لم يثن الضرر الذي ألحقته جائحة كوفيد – 19 بمبيعات شركات التجزئة والأزياء، من أن يحقق أثرياء القطاع زيادة تاريخية في ثرواتهم بقيادة الفرنسي برنارد أرنو الذي نجح في إزاحة مؤسس أمازون جيف بيزوس عن صدارة قائمة مليارديرات فوربس، وأصبح أغنى شخص في العالم بصافي ثروة يبلغ 190.3 مليار دولار.
وارتفعت ثروة أرنو منذ إبريل 2020م بالتزامن مع الارتفاعات التي شهدتها أسواق الأسهم وصعود سهم شركته LVMH ويقود الثري الفرنسي إمبراطورية تضم تحتها 70 علامة تجارية من بينها لوي فيتون، وكريستيان ديور، وسيفورا، ولم يكن أرنو الرابح الوحيد، فقد قفزت ثروات غالبية عمالقة القطاع، بينهم وريثة لوريال ومؤسسو زارا ونايكي وشانيل وغيرهم.
مع استمرار بزوغ نجم قادة شركات الموضة والتجميل والتجزئة، وتربعهم على عرش قائمة مليارديرات العالم، ألقت فوربس الشرق الأوسط الضوء على أبرز الرابحين في القطاع، ولماذا حصدوا مليارات رغم تراجع إيرادات الصناعة، وكيف سيكون الأداء خلال العام الجاري.
مليارديرات الموضة والأزياء في أرقام
عاش أثرياء التجزئة والأزياء واحدة من أكثر فتراتهم ازدهارًا في 2020م حيث بلغ إجمالي ثرواتهم 1.7 تريليون دولار في 6 إبريل 2021م بالتزامن مع إعلان فوربس عن قائمتها السنوية، ومع ذلك، قد ينمو هذا الرقم بوتيرة أسرع في 2021م حيث أضاف أغنى 10 مليارديرات بالقطاع 93 مليار دولار لثرواتهم على مدار الأشهر القليلة الماضية، فيما بلغت قيمة الزيادة في ثرواتهم نحو 300 مليار دولار منذ إبريل 2020م حتى منتصف العام 2021م.
ويتجاوز مجموع ثروات هؤلاء المليارديرات العشرة نحو 750 مليار دولار حاليًا مقارنة بنحو 453 مليار دولار منذ 14 شهرًا فقط، ومقابل 658 مليار دولار في إبريل الماضي.
تضم قائمة أغنى 10 أثرياء في الموضة والأزياء إلى جانب الفرنسي برنارد أرنو، كل من وريثة لوريال فرانسواز بيتانكور مايزر، والشريك المؤسس للشركة المالكة للعلامة التجارية الشهيرة “زارا” أمانسيو أورتيغا، ومليارديرات وولمارت أليس وجيم وروب والتون، وفرانسوا بينولت مؤسس كيرنج ومنافس برنارد أرنو، ومؤسس نايكي فيل نايت، ووريثا مجموعة Aldi بيتي هيستر وكارل البريشت جونيور، وثاني أغنى شخص في اليابان تاداشي ياناي صاحب شركة تجزئة الملابس Fast Retailing.
وفيما يعد أرنو الرابح الأكبر، إلا أن وريثة لوريال فرانسوا بيتانكور – أغنى إمرأة في العالم – أضافت هي الأخرى أكثر من 41 مليار دولار لثروتها لترتفع إلى 90.2 مليار دولار، فيما قفزت ثروة أورتيغا بـ 32.3 مليار دولار منذ إبريل 2020م حتى الآن لتتجاوز 87 مليار دولار، كما حصد فرانسوا بينولت هو الآخر 29 مليار دولار لتبلغ ثروته حاليًا 55.9 مليار دولار.
وضاعف مليارديرات شانيل آلن ريثيمير وجيرارد ويرثيمير ثروتيهما من 17.1 مليار دولار لكل منهما في إبريل من العام الماضي إلى 33.5 مليار دولار حاليًا.
كيف قفزت الثروات رغم تراجع الإيرادات؟
رغم أن الزخم الكبير الذي شهدته التجارة الإلكترونية ليس مفاجئًا إلى حد كبير خاصة مع اندفاع المستهلكين للإنترنت بسبب فرض حظر التجوال وإغلاق الدول، إلا أن القفزة الكبيرة لأسهم شركات الأزياء والتجميل جاءت مخالفة لغالبية التوقعات خاصة مع تراجع أرباح الشركات خلال تلك الفترة، وذلك مرده إلى ضخ حزم تحفيزية ضخمة، مع تطبيق إجراءات الحجر المنزلي حفّزا الأفراد للمضاربة على الأسهم، ما أدى لقفزة كبيرة في أسعارها.
