%69 زيادة في عمليات نقاط البيع خلال الجائحة
%250 زيادة في طلبات المنازل عبر تطبيقات التوصيل
%25 ارتفاعًا في نمو نتائج أعمال القطاع الطبي
%78 زيادة في نمو سلوك المستهلك تجاه التعاملات الإلكترونية
%170 صعودًا بعدد المتاجر الإلكترونية المسجلة في المملكة
26 شركة عالمية اقتنص الاستثمار فيها الصندوق السيادي السعودي
3.7 مليون قناع للوجه أنتجتها المصانع المحلية أسبوعيًا
مع ظهور فيـروس كورونا (COVID-19) في بدايات العام الماضي 2020م بالصين وانتشاره في العديد من بلدان العالم، أخذ الاقتصاد العالمي يتجه اتجاهًا تشاؤميًا، بتراجع الطلب العالمي، وانخفاض الإنتاج الصناعي، وازدياد القيود على حرية التنقل بين الدول، وهو ما كبّد انشطة اقتصادية عدة خسائر ضخمة.
ومع ذلك، وكما يقولون رُبّ جائحة نافعة، استطاعت نشاطات اقتصادية أُخرى أن تُحقق النمو والمكاسب؛ إذ يرصد هذا التقرير الذي أعدته – مجلة الاقتصادية- لتتبع أثر الجائحة على الانشطة الاقتصادية الرابحة في ظل الجائحة، نحو 9 أنشطة اقتصادية سعودية حققت نموًا تصاعديًا وأرباحًا عالية وسجلت طفرة قياسية في أدائها رغم تداعيات الجائحة.
قطاع الاتصالات
فقد احتل قطاع الاتصالات مرتبة متقدمة في أكثر القطاعات استفادة من تبعات الجائحة الاحترازية، وذلك بزيادة استخدام شبكة الهاتف المحمول، مما أدى إلى زيادة حركة البيانات، وكانت المملكة قد أبلغت عن زيادة في بيانات الهاتف المحمول مدفوعة بزيادة الطلب المحلي نظرًا لاقتصار الناس على منازلهم سواء للعمل أو الترفيه.
وفي المقابل، قوبل هذا النمو الجزئي بإجراء تعليق العمرة ما أدى إلى تقييد عدد الزوار مما أثر على الإيرادات العامة من بيع الهواتف المحمولة، وباقات الزوار، ورسوم التجوال، بيد أن أعمال حلول المؤسسات سجلت نموًا إيجابيًا مدفوعًا بزيادة نشاط الرقمنة.
ويبدو خلال أزمة كورونا أن استخدام البيانات وحلول المؤسسات كانت هي محركات النمو الرئيسية للصناعة مع وجود تقنية الجيل الخامس (5G) في مركز الصدارة، في وقت من المتوقع أن تستمر التوسعات في شبكة الألياف البصرية، ومن المرجح أن تتسارع عائدات البيانات في السوق، التي تضم نسبة عالية من الشباب البارعين في مجال استخدامات التكنولوجيا وريادة الأعمال ذات العلاقة.
وقد انعكست جائحة كورونا على عائدات البيانات من سوق الاتصالات والتدفقات النقدية إيجابًا بتسارع الطلب المنطقي لحزم وباقات البيانات في غضون الأزمة التي شهدت منعًا للتجول وإغلاقًا اقتصاديًا كاملاً استمر لقرابة 5 أشهر.
قطاع التأمين
ومن قطاع الاتصالات إلى صناعة التأمين، التي استمرت في تحقيق زيادة في إجمالي أقساط التأمين المكتتبة، وإن كان ذلك ببطء، فعلينا أن نضع في الحسبان الظروف الاقتصادية التي فرضتها الجائحة. ويأتي هذه الزيادة مدفوعة بإدخال التغطية الإلزامية للتأمين على السيارات والتأمين الصحي، وزيادة الرقابة التنظيمية والتحسينات الشاملة في إدارة المخاطر. وقد نما إجمالي أقساط التأمين المكتتبة بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة %4.4 من 30.5 مليار ريال في 2014م إلى 37.9 مليار ريال في عام 2019م، ليصل إلى 40 مليار ريال بنهاية العام 2020م.
وفي ذروة مشهد الجائحة، حافظ قطاع التأمين السعودي على أدائه في الربع الثاني من عام2020م، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة %5.1 على أساس سنوي ليصل إلى 8.7 مليار ريال، على الرغم من تباطؤ النشاط الاقتصادي وسط تداعيات فيروس كورونا، وكان النمو مدفوعًا بقطاع الصحة والسيارات، حيث أعفت المملكة شركات التأمين من التزاماتها ودفعت الحكومة تكاليف العلاج لجميع المواطنين والمقيمين.
