2.5 تريليون دولار تراجعات في قيمة أسهم الأسواق العالمية
تقديرات بخسائر حقيقية تصل إلى 2.1 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي
%50 نسبة تراجع عمليات التشغيل في الأنشطة الاقتصادية الحيوية
بيان إلحاقي لوزراء مالية العشرين يؤكد جاهزية التدابير المالية والنقدية لمقاومة الفيروس
لم يدر في خلد وزراء مالية أكبر اقتصادات العالم حين توافدهم إلى الرياض الشهر الماضي أن يكون موضوع فيروس كورونا على طاولة النقاش أو أن تصل إلى ما وصلت إليه الآن التداعيات التي أزّمت الظروف الاقتصادية في العالم، إذ كانت قضايا الضرائب والسياسات المالية و النقدية وتباطؤ الاقتصاد العالمي وتطورات التقنية هي ما يشغل بالهم عند تجمعهم في العاصمة السعودية في إطار الاجتماعات الوزارية لمجموعة العشرين.
وبالرغم أن اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية أوضح في شطر صغير من النتائج الختامية للقاء الذي جمعهم وأنهم يأخذون تفشي “كورونا” بعين الاعتبار وسيبقون مراقبين للموقف، إلا أن تطورات الفيروس لم تمهل نتائج أعمال قادة مالية العالم ورؤساء البنوك المركزية، إذ تداعى العالم بأكمله لمحاولة الحد من التأثيرات السلبية المنهمرة التي ألقى بها “كورونا” على أركان الاقتصاد العالمي أسهمت في تحقيق خسائر مهولة في الأنشطة التجارية والاستثمارية ما دعا الفيدرالي الأمريكي -أكبر بنوك العالم المركزية- لتحرك هو الأسرع من نوعه لمجابهة هذا الخطر القادم بتخفيض سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية في مسعى لحماية اقتصادية وتنشيط السيولة في شرايين الأنشطة الاقتصادية، وتبعته البنوك المركزية في العالم.
وفوق أزمة تباطؤ الاقتصاد العالمي المريرة التي يعيشها، يشكل “كورونا” حاليا تهديدا حقيقيا ربما يتخطى الأزمة المالية العالمية في حجم التأثير، إذ في غضون أسابيع قليلة فقط، فقدت قطاعات السياحة والترفيه والطيران والفندقة أكثر من 50 في المائة من عملياتها، ولحقتها عشرات الأنشطة التجارية والصناعية والاستثمارية التي تتعرض لتحدي مواصلة التشغيل، كما شلت حركة الوفود التجارية وتواصل الأعمال بين الدول بما فيها من مؤتمرات وتجمعات مهمة.
الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) يقدر بلوغ خسارة صناعة الطيران على مستوى العالم 29 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام بينما مجلة “فورتشن” تستشهد بخبراء يقدرون حجم خسارة القطاع بما يفوق 110 مليارات دولار. وتنبأ خبراء وكالة “بلومبرغ” أن تكلّف أزمة “كورونا” الاقتصاد العالمي 2.7 تريليون دولار. كما سجلت الأسواق المالية العالمية تراجعات وصلت إلى 2.5 تريليون دولار من القيمة السوقية للأوراق المالية.
ومن خلال المعطيات الأولية للخسائر العالمية، كشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن تقديرات النمو الاقتصادي للعام 2020 في دول كبرى في مقدمتها الصين في ظل “كورونا” حيث ترى أن أسرع اقتصاد في العالم لا يستطيع الوصول إلى %5، في أفضل الأحوال، وحتى الولايات المتحدة لن تصل إلى %2 أما دول اليورو فأقل من %1.
