بلا تردّد، تمضـي المملكة نحو تحقيق الهدف وتأكيد النمو الاقتصادي المستدام، وفقًا لرؤية 2030م؛ إذ تواصل الدفع بالمبادرات والاستراتيجيات الكُبرى التي تستثمر في مقوّمات المملكة الثمينة.
فما يلبث السعوديون من استقبال مبشّرات النمو والتنمية إلا وتتوالى مبشرات أُخرى بأبعاد ومفاهيم جديدة، إذ جاء السياق هذه المرّة ليلامس قطاعات أساسية وأُخرى صاعدة محليًا وعالميًا، حيث الاستفادة من مقومات المملكة (المكانية والصناعية والتكنولوجية).
وكان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان، قد أطلق في شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين ثلاث استراتيجيات كُبرى، مداها التركيز على الاستثمار في مقومات المكان والصناعة والمقومات التكنولوجية، بإحداث تطوير فاعل يدفع بقطاعات الألعاب والرياضات الإلكترونية والصناعية وسلاسل الإمداد إلى المقدمة.
الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية
جاءت الاستراتيجية الأولى وهي (الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية) مستهدفةً رفع جودة الحياة من خلال تحسين تجربة اللاعبين وتوفير فرص ترفيهية جديدة، وتحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال بشكل مباشر وغير مباشر واستحداث فرص عمل جديدة تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030م، وتوفير البيئة التأسيسية لتطوير الكفاءات، كما تهدف إلى الوصول إلى الريادة العالمية وتعزيز مكانة للمملكة على الساحة الدولية، من خلال إنتاج أكثر من 30 لعبة منافسة عالميًا في استوديوهات المملكة، والوصول إلى أفضل ثلاث دول في عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية.
وتعتزم المملكة تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال 86 مبادرة تغطي كافة سلسلة القيمة، تقوم بإطلاقها وإدارتها حوالي 20 جهة حكومية وخاصة، من إطلاق حاضنات أعمال واستضافة فعاليات كبرى للألعاب والرياضات الإلكترونية وتأسيس أكاديميات تعليمية وتطوير اللوائح التنظيمية المحفزة التي تضمن مواكبة وتيرة النمو المتسارعة في هذا القطاع، وتتوزع هذه المبادرات ضمن ثمانية محاور تركيز تشمل تطوير التقنية والأجهزة، وإنتاج الألعاب، والرياضات الإلكترونية، والخدمات الإضافية، ومحاور تمكينية أخرى تشمل البنية التحتية، واللوائح التنظيمية، والتعليم واستقطاب المواهب وكذلك التمويل والدعم المالي.
الاستراتيجية الوطنية للصناعة
بينما تستهدف الاستراتيجية الثانية، وهي (الاستراتيجية الوطنية للصناعة) التي تشكل منعطفًا جديدًا لاستدامة الصناعة وتعزيز فرص نموّها، الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030م، وذلك بتركيزها على 12 قطاعًا فرعيًا لتنويع الاقتصاد الصناعي في البلاد، فيما حدّدت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال (266 مليار دولار)، لتشكل فصلاً جديدًا من النمو المستدام للقطاع، بما يحقق عوائد اقتصادية طموحة للمملكة بحلول عام 2030م تشمل: مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو 3 مرّات، ومضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال.
وكان وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر بن إبراهيم الخريِّف، في إطار تعليقه على استراتيجية الصناعة الوطنية، قد أكد أنها تحمل في طياتها ثلاث رسائل؛ أولها: أنها استراتيجية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهي استراتيجية للباحثين عن فرص العمل وللمبدعين في هذا الوطن المعطاء، والرسالة الثانية: أن هذه الاستراتيجية صُمِّمَت من قبل أصحاب المصلحة في القطاع الحكومي بالشراكة والتكامل مع القطاع الخاص، وتقاطعت مع 20 استراتيجية وطنيةً أخرى لضمان الانطلاقة القوية، والرسالة الثالثة: أن هذه الاستراتيجيةَ واقعيةٌ وفعليةٌ، ومهما كانت أرقامها كبيرة إلا أنها أخذت بعين الاعتبار كيف يمكن أن يحقِّق كل قطاع وكل مشروع الفائدة المرجوة منه.
المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية
وأخيرًا المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، التي تستهدف تعزيز موقع المملكة كمركز رئيس وحلقة وصل حيوية في سلاسل الإمداد العالمية، فهي فرصة كبيرة – كما وصفها سمو ولي العهد – لتحقيق نجاحاتٍ مشتركة، كونها من جهة ستُسهم مع غيرها من المبادرات التنموية التي تم إطلاقها، في تمكين المُستثمرين، على اختلاف قطاعاتهم، من الاستفادة من موارد المملكة وقدراتها لدعم وتنمية هذه السلاسل، وبناء استثماراتٍ ناجحة، الأمر الذي سيُعطي مرونة أكبر للاقتصادات والمستهلكين في جميع أنحاء العالم، ويضمن توفير واستدامة وصول سلاسل الإمداد لكل أنحاء العالم بفاعلية وبمزايا تنافسية عالية، ومن جهةٍ أخرى تُسهم في تمكين المملكة من تحقيق طموحات وتطلعات رؤيتها، التي تشمل تنمية وتنويع موارد الاقتصاد الوطني، وتعزيز مكانتها الاقتصادية لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصاداً عالمياً بحلول عام 2030م.
وتأتي المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، كإحدى مبادرات الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي انطلقت عام 2021م، في إطار سعي المملكة الدائم للإسهام في تعزيز استقرار ونمو الاقتصاد العالمي، وتهدف إلى جعل المملكة البيئة الاستثمارية المناسبة والأمثل لجميع المستثمرين في سلاسل الإمداد، من خلال العديد من الخطوات مثل؛ حصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين، وإنشاء عددٍ من المناطق الاقتصادية الخاصة، التي يمكن من خلالها إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين، بالإضافة لجذب المقرّات الإقليمية للشركات العالمية إلى المملكة.