ملامح وتفاصيل رواها من أرسوا القواعد وقادوا الدفة..
القصيبي: قاد أصعب مراحل تأسيس الغرفة وانطلاقتها من نقطة الصفر
العطاس: الغرفة انعكاس لتطلعات قطاع الأعمال والممثل الرسمي لهم
المعجل: نقلة جديدة في رحلة البناء والتأسيس وأدوار جديدة في الأفق
حمد الزامل: غرفة الشرقية شاهد على تطورات الحركة التجارية في المنطقة
خالد الزامل: سر نجاح الغرفة ممارساتها غير التقليدية ونشاطها الإبداعي
الراشد: غرفة الشرقية رائدة في المبادرات الوطنية.. سباقة في الإنجاز والريادة
العطيشان: إنجازات عديدة حققتها الغرفة أبرزها العنصر البشري المتميز
الخالدي: غرفة الشرقية تتألق في زمن الرؤية ومقاومة جائحة كورونا
ثمانية رؤساء مجلس إدارة، مثلوا أجيالًا من الطموح.. بكل شغف وإصرار قادوا دفة غرفة الشرقية على مدى سبعة عقود، سهروا على تأسيس هذا الكيان الذي بدأ وليدًا ثم كبر حتى أصبح فتيًّا، ثم ناضجًا رائدًا ولا يزال، ليصبح أنموذجًا في الأداء ويتناغم مع محيطه الأكبر المتمثل في الاقتصاد السعودي.
عن غرفة الشرقية “الإنجاز” يروي بعض من عاصر وساهم فيه، سواء في مراحله الأولى، أو في المراحل اللاحقة، من هؤلاء من انتقل إلى رحمة الله بعد أن سجل شهادته على التاريخ، ومنهم من لا يزالُ معنا في أتم الصحة والعافية .
في السطور التالية ترسم قيادات الغرفة “البورتريه الكامل” لغرفة الشرقية، ليقدموا أبرز الملامح والتفاصيل، وكما هي سنة الحياة فإن بعض رؤساء مجالس الإدارة الأوائل ممن انتقلوا إلى رحمة الله لم تُسجل شهادتهم على تلك المرحلة، عدا أنها كانت حاضرة في مسيرة الإنجاز، ونعني بذلك جيل المؤسسين، وأبرزهم أعضاء الدورتين الأولى والثانية بالتحديد، نرصد أدناه ما قاله رؤساء مجلس الإدارة عن هذا الكيان، سواء في فترات التأسيس، أو في فترات البناء والانطلاق لنكمل إطار “البورتريه” كما يجب.
لحظة التأسيس
كان الشيخ حمد بن أحمد القصيبي -رحمه الله- أول رئيس لمجلس إدارة الغرفة، وهو الذي رافق رجل الأعمال وعضو مجلس الإدارة عبد الله الصالح أبا الخيل للقاء سمو أمير المنطقة الشرقية حينها الأمير سعود بن جلوي، الذي طلب منهما تأسيس الغرفة التجارية بالاعتماد على الجهود الذاتية، فقاما بعد ذلك اللقاء بالتواصل مع رجال الأعمال في المنطقة الشرقية، وقد تجاوب معهما 12 شخصًا من تجار المنطقة، وشكلوا قائمة أولية لأعضاء مجلس إدارة الغرفة، وتم عرضها على أمير المنطقة ليتم إطلاق أول مجلس لإدارة الغرفة عام 1952م، لتتأسس ثالث غرفة تجارية صناعية على مستوى المملكة (بعد غرفتي جدة مكة المكرمة).
وبذلك يكون القصيبي وأبا الخيل وبدعم وتوجيه من أمير المنطقة آنذاك، رجال هذه المبادرة في تأسيس الغرفة بغرض مواكبة النمو الاقتصادي وتدشين عصر النفط، وما استتبع هذا الأمر من بشائر نمو نعيش ظلالها حتى هذا الوقت الراهن.