المفوض الأوروبي: اجتماعات العشرين في الرياض تتطلع لتقوية الإطار الضريبي
أمريكا: الحاجة ملحة لنظام ضريبي عالمي موحد لتجنب التضارب
منظمة التعاون الاقتصادي: المعلومات الضريبية تزيد الثقة بين بلدان العالم
كندا: استمرار التعاون الدولي يعزز ثقة الشعوب في الأنظمة الضريبية
فرنسا: توحيد حلول الرقمنة والضريبة يدعم التوازن الدولي
هكذا بدا المشهد – حتى إعداد هذا التقرير- وبعد أسبوعين من انقضاء اجتماعات وزراء مالية أكبر الاقتصادات في العالم، اضطروا لإصدار بيان إلحاقي (ثبتوه على موقع مجموعة العشرين) تعهدوا فيه باتخاذ التدابير المالية والنقدية اللازمة لدعم الاستجابة لمقاومة فيروس كورونا وحماية النمو الاقتصادي من الصدمات.
وقال بيان مشترك أصدرته المملكة التي ترأس مجموعة العشرين إنهم يرحبون بالتدابير والخطط التي اتخذتها الدول لدعم النشاط الاقتصادي. وجاء في البيان ما نصه: ” نرحب بالتدابير والخطط التي نفذتها الدول لدعم النشاط الاقتصادي، ونحن مستعدون لاتخاذ المزيد من التدابير، بما في ذلك التدابير المالية والنقدية حسب الحاجة، بهدف دعم الاستجابة لمقاومة الفيروس، ودعم الاقتصاد خلال هذه المرحلة والمحافظة على متانة النظام المالي”.
تصورات أولية
في وقت كانت الأنظار تتجه نحو مناقشة الملف التقني والضريبي في اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بمجموعة العشرين باعتبارها موضوعات استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي، بجوار آليات وحلول السياسات المالية والنقدية، داهم تفشي فيروس كورونا مباحثات أكبر اقتصادات في العالم خلال اجتماعها في المملكة الشهر الماضي.
في هذه الأثناء، بادرت ندوة دولية قبل انعقاد الاجتماعات الوزارية لمجموعة العشرين بإقرار أن التحول الرقمي للمؤسسات المالية العالمية، يمثل تحدياً صارخا أمام الاقتصاد الدولي، حيث أكد خبراء دوليون ضرورة العمل على تكييف صناعة الخدمات المالية والتفاعل مع مستجدات تحسين السياسة المالية والنقدية والبنية التحتية الرامية إلى الشمول المالي.
وقالت حينها الندوة الدولية التي نظمها معهد التمويل الدولي على هامش أعمال قمة العشرين إن على العالم أن يدرك واقع ما تواجهه حركة الأموال والأعمال المصرفية وإشاعة ثقافة التعاطي معها، مشددين على ضرورة رقمنتها مع تحسين السياسة المالية والنقدية والبنية التحتية، والرقابة على النظم المالية والشمول المالي والتنسيق لتصحيح المسار المالي حتى يحقق نمواً مسـتقراً ومستداماً للاقتصاد العالمي.
إندونيسيا: تنامي تطورات الاقتصاد الرقمي يفرض أنظمة ضريبة عادلة
الهند: اجتماعات مجموعة العشرين كشفت أهمية الإصلاحات السعودية
السعودية تقر استمرار اجتماعات مجموعة العشرين رغم كورونا
اعتراف بتهديد انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد الدولي
تمكين الإنسان والحفاظ على الأرض وتشكيل آفاق جديدة محاور استراتيجية لمجموعة العشرين
انطلاق الاجتماعات
ووسط تزايد الأنباء عن تنامي تفشي فيروس كورونا، ووصوله إلى قارات مختلفة، انطلقت اجتماعات وزراء مالية مجموعة العشرين يشوبها الأمل بالتوصل إلى اتفاق الرؤى على عدد من الملفات، بيد أن ملف الضرائب الدولية هو الأكثر تعقيداً. وبالرغم من أن وزراء مالية عدة دول في مجموعة العشرين أظهروا ملامح أولية بشأن التوصل إلى اتفاق بنهاية العام الجاري 2020 في شأن الضرائب الدولية، إلا أن واقع الحال يكشف أنه ما يزال هناك الكثير من متطلبات التعاون الدولي لضبط النظام الضريبي ومساراته، ليأتى بشكل عادل ومتوازن ومتسق مع جميع البلدان.
