مضت الأيام سراعا، ومضى معها قطار العمر، سنوات مرت كأنها لحظات هاربة، فرت من عقال الزمن، دار الزمان ومرت الأيام، وها هو أستاذي وأخي الأكبر في العمل يترجل عن جواده. قصي البدران الذي أمضى أكثر من ثلاثين عاما في حقل الإعلام والصحافة، تقلب فيها ما بين الصحف المحلية والخليجية، مرورا ببعض القنوات الفضائية.
بدأت قصتي مع هذا الفارس حينما شاءت الصدفة أن نتقابل في مكتب صحيفة الوطن بمدينة الدمام عام 2008م. وكان حينها مديرا إقليميا للجريدة، كانت المقابلة فيما بيننا قصيرة خفيفة، وكأننا كنا نعرف بعضنا بعضا منذ فترات طويلة، حتى حالفني الحظ أن أعمل معه في مجلة “الاقتصاد” بغرفة الشرقية الذي كان رئيسا لتحريرها حتى لحظة تقاعده.
تتلعثمُ الألسن، تتبعثرُ الحروف … فماذا عساني أن أقول
السيل يغدو ضاحكا مستبشرا … ودموع العين تستحي أن تنطق
لو كان بالقلب ألمٌ ملجلجٌ … فسلوتي عندما أراك تشرقُ
أبا سلطان، وجدت فيك صدق القول، وحب العمل، وتوجيها صادرا من القلب، وتواضعاً في المعاملة، دفعني كل ذلك إلى احترام شخصك، وزادني معرفة بنفاسة جوهرك.
واليوم أيها الفارس، ها أنت تترجل عن صهوة جوادك في ميدان العمل الوظيفي. وكلي أمل أن تمتطي صهوة جواد أقوى من سابقه في ميدان الحياة، لأنه ميدان فسيح لا يقطنه إلا قوي الشكيمة، شديد المراس، وأنت أكبر من ذلك لما عرفناه عنك من قوة وجلد صبرك وقبولك التحدي تلو التحدي دون كلل أو ملل، تخرج من نجاح إلى نجاح أكبر.
المدة التي جمعتني بك لها الأثر البالغ في نفسي، صنعت ذكريات جميلة وتركت أثرا طيبا طالما تعودتها منك. تواضع وإخلاص في العمل، وتعاون بلا حدود، روح الفريق الذي عرفته فيك، هو شعارك الذي كنت تردده في كل اجتماع ومناسبة.
أبا سلطان، كم من صفات رسمت معالمها، وشيدت صروحا بعطائك المتميز وإبداعك المبهر، وشخصيتك الحكيمة المتزنة، وسواعدك البناءة. تشجيعك كان لي دافعا للسعي والكد والبحث لتحقيق الأفضل، كيف لا وأنت مصنع الأبطال والإنجازات فنعم الرجل أنت.
لن أقول وداعا، فأنت في القلب، بصماتك محفورة في نفسي كلؤلؤة تسكن في قلب محارة، ولن يكون من السهل علي أن أنساك، وكما يقال، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
ختاما أدعو الله من أعماق قلبي أن يوفقك في قادم حياتك، وأن يطيل في عمرك في الخير، وأن يكون القادم خيرا من الماضي.