لا يزال اليوم الوطني للمملكة (23 سبتمبر) ـــ وسيبقىَ ـــ بمثابة حجر الأساس للدولة الحديثة في المملكة، ونقطة انطلاق حقيقية لعملية «التحديث» والنهضة الكبرى التي أطلقها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود مع صدور المرسوم الملكي بتوحيد مقاطعات الدولة، وإعلان توحيد البلاد، وإعلان المملكة في 21 من جمادى الآخر 1351هـ (الموافق 23 سبتمبر 1932م).
إن 23 سبتمبر، في تاريخ المملكة، يعد البداية الحقيقية لمسيرة التنمية والبناء والنهضة التي تعيشها المملكة، إذ أعلن الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه ــ في هذا اليوم (23 سبتمبر) ــ تسمية المملكة العربية السعودية، وتوحيدها تحت علم واحد، وراية واحدة، وقيادة واحدة انتقلت بأوضاع البلاد وأحوالها من الفرقة والتشتت إلى الوحدة والالتئام، ومن ظلام الجهل إلى نور العلم، ومن الفوضى والاضطرابات إلى النظام والاستقرار، ومن قطع الطرق وتهديد قوافل الحج إلى الأمن والأمان، ومن التخلف إلى التقدم على كل صعيد وفي كل المجالات، وفي مقدمتها «الاقتصاد».
كما وضع الملك المؤسس ــ طيّب الله ثراه ــ الأسس التي استندت إليها عملية التنمية في المملكة، والتزم أبناؤه من الملوك الميامين هذه الأسس، وساروا على درب الملك المؤسس، فأضافوا إلى عملية التوحيد والبناء التي استهدفها الملك المؤسس ما أعلى من شأن المملكة، ورفع هامتها بين الدول والأمم والشعوب، حتى أصبحت بلادُنا قوة إقليمية ودولية مرموقة ومؤثرة، مسموعة الكلمة، ينظر إليها الجميع بما تستحق من التقدير والاحترام.
وكانت «التنمية» أهم وأبرز «الثوابت» التي حرص عليها قادة البلاد، بما اشتملت عليه من نهضة في كافة المجالات، من التعليم إلى الإسكان، مرورا بربط البلاد بشبكة عصرية وحديثة من الطرق والمواصلات، والاستثمار في صحة المواطن السعودي، وتوفير أحدث نظم الاتصالات، إذ شهدت البلاد العديد من «الإنجازات» التاريخية، وأضاف قادة كل مرحلة إلى إنجازات مسيرة التنمية ما يتناسب مع طبيعة المرحلة وظروفها، ويتلاءم مع تحدياتها واستحقاقاتها، فاستطاعت المملكة أن تسبق الكثير من الأمم والشعوب التي عرفت الدولة الحديثة قبل أن تعرفها المملكة بعقود طويلة.
ولا شك في أن ما شهدته المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ووليّ عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان من «إنجازات» خلال السنوات الأربع الأخيرة على كافة الأصعدة، يُعَدُّ تحولات تاريخية غير مسبوقة في تاريخ المملكة.
ونظرة عميقة إلى المشاريع التاريخية الضخمة، التي أطلقتها المملكة في السنوات الأخيرة الماضية، وتأثيرها في تغيير «وجه» المملكة، وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومردودها على الداخل، وانعكاساتها على مكانة المملكة ونفوذها في محيطها الإقليمي والعربي والدولي والإسلامي كافية للثقة بما تحققه رؤية قيادة البلاد من نجاحات باتت تؤتي ثمارَها في حاضرنا، كما أنها ستنعكس على مستقبل الوطن بالكثير من النتائج الإيجابية، «كيفاً»، و»كمّاً»، وفي مقدمتها تحسين مستوى جودة الحياة، إضافة إلى توفير الآلاف من فرص العمل للمواطنين خاصة الشباب.
ولا يفوتني في هذه المناسبة التاريخية أن أشير إلى أن ذكرى اليوم الوطني لابد أن تستدعي لدى القطاع الخاص تحديات الانطلاق والمشاركة في بناء الوطن، واستكمال أداء دوره (الرائد)، ورسالته (الوطنية) في تحقيق عملية التنمية، تأكيداً لموقع المملكة ضمن القوى الأكبر اقتصاديا، وداخل مجموعة دول «العشرين»، وإسهاماً في رفع معدلات نمو الاقتصاد السعودي، وتعظيم عناصر قوة الاقتصاد السعودي، تحقيقاً لمزيد من الرفاهية والرخاء للمواطن السعودي، ومزيد من التقدم للوطن.