ويثبت ذلك ما وضحه وزير المالية محمد الجدعان خلال ندوة “أولويات الضرائب الدولية” التي عقدت على هامش الاجتماع، إذ أشار إلى أن أية حلول جديدة تتعلق بالضرائب الدولية يجب أن تكون واضحة وقابلة للتطبيق وتفيد مختلف الدول. وقال حينها: “الحلول الجديدة يجب أن تكون واضحة، وقطاع الأعمال يحتاج للموثوقية، الأمر لن يكون سهلا، ونحتاج مزيداً من النقاشات، ومن المهم أن نقدم حلولاً قابلة للتطبيق وتفيد الجميع”.
أجندة الضرائب
ورغم تدفق المعلومات حول تفشي فيروس كورونا، إلا أن أجندة الضرائب كانت مهيمنة على الموقف، حيث يعمل أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي في دول العشرين والمنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات في الأغراض الضريبية ـ بحسب الجدعان ـ على تطبيق المعايير المتفق عليها دوليا في الشفافية الضريبية، مؤكدا أن المعايير تمثل الحاجة للوصول إلى معلومات للأغراض الضريبية والحاجة لحماية خصوصية دافعي الضرائب. وكشف الجدعان عن توقيع أكثر من 6 آلاف اتفاقية تعاون ثنائي، تمثلت في السلطات الضريبية حول العالم، يعملون على الاستفادة من التبادل التلقائي لآليات المعلومات، موضحا أنه تم تبادل المعلومات لقرابة 50 مليون حساب مالي بنهاية 2019 تمثل قيمة 5 مليارات يورو، بينما تم تحديد ما يقرب من 100 مليار يورو من العائدات الضريبية الإضافية بفضل آليات الالتزام الإرادي والتحقيقات.
الجدعان: الاتفاق على مراقبة كورونا واتخاذ سياسات للحد من آثاره على الاقتصاد العالمي
الخليفي: التطورات التقنية والرقمية معززة للشمول المالي مهددة للمصارف التقليدية
دعوة لحل توافقي عالمي حول الضريبة الدولية نهاية يوليو القادم
الرياض تحتفظ بعشرين ملفا دوليا محل المراجعة والبحث
اتساق دولي
وشهدت أروقة اللقاء الوزاري اتساقاً في الرؤى بين الوزراء إذ أوضح مفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي باولو سيلفري أن دول الاتحاد بدأت مبكراً في معالجة مسألة الضرائب، وفي مقدمتها ملف تبادل المعلومات واللوائح المشتركة، لافتاً إلى أن العام الجاري والتي تستضيف فيه السعودية اجتماعات مجموعة العشرين يتطلع نحو خطوات إضافية لتقوية الإطار الضريبي ورفع معايير الشفافية.
من ناحيته، رجح وزير المالية الكندي وليام مورنو نجاح الجهود الدولية الفترة الماضية إلى ما تم تحقيقه من تقدم في مسألة شفافية الضرائب خلال السنوات العشر الماضية، لكنه دعا إلى الاستمرار في النقاش والتعاون لعمل المزيد والحصول على ثقة الشعوب في الأنظمة الضريبية.
من جانب آخر، قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، في مداخلة له: “ما نحتاجه هو نظام ضريبي عالمي واحد، وليس أنظمة متضاربة، لأن هذا التضارب يضر الدول والنظام العالمي على حد سواء”، مبينا أن مسألة الضرائب الدولية واحدة من أعقد الملفات التي نتعامل معها، في إشارة يراها البعض أنها تحيز للموقف الأمريكي لبعض الملفات المطروحة.
من جهة أخرى، أوضح الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إنخيل تريفينو، أن التعاون العالمي في مجال الضرائب الدولية تطور بشكل كبير خلال السنوات الماضية، و”نعتقد أن جعل المعلومات الضريبية متاحة للعامة سيزيد الثقة في النظام الضريبي”.
الرقمنة الاقتصادية
وجاء ملف رقمنة الاقتصاد موضوعاً رئيسياً تم طرحه ومناقشته، حيث يؤكد وزير المالية السعودي أن الجميع يدرك تأثير الرقمنة العميق على الاقتصاد العالمي، وطريقة ممارسة الأعمال التجارية، حيث أصبحت الشركات قادرة على تكوين روابط اقتصادية كبيرة مع الدول دون وجود مادي، وبالتالي دون وجود ضريبي، وجعلت هذه التطورات من الضروري تحديثها وإجراء إصلاحات في النظام الضريبي الدولي.