وحسب المعلومات الموثقة في كتاب “مسيرة السنين”، فإن القصيبي، قد استمر في الإنفاق على الغرفة لمدة شهرين، إلى أن استقرت الأمور، ثم توسعت الغرفة بعد أن ألحق بها المنطقة الشمالية للمملكة حتى عرعر فدعت الحاجة إلى وضع نظام لتسجيل التجار وفئاتهم، والمبالغ التي سيتم تحصيلها منهم، ودرجات الانتساب.
وخلال فترة رئاسة القصيبي، أو بالأحرى في الفترة التأسيسية تم الاتفاق في المجلس على قراءة تجربة غرفتي جدة ومكة المكرمة، وقد انتدب المجلس آنذاك عبدالله الصالح أبا الخيل، للقيام بهذه المهمة، وبذلك قاد القصيبي أصعب مراحل تأسيس الغرفة، وإطلاقها من نقطة الصفر، وقيادة دورتين من المجلس.
تواصل وتفاعل
وقد كانت الغرفة بحسب ما أورده المغفور له بإذن الله تعالى ثاني رئيس مجلس إدارة لغرفة الشرقية إبراهيم بن صالح العطاس في كتاب “مسيرة السنين”، رهن إشارة قطاع الأعمال، وتستجيب لتطلعاتهم نحو مستقبل أفضل، وبالرجوع إلى افتتاحية العدد الأول لمجلة “الاقتصاد”، نرى ما أكده العطاس من أن المجلة لم تصدر إلا بناء على رغبة تجار ورجال أعمال هذه المنطقة، وخدمة لهم، معتبرًا أن الغرفة هي المرفق الذي يمثل الأوساط التجارية والصناعية، وذلك خلال لقائه معالي وزير التجارة والصناعة الشيخ عابد شيخ في صفر 1390هـ خلال زيارته للغرفة، إذ طلب معاليه من أعضاء مجلس الإدارة مرئياتهم عن نظام الغرف التجارية الصناعية الجديد حينها.
نقلة جديدة
وهو المضمون ذاته الذي كان يردده رئيس غرفة الشرقية الأسبق الشيخ سعد بن محمد المعجل، بأن الغرفة جاءت لأجل رجال الأعمال وأن بدايتها كانت متواضعة حيث كان عدد أعضائها لا يتجاوز الخمسين شخصًا كما كان مقرها شقة صغيرة تطورت مع تطور الاقتصاد في المملكة وبمساعدة الدولة ممثلة بوزارة التجارة. وشهدت تلك المرحلة التي قادها المعجل نقلة جديدة من البناء والتواصل مع قطاع الاعمال.
ووفقًا لشهادته بكتاب “مسيرة السنين” الصادر من الغرفة، يلفت المعجل إلى أن إنجازات الغرفة كانت كثيرة منها ما هو مباشر، ومنها ما هو غير مباشر، مثل تمثيل رجال الأعمال في المنطقة داخل وخارج المملكة، واستقبال الوفود في الداخل، والسعي لحل مشاكل رجال الأعمال وكذلك تدريب الشباب السعودي، معبرًا عن سعادته بتجربة العمل في الغرفة، لافتًا إلى أن أداء الغرفة في أي مرحلة هو بطبيعة الحالة امتداد للأداء السابق، مع وجوب تطوير هذا الأداء تماشيًا مع التطوّر الطبيعي للاقتصاد والحاجة إلى بذل جهد أكبر.
وفي حال المقارنة بين الماضي والحاضر يرى المعجل أن بدايات الغرفة كان متواضعًا ولكنها كانت ثرية بالإنجازات وبترسيخ قيم لا زالت هي نبراس الغرفة في تقديم خدماتها لقطاع الأعمال في المنطقة الشرقية.
قيم مكتسبة
فيما ينوه رئيس غرفة الشرقية الأسبق، الشيخ حمد بن عبدالله الزامل (رحمه الله)، على أن الغرفة ركزت تركيزًا كبيرًا على وضع قيم تدعم رسالتها على مر السنين، وأن وجود الغرفة كان مكسبًا مهمًا للحركة التجارية في المنطقة التي كانت ومازالت تشهد توسعًا تسانده الشركات العالمية الكبرى مثل: أرامكو السعودية، وسابك وغيرهما، ولذلك كان على رجال الأعمال عبر التاريخ مسؤولية العمل الدؤوب والمساهمة في بناء المسيرة لهذا الوطن، والاستثمار فيه لتحقيق طموحات أبنائه.
