على عتبة العام 2021، ندخل كسعوديين سنة جديدة مليئة بتباشير التفاؤل والخير والتنمية ليست ناتجة فقط عن مؤشرات الميزانية المقرة أخيرا فحسب، بل لعوامل رئيسية توحي بأن العام الجديد سيكون على موعد مع مواصلة الركض لاستكمال التحول في ظلال “رؤية المملكة 2030” التي ستذهب بالاقتصاد الوطني إلى ضفاف جديدة هدفها الاستراتيجي تحرير الاقتصاد من النفط وزيادة الإنتاج ورفع رفاهية المواطن.
دعوني انطلق من العوامل التفاؤلية الرئيسية حيث سجلت المملكة نفسها كأولى الدول استقطابا لعقار علاج كورونا المستجد (كوفيد – 19) والبدء في حملة وطنية شاملة لأخذ اللقاح الذي أثبت نجاحا عاليا ونسبة استشفاء مضمونة – بإذن الله- في خطوة تؤكد أن رعاية المواطن وحمايته أولوية قصوى لدى قيادة المملكة.
وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، في مشهد عفوي، هو أول المتلقحين بالعقار الجديد تأكيدا على مأمونيته، في وقت يؤكد المسئولون في البلاد أنهم يبادرون بتأمين العقار خلال العام الجديد لصد تداعيات الفيروس الوبائي والحماية منه والانطلاق مجددا نحو التخلص من آثاره السلبية وفتح أبواب الانتشاء بمرحلة التعافي والخروج الكامل من عباءة تداعياته كأولى الدول على مستوى العالم التي تعلن عن الشفاء الكامل من الفيروس – إن شاء الله.
وفي خضم التشافي الصحي، أفصحت تقديرات نمو الاقتصاد الوطني عاملا تفاؤليا حيث قدرت الدولة رسميا أن يكون العام 2021 أحد بشريات المرحلة الجديدة إذ توقعت وزارة المالية عودة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة انتعاشية قوامها 3.2 في المائة، وفق سيناريو استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية. وتعني هذه التقديرات ببساطة أن الاقتصاد الوطني السعودي سيواصل اعتماد سياسة الدعم الحكومي لتعزيز دور القطاع الخاص وأن يكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي لاسيما قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة المستهدفة بالنمو وتحسين بيئة الأعمال وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمار المحلي والأجنبي.
ومن تباشير التعافي الصحي والاقتصادي إلى العامل جوهري في إعلان ميزانية المملكة 2021 التي اعتمدها مجلس الوزراء السعودي أخيرا برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حيث أن المدقق في البيانات المعلنة تبرز أمامه حقيقة أن الميزانية تعزز مبدأ “الإنفاق” واستمرار “الصرف” وتجنب سياسة “الانكماش”. وهذا يعني أن الدولة مصرة على الاستمرار في مشروعات التنمية واستكمال التطوير الحضري للمدن والمناطق والدفع نحو مواصلة الحكومة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وبرامج التخصيص للقطاعات الحيوية.
وفي ميزانية المملكة 2021، التي نصفها هنا بأنها جاءت بـ”العطاء” رغم ظروف “الوباء”، اعتمدت مصروفات بنحو التريليون ريال في مقابل إيرادات بنحو 849 مليار ريال مع الذهاب نحو سياسة الاستدانة لتغطية العجز، بيد أن السمة المميزة التي أفصحت عنها الميزانية هي أن مستوى العجز سيبدأ في التقلص بدءا من العام الجديد وحتى العام 2032 ما يعطي رؤية تفاؤلية بمستقبل الاقتصاد في البلاد.
ومن خلال التدقيق في ملامح الميزانية العامة، نرى أنها تؤكد مبادئ رئيسية أولها التعامل مع تداعيات (كوفيد – 19) الصحية وتستهدف استعادة وتيرة النمو الاقتصادي، في وقت ركزت فيه على تعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية والخدمات الأساسية. وأبرز قراءة فنية للميزانية، ما قاله وزير التجارة وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي إبان صدور الميزانية بأنها “تتبنى سياسات أكثر ملاءمة في الموازنة بين النمو والاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، مع الاستمرار في جهود تنمية الإيرادات غير النفطية وكفاءة الإنفاق وزيادة مستوى مشاركة القطاع الخاص، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية للعام المالي 2020″.
هكذا هو الحال في العام المنصرم الذي وصفه ولي العهد بـ”الصعب” على العالم أجمع، تحقق السعودية نجاحا متواليا في إدارة المشهد في خضم الأزمات والاضطرابات والتوترات، وتستطيع الخروج بأقل الخسائر وتجنب أهلها وأرضها المخاطر وتضمن لهم حسن العيش واستدامة الازدهار، فأدام الله علينا هذا الوطن وحفظه من كل مكروه.