وقفزت أسهم LVMH بقرابة %110 منذ تفشي الجائحة في منتصف مارس 2020م، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه أرباحها بنسبة %34 في 2020م بينما قفزت أسهم لوريال بنحو %75 رغم هبوط أرباحها بـ %5 في العام الماضي، وكذلك سجلت زارا تراجع أرباحها بنحو %70 في العام المالي 2020م.
ولعبت التجارة الإلكترونية دورًا جوهريًا في العام الماضي، خاصة بالنسبة لـ زارا التي راهنت عليها بقوة بشكل دفع لزيادة مبيعاتها عبر الإنترنت بنسبة تتجاوز %77 لتمثل نحو ثلث إيرادات الشركة الأم لـ زارا Zara في العام الماضي نحو 8 مليارات دولار.
ووفقًا لـBain & Company، تأثرت أكثر من %85 من مشتريات السلع الفاخرة بالتكنولوجيا الرقمية في 2020م، لكنها عادت لتؤكد في تقرير بأنه لايزال هناك حاجة لـلمسة الإنسانية، وسواء كان ذلك في المتاجر أو عن بعد فإن هذا التفاعل (الإنساني) سيلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على ولاء العملاء.
علامات التعافي
رغم أن أزمة كوفيد – 19 لاتزال تخيِّم على العالم، إلا أن عام 2021م يبدو إيجابيًا لشركات الموضة والتجزئة، وكشفت LVMH مؤخرًا عن نتائجها المالية للربع الأول من العام 2021م والتي أظهرت قفزة في إيراداتها بنحو %32 كما زادت إيرادات لوريال %10 في الربع الأول.
وبحسب تقرير Bain & Company منتصف العام الجاري، فقد بدأ سوق المنتجات الفاخرة في التعافي، ونما بنسبة بين 0 إلى %1 مقارنة بعام 2019م أي قبل تفشي الجائحة.
سجلت لوريال زيادة كبيرة في مبيعاتها بأسواق آسيا والمحيط الهادئ بلغت %23.8، بدعم من الصين التي نمت المبيعات فيها بنسبة %37.9، فيما أوضحت LVMH من جانبها أن الصين – وهي أول من تأثرت بالجائحة – شهدت انتعاشة قوية، كما ظل الطلب قويًا في الولايات المتحدة، ورغم ذلك، أضافت الشركة أنه رغم البداية القوية للعام، إلا أنه لا يزال هناك حالة من عدم اليقين.
وبينما تقود الصين الانتعاش بفضل استمرار عودة الأفراد للوطن، وزيادة الإنفاق المحلي على السلع الفاخرة، اعتبرت Bain & Company أن تعافي الطلب في السوق الأميركية جاء بمثابة “نقطة مضيئة غير متوقعة”.
عودة الثقة للمستهلك
وأضافت أن عودة الثقة للمستهلك إلى جانب حزم التحفيز وتسارع وتيرة تلقيح المواطنين يعني عودة استهلاك السلع الفاخرة بوتيرة سريعة بشكل مفاجئ، لكن في الوقت نفسه، لاتزال أوروبا متأثرة بشكل كبير، بسبب تباطؤ وتيرة حملات التلقيح وتراجع السياحة.
وبينما لاتزال الشركات حذرة بشأن مبيعات العام الحالي، وضعت Bain & Company سيناريوهين لقطاع المنتجات الفاخرة. الأول – محتمل بنسبة %30 – يفترض أن مسار التعافي سيستمر طوال عام 2021م ويعيد الشركات لمستويات ما قبل الجائحة، وفي تلك الحالة قد يصل حجم السوق إلى 280 – 295 مليار يورو (340.7 إلى 358.9 مليار دولار) بنهاية العام.
أما السيناريو الثاني وهو الأقل تفاؤلًا، والمتوقع بنسبة %70، فهو يشير إلى عرقلة النمو بسبب تباطؤ الطلب على منتجات الرفاهية وتراجع السياحة، وفي تلك الحالة لن يعود القطاع لمستويات ما قبل الجائحة إلا في عام 2022م كما أن حجم القطاع سيتراوح بين 250 إلى 265 مليار يورو (304.2 مليار دولار إلى 322.4 مليار دولار) في العام الحالي.