ويتحدث الزامل عن أبرز ملامح فترة رئاسته للغرفة والظروف والعوامل التي مكّنتها من التوسع لمواكبة القفزات الاقتصادية الهائلة التي تحققت في تلك الأثناء، وحالة العمل الجماعي بتفانٍ وإخلاص على كافة مستويات الهياكل الإدارية ومجلس الإدارة آنذاك، فكانت النتيجة ازدياد عدد المشتركين للغرفة، ورفع ذلك بالتالي من دورها وأهميتها ككيان اقتصادي يخدم المشتركين الذين يزدادون يومًا بعد يوم.
سر النجاح
من جانبه ذهب رئيس غرفة الشرقية الأسبق، المهندس خالد بن عبدالله الزامل في حديثه لـ”الاقتصاد” إلى أن الغرفة مارست نشاطًا غير تقليدي، فظلت تلعب دورًا رائدًا خلال السنين الماضية على نحو متميز سواء في خدمة الوطن بشكل عام أو في خدمة المنطقة الشرقية بشكل خاص، كما ظلت تقوم بدور ملحوظ في تعبئة جهود القطاع الخاص لمواكبة الخطط التنموية المختلفة منذ الخطة الخمسية الأولى وعلى أكثر من محور بدءًا من الدراسات والبحوث إلى الندوات والمؤتمرات وورش العمل والاستشارات ودعم المشروعات الاقتصادية والتنموية ومساندة الأنشطة الاقتصادية المختلفة لرجال الأعمال وتقديم كامل التيسيرات الممكنة لها.
ويؤكد الزامل على أن سر نجاح الغرفة يكمن في انتهاجها منذ البدايات ممارسات غير تقليدية، وأن يكون عملها ونشاطها إبداعيًا في توجهاته، لذا تميزت برامجها وأنشطتها بروح المبادرة خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا الوطنية التي تحتاج إلى عمل دؤوب ومتواصل.
وفي هذا الإطار، يقول الزامل بأن الغرفة قد تبنّت ومنذ وقت مبكر الدعوة إلى تنظيم عدد من المؤتمرات والملتقيات التي عكست انحياز غرفة الشرقية لأولويات الوطن الاستراتيجية والتي منها مؤتمر رجال الأعمال الذي انطلق أول مرة في جمادى الأولى عام 1403هـ، ومعرض الصناعات الوطنية في ربيع الأول 1404هـ، وغيرهما الكثير، منوّها بما قام به عدد من الشخصيات وفي مقدمتهم أعضاء مجالس الإدارة السابقون الذين قدّموا الكثير من وقتهم وجهدهم في خدمة الغرفة، وفي خدمة الوطن والقطاع الخاص.
قواعد البيانات
وعن دوره في الارتقاء بأعمال الغرفة، أشار الزامل، إلى عمله على تطوير قاعدة بيانات للدراسات والفرص الاستثمارية، وتأسيس مكتبة خاصة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وجمع عدد من الدراسات وفرص الاستثمار وطرحها على أصحاب هذه المنشآت، وتنظيم لقاءات تجمع بين المسؤولين الحكوميين ذوي العلاقة وأصحاب تلك المنشآت بغرض بحث وحل المعوقات التي تواجهها، وشجعت على الاستعانة بخبراء عالميين للاستفادة من خبراتهم وانتهجت توطيد علاقة الغرفة بالمنظمات الدولية والعربية ذات الاهتمام المشترك، وكانت النتائج كبيرة على هذا الصعيد، يكفي بأن مصطلح المنشآت الصغيرة والمتوسطة بات متداولًا في كافة الأوساط الاقتصادية والإعلامية.
