الثقة المتبادلة والسماحة أبرز عوامل “الشراكات” الناجحة
على الشركة العائلية في الجيل الثالث البحث عن شركاء جدد
التسويق الإلكتروني أزاح الكثير من الوظائف لكنه لغة العصر والمستقبل
لا نجاح لأيّة شركة بعيدا عن العمل التطوعي
دعم الدولة للرواد كبير ومستمر ويبحث عن الأفكار الجديدة لا المكررة
الامتياز التجاري يحقق قيمة مضافة إذا كان الوكيل هو المدير الفعلي للمشروع
دروس مهمة للشراكة مع السيهاتي في النقليات وعبدالله فؤاد في السوبر ماركت
أكد رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات التميمي طارق بن علي التميمي أن نجاح أية شركة في أعمالها يعتمد على جملة من المقوّمات أبرزها “اهتمامها بالعنصر البشري”. وأضاف إن منح العاملين بالشركات الثقة، وصلاحيات تعكس هذه الثقة من خلال مسؤوليات يشعرون معها بأهمية أدوارهم، يعطي الموظف إحساساً بأن الشركة هي “بيتُه”، مما يُعمّقُ إحساسه بالانتماء للشركة، ويقوي ولاءه لها، وأبرز ما يتجلى فيه كل ذلك إنتاجيته التي تتضاعف وتزيد.. ولفت إلى أهمية إحساس الموظف بأن مستقبله وتطوره المهني يرتبطان بنجاحه في العمل، مؤكدا أن مردود هذا التوجه يمثل رقماً كبيراً في حساب النتائج وعوائد الشركة.. وأضاف أن خسارة موظف تعني خسارة تجارب ودورات تدريبية وإهدار خبرات مهمة للشركة. وتناول التميمي موضوعات وقضايا عدة، كما تطرق إلى ملامح من مسيرة الشركة وتطورها وأسباب نجاحها، لافتاً إلى أهمية التوجه للأعمال التطوعية”، والتي توفر في مجموعها لدى الشركات ـ خاصة الكبيرة ـ القدرة على مواجهة التحديات والخروج منها بأقل الخسائر.
تطوّرات التجارة السعودية:
وقال التميمي، عبر الاتصال المرئي، في اللقاء الذي نظمته غرفة الشرقية ــ ممثلة بمجلس شباب الأعمال، في يونيو الماضي، وضمن برنامج “تجربتي” ــ إن التجارة في المملكة مرّت بعدة مراحل، وكان لكل مرحلة سماتها الخاصة، وإن التجارة في مرحلة ما قبل توحيد المملكة كانت بسيطة ومحدودة، لكنّها تطوّرت مع التوحيد، ومنذ 1930 تقريبا، إذ جاءت الشركات الأمريكية، بعدها دخلت مرحلة الطفرة بعد ارتفاع سعر النفط، فبدأ رجال الأعمال يدخلون في تعاملات مع الشركات الأجنبية أكثر، وبدأت التجارة أو النشاط التجاري يأخذ بعدا آخر لأن التنمية في البلاد أصبحت في وضع جديد، وفي تلك المرحلة انطلقت مجموعة التميمي.
مشروعات مجموعة التميمي:
وقال التميمي أن المجموعة تأسست على يده والده يرحمه الله، الذي كان ـ كما يصفه ـ رياديا ومبادرا، إذ أسس أول محطة بنزين في بقيق عام 1949، بعدها انتقل نشاطه وأطلق مغسلة الدمام، التي كانت أتوماتيكية تجاوزت الطريقة التقليدية في الغسيل، خاصة وأن الطلب كان من قبل المستشفيات فكانت هي أقدم مغسلة في المنطقة الشرقية.. بعد ذلك أبرم ـ رحمه الله ـ عقدا مع شركة أرامكو عام 1954 لنقل ركاب الشركة وعقد تحالفا، لا زال قائما إلى اليوم، مع المرحوم علي السيهاتي، متجاوزا الطريقة التقليدية أيضا في نقل الركاب.
وضمن هذا السياق، يقول طارق التميمي أن والده التقى برجل الأعمال البارز عبدالله فؤاد بوبشيت (رحمه الله)، وأسسا شركة التميمي وعبدالله فؤاد، وبعد فترة من العمل توصل الطرفان إلى حل الشراكة، فلم تستغرق عملية الانفصال أكثر من ساعة، وبدون محامين وبدون قضايا أو محاكم، ذلك لأن العلاقة بين الاثنين كانت شخصية وعميقة، فقد كانا أكثر من أخوة.
وأكد أن ابرز عوامل نجاح الشراكات التي حققتها التميمي تعود لتوافر حالة السماحة والثقة المتبادلة.
بعد هذه المشاريع ـ والكلام لطارق التميمي ـ توسعت الشركات، وزادت الأنشطة، وتنوعت، وكان التنوع واحدا من أهم أسباب استمرار نجاح المجموعة ـ بعد توفيق الله ـ حيث يمثل التنوع في الأنشطة، ضمانة مهمة للنجاح، فكل نشاط يدعم الآخر، وبالتالي يحفظ الشركة من الانهيار، خاصة وأننا في أسواق تتعرض لظروف معينة تنخفض فيها المبيعات وتتراجع الأرباح.
محورية الموظف السعودي:
وحول علاقته بهذه المجموعة، ووصوله إلى الموقع الذي يشغله، قال بأنه تأهل للعمل من خلال الدراسة التي هي مرحلة الأحلام لأي شاب، وبفعل الالتصاق بالوالد وزملائه في العمل والشراكة، اكتسب المزيد من الخبرات، بالتالي فالتعليم هو تهيئة، لكن الخبرة تأتي بالممارسة.