ووفقا لما سبق، حذرت وزيرة المالية الإندونيسية سري إندراواتي من أن الاقتصاد الرقمي يتنامى بشكل سريع ما يفرض على المجتمع الدولي إدراك الترابط بوضع أنظمة ضريبية عادلة ومتوازنة للتعامل معه. في المقابل، دعا وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير إلى توحيد حلول فيما يتعلق بالرقمنة والضريبة، مشيرا إلى أن تعدد الأنظمة الضريبية يعطي عدم موثوقية، وعليه نحتاج إلى حل متوازن وعادل للشركات والناس.
تساؤلات حول فعالية السياسات النقدية مقابل الفائدة المنخفضة
السلطات الضريبية في العالم أبرمت 6 آلاف اتفاقية تعاون
تبادل عالمي لخمسين مليون حساب مالي بقيمة 5 مليارات يورو
البنوك المركزية
وفي ذات توقيت ومكان اجتماع وزراء المالية، كانت مناقشات محافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين تعترف بتضاؤل دور البنوك المركزية في تحفيز نمو الاقتصاد العالمي.
وقد أقر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودية الدكتور أحمد الخليفي أن التحديات ما تزال قائمة، خاصة ما يتعلق بتسارع التوترات التجارية التي لا يمكن تجاهل تأثيراتها، بجانب المخاطر الجيوسياسية، خاصة ما يتعلق بشأن تفشي فيروس كورونا في الصين، معترفا بأن دور البنوك المركزية تضاءل في الوقت الراهن عما كان سابقاً قبل عقد من الزمن.
ويشير الخليفي إلى تزايد التساؤلات حول ما إذا كانت السياسات النقدية التوسعية فاعلة بالنظر إلى مستويات أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، مفيداً أن البنوك المركزية الكبرى أمامها مساحة محدودة من السياسة لمعالجة المنافسات الاقتصادية الأكثر خطورة.
وأضاف الخليفي أن القطاع المصرفي واصل تعزيز مرونته في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، بيد أنه، في المقابل، طوال استمرار الظروف المالية التيسيرية، دفع المستثمرين للبحث عن عائد في الأصول ذات المخاطر العالية وغير السائلة، ما أسهم في تراكم الديون الدولية.
التقنية المالية
وأشار الخليفي، خلال لقاء محافظي البنوك المركزية بمجموعة العشرين، إلى الدور المتعاظم لاستخدامات التقنية وتزايد الرقمنة في النشاط الاقتصادي والمالي على وجه الخصوص، مشدداً على أن التقنية تحمل إمكانيات واعدة في القطاع المالي حيث تتبنى الشركات والأعمال تقنيات جديدة بطرق مختلفة.
وبحسب بيان صدر عن لقاء محافظي البنوك المركزية، قال الخليفي إن التقنية أظهرت عمليات مالية جديدة بما في ذلك منتجات مالية جديدة تعمل على تحويل أنشطة البنوك الحالية، إضافة إلى جلب لاعبين جدد، موضحا أن اثنين من المخاطر بدأت مجموعة العشرين بالفعل العمل عليها في وقت مبكر، وتأتي على رأس جدول أعمال هذا العام، وهما: المشاركة المتزايدة لشركات التكنولوجيا الكبرى في تقديم الخدمات المالية، وتحسين المرونة السيبرانية للبنية التحتية المالية.
وشدد على أن التطور التقني سيعزز الشمولية المالية، لكنه يهدد المصارف التي يمكنها الاستفادة من هذه الفرصة لتوسيع قاعدة عملائها وتمكينها من زيادة نطاق المنتجات البنكية.
التعاون مع السعودية
إلى ذلك، لقيت تجربة السعودية الإصلاحية على مستوى الاقتصاد، إشادات وسط مطالب بمزيد من التعاون، إذ دعت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيتارامان، لتقوية التعاون بين بلادها والمملكة الفترة المقبلة لاسيما في المجالات الاقتصادية الرئيسية كقطاع التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والابتكار، موضحة أن اجتماعات مجموعة العشرين كشفت أهمية الإصلاحات السعودية إلى جانب بحثها للقضايا الدولية الملحّة.
