قبل سنتين وتحديدا في أغسطس 2018، أصبحت آبل أول شركة أمريكية تصل قيمتها السوقية إلى تريليون دولار، وهذا العام كررت إنجازها بعد أن أصبحت هذه المرة أول شركة أمريكية تسجل قيمتها السوقية 2 تريليون دولار وفي شهر أغسطس أيضا. ومن اللافت أنها وقت تسجيل هذه القيمة، ابتعدت بأكثر من 300 مليار دولار عن منافستها الأولى أمازون من حيث القيمة السوقية.
هذا الرالي الأخير للسهم أتى بعد نتائج قوية فاقت التوقعات، وتلاه إعلان الشركة عن تجزئة سهمها الواحد إلى أربعة، ولكن اللافت في حركة السهم أنه عند انهيار الأسواق في شهر مارس الماضي، عادت القيمة السوقية للشركة دون تريليون دولار، متزامنا ذلك مع تسجيل الأسواق قاع جائحة كورونا في الأسبوع الأخير من شهر مارس، ولكن الحركة القوية كانت الانطلاق من تريليون إلى 2 تريليون دولار في 5 أشهر فقط.
الشركة تملك سيولة نقدية عند حوالي 194 مليار دولار، وبالتالي تستطيع بسهولة الاستحواذ على أية شركة صغيرة لديها فكرة ناجحة، أو تقدم خدمة قوية، ويمكن أن تساهم في زيادة كبيرة
في حجم نشاط الشركة، وسبق أن فعلت ذلك عدة مرات في السنوات الأخيرة.
آبل مثلها مثل شركات التكنولوجيا العملاقة، استفادت في الأشهر الأخيرة من فترة كورونا، بسبب مكوث الناس في منازلهم، وازدياد الطلب على الأجهزة المحمولة، وسجلت نموا في عائدات الربع الثاني، لكن في المقابل هناك عدة تساؤلات بالنسبة لوجود آبل في الأسواق الآسيوية، وانكشافها الكبير، وحضورها القوي في الصين، خصوصا بعد تصاعد حدة التوترات مع التطبيقات الصينية في الولايات المتحدة، وأيضا التوتر الصيني الأمريكي سيظل طاغيا في الفترة القادمة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وكانت آبل أعلنت في الفترة الماضية، تقسيم سهمها إلى 4 أسهم وذلك للمرة الخامسة في تاريخها بعد وصول السهم إلى مستويات فوق 400 دولار، وسيحصل المستثمر على 3 أسهم إضافية، ويعود سعر السهم فوق الـ 100 دولار بعد قسم السعر إلى 4 في نفس الوقت.
طبعا بعد هذه العملية والزيادة في عدد الأسهم، لن يطرأ أي تغيير في أساسيات الشركة أو في القيمة السوقية، والهدف دائما ما يكون أن السعر ارتفع بشكل كبير، ولكي يعود إلى متناول صغار المستثمرين تأتي عملية التجزئة، وبالتالي يمكن أن يزيد الطلب على السهم أكثر.
نعود الآن إلى عمليات التقسيم السابقة التي حدثت عبر تاريخ الشركة، المرة الأولى كانت في عام 1987 عندما تم تقسيم السهم إلى قسمين وبعدها كل مساهم في الشركة أصبح لديه ضعف عدد الأسهم، ولكن كما ذكرنا لم يتغير شيئا لأن سعر السهم تراجع إلى النصف. إذا العملية متوازية في نفس الوقت بالنسبة لعدد الأسهم والسعر. ثم عاد وحصل نفس السيناريو في عامي 2000 و2005 مع نفس النسبة 1 إلى 2.
أما في عام 2014 وبعد وصول السهم إلى مستويات فوق 700 دولار، فقد أعيد تقسيم السهم الواحد إلى 7 هذه المرة، وعاد السعر إلى مشارف 100 دولار. في العام الماضي ارتفع سهم آبل بأكثر من %122 لتستفيد الشركة من عدد المستخدمين على PAY APPLE الذين يصل عددهم إلى 400 مليون وأصبحوا يلعبون دورا مهما في تحقيق الإيرادات. أما بالنسبة لعدد الأسهم المتداولة للشركة فهو حوالي 4.3 مليار سهم ومع وصول السهم إلى 468 دولارا في 19 أغسطس سجلت القيمة السوقية مستوى فوق 2 تريليون دولار.
ذكرنا أن القيمة السوقية لن تتغير بالنسبة لآبل، ولكن سيتغير تأثيرها في مؤشر الداو جونز، وستفقد من تأثيرها القوي في المؤشر، لأن التأثير يأتي من سعر السهم، وليس من وزنها، وبذلك ستفقد آبل مكانتها بأنها الأكثر تأثيرا في المؤشر.
طبعا هناك شركات أخرى حاليا سعر السهم يعتبر عاليا جدا مثل سهم أمازون الذي يتخطى مستويات 3 آلاف دولار، وهو بحاجة على الأقل إلى تقسيم كل سهم إلى 30 سهما ليعود إلى مستويات معقولة، آخر مرة قامت أمازون بعملية التقسيم كانت قبل أكثر من 20 عاما، وقتها قامت بتقسيم السهم إلى سهمين وذلك في عام 1998، أما المحطة الثانية فكانت في بداية 1999 وجرى تقسيم السهم إلى 3 أسهم، وعادت في نفس العام وتحديدا في سبتمبر وقسمت السهم مرة جديدة إلى سهمين.
وأيضا إذا أرادت أمازون أن تتلقى دعوة للدخول إلى مؤشر الداو جونز، بالتأكيد لن تكون الدعوة على هذه الأسعار العالية، وأيضا بعد الخطوة التي قامت بها آبل، ليس مستبعدا أن تقوم أمازون بنفس الخطوة.
أما بالنسبة لشركة وارن بافيت المستثمر التاريخي وهي بيركشاير هاثاواي فقد وصل سعر السهم إلى ما فوق 300 ألف دولار، لكن بافيت يفضل عدم تقسيم السهم وأن يكون السهم له طابع استثماري، ويكون فعلا في يد المستثمر الطويل الأجل، وبعيدا عن متناول المضاربين وتكون بذلك نوعية قاعدة المستثمرين في شركته مشابهة لنظرته إلى الاستثمار. هذا بالنسبة لسهم بيركشاير هاثاواي فئة A أما بالنسبة لفئة B فقام بافيت بتقسيم السهم من قبل وتحديدا في عام 2010 بنسبة سهم إلى 50 سهما.