة تسهم في تحويل الأفكار الإبداعية إلى منتجات قابلة للتوسع والتصدير”.

في جانب متصل، قال مدير منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) السيد “جيرد مولير” خلال كلمته ضمن أعمال المؤتمر العام الحادي والعشرين لليونيدو في الرياض أواخر نوفمبر الماضي، إن ما تشهده المملكة من مشاريع استراتيجية وبرامج تنويع اقتصادي تمثل نموذجًا طموحًا لتحقيق صناعة مستدامة على المستويين الإقليمي والدولي.

مدير “اليونيدو” أكد من الرياض أهمية تبني مفاهيم جديدة في عالم الصناعة الحديثة، بما يشمل تكنولوجيا المعلومات، والطاقة المتجددة، والهيدروجين، والأبحاث والعلوم، والاستفادة من سهولة الوصول إلى المعلومات وتطور شبكات الإنترنت. إذًا هو يتحدث عن الأبحاث والعلوم، ووزارة الصناعة في بيان ميزانية 2026م، تتحدث عن الأبحاث والعلوم وتحويل الابتكارات الناتجة عن البحث العلمي إلى منتجات صناعية يتم تصديرها، وقبل ذلك أولى سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، هذا الأمر عناية خاصة تحت مظلة الرؤية؛ حيث تم إنشاء هيئة تعنى بتطوير البحث والابتكار.

وبالتوازي مع ذلك هناك مناطق الابتكار السعودية التي تضم 10 مناطق تعمل بوصفها منظومات لتمكين المبدعين، وتبني براءات الاختراع، وتعزيز صناعة الحلول، وتحويل الأفكار النظرية إلى منتجات، من خلال توفير البنية التحتية المتطورة، والمرافق المخصصة لرواد الأعمال والشركات الابتكارية الناشئة، وتطوير الاستثمارات المحلية، وجذب الشراكات الدولية، بالإضافة إلى توفير فرص التمويل والتوجيه وتطوير القدرات، وهي تعمل ضمن الأولويات الوطنية الأربع للبحث والتطوير والابتكار، التي أعلنها سمو ولي العهد عام 2022م.

إذًا نحن أمام طفرة صناعية مقبلة ترتكز على البحث العلمي والابتكار والتقنية، وفي المملكة لا نعتمد فقط على الاستثمارات والتمويل في هذا القطاع، بل نرتكز على طموح الشباب المهتمين بالبحث العلمي، والذي حازوا أكثر من 300 جائزة في البحث العلمي والابتكار والمسابقات الدولية سيكون بعض منها نواة لأبحاث أعمق وأكثر تأثيرًا على عديد من القطاعات.

الخلاصة، أن البحث العلمي سيكون مستقبل الصناعة، وعلى الصناعيين الكبار إعادة النظر في تخصيص جزء من إيراداتهم لهذا الأمر والاستفادة من الممكنات الموجودة اليوم، وأحسب أن بحثهم عن منتجات المستقبل لن يكون فقط في المعارض والمؤتمرات الصناعية، لكنه سيكون في أروقة الجامعات والمسابقات العلمية ومناطق الابتكار العشر التي انبثقت من الرؤية التي راينا كثيرًا من نتائجها في بيان الميزانية وفي الأرقام المتحققة في الاقتصاد غير النفطي.