وعلى صعيد العمل الاجتماعي، نوه الزامل إلى إنشاء لجنة تحت مسمى لجنة خدمة المجتمع تقوم برعاية المرضى وتأمين الأدوية لأصحاب الحالات الخاصة، والمساهمة في رعاية أسر ضحايا الحوادث، إضافة إلى العديد من الأنشطة التي تحقق من خلالها مبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون وأعمال الخير والبر التي يحث عليها ديننا الحنيف، كما تبنّت الغرفة، خلال فترته، مركز الأمير سلطان للتربية الاجتماعية بالدمام وهو دليل واضح على وعي مجتمع الأعمال وحرصه على تبنّي المشاريع الخيرية والإنسانية التي تساهم في حل قضايا إنسانية لشريحة من أبناء الوطن العزيز.
مشاركات دولية
واستطرد الزامل قائلًا، إنه وخلال فترة تحمّله المسؤولية: “نظمنا العديد من الزيارات للوفود الأجنبية والعربية إلى المنطقة لإلقاء محاضرات أو المشاركة في ندوات معينة بهدف جذب المستثمرين وترويج الاستثمار الصناعي بالمنطقة الغنية بالموارد والمواد الخام، وفي هذا السياق قمنا بتنظيم زيارات تجارية وإجراء اتصالات دولة كوفود سعودية إلى بلدان عربية وآسيوية وأوروبية وإلى أمريكا من ضمنها المشاركة في أول زيارة يقوم بها وفد سعودي إلى الصين منتصف التسعينات لتقييم فرص الاستثمار المشترك بين الدولتين وبحث سبل التعاون معه، كما قمنا بتقديم خدمة المعلومات لدعم القطاع الخاص وتفعيل دوره داخل إطار الخطط التنموية الموضوعة لنمو الاقتصاد الوطني وتحسين أدائه باستمرار للمشاركة في الخطط الخمسية التنموية التي تحددها الحكومة الرشيدة.
أول لجنة صناعية
ويستطرد المهندس الزامل خلال حديثه لـ”الاقتصاد” بأنه “وخلال فترة تحمّله مسؤولية المجلس، تم إيلاء مسألة المحتوى المحلي في الشركات خصوصًا الشركات الكبيرة والعملاقة، وتم على ضوء ذلك تشكيل اللجنة الاستراتيجية، وتنفيذ تلك المبادرة مع ممثلي القطاعات الاستراتيجية مثل شركة أرامكو السعودية والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، والشركة السعودية للكهرباء، والغرض من كل ذلك هو زيادة المحتوى المحلي ضمن مشاريع هذه القطاعات العملاقة، فضلًا عن رفع مستوى حضور العنصر البشري الوطني المؤهل في مواقع هذه الشركات ومعاملها ومكاتبها ومرفقاتها، وما لهذا الأمر من تأثير واضح على السعودة ومكافحة البطالة، وقد وجدنا نتائج كل ذلك في تبنّي الحكومة الرشيدة لهذا المبدأ وتأسيس هيئة خاصة بالمحتوى المحلي، واشتراط المحتوى المحلي ضمن مناقصات الدولة، فضلًا عن البرامج الكثيرة الداعمة لسعودة الوظائف في القطاع الخاص، وأشار إلى أن غرفة الشرقية كانت أول غرفة تنشأ لجنة صناعية في المملكة في أوائل الثمانينات تهتم بشؤون الصناعة ودعمها والتنسيق مع وزارة الصناعة، ثم تبعتها الغرف السعودية الأخرى.
أبعاد وطنية
ومن جهته، قال رئيس مجلس إدارة الغرفة الأسبق، عبدالرحمن بن راشد الراشد في حديثه لـ”الاقتصاد” إن الفترة التي قاد خلالها العمل في الغرفة سواء في عضوية المجلس أو في رئاسة المجلس وبعمل جماعي شهدت إطلاق العديد من المبادرات التي انطلقت من الغرفة وأخذت وضعها على مستوى وطني، لعل أبرز النجاحات التي تحققت أن الغرفة استطاعت أن تبني كفاءات متميزة تبوأت مناصب مختلفة في عدة مؤسسات حكومية بارزة.