وضمن عوامل النجاح في الشركة، قال إن العنصر الأهم في النجاح هو العنصر البشري، لأن النجاح الإداري لأي مسؤول في أي شركة هو وصوله إلى تحقيق ولاء الموظفين للمؤسسة، وهذا لا يأتي الا من خلال الاهتمام بهم ومنحهم الصلاحية، وإشعارهم بالثقة، فإذا شعر الموظف أن الشركة هي بيته، ويحظى بتدريب وترقية ويعرف أنه بعد مدة من الزمن، سوف يكون له شأن في هذه المؤسسة، هنا يتعمق ولاؤه، وتزداد إنتاجيته، فالمسألة ليست الراتب فقط، وإنما تتمثل في الاحترام والتقدير والثقة وتعميق الشعور بأنه جزء من هذه المنظومة التي يعمل فيها.
وأكد أن المواطن السعودي لا يهتم بالراتب فقط، بل يبحث عن بيئة تجعله، إذا عاد إلى منزله، يرى نفسه مؤثرا في الشركة التي يعمل فيها، لأن البيئة التي يعمل بها جاذبة، وأي مواطن تمنحه راتبا عاليا بدون بيئة لن يحقق الإنتاجية.
وانتقد التميمي حالة تسريح الموظفين نتيجة الظروف، وقال بأن هذا هو الطريق الأسهل في المواجهة، بينما يفترض أن تبحث الشركة عن آليات وخطط للخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وأن خسارة موظف يعني خسارة تجارب ودورات تدريبية وخبرات وما إلى ذلك.
العمل التطوعي:
وتطرق اللقاء إلى علاقة الشركات أو المؤسسات التجارية بالعمل التطوعي، وقال إن أي شركة تنشد النجاح لا بد لها من نشاط خيري، لأنها جزء من المجتمع، خاصة وأن الفئات الضعيفة كالمحتاجين والأيتام وغيرهم فئات تستحق الرعاية، وللعمل على استجلاب بركة الرزق من الله جل شأنه، مشيدا في هذا الجانب بأحد أقاربه الذي كان مسؤولا عن دار أيتام، فكان يحرص دائما أن يجلب خمسة أو ستة من الأيتام الذين يرعاهم ويضعهم مع أولاده، ذلك لدمجهم في المجتمع.
قصص ونجاحات أخرى:
وحول قصة انشاء أسواق التميمي، قال بأنه كان مع إخوته في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان والدهم في زيارة لهم، ورأى مركزا تجاريا ضخما هناك، وقارن بين الوضع في البلاد حيث لا توجد إلا بقالات صغيرة، وكان ذلك في 1979 فما كان منه إلا الاتصال بزميله عبد الله فؤاد الذي جاءه على الفور وقاما بخطوة المركز (سوبر ماركت)، فكان إطلاقه بمثابة قيمة مضافة للسوق السعودي، مشيرا إلى أن أي مركز تجاري سعودي يفتتح في أمريكا الآن يمكن أن ينافس وبقوة أيضا.
وذكر أن قيمة مثل هذا المركز تكمن في كونه يوفر السلع الأساسية للمواطنين، تختلف بذلك عن السلع الكمالية مثل العطور وأدوات التجميل وما شابه ذلك، لذلك وجدنا كيف كانت هذه المراكز فاعلة خلال فترة الجائحة.
وتطرق اللقاء الذي اداره عضو مجلس شباب الأعمال إبراهيم السحيباني إلى مسألة الامتياز التجاري، فذكر التميمي أنه مسألة مهمة، ويعطي قيمة مضافة، ولكن نجاحه مشروط بأن يكون الموكل به هو الذي يديره بنفسه، لا أن يجلب له عناصر خارجية تقوم بهذه المهمة، موضحا أن مشروع “أسواق التميمي” سوف تمنح الامتياز لعدد من رواد الأعمال في مناطق سعودية، ولكن الشرط الأساس هو أن من يملك الامتياز، لابد أن يكون هو المدير الفعلي للمشروع.
رواد الأعمال:
وحول رواد الأعمال، قال التميمي أن رواد الأعمال بما يمتلكون من طموح وإرادة النجاح، يمثلون ثروة توليها الدولة عنايتها ورعايتها، وقد وجدنا كيف أن الدولة صرفت الملايين من أجل رعاية رواد الأعمال، ومن قبل ذلك وضعت العديد من وسائل الدعم والرعاية لهم، لافتا إلى أن الحكومة الرشيدة والمؤسسات الكبيرة أيضا تتطلع لدعم الأفكار الجديدة وغير المكررة التي تحمل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى موقف جرى له حينما قصده اثنان من الشباب السعودي وكانت لديهم فكرة جديدة للمشتريات، فدخل معهم ـ باسم المجموعة ـ شريكا، وحصل على نتائج باهرة وحققت له عائدات جيدة، فكل شركة تريد أفكارا جديدة، والسوق مفتوحة للجميع.
وفي هذا الشأن أشار إلى ان العشرات من المشروعات التي يملكها أو يشرف عليها الوافدون باتت في متناول المواطنين ورواد الأعمال، الذين عليهم المبادرة لاقتناص هذه الفرص.
وحول الشركات العائلية قال التميمي إن أي شركة تصل إلى الجيل الثالث، عليها ان تتخذ أحد الموقفين، أما أن تستقطب شركاء آخرين، أو أن تتحول الى شركة مساهمة، فهذا ضمان لاستمرارها في العطاء، وهذا هو التوجه الذي تسير عليه مجموعة شركات التميمي.
وبالنسبة للتسويق الالكتروني قال إنه قد ألغى الكثير من فرص العمل، وسيبقى لغة العصر ولغة المستقبل.