نافذة

عندما تُفكر الآلة!!

كان الملك ميداس ـ بطل أسطورة إغريقية ـ عاشقًا للذهب، حتى إنه تمنَّى أن يمتلك القدرة على تحويل أي شيء يلمسه إلى ذهب. وبعد أن حقق له جنِّي هذه الأمنية، أدرك أنه لن يستطع تناول الطعام أو الشراب، لأنه يتحول إلى ذهب، ثم نسي واحتضن ابنته فتحولت إلى ذهب، وهكذا صارت هذه القدرة الخارقة وبالاً عليه.

هل يمكن للتقنيات المبهرة الآن ومستقبلًا أن تساعد الإنسان، أم ستقضي عليه في النهاية؟. في الحروب القديمة كم شخصًا مات بسهمٍ واحد أو سيفٍ واحد؟، والآن كم مليونًا يمكن أن يموتوا بقنبلةٍ نووية واحدة تحملها طائرة واحدة؟.

يتنافس العلماء والخبراء على زيادة دور الآلات في الحياة، من خلال تطوير الأبحاث والتطبيقات في مجالات حديثة أثرت جذريًا على صياغة وتخطيط وتشكيل المستقبل، وأبدلت أنماط الحياة والمعيشة والخدمات والتجارة والصناعة والصحة، بما في ذلك الطُرق والمدن.

وأمثلة على ذلك، مجال الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، الذي جعل الآلات تحاكي قدرات البشر الذهنية وأنماط عملها، بالاستنتاج والتعلم ورد الفعل على أوضاع لم تُبرمج داخل الآلة، ومعالجة اللغات الطبيعية، إذ يمكن لتطبيق هاتف جوال إجراء الترجمة الفورية لأية لغة في العالم، ليسهل التواصل بين البشر. كذلك، الروبوتات التي تساعد الإنسان، ليس في الصناعة فحسب، بل في معظم المجالات داخل وخارج المنزل، إضافة إلى التشخيص الطبي، ومحركات البحث على الإنترنت، وألعاب الفيديو، وتداول الأسهم، والتحكم الآلي.

وفي عالم إنترنت الأشياء Internet of Things، ستكون الأشياء في حياتنا قابلة للاتصال بالإنترنت أو ببعضها بعضا، لإرسال واستقبال البيانات لأداء وظائف محددة. كل شيء بمعنى الكلمة يدخل تحت مفهوم إنترنت الأشياء: الملابس، الأثاث، الأجهزة المنزلية، أعضاء الجسم، الشوارع، بل وحتى الحيوانات. فعلى سبيل المثال، تقوم كثير من مزارع الأبقار حول العالم بتوصيل أجساد الأبقار بالإنترنت لمراقبة وضعها الصحي، وأفضل وقت لحلبها، ما يساهم في اتخاذ قرارات دقيقة تحسَّن من عملية الإنتاج.

هناك أيضًا النظم الخبيرة Expert Systems، التي تُحاكي أداء الخبير البشري في مجال خبرة معين، بتجميع واستخدام معلومات وخبرة خبير أو أكثر في مجال معين، إذ تساعد هذه الأنظمة في نقل الخبرات وحل المشكلات بطريقة أسرع من الخبير البشري، وذلك بتطبيقها في مجالات متعددة، مثل الطب، والتعليم، والجيولوجيا، والإدارة، والمحاسبة.

إنًّ إزاحة الآلات للإنسان في الأعمال الشاقة والسريعة، يمكن أن تكون له ـ دون شك ـ فوائد كثيرة، لكن ماذا لو جعلناها تفكر وتتخذ القرار، فهل سيصب ذلك في مصلحة البشر؟.

السؤال المباشر: هل استخدام التقنيات الجديدة نعمة أم نقمة؟. الرد ببساطة هو: حسب الاستخدام. وللتوضيح: إذا امتلأ الكوب الزجاجي بالماء أو الحليب فهو طيب وحلال، وإذا امتلأ بالخمر فهو خبيث ومُحرَّم. هو هو الكوب نفسه، لكن حسب استخدامنا له، وهو ما ينطبق على الآلات والتقنيات الحديثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Comment moderation is enabled. Your comment may take some time to appear.