والإنجاز الآخر ـ حسب الراشد ـ هو أن الغرفة قامت بمبادرات ذات بعد عالمي كمؤتمر النفط والغاز، والذي كان حدثًا كبيرًا تمت خلاله دعوة كبار التنفيذيين في العديد من الشركات العالمية المتخصصة في النفط والغاز، وكان هذا المؤتمر حديث الشارع الاقتصادي حينها، وعلى ذات النسق تم عقد عدة فعاليات بعضها نظمتها الغرفة بكفاءاتها وقدراتها الذاتية، وبعضها بالشراكة مع شركائنا في الحراك الاقتصادي مثل الشركة السعودية للكهرباء وشركة أرامكو السعودية وغيرهما، ونتج عن ذلك منتدى المشروعات العملاقة، ومنتدى القطاعات الاستراتيجية وغير ذلك من الفعاليات التي تؤكد ارتفاع مستوى الفكر الاقتصادي الذي تتبناه غرفة الشرقية، وحينها تم رفع شعار المنطقة الشرقية عاصمة الصناعة الخليجية، وهذا الشعار بات أحد شعارات الغرفة التي تبنتها عمليًا ونظمت لتحقيقه العديد من الفعاليات.
إطلاق المراكز والمجالس النوعية
وأضاف الراشد قائلا:”خلال الفترة التي تشرفت بحمل المسؤولية، تم إطلاق أول مركز لخدمة سيدات الأعمال وتمكينهن مع تنامي دور المرأة في المشهد الإقتصادي وترافق ذلك مع إنشاء لجان متخصصة تخدم سيدات ورائدات الأعمال، كما تم إطلاق مجالس أعمال الفروع ومجلسين لشباب وشابات أعمال المنطقة الشرقية، وقبل ذلك تم تأسيس أول مركز من نوعه للمنشآت الصغيرة والمتوسطة واستتبع ذلك العديد من الفعاليات والندوات والدراسات التي تعنى بموضوع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتم وضع هذا القطاع على الخارطة الاقتصادية المحلية، إذ أن الكثير من تحديات هذا القطاع تم وضعها على الطاولة وبحثها وإيجاد الحلول المرضية لها، والتقاطع مع كافة الجهات للوصول إلى حلول ناجحة، وتظهر هذه الحقيقة أن واقع المنشآت الصغيرة والمتوسطة قبل إطلاق المركز في غرفة الشرقية بالمقارنة مع ما بعد الإطلاق نجد الفرق واضحًا، ولا غرابة -فيما بعد- أن تتحول قضية المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى قضية وطنية تمثلت في الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة”.
إستراتيجية التوطين
ومضى الراشد في عرضه للإنجازات التي تحققت ويعد أبرزها توطين المشتريات الحكومية وتعزيز المحتوى المحلي، وقال أن هذه المحاور كان هدفًا إستراتيجيًا في غرفة الشرقية وحينها تم تشكيل لجنة للقطاعات الإستراتيجية بالشراكة مع كبرى الكيانات الاقتصادية كشركات أرامكو السعودية وسابك والتحلية والكهرباء لتعزيز المحتوى المحلي، ثم تضافرت الجهود وقدمت غرفة الشرقية مبادرة إستراتيجية التوطين وتم عرضها مع كافة الجهات الحكومية، وتحوّلت بفضل الله إلى قضية تبنتها الحكومة الرشيدة، التي كانت ولاتزال تتفاعل مع مرئيات وطروحات قطاع الأعمال، ويكفي في هذا الجانب أن نقول أن العديد من القرارات الرسمية ومشاريع الأنظمة كانت تعرض على الغرفة كممثل لقطاع الأعمال لمعرفة مرئياتها وتعززت الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص مع انطلاقة رؤية المملكة 2030م.
تكاتف المجلس والأمانة
وقال الراشد أن هذه ليست سوى ملمح من ملامح المبادرات التي تبنتها غرفة الشرقية وباتت مشروعات وطنية، مستعرضًا التطور الكبير الذي شهدته الغرفة منذ بداية الألفية الجديدة على مستوى التوسع في الخدمة من خلال افتتاح فروع جديدة وإطلاق مجالس الأعمال في الفروع والتوسع في اللجان النوعية، ففي كل محافظة كبيرة من محافظات المنطقة الشرقية بادرت الغرفة بإنشاء لجنة خاصة بها، ولاحقًا استقلت غرفة حفر الباطن عن غرفة الشرقية، وهي وليدة عنها، وتسير وفق آليات عملها.