من ناحيتها، طالبت وزيرة المالية الأندونيسية سري إندراواتي بالاستفادة المشتركة على الصعيد الاقتصادي خاصة ما يتعلق بفرص الاستثمار الهائلة المحتملة بين البلدين، كاشفة عن مفاوضات جارية بين شركة برتامينا الإندونيسية وشركة أرامكو السعودية لمشروع تحديث مصفاة “سيلاكاب” بإقليم جاوا الوسطى. وأضافت الوزيرة الإندونيسية أن لدى البلدين مجالات حيوية أخرى للتعاون الاقتصادي والتجاري تحديداً في صناعة المواد الغذائية الحلال، والقوى العاملة والطاقة، كما أنه ما يزال أمام البلدين كثير من فرص التعاون واستكشاف الفرص الواعدة والجديدة في الدولتين.
وبحسب تصريحات إعلامية لها في أعقاب الاجتماعات، قالت إندراواتي إن رؤية المملكة 2030 مهمة جداً لوضع السعودية كلاعب اقتصادي عالمي، وباعتقادي أن مشروع الرؤية مشروع طموح للغاية للسعوديين، ولكنه بالتأكيد ليس سهلاً، لأنه يتطلب الاستمرار في سياسة التطوير التي تعمل عليها على مستوى التشريعات والقوانين والإجراءات، وهو ما من شأنه أن يضع القطاع غير النفطي على خريطة النمو وزيادة وجذب الاستثمار.
كورونا والتوصيات
وبعد بحث ملفات الضريبة والتطورات التقنية والرقمية ومستجدات الأسواق المالية والسياسات النقدية التي استمرت يومين في الرياض، أقرت اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين بأن تفشي فيروس كورونا وكذلك ملف التغير المناخي، مهددات رئيسية للاستقرار المالي والاقتصادي العالمي، مطالبين بضرورة تعزيز الإطار الرقابي على الصعيد الدولي.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن وزراء مالية ومحافظي مجموعة العشرين اتفقوا على مواصلة مراقبة مخاطر فيروس كورونا، والاستعداد لإقرار السياسات الملائمة للحد من آثاره على الاقتصاد العالمي. وطالبت اجتماعات وزراء ومحافظي مجموعة العشرين بضرورة العمل لتقييم تأثير التغير المناخي على الاستقرار المالي العالمي، مع مشاركة القطاع الخاص والشفافية في هذه المجالات مشددة على ضرورة مراقبة تفشي فيروس كورونا، والتأكيد على حالة الاستعداد لتنفيذ إجراءات إضافية للتصدي لهذه المخاطر.
وجاء في البيان الختامي أن على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية الالتزام باستخدام جميع أدوات السياسات المتاحة لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل للوقاية من المخاطر السلبية، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز إمكانات النمو، داعين إلى ضرورة الالتزام بأن تكون سياسات المالية العامة مرنة وموائمة للنمو، مع ضمان أن تكون نسبة الدين العام من إجمالي الناتج المحلي على مستوى مستدام.
وفي وقت يجب أن تستمر فيه السياسات النقدية في دعم النشاط الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار، بما يتماشى مع نطاق صلاحيات البنوك المركزية، دعا البيان الختامي إلى أهمية الجهود المشتركة التي يبذلها المقترضون من القطاعين العام والخاص لتحسين مستوى شفافية الديون، وضمان استدامتها، ومضاعفة الجهود لمعالجة أوجه الضعف الناشئة عن الديون.
وحول معالجة التحديات الضريبية الناشئة عن رقمنة الاقتصاد، أكد البيان الختامي المنهج الموحد بشأن الركيزة الأولى كأساس للمفاوضات، لكنه رحب كذلك بمذكرة الإنجاز الخاصة بالركيزة الثانية، اللتين تم الاتفاق عليهما في إطار العمل الشامل لتآكل الوعاء الضريبي، ونقل الأرباح الخاص بمجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبحسب البيان “نؤكد أهمية اتفاق إطار العمل الشامل لمجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الخاص بتآكل الوعاء الضريبي، ونقل الأرباح على الملامح الرئيسية للسياسات والتوصل لحل عالمي وتوافقي بحلول يوليو 2020، من أجل تحقيق اليقين الضريبي”.
