لجائحة فيروس كورونا المستجد أو ما يعرف بمصطلح كوفيد ـ 19 أثر سلبي كبير على الأعمال والحكومات والأفراد حول العالم. وقد صادفت الجائحة استضافة المملكة لقمة العشرين التي عقدت في الرياض عن بعد بمشاركة 20 دولة ذات تأثير كبير على نمو الاقتصاد العالمي في العديد من المجالات الاقتصادية. الحقيقة أن العالم بحاجة لمعالجة تبعات الجائحة وما خلفته من مشاكل وتشوهات اقتصادية ساهمت في تباطؤ الاقتصاد العالمي، وزادت من إفلاس الكثير من الشركات حول العالم مصحوبة بالبطالة بنسبة عالية في دول العالم بما فيها دول العشرين التي وصلت البطالة في بعضها نسبا عالية غير مسبوقة في العصر الحديث من نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.
تعدت تبعات الفيروس الآثار الاقتصادية لتشمل الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والدينية والأخلاقية والتعليمية والنفسية والسلم والسلام العالمي والسيادة الوطنية والتجمعات والترفيه ومعدل الجرائم بما فيها الانتحار الذي نتج عن الاكتئاب والمرض من الفيروس وغيرها من التبعات المؤلمة. هذه الآثار مجتمعة سببت تحولات اجتماعية ذات تأثيرات اقتصادية سلبية تحتاج لإطار اقتصادي فعال يعيد الاقتصاد العالمي إلى المسار الصحيح.
التكلفة على الاقتصاد العالمي بسبب الجائحة عالية، حيث وصلت التقديرات إلى 16 تريليون دولار أغلبها تكبده الاقتصاد الأمريكي بصفته أكبر الاقتصادات في العالم. وقد ترتفع التكلفة إلى مستويات أعلى إذا استمرت الجائحة لفترة طويلة. وقد ساهمت وما تزال الجائحة في البطالة العالمية والركود الاقتصادي، وربما كساد يعم العالم في جميع القطاعات الاقتصادية مثل قطاع السياحة والترفيه والسفر، حيث تحتاج إلى تحفيز قوي لإعادتها إلى النشاط لأنها تشكل نسبة عالية في الاقتصاد العالمي.
سيخرج العالم قريباً من الجائحة التي فرضت انغلاق الاقتصاد العالمي للتغلب عليها والوصول إلى النمو الذي يركز على الأعمال والأفراد وينميهم من خلال الخطط والسياسات المدروسة والاستعانة بالتقنيات والتكنولوجيا لتنفيذها على الوجه المطلوب الذي يتماشى مع القرن الحادي والعشرين. وتعد تنمية العنصر البشري، خاصة المرأة والكوادر الشابة، أحد محركات النمو الاقتصادي العالمي. المستقبل يحوي الكثير من الفرص الواعدة في ظل اقتصاد عالمي مستقر وبعيد عن التقلبات السياسية والأزمات والكوارث التي لا تساعد على النمو والتكامل.
وتسعى دول العشرين إلى دعم الدول النامية والأقل نمواً لمواجهة الأزمة، فقد دعت المملكة الى تأجيل سداد ديون الدول النامية والدول الفقيرة إلى ما بعد انجلاء الأزمة وتعافى الاقتصاد العالمي بشكل عام واقتصادات الدول المقترضة بشكل خاص. هذا الدعم من القمة يساهم في تعافي اقتصاد الدول المقترضة التي تواجه شحاً مالياً بسبب تراجع نمو الاقتصاد العالمي الذي يؤثر في اقتصاداتها وبالتالي يؤثر في قدرتها المالية على تسديد قروضها في موعدها.
وتتضافر جهود دول العشرين لتحقيق اقتصاد عالمي مبني على الابتكار الذي يفيد في النمو الاقتصادي بمشاركة دول القمة ودول أخرى واعدة. كان للاقتصاد الرقمي والحكومة الرقمية والثورة التكنولوجية والابتكار دور بارز في مناقشات محركات النمو الاقتصادي. قمة العشرين في الرياض كانت خلال الأزمة الوبائية العالمية، ما استدعى أن تكون القمة والاجتماعات افتراضية للحفاظ على صحة المشاركين، حيث ساهمت تقنية وتكنولوجيا الاتصالات في نجاحها بقيادة المملكة.
الدول المتقدمة والنامية بحاجة للتعاون والمشاركة في جهود الابتكار، ليعم الأمن والسلام والمساواة جميع أنحاء العالم لما لذلك من دور إيجابي في مواجهة الأزمات الوبائية بسرعة كافية تنهي المرض في وقت قصير قبل انتشاره. إن تبادل المعلومات ذات العلاقة بسرعة وشفافية بين الدول في غاية الأهمية.
ختاما أرى أن قمة العشرين في الرياض جاءت في سنة حرجة يجتاح العالم فيها الوباء ما جعلها تواجه تحديات كبيرة في الجانب الاقتصادي وما تبعه من جوانب أخرى أهمها السياسية والتكنولوجية والاجتماعية والتعليمية والتقنية كما يحصل في نمو العالم الرقمي على مستوى الحكومات والقطاع الخاص. وتعمل دول العشرين على المبادرة بعمل إطار اقتصادي جديد لتحفيز الاقتصاد العالمي على النمو بوتيرة صحيحة. والمأمول أن تكون دول القمة قد استفادت من الدروس والعبر من الجائحة، لتفادي تكرارها أو ما يعرقل الاقتصاد العالمي من أزمات مشابهة، فالعالم اليوم قرية اقتصادية صغيرة تتأثر بكل ما يحدث فيها من تغيرات سارة وضارة.