وخلص الراشد إلى القول، بأن هذه المبادرات جاءت نتيجة طبيعية لتكاتف أعضاء مجلس الإدارة مع الجهاز التنفيذي، وتفاعل الجهات المعنية، التي باتت تنظر إلى الغرفة ككيان لا يستغنى عنه في أي فكرة أو مشروع يهم النشاط الاقتصادي.
أهمية الموارد البشرية
من جانبه قال رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية السابق، عبدالرحمن بن صالح العطيشان لـ “الاقتصاد” أنه خاض تجربة جميلة في رئاسة مجلس الإدارة مؤكدًا بأن تلك التجربة سوف تبقى من أروع الذكريات في حياته العملية.
وأضاف العطيشان بأن الهم الوحيد الذي كان قد حمله على عاتقه كان تطوير الغرفة، ورفع مستوى أدائها لخدمة القطاع الخاص، ما يعني تقديم خدمة جليلة لهذا الوطن الكريم، فكان أمامه طريقان للتطوير هما: تطوير الأنظمة، وتطوير العنصر البشري في الغرفة.
ويرى العطيشان، أن مجالس الإدارة وأعضاء اللجان يأتون لفترة معينة ويذهبون، ويأتي غيرهم، لكن الثابت في الغرفة كان مواردها البشرية الذين يخدمون قطاع الأعمال، فهم الأداة التنفيذية لكل الخطط، فلا بد من إيلائه المزيد من الرعاية والاهتمام، لذلك حرص مع الجهاز التنفيذي على الاهتمام بالعنصر البشري، وتوفير كل ما يلزم لأن تكون بيئة العمل متوازنة ومحفزة.
اترك أثرًا
وأكد بأنه خلال فترة رئاسته كان يتبنى مبدأ لا تترك المكان قبل أن تترك أثرًا، وهذا لا يأتى إلا إذا تمت تأدية دور ما، لذلك كثرت الفعاليات والبرامج والندوات واللقاءات وكان العامل الحاسم في هذه النجاح هو توفيق الله جل شأنه، ثم التعاون الكبير والتناغم الحاصل بين مجلس الإدارة والجهاز التنفيذي، يضاف له الدعم الكبير من قبل الجهات الرسمية.
وقال العطيشان، بأن المجلس خلال فترة رئاسته قد بحث مسألة إيجاد مشاريع ذات عائد اقتصادي تضع الغرفة في موضع القادر على أداء مهامه في خدمة الأهداف المعلنة، لذلك أقر المجلس شراء قطعة أرض كبيرة وإقامة برج استثماري، وواصل المجلس الذي جاء بعدنا ولله الحمد أخذ وضعه من التنفيذ، ونرى أنه مصدر دخل ثابت للغرفة ويؤمن جانبًا من الإستدامة المالية .
وضمن إنجازات الغرفة قال العطيشان، “لقد واصلنا جهود من جاء قبلنا من ناحية الاهتمام بالفروع، فتم الانتهاء من إنشاء المباني الكبيرة الخاصة بفروع الغرفة في كل من الخفجي والقطيف، وكنا نقيم فعاليات عديدة في هذه الفروع، ونحاول أن يكون الحضور الرسمي جليًا، ليتجسد حقيقة التناغم الذي تنشده الغرفة من كافة فعالياتها”.
وأشار إلى أن العديد من الفعاليات التي أقيمت وأبرزها معرض الوظائف السنوي الذي كان علامة فارقة في المنطقة الشرقية، وكذلك معرض الأسر المنتجة، الذي ساهم في جعل بعض الأسر تتحول إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وربما في المستقبل أخذت وضعها في السوق بشكل أفضل، والفضل يعود لله جل شأنه، وللمعرض الذي تنظمه غرفة الشرقية سنويًا، ويحظى بحضور رسمي وشعبي لافت.