ونما قطاع التأمين العام (باستثناء السيارات) بنسبة %25.4 على أساس سنوي إلى 1.6 مليار ريال، بينما ارتفع صافي الدخل للقطاع مدفوعًا بارتفاع دخل عمليات التأمين.
التجارة الإلكترونية
ونمت كذلك صناعة التجارة الإلكترونية التي تتطور في المملكة بسرعة مُذهلة، مدفوعة في المقام الأول بتزايد عدد السكان المتمرسين في مجال استخدام وشراء التكنولوجيا، وزيادة انتشار الإنترنت والهواتف الذكية والطلب على المنتجات الدولية.
وعلى الرغم من أن سوق التجارة الإلكترونية لا يزال في مرحلة النشوء، فإنه بدأ يكتسب زخمًا كبيرًا، فشهد قطاع التجزئة تحولًا ثابتًا في أنماط الشراء حتى متاجر المواد الأساسية للبناء كالطوب والبلاط ما يزيد عمق التسوق عبر الإنترنت، كما أنه رغم عدم توفر بيانات رسمية حديثة حول الطلب، بيد أن تقديرات قامت بها جهات عاملة ومرجعية كالغرفة التجارية الصناعية بجدة وجامعة الملك عبد العزيز وجمعية التجارة الإلكترونية وشركة الأبحاث الرقمية السعودية وماستر كارد العالمية وشركة المدفوعات السعودية وشركات سلاسل التجزئة خلال فترة الجائحة تعطي مؤشرًا بتضاعف النمو وحدوث طفرة في التجارة الإلكترونية السعودية.
وبحسب متوسط التقديرات للجهات المرجعية العاملة سجلت المبيعات قفزة كبيرة بنحو %193، بينما تغير سلوك المستهلكين نحو التعاملات الإلكترونية بالشراء عبر المنصات الرقمية بنحو %77.2، حيث تصدرت نشاطات الأغذية والمشروبات والعلاج والترفيه قائمة الأكثر شراء.
ورسميًا، قالت وزارة التجارة السعودية، إبان الجائحة، إن عدد المتاجر الإلكترونية المُسجلة ضمن منصة (معروف) منذ بداية عام الجائحة 2020م إلى الربع الثالث منه بلغ 36.4 ألف متجرًا إلكترونيًا مقابل 13.4 ألف متجر في ذات الفترة من العام الماضي 2019م وهو ما يُمثل إلى ارتفاع عدد المتاجر الإلكترونية المرخصة %171، وشهد القطاع نموًا كبيرًا من عام 2015م بنسبة %817 حتى2020م حيث بلغ عدد السجلات 16.3 ألف سجل، مقابل 1775 سجل فقط.
الخدمات اللوجستية
وقد عمل الوباء العالمي على تشكيل البيئة الجديدة في المملكة، حيث تلقت قطاعات مثل: توصيل المواد الغذائية والبقالة والخدمات اللوجستية استثمارات ضخمة، ما أدى إلى قيام شركات بتوسيع عملياتها في المملكة.
ووفق المعلومات الرسمية، أفصحت في يونيو 2020م – ذروة الجائحة- هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية عن ارتفاع نسبة عدد مندوبي التوصيل السعوديين النشطين في تطبيقات التوصيل المسجلة لدى الهيئة إلى أكثر من %500 منذ بدء منع التجول التي فرضته الدولة احترازيًا نهاية الربع الأول من العام.
وفي بيان صدر عنها حينها أفادت بزيادة الطاقة الاستيعابية والتشغيلية لتطبيقات التوصيل منذ بدء جائحة كورونا أسهمت في تسجيل رقم جديد للطلبات المنفذة حيث تجاوزت نسبة الطلبات المنفذة أكثر من %240، كما أن تطبيقات التوصيل تمكنت من تنفيذ أكثر 12 مليون طلب في أكثر من 200 مدينة ومحافظة في المملكة.
ووفق إدارة الخدمات البريدية واللوجستية بالهيئة، تم إعادة هيكلة عمل قطاع تطبيقات التوصيل كان أحد المستهدفات الرئيسية للهيئة، من خلال التعاون المشترك والبناء مع وزارة التجارة في إطلاق مبادرة استهدفت ربط المتاجر التموينية والصيدليات ومحلات المستلزمات الطبية بتطبيقات التوصيل المسجلة لدى الهيئة بهدف ضمان إيصال احتياجات المستفيدين لمنازلهم بكل يسر وسهولة.