وحول التطورات التقنية أكدت مجموعة العشرين مواصلة الجهود لتعزيز متانة الأمن السيبراني، والتطلع إلى حزمة أدوات مجلس الاستقرار المالي حول الممارسات الفاعلة للاستجابة للأحداث السيبرانية والتعافي منها، موضحة أن الابتكارات التقنية يمكن أن تحقق فوائد كبيرة للنظام المالي والاقتصاد ككل، ما يدعم العمل على تأطير المسائل الإشرافية والتنظيمية لمواكبة العصر الرقمي.
وجاء من بين التوصيات الدعوة لضرورة تحول الأسواق من مؤشر سعر الفائدة العالمي المعروض بين البنوك في لندن “ليبور”، واعتماد مؤشرات مرجعية بديلة عنها قبل نهاية عام 2021، مشددة في الوقت ذاته على دعم الشراكة العالمية للشمول المالي في تأكيدها، واهتمامها بالشمول المالي الرقمي للمجموعات التي تحظى بالخدمات الكافية، خصوصاً المرأة والشباب والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
عشرون ملفاً
وغادر وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية الرياض الشهر الماضي مخلفين وراءهم 20 ملفا استراتيجيا في عهدة الرياض داعين منظمات وجهات ومجالس أعمال باستمرار إعداد التقارير والأطر والمذكرات والمراجعات والخرائط اللازمة لكثير من الموضوعات المالية والنقدية والاقتصادية والتنموية المهمة. فبجانب متابعة وضع تفشي كورونا واستمرار العمل على أجندة التغير المناخي، كشفت مذكرة رسمية مرفقة في البيان الختامي أن الوزراء دعوا مجموعة إطار العمل إلى تقديم تقرير حول الإطار الرقابي للمخاطر، وإعداد مذكرة مشتركة مع صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي، وتقرير مستقل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن تعزيز إتاحة الفرص للجميع في شهري يونيو ويوليو من العام الحالي.
وينتظر الوزراء تقرير مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن التعاون مع المؤسسات الاستثمارية ومديري الأصول، بهدف زيادة الاستثمار الخاص في البنية التحتية منتصف العام الحالي، كما طلبوا تجهيز مذكرة مجموعة العشرين المرجعية بشأن المخاطر المالية والشراكات بين القطاعين العام والخاص المتعلقة بالبنية التحتية التي سيقدمها صندوق النقد الدولي في يوليو المقبل.
الاجتماعات مستمرة
وبرغم التداعيات المستمرة جراء تفشي فيروس كورونا وفرض تشديدات إجرائية حمائية، أكدت الأمانة السعودية لمجموعة العشرين قرارها باستمرار اجتماعات وفعاليات المجموعة وأنها قائمة، وسط متابعة متواصلة لتطورات فيروس كورونا. وقالت الأمانة في بيان صدر عنها، إنها بالتواصل مع منظّمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السعودية تؤكد استمرار استقبالها للوفود الرسمية للاجتماعات واللقاءات التابعة لمجموعة العشرين. وورد في البيان أنه نتيجة متابعة جميع التطورات، وآخر التدابير الوقائية المتعلقة بفيروس كورونا، تتخذ المملكة التدابير المعّززة في هذا الشأن تتضّمن إجراء فحص للزائرين القادمين وقياس درجة حرارتهم عند منافذ الدخول، وتعزيز الإجراءات المتعلقة بالنظافة والتوعية الصحية العامة.
ولفتت الأمانة إلى أنه بعد الدراسة والاستشارة الدقيقة والمتأنية، سيستمر اعتماد الوفود ووسائل الإعلام كالمعتاد، وستبقى تأشيرات مجموعة العشرين التي أُصدِرت لحضور الاجتماعات سارية المفعول.