السعودية الأولى عربيا والـ 22 دوليا في المؤشر العالمي تورتويس إنتليجينس
الذكاء الاصطناعي مجال جديد وواعد أمام قطاع الأعمال
20 مليار ريال تنفقها المملكة على الذكاء الاصطناعي خلال الـ 10 سنوات القادمة
السعودية تنسق مع الأمم المتحدة لإنشاء مجلس استشاري لتعزيز التعاون العالمي في الذكاء الصناعي
الذكاء الاصطناعي هو أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوجيا في العصر الحالي، ويُمكن تعريف مصطلح الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الآلات والحواسيب الرقميّة على القيام بمهام مُعينة تُحاكي وتُشابه تلك التي تقوم بها الكائنات الذكيّة، كالقدرة على التفكير أو التعلُم من التجارب السابقة أو غيرها من العمليات الأُخرى التي تتطلب عمليات ذهنية، كما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى الوصول إلى أنظمة تتمتع بالذكاء وتتصرف على النحو الذي يتصرف به البشر من حيث التعلُم والفهم، بحيث تُقدم تلك الأنظمة لمُستخدميها خدمات مُختلفة من التعليم والإرشاد والتفاعل وما إلى ذلك.
ويعود تاريخ ظهور الذكاء الاصطناعي إلى الخمسينات من القرن الماضي، وبدأت وتيرة التسارع في علم الذكاء الاصطناعي في بداية القرن الـ 21 حيث أصبحت الروبوتات التفاعليّة مُتاحة في المتاجر، بل إن الأمر تعدى ذلك ليصبح هناك روبوت يتفاعل مع المشاعر المختلفة من خلال تعابير الوجه، وغيرها من الروبوتات التي أصبحت تقوم بمهام صعبة.
ويعمل العلماء والباحثون على تطوير الذكاء الاصطناعي المُستقبلي بشكل يُمكن الاستفادة منه بشكل كبير وفي جوانب مُتعددة من الحياة؛ بدءاً من الهواتف الذكيّة، إلى السيارات، أو حتى المنازل التي تعمل بالنظام الذكي.
المنهج السعودي دائما هو العمل لمصلحة البشرية، لذلك وخلال رئاستها لمجموعة العشرين الماضية، قدمت وحشدت جهودا عالمية لدعم الدول الفقيرة والأقل نموا لمواجهة جائحة كورونا مستخدمة الذكاء الاصطناعي لخير البشرية، وخلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين دعت إلى تفعيل التقنية والاستجابة لمستجدات التكنولوجيا واعتماد الثورة الصناعية، حيث تستهدف المملكة ضمن رؤية 2030 تعزيز مجالات البيانات والذكاء الصناعي واستحداث 40 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة تتعلق بهذه القطاعات، فضلًا عن وجود أكثر من 20 ألف متخصص في مجالات البيانات والذكاء الصناعي.
كما استطاعت المملكة تحقيق المركز الأول عربيًا، والمركز 22 عالميًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، مقارنة بالمركز الـ 29 عالميًا العام قبل الماضي، كما نالت المملكة المركز الثاني عالميًا في معيار الاستراتيجية الحكومية، والمركز التاسع عالميًا في معيار البيئة التشغيلية.
جاء ذلك في تقرير مؤشر تورتويس إنتليجينس، ويقيس المؤشر أكثر من 143 مقياسًا لمستوى الاستثمار والابتكار وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر عدة معايير كقوة البنية التحتية والبيئة التشغيلية والأبحاث والتطوير وغيرها.
ولتعزيز هذا التواجد وتطويره عالميا، أطلق ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في المملكة، متمنيًا أن تصبح المملكة نموذجًا للذكاء الاصطناعي في العالم. وتعتزم الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” استثمار ما يزيد على 20 مليار ريال في مشاريع الذكاء الصناعي بحلول 2030م.
وقال رئيس هيئة “سدايا” الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي خلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي إن الذكاء الصناعي يعتبر جديرًا بالثقة والتدفق الحر للبيانات والمدن الذكية وأمن الاقتصاد الرقمي والقياس، مضيفًا أن السعودية أطلقت استراتيجية وطنية طموحة للبيانات والذكاء الصناعي تركز على التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية.
وأكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أهمية التقنيات الجديدة مثل الذكاء الصناعي في رسم مستقبل أفضل، خلال قمة مجموعة العشرين العام 2020م.