وفي يوليو 2020م، أفادت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية عن بلوغ إجمالي القيمة المالية للطلبات عبر تطبيقات التوصيل أكثر من ملياري ريال (533 مليون دولار) منذ بداية جائحة كورونا، موضحةً أن إجمالي الطلبات بلغ 26 مليون طلب، بنسبة زيادة تصل إلى %250 مقارنة ببداية الجائحة. وتبلغ حاليًا عدد منصات التطبيقات الإلكترونية المسجلة في الهيئة 53 تطبيقًا.
الأدوية والتكنولوجيا الطبية
وتشهد المملكة إمكانات نمو كبيرة في قطاعات الأدوية والتكنولوجيا الطبية لاسيما بعد تجربة الجائحة التي عزّزت التوجه نحو الأمن الوقائي، وتولى صندوق التنمية الصناعية السعودي مهمة التحفيز الحكومي حيث سعت إلى تشجيع الاستثمار في مجال الصناعة الطبية بما فيها إنتاج مواد الرعاية الصحية الأولية والمنتجات الوقائية والأدوية.
ومنذ بداية الجائحة كانت النتيجة الأكثر أهمية للأزمة في السعودية هي إحياء صناعات الرعاية الصحية والإمدادات الطبية، فقدّمت المملكة دعمًا قويًا لصناعتها المحلية التي أثبتت قدرتها على تلبية المتطلبات المحلية الملحة.
وتضمنت إحصائيات صندوق التنمية الصناعية السعودي في ديسمبر 2020م، مبادرة دعم إعادة هيكلة التمويل للمشروعات الطبية شملت 14 مشروعًا بقيمة تتجاوز 74 مليون ريال، كما بلغ عدد المشروعات للخط التمويلي لتغطية تكاليف المواد الخام للمشروعات الطبية والصيدلانية 12 مشروعًا بقيمة 607 مليون ريال.
وتشير إحصائيات الهيئة العامة للغذاء والدواء أن المصانع المحلية أنتجت 3.7 مليون قناع للوجه أسبوعيا، بينما تجاوز إنتاج المطهر (المعقمات) 1.5 مليون لتر، وتعمل الحكومة أيضًا على تعزيز تصنيع الأدوية لاسيما أن %80 من الطلب المحلي يتم تلبيته بالواردات، وسجلت شركات القطاع الطبي المدرجة في سوق الأسهم السعودية ارتفاعا بارزًا في نتائج أعمالها للتسعة الأشهر الأولى من العام 2020م حيث صعدت %25.
الصناعات الغذائية
وفي ذات الأهمية، توجهت المملكة لتطوير قطاع الصناعات المتعلقة بالأمن الغذائي، حيث تدفع لتنامي التصنيع في مجال إنتاج المأكولات والمشروبات والزراعة والألبان. ودفعت وزارة الصناعة والثروة المعدنية هذا التوجه لاسيما خلال أزمة كورونا المستجد الذي فتح مساحة واسعة. وتولى صندوق التنمية الصناعية السعودي مهمة التحفيز الحكومي حيث سعت إلى تشجيع الاستثمار في التصنيع الغذائي.
ووفق الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، ارتفع أعداد المصانع الجاهزة في المدن الصناعية إلى 560 مصنعًا تضمنت 16 نشاطًا متنوعًا، منهم 15 مجالاً صناعيًا وواحدًا في القطاع الخدمي، متمثلاً في المختبرات وما في حكمھا. وشهدت الفترة من العام التي غطتها الجائحة، تدشين 78 مصنعًا جاهزًا جديدًا بمساحات 1500متر مربع في القطاعات الواعدة تشغل حاليًا قرابة %70 من إجمالي الوحدات المؤجرة.
وبحسب “المدن الصناعية”، تصدرت الصناعات الغذائیة قائمة الأنشطة الأكثر إشغالا للمصانع الجاهزة بـ%46 تليها الصناعات التحويلية التي يغلب عليها مجال المستلزمات الطبية في المرتبة الثانية بنسبة %14 ثم تأتي في الثالثة الصناعات الدوائیة، التي حصلت على نسبة %9 من الحصة السوقیة.
المدفوعات الإلكترونية
نجحت السعودية في الاستفادة من تهيئتها لبنية المدفوعات الرقمية، فحققت نجاحا باهرا في التحدي الذي فرضه فيروس كورونا (كوفيد-19)، بما انعكس بدوره على نمو أعمال المدفوعات الإلكترونية التي تذهب “رؤية المملكة 2030” إلى دعمها كأحد محاور التحول في القطاع المالي والوصول إلى مجتمع لا نقدي.
