تبذل الحكومات والدول جهودًا استثنائية لاستقطاب السياح لبلدانهم، ولكن تجربة السائح تتشكل عبر لقائه بمواطني تلك البلدان، في المطاعم والفنادق والمواصلات والفعاليات، ولا يمكن لسائح أن يحب بلدًا لم يتأثر بتعامل سكانها معه مهما أعجبته جغرافية المكان وجودة الخدمات. حتى أنك تجد من يذم بلدًا جميلاً لا لشيء سوى لسوء تعامل تجده هنا أو هناك خلال رحلة سياحية. والمملكة الآن تستهدف وعبر رؤية طموحة أن تستقطب مائة مليون سائح سنويًا، فما هو دور المواطن والمقيم في تحقيق هذا الهدف المهم لرؤية المملكة 2030م.
أولاً: أن نُضيء كما لم نفعل من قبل في تعاملنا مع كل السياح، أن تستقبلهم أخلاقنا وثقافتنا وكواكب تراثنا الذي اللهم العالم، ولا يزال. أن يشاهدوا عن قرب معادن مجتمعنا الأصيلة تلك التي توارثناها من عهد الأجداد ونورثها إلى الأحفاد، أن نطلق لغات اللطف والتعاطف والمحبة بلا حدود. كل ذلك ليس بجديد فهو من صميم أخلاق أبناء هذه الأرض، ما استجد هو الحاجة إلى أن نشع بلا خجل، وأن نقترب بلا خوف ولا وجل، مهمتنا أن نخلق للسياح تجارب سياحية وانبهارًا انسانيًا عميقًا يحكونه للآخرين ما تبقى لهم من عمر.
وثانيًا: هي فرصة لإعادة التفكير في تعاملنا خارج نطاق منازلنا، في شوارعنا، في قيادتنا للسيارات، في الالتزام بالنظام، بالهوس بنظافة الأماكن العامة، احيانًا تكون الابتسامة لغة حضارية لو من بعيد. مهمتنا الوطنية في أن ننقل صورة حضارية عن مجتمعنا شوهت كثيرًا في الإعلام الدولي وفي المخيلة الغربية عن بلادنا. الكل منا بلا استثناء مسؤول عن نقل هذه الصورة الحضارية ولا خيار لنا سوى النجاح والتفوق في ذلك.
ثالثًا: هناك عمل ضخم وكبير يقع على عاتق العاملين والمالكين والمستثمرين في القطاع السياحي، كيفية الموازنة بين الخدمات المميزة والأسعار العادلة، فأكثر ما يكرهه السائح أن يتم استغلاله وخداعة وعدم الالتزام، لا يمانع السائح أن يدفع سعرًا عادلاً حتى في المواسم المرتفعة، لكن لا بد أن يشعر بتوازن قيمة التجربة مقابل التكلفة. فالتجربة المميزة لا تمر باستغلال لاحتياجات السائح أو طلباته أو رغباته. وهي فرصة للتفوق في مفهوم الفندقة الإنسانية الصديقة للسائح والرابحة على المدى الطويل.
وختامًا. تحدث السياحة عندما يلتقي الإنسان بالإنسان، وزارة السياحة قد تنجح في استقطاب السياح وهو دور مهم لكن الأهم هو دورنا في صناعة هذه التجارب السياحية المميزة لزوار بلادنا، فكُل سائح ننجح في جعله يحب بلادنا وأهلنا هو سفير لرفعة سمعة بلادنا، سفيرٌ مفوض فوق العادة.