وذكر الغامدي أن الفجوة الرقمية الحالية ستتنامى وسيتزايد على إثرها التوزيع غير العادل للمنافع والثروة إن لم تتم معالجتها بشكل جماعي، مؤكدًا ضرورة تجنب هذه المخاطر، وهو ما دفع السعودية في رئاستها لمجموعة العشرين إلى إدارة حوارات حول الموضوعات الأكثر أهمية والتي ستشكل الاقتصادات الرقمية بما في ذلك الذكاء الصناعي.
وتمكنت السعودية من استضافة أكثر من 170 اجتماعًا افتراضيًا لمجموعة العشرين على مدار الأشهر الماضية، بدعم من تعزيز مشروعات الرقمنة والبيانات حيث ازدادت أهميتها خلال انتشار وباء كوفيد ـ 19.
جهود المملكة وشراكات دولية
وأطلقت السعودية شراكة طويلة الأمد مع البنك الدولي، بهدف تسريع التنمية المدعومة بالذكاء الصناعي في البلدان النامية، حيث ستركز هذه الشراكة في البداية على إفريقيا من خلال التقييم العميق لاستعداد الدول للذكاء الصناعي، يتبعه اتخاذ إجراءات محددة بالتعاون بين قيادات الدول لسد الثغرات وتمكين الذكاء الصناعي.
وأشار الغامدي إلى أن السعودية استفادت من مزايا الابتكار الرقمي ومشاركتها في صميم أجندة مجموعة العشرين للعام 2020م، مضيفًا أننا “أطلقنا القمة العالمية للذكاء الصناعي لتكون منصة القيادة الفكرية السنوية الرائدة لتسهيل الحوار العالمي حول رسم مستقبل الذكاء الصناعي”.
كما تم إطلاق شراكة في مجال الذكاء الصناعي مع الاتحاد الدولي للاتصالات لمشاركة أفضل ممارسات الجاهزية الوطنية للذكاء الصناعي عبر الدول الأعضاء في الاتحاد البالغ عددها 193 دولة. وتتشاور السعودية مع الأمم المتحدة حول إنشاء مجلس استشاري يضم المنظمة وأصحاب مصلحة متعددين، بهدف تعزيز التعاون العالمي في مجال الذكاء الصناعي.
وخلال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي نظمتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” تمّ توقيع 3 اتفاقيات استراتيجية مع شركات IBM، وعلي بابا، وهواوي. وستعمل كلٌ من “سدايا” و”علي بابا” على تطوير الحلول الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات، بما في ذلك السلامة والأمن، والنقل، والتخطيط الحضري، والطاقة، والتعليم، والصحة، وغيرها، وذلك من خلال الاستفادة من إمكانيات منصات الذكاء الاصطناعي لدى “علي بابا” لتمكين مدن المملكة من إدارة الخدمات العامة بذكاء، وتطوير حلولٍ تجعلها أكثر مرونة واستجابة لاحتياجات سكانها.
وقال الغامدي خلال القمة، إن المملكة تسعى لبناء نفسها كمركز عالمي للبيانات والذكاء الاصطناعي، مضيفا أن المملكة ستعلن عدة شراكات في إطار إطلاقها استراتيجية للذكاء الاصطناعي.
كما شاركت “سدايا” مؤخرا في أسبوع جيتكس للتقنية 2020، وقدمت خلاله الخدمات والتقنيات المتقدمة لجميع الجهات التابعة لها. وأبرز جناح “سدايا” الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي التي أقرتها القيادة الرشيدة مؤخرًا، وتطلعها إلى لعب دور محوري في رسم مستقبل البيانات والذكاء الاصطناعي على مستوى المملكة والعالم، التي تتلخص بنودها في ستة أهداف رئيسية تتمثل في: ترسيخ موقع السعودية كمركز عالمي لتمكين أفضل تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي، وتطوير القوى العاملة في المملكة ببناء مورد مستدام للكفاءات المحلية في هذا المجال، إلى جانب بناء البيئة التشريعية الأكثر تشجيعًا للشركات والمواهب المتخصصة، كما تسهم في جذب التمويل الفعال والمستقر للفرص الاستثمارية المتميزة، فضلاً عن تمكين أفضل المؤسسات البحثية المتخصصة في البيانات والذكاء الاصطناعي لقيادة الابتكار وتعظيم الأثر المنشود، إضافة إلى تحفيز تبني تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي من خلال المنظومة الأكثر جاهزيةً وتطلعًا.
واستعرضت “سدايا” في جناحها، منظومة “توكلنا” التي قام بتطويرها مركز المعلومات الوطني التابع لها، وبرنامج الهوية الرقمية “السمات الحيوية” ومنصة “استشراف” إضافة إلى تقديم حزمة من المؤشرات والتحليلات التي تسهم في فهم أثر بعض السياسات.
كما وقع المركز الوطني للذكاء الاصطناعي ذراع الابتكار وبناء القدرات للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي مذكرة تفاهمٍ مع شركة هواوي تهدف إلى التعاون الاستراتيجي لتفعيل البرنامج الوطني لتنمية القدرات، إحدى مبادرات المملكة الرامية لتطوير إمكانات الذكاء الاصطناعي المحلية.
وبموجب مذكرة التفاهم الجديدة، ستدعم شركة هواوي برامج تدريب المهندسين والطلاب السعوديين المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن التطوير المشترك لرفع إمكانيات الذكاء الاصطناعي الخاصة باللغة العربية، كما سيعمل الطرفان على استكشاف فرص تطوير منصة لدعم القدرات الوطنية وتوطين الحلول التقنية المحلية في هذا المجال.
اتفاقات بـ 2 مليار دولار
ضمن فاعليات مجموعة العشرين، وقعت شركة الجبيل وينبع لخدمات المدن الصناعية التابعة للهيئة الملكية للجبيل وينبع اتفاقية استثمارية مع شركة شينجونج الدولية للصناعة ومذكرة تفاهم بين شركة طريق الحرير وشركة شينجونج بمدينة الجبيل الصناعية.
وتستهدف المذكرة الاستثمارية إنشاء مشروع صناعي بمدينة الجبيل الصناعية لتشييد وتشغيل مصنع بمنطقة البلاسكيم بالجبيل كمرحلة أولى لإنتاج مصابيح الإضاءة LED باستثمار يقدر بـ 3.383 مليار ريال، ومن المتوقع أن يوفر المشروع المزمع إقامته 267 فرصة عمل مباشرة.
وتتمثل مذكرة التفاهم بين شركة طريق الحرير السعودي للخدمات الصناعية وشركة شينجونج الدولية للصناعة بمشروع للمواد الجديدة والصناعات التحويلية بين الصين والسعودية، ويقع في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية وتأجير المصانع الجاهزة في الدمام وإنشاء المصانع في جازان حيث يقدر حجم الاستثمار بـ 3.750 مليار ريال.
الرياض في مؤشر IMD
قفزت الرياض 18 مرتبة لتحقق تقدمًا نوعيًا في مؤشر IMD للمدن الذكية للعام 2020م، الذي يُصدره المعهد الدولي للتنمية الإدارية، متجاوزةً مدنًا عالمية مثل طوكيو وروما وباريس وبكين، لتصبح خامس أذكى مدينة بين عواصم مجموعة العشرين.
ويدل هذا التصنيف على الدور الكبير للتحول الرقمي والبيانات والذكاء الاصطناعي في الرياض، ومقدرتها على تبني أحدث التقنيات والحلول الرقمية، إضافة إلى السرعة والمرونة في معالجة التعاملات الحكومية الرقمية وخدمات الهوية الرقمية، وسهولة بدء الأعمال التجارية الجديدة وتقليل أوقات الانتظار، في الوقت الذي لعبت فيه التطبيقات والمنصات الحكومية دورًا كبيرًا في رفع مؤشرات الصحة والسلامة لمدينة الرياض الذكية وتحديدًا خلال جائحة كورونا.
وشهدت الرياض أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي أقيمت تحت رعاية ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي لخير البشرية” وبتنظيم من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي.
وشهدت أحداث القمة العالمية التي استمرت يومين 30 جلسة شارك فيها ما يقارب من 60 متحدثاً من وزراء، وقادة لكياناتٍ عالمية، وأكاديميين، ومستثمرين، ورواد أعمال من 20 دولة.
وهدفت القمة إلى إيجاد وجهة عالمية لفعاليات الذكاء الاصطناعي وهي العاصمة الرياض، حيث ستعقد القمة فيها سنوياً لمناقشة واقع ومستقبل وقضايا الذكاء الاصطناعي، وتسليط الضوء على أحدث الأبحاث والتقنيات في هذا المجال.
وتضمنت أجندة القمة أيضا دور الذكاء الاصطناعي في بناء الحياة والمستقبل، وسبل التحول إلى العصر الجديد الذي يتسم بالتغير السريع. ووعدت القمة برسم مستقبل الذكاء الاصطناعي بشكلٍ جماعي ودون استثناءات.