ويوضح تقرير صادر عن مجموعة أكسفورد للأعمال بالتعاون مع “المدفوعات السعودية” نظرة معمقة لاستجابة المملكة للتحديات التي فرضتها الجائحة بفضل متانة البنية التحتية لقطاعي التجارة الالكترونية والمدفوعات الرقمية في المملكة مما أدى إلى تسهيل عملية التحول نحو الاعتماد على المدفوعات الالكترونية، والمعاملات عبر الانترنت والهواتف المحمولة، ونقاط البيع، وساهم أيضاً في احداث تغيراً واضح في سلوك المستهلكين، الذين لجأوا إلى التسوق الإلكتروني واعتماد على التطبيقات الذكية كخيار أمثل للتعامل مع الإغلاق الكامل في العديد من القطاعات، أهمها قطاع التغذية.
ووفق شركة المدفوعات السعودية، سجل إجمالي المدفوعات رقما قياسيا غير مسبوق لعدد عمليات الدفع الإلكتروني، الذي تجاوز ملياري عملية عبر نقاط البيع في المملكة، منذ أكتوبر 2020م حيث زادت عن %69 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ووفق البيانات الرسمية، بلغت القيمة الشرائية الإجمالية لتلك العمليات 269 مليار ريال بزيادة %21، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، فيما تم تسجيل ارتفاع في عدد أجهزة نقاط البيع التي تجاوزت 614 ألف جهاز في مختلف قطاعات التجزئة في المملكة. وشكلت المدفوعات من خلال الأجهزة الذكية لكل من(آبل باي) و(مدى باي) نسبة %25 من إجمالي عدد العمليات التي تمت على أجهزة نقاط البيع حتى نهاية الربع الثالث من عام 2020م.
الأسهم السعودية
سوق الأسهم السعودية، أحد القطاعات التي جذبت الأنظار بعد نجاحها في استقطاب السيولة وعودة حيوية التداولات مرة أخرى بعد أعوام من الركود، وبدا أن فترة الجائحة لاسيما خلال فترات الحظر الكامل والجزئي ساهم بشكل أو بآخر في تحويل الانتباه إلى قالب الاستثمار في السوق المالية بالمملكة – التي تعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وأحد أكبر الأسواق الناشئة عالميًا-بخاصة أن هذه السوق تشهد تقدمًا ملموسًا منذ قرابة عقد في تفعيل التكنولوجيا الحديثة واستخدامها بأمان وسهولة مع توفر بنية اتصالات تحتية وسرعة انترنت داعمة لقطاع البنوك والأنشطة الاستثمارية لتفعيل الأدوات التكنولوجية من تطبيقات ومنصات تداولة إلكتروني ومواقع آمنة.
وبرزت ملامح استفادة سوق الأسهم السعودية من فترة الجائحة من خلال مؤشرات التفاعل في التداولات، حيث دخول سيولة تفوق المتوسط اليومي المعتاد لم تسجلها منذ فترة زمنية قبل انتشار الوباء، وبرغم إقفال المؤشر العام لسوق الأسهم تداولات العام 2020 على ارتفاع %3.6، إلا أن مؤشر السيولة وحركة المضاربات النشطة بجانب استمرار طرح الاكتتابات العامة في السوق، كانت علامة واضحة بتفعيل أداة السوق المالية خلال الأزمة.
الاستثمار السيادي
أفصح القائمون على صندوق الاستثمارات العامة أن جائحة فيروس (كوفيد-19) شكلت فرصة جيدة للاستثمار والاستفادة من توفر السيولة لاقتناص الإمكانيات المناسبة، ويؤكد صندوق الاستثمارات العامة أن فيروس كورونا شكل فرصة سانحة في ظروف الأزمات (أزمة الأسواق المالية أعوام 2000م و2009م)، وقال محافظ صندوق الاستثمارات، في مقابلة فضائية مع شبكة تلفزة أمريكية (ارتأينا بالفعل أن عام 2020م سيكون مشابهًا لذلك وسيمثل نهاية السوق الصاعدة، والتي كانت واحدة من أطول الأسواق الصاعدة التي شهدناها منذ بداية أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم).
وتفصيلاً، قام صندوق الاستثمارات العامة عبر المحفظة الاستثمارية الدولية باقتناص حصص جديدة بقيمة 9.8 مليارات دولار (37 مليار ريال) في أسهم 26 شركة عالمية خلال النصف الأول من 2020م – في ذروة وقت كورونا – والاستفادة من تراجع أسعار الأسهم حينها، تضمنت قطاعات الترفيه والأغذية والتكنولوجيا والطاقة والصناعة والسياحة والسفر، وأشار محافظ صندوق الاستثمارات إلى أن بعض الفرص التي تم اقتناصها حققت عوائد بنسبة %100، لافتًا إلى أن هناك العديد من الفرص ستنشأ عن انقضاء أزمة فيروس كورونا.