عهد الرؤية
ومن جانبه يقول الرئيس الحالي لغرفة الشرقية، عبدالحكيم بن حمد العمار الخالدي لـ”الاقتصاد” بأن المجلس الحالي سار على خطى الدورات السابقة في تبنّي خيارات القطاع الخاص، والتواصل مع الجهات الرسمية الحكومية المعنية، ويضيف: “عدا أن دورتنا جاءت في وقت مليء بالتحديات، ومعبأة بالطموحات، كوننا ابتدأنا العمل في زمن رؤية المملكة 2030م، التي تعني العديد من المعاني والطموحات والتطلعات، لذلك كان لزامًا علينا أن ننظر للغرفة نظرة جديدة وإستراتيجية، ولكي تكملها وتسير على خطاها وفقًا لمتطلبات الحاضر والمستقبل”.
وعلى ضوء ذلك، يضيف الخالدي، بأن الواقع الجديد دفعنا لأن نحدث تغييرًا هيكليًا فوضعنا استراتيجية جديدة للغرفة وحددنا أهدافًا أخرى ورسالة ورؤية مختلفة، لأن الواقع مختلف والمستقبل يوحي بأشياء مغايرة.
ويمضي الخالدي قائلا: أحد أهم الخطوات التي قامت بها الغرفة هي التعريف بالرؤية وأهدافها وآفاقها، فبدأنا بجملة برامج للتعريف والتوعية بمشروع الرؤية الرائد، وحتى نصل إلى الأهداف المرجوة قمنا بالتواصل مع كافة الجهات الحكومية والخاصة المعنية بالرؤية، وشهدت مباني الغرفة (في المركز والفروع) وعبر الاتصال المرئي لقاءات موسعة وندوات وورش عمل تتناول العديد من الموضوعات المتعلقة بالرؤية، حتى باتت جزءا من الحياة اليومية لرجال الأعمال، فلا أحد يجهل مفاعيل الرؤية وآفاقها ووسائلها ومتطلباتها، والسبب هو تلك الجهودات الكثيرة في التوعية، ومنها ما بذلته الغرفة، سواء بجهودها الذاتية أو بالتواصل مع الجهات الحكومية المعنية”.
تجاوز الجائحة
وخلص الخالدي، إلى القول بأن غرفة الشرقية تعرب عن فخرها بكونها جزءًا من هذه الرؤية، وأنها واحدة من المؤسسات الفاعلة للتعريف بها، والمشاركة في التنفيذ، لعلّنا في هذا الشأن نؤكد بأن القطاع الخاص بات مؤهلًا أكثر من أي وقت مضى لأي مشروع تتطلع له قيادة البلاد.
ولفت الخالدي إلى أن الفعاليات التي كانت تقوم بها غرفة الشرقية لدعم مشروع الرؤية لم تتوقف رغم التوقف الإلزامي الذي طال كل شيء في الحياة اليومية بعد جائحة الكورونا، فهذا لم يوقف النشاط في الغرفة بل زادت الفعاليات التي باتت تتم طوال اليوم، ليلًا ونهارًا، واستضافت الغرفة العديد من الشخصيات الكبيرة، بموقع الوزراء والفاعلين في الرؤية، وذلك عن طريق الإتصال المرئي عن بعد، يكفي من باب المثال أننا في إحدى المناسبات استضفنا عددًا من أصحاب المعالي الوزراء يتحدثون عن أدوار وزاراتهم الجديدة وإنجازاتها في زمن الرؤية. وبلغت الفعاليات التي نظمتها الغرفة خلال فترة الجائحة نحو 80 فعالية عبر تقنيات الإتصال المرئي.
ولم يتوقف الخالدي عند ذلك، مؤكدًا أن الغرفة وهي تواصل جهود المجالس السابقة استطاعت بفضل الله وفي زمن قياسي إنجاز البرج الاستثماري للغرفة، والذي يعد خطوة بارزة، وسوف يسهم في إستدامة الموارد المالية للغرفة بإذن الله.
ومع كل هذه التطوّرات، قال الخالدي: “لم تتوقف الأنشطة التقليدية اليومية، فالغرفة هي شعلة نشاط على طول الخط، ونستطيع القول بأن العنصر البشري في الغرفة هو الرقم الفاعل في كل